ما يجري حالياً بين "حزب الله" والعدو الإسرائيليّ في الجنوب هو حالة حربٍ بكلّ ما للكلمة من معنى حتى لو لم يتمّ إعلان ذلك رسمياً وفعلياً. صحيحٌ أنّ الكلام عن "مواجهة محصورة" هو الطاغي حالياً، لكن المعطيات الميدانية تُشير إلى جولات قتالية أساسية، والخوف هو أنّ تستمرّ الحالة القائمة الآن أسابيع وأشهر إرتباطاً بما قد يشهده قطاع غزّة من تطورات في ظلّ ما يُحكى عن التحضير الإسرائيلي لإجتياحٍ برّي.



عسكرياً، ما تُمعن به إسرائيل حالياً هو قتل عناصر "حزب الله". الأمرُ هذا يعني تقدّماً بالنسبة لتل أبيب، والمشكلة هي أنَّ الأخيرة تتمادى في هذه الورقة إستناداً إلى تقنياتٍ تُمكّنها من ذلك عبر طائراتها المُسيرة، في حين أنّ الحزب ما زالَ يلتزمُ ضوابط المعركة المحدودة منعاً لتفاقمها. هنا، تكمنُ المعضلة الكبرى في حال طالَ أمدُ التوتر، والسؤال: هل سيبقى الحزب محافظاً على قواعد الإشتباك وسط إستمرار إسرائيل في قتل عناصره ؟ ما هي خطواتهُ الأكثر تأثيراً في ظلّ المشهدية القائمة؟ هل سينتقلُ عملياً إلى مرحلة الحرب المُعلنة؟

التساؤلات المذكورة أعلاه مطروحة وبشدّة، وما يحصل هو أنّ "حزب الله" يُدرك تفاصيل المعركة ويعي تماماً أنّ المواجهة الحالية ستُكلفه سقوط شهداء. إلا أنه وفي الوقت نفسه، ولتدارك إنفلات الأمور على الجبهة، يمكن أن يبادر الحزب إلى أمرٍ أساسي وهو إستخدامُ قوّة أكبر في هجماتهِ ضدّ المواقع الإسرائيليّة التي بات يستهدفها يومياً، وبالتالي زيادة الخسائر المادية والبشرية في صفوف الجيش الإسرائيليّ. هنا، يتمحور نطاق "حزب الله"، فلا إمكانية حالياً لإطلاق راجمات الصواريخ مثلما كان يحصلُ في حرب تمّوز 2006، ولا إمكانية لإتمام عمليات إقتحام في ظلّ الإستنفار العسكريّ الإسرائيلي الكبير، فالأمرُ يُعتبر من جهة مُخاطرة كبرى يمكن أن تساهم في إضعاف الحزب عسكرياً وميدانياً وسط وجود دعمٍ أميركيّ مُطلق لإسرائيل، ومن جهة أخرى يمكن أن تؤدي تلك الخطوات إلى فتح جبهةٍ كبيرة لا يريدها الحزبُ الآن.  

خطوة ميدانية أساسيّة

في مقابل كل ذلك، فإنّ ما يُساعد "حزب الله" في الوقت الراهن هو أنَّه فتح مجالاً لأمرٍ لم يكُن معهوداً سابقاً خلال جولات القتال السابقة، خصوصاً خلال حرب تمّوز عام 2006. الآن، بات ميدان الجنوب مفتوحاً ومُشتركاً بين فصائل عديدة مُختلفة، لاسيما تلك المنتمية إلى جهاتٍ فلسطينية أو إلى أطرافٍ لبنانية كانت لديها قوات عسكرية تقليدية سابقاً مثل "قوات الفجر"، التابعة للجماعة الإسلاميّة. الآن، يتبين أنّ الحزب قرّر إشراك مختلف الأطراف العسكرية في المواجهة وذلك في مسعى لعدم رفع شعار "إحتكار المقاومة". في الوقت نفسه، ورغم أنّ بعض الفصائل تسعى للإنخراط في العمل المقاوم، إلا أنّ عملياتها لا تمرُّ ولن تمرّ إلا عبر "حزب الله". الأمرُ هذا محسومٌ باعتبار أنّ الأخير يعي تماماً الطبيعة الجغرافية لأرض الجنوب، كما أن هناك سلسلة من الخطوط الحمراء، لا يُمكن تجاوزها أبداً في المواجهة ضدّ إسرائيل. السببُ في هذا الأمر يتعلّق في إدارة الحزب للمعركة عبر غرفة عمليات مُشتركة، فهو الذي يمكنه تحديد نطاق العمليات ومكانها والثغرات التي يمكن إستغلالها لتوجيه ضرباتٍ دقيقة ضد المواقع الإسرائيلية. كذلك، فإنّ وضع "حزب الله" الخطوط العريضة للمواجهة في الجنوب وتدقيقه في التفاصيل الأخرى، يساهم إلى حد كبير في الحفاظ على قواعد الإشتباك التي يضبطها هو بنفسه وينبغي على الأطراف الأخرى المُقاتلة الإلتزام بها بشكلٍ أكيد وحازم، وإلا فإن أي خطأ سيُكلف لبنان الكثير.

أمام كل هذه المعطيات الأساسية، يتبيّن أنّ "حزب الله" بات يعتمدُ على عنصرين أساسيين : الأول وهو إدارة المعركة ضمن القواعد المعروفة وعدم إعتماد المفاجأة التي يمكن أن تساهم بتدحرج الأمور إلى حرب، وثانياً إضفاءِ "ثقة" داخلية من أطرافٍ عديدة يُمكن أن تُشكل بيئة حاضنة له في حال حصولِ أيّ معركة كبرى، لاسيما في الشارع السني الذي انطلقت منه العمليات التي نفذتها "قوات الفجر" التابعة للجماعة الإسلاميّة.

إذاً، في خلاصة القول، يمكن التأكيد أنّ المعركة ورغم إتخاذها وجه الحرب، ما زالت منضوية تحت إطار مضبوطٍ لن يتطور إلا في حال اندلعت حربٌ إقليميّة كُبرى. عندها، سيكشف "حزب الله" عن أوراقهِ التي لم يُعلن عنها، وتقولُ مصادره إن في جعبته الكثير من المفاجآت التي ستقلب أي معركة رأساً على عقب.  
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله یمکن أن

إقرأ أيضاً:

«الشعب الجمهوري» يُكرّم أسر الشهداء في احتفالية كبرى بالقليوبية

تُنظم أمانة حزب الشعب الجمهوري بمحافظة القليوبية، اليوم الأحد، احتفالية وطنية كبرى لتكريم أسر الشهداء، على ضفاف النيل بقصر ثقافة القناطر الخيرية، وذلك بالتزامن مع احتفالات الدولة بذكرى ثورة 30 يونيو، بحضور عدد من الشخصيات الرسمية والحزبية.


ويحضر الاحتفالية كل من المهندس أيمن عطية محافظ القليوبية، والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، والدكتور عبد الله أحمد عبد الله أمين حزب الشعب الجمهوري بمحافظة القليوبية، إلى جانب عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وقيادات الحزب، ولفيف من القيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة.

مفاجأة بشأن انضمام لاعب البنك الأهلي للقلعة الحمراءنيابة عن وزير الأوقاف.. وفد يقدّم واجب العزاء في شهيدات المنوفية | صور


وقال الدكتور عبد الله أحمد عبد الله إن الاحتفالية تأتي في إطار دور الحزب الوطني والاجتماعي في دعم أسر الشهداء وتكريم تضحياتهم، مؤكدًا أن الشهداء هم من صنعوا أمن واستقرار هذا الوطن، وأن الحزب يضع في أولوياته دعم ذويهم والوقوف إلى جانبهم في مختلف المناسبات.


وتتضمن الاحتفالية والتي ستقام غدًا فى مدينة القناطر الخيرية فقرات رسمية تبدأ بالسلام الجمهوري وتلاوة من القرآن الكريم، يليها عرض فيديو توثيقي لحصاد أنشطة أمانة الحزب بالقليوبية خلال عام 2024، بالإضافة إلى كلمات لقيادات الحزب والمحافظين، وفقرة فنية وطنية، وتُختتم بتكريم أسر الشهداء وتسليم دروع تقدير لذويهم.


وتأتي هذه الاحتفالية تأكيدًا على التزام حزب الشعب الجمهوري بتعزيز الروح الوطنية، وتقدير رموز التضحية والعطاء، في توقيت يتزامن مع ذكرى وطنية عظيمة مثل 30 يونيو، التي استعادت فيها الدولة المصرية مسارها وحافظت على هويتها.

طباعة شارك الشعب الجمهوري حزب الشعب الجمهوري البرلمان النواب مجلس النواب

مقالات مشابهة

  • "المصريين الأحرار" يُحيي ذكرى ثورة 30 يونيو بمبادرات ميدانية مميزة في الدقهلية
  • حسابات منعت حزب الله من دعم إيران
  • موقف حزب الله ليس ليّناً
  • المعلومات توقف مطلوبًا نفّذ العديد من عمليّات السّلب في جبل لبنان وبيروت
  • خطوة مقابل خطوة... لبنان يردّ على باراك وبري يتولى التواصل مع الحزب
  • عن عروس لبنان التي قضت بغارة إسرائيلية في الجنوب.. ماذا قالت سيرين عبد النور؟
  • معطيات النصر
  • «الشعب الجمهوري» يُكرّم أسر الشهداء في احتفالية كبرى بالقليوبية
  • اختبار دم بسيط يمكن أن يحدد المدة التي قد تعيشها
  • بالفيديو... هذه طبيعة الإنفجارات القويّة التي سُمِعَت في الجنوب