إن اتفاق جوبا لسلام السودان لم يكن تسوية سياسية عابرة أو تقاسماً شكلياً للسلطة، بل جاء لمعالجة اختلال تاريخي في التوزيع العادل للسلطة والثروة والخدمة المدنية، اختلال ظل يحرم ملايين السودانيين من حقوقهم في وطنهم. الحديث عن نسبة ٢٥٪؜ كمجرد “نصيب عددي” هو اختزال مخلّ بجوهر الاتفاق، الذي يمثل تصحيحاً لمسار الدولة السودانية منذ الاستقلال.

إذا كانت القضية ترميزاً شكلياً كما جاء في مقال ( المخاطر و الفرص )، فإن النظام البائد كان أمهر من الجميع في التزييف والرمزية التضليلية، ومع ذلك رفضه الشعب لأنه لم يكن يعالج جوهر الأزمة. أما نحن فننظر إلى العدالة التوزيعية في السلطة نظرة مبدئية ترتكز على شراكة حقيقية تشمل كل مؤسسات الدولة السيادية، التنفيذية، الأمنية، والخدمية من قمتها لقاعدتها، وليست مجرد مقاعد في الحكومة.أما ما يُثار بشأن تمسك حركتي العدل والمساواة السودانية وتحرير السودان بالحصول على وزارات بعينها، فنؤكد أن الأمر لا يتعلق بأطماع شخصية أو صراعات على النفوذ، وإنما يندرج في إطار الدفاع عن استحقاق مشروع يهدف إلى تصحيح الاختلالات التنموية و السياسية المزمنة.وبخصوص تحميل أهل دارفور و كردفان مسؤولية مصيرهم، فنقول بكل وضوح أن حماية المواطنين هي مسؤولية الدولة، و أية أسئلة من هذا القبيل يجب أن توجه للجهات المعنية، لا لأولئك الذين ظلوا يقدمون الروح ذودا عن حياض هذا الوطن بلا تمييز بين منطقة و أخرى كما يفعل البعض.إن الحديث المتكرر عن “تقسيم السلطة” وكأنما هو هدف في حد ذاته، يقزّم نضال شعوب عانت لعقود وتضحيات قدمها الآلاف من أبناء دارفور وكردفان والنيل الأزرق. معركة الكرامة والشرف التي يخوضها أبناء هذه المناطق مع القوات المسلحة اليوم هي شهادة دامغة على أن حديث المزايدة والتشكيك لا يثنينا عن الحق شيئا ولا يغير حقيقة أننا شركاء في هذا الوطن، لا “فرَّاجة”.لقد حان الوقت لنؤمن بأن بناء وطن عادل ومستقر لا يتحقق بالشعارات ولا بالتذاكي السياسي، بل بإرادة حقيقية تُقرّ بأن المشاركة المتوازنة في السلطة والثروة ليست منّة من أحد، بل حق أصيل لكل مكونات السودان. إن اتفاق جوبا لسلام السودان لم يكن إلا خطوة أولى في طريق طويل نحو إعادة تشكيل الدولة على أسس المواطنة والعدالة، ومن يرى فيه عبئاً أو ترفاً سياسياً، إنما يُمعن في تجاهل دروس التاريخ وأثمان التهميش التي دفعها هذا الشعب. نحن لا نطلب امتيازاً، بل نطالب باستحقاق، ونؤمن أن لا مستقبل لهذا الوطن إلا بشراكة حقيقية تُنهي عهد الإقصاء وتؤسس لجمهورية جديدة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.بقلم/ معتصم أحمد صالح
الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة السودانية إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مجلس الدولة يحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان ويؤكد التزامه بحماية الحقوق والحريات

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من ديسمبر من كل عام، أحيى مجلس الدولة هذه المناسبة مؤكداً التزامه الراسخ بدعم منظومة حقوق الإنسان وترسيخ مبادئ سيادة القانون والعدالة الناجزة في جمهورية مصر العربية.

وأشار المجلس إلى أن دوره الدستوري والقانوني في صون الحقوق والحريات العامة يجعل منه حصنًا للحقوق وحاميًا لمبدأ المشروعية، بما يضمن خضوع الإدارة للقانون وتحقيق العدالة بين جميع المواطنين.

وأكد مجلس الدولة أن القضاء الإداري يظل الملاذ الذي يلجأ إليه الأفراد والجماعات عند شعورهم بانتزاع حقوقهم، بما يعكس دوره العريق في تحقيق التوازن بين السلطة والحقوق، وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأضاف المجلس أن هذا الالتزام يأتي في إطار تعزيز ثقافة العدالة وسيادة القانون، والحفاظ على المكتسبات القانونية للمواطنين، وضمان حماية الحقوق الفردية والجماعية في مختلف مجالات الحياة.

اقرأ أيضاًمجلس الدولة يعلن ضوابط التقدم لوظيفة مندوب مساعد لعام 2024 | تفاصيل

مجلس الدولة يعلن شروط وإجراءات التقديم لوظيفة مندوب مساعد دفعة 2024

مقالات مشابهة

  • جبر: مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الإدارية ترجمة حقيقية لاهتمام الدولة بصحة المواطن
  • مجلس الدولة يحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان ويؤكد التزامه بحماية الحقوق والحريات
  • العقوبات المتراكمة ليست كافية لوقف الحرب في السودان
  • نائب بالشيوخ: إنجازات الصادرات والزراعة تعكس رؤية الدولة لبناء اقتصاد قوي
  • ثورة ديسمبر بوصفها مشروعًا لبناء وطن جديد بين الجهاد المدني وإعادة تأسيس الدولة
  • وقفة مسلحة في بلاد الروس تأكيدًًا على الجهوزية والاستنفار
  • صدام علني بين الحلفاء.. الإخوان يكشفون دورهم في حرب السودان
  • مسيرة لقوات الدعم السريع تستهدف حي طيبة شرقي مدينة الأبيض السودانية
  • أبناء البيضاء يجددون دعمهم لغزة ولبنان ويدعون للنفير لمواجهة مخططات تمزيق الوطن
  • وقفة قبلية مسلحة في بني منصور بالحيمة تعلن النفير العام وتؤكد الجهوزية الكاملة لمواجهة العدو