الارتقاء بالأخلاق والسلوك فى ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية «5»
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
إن الذرية والنشأ من أكبر نعم الله على هذه الأمة وإنهم رجال المستقبل الذين يحملون راية التوحيد والإيمان ويدافعون عن الأمة ويوصلون الأمانة إلى من بعدهم، فوجب علينا رعايتهم وتربيتهم والمحافظة عليهم، فالصبي أمانة عند والديه، وقلبه جوهرة قابلة لكل نقش، فإن عُوِدَ الخير نشأ عليه، وشاركه أبواه ومعلمه فى ثوابه، وإن عُوِدَ الشر نشأ عليه، وكان الوزر فى عنق وليّه، فلذلك ينبغى أن يصونه ويؤدبه ويهذبه، وأن يعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء.
ومن حسن التربية عدم التعود على حب أسباب الرفاهية والتنعم، فيضيع عمره فى طلبها إذا كبر، وطيب مطعم الصبى يبدأ منذ الرضاعة، فلا يستعمل فى إرضاعه وحضانته إلا امرأة صالحة متدينة تأكل الحلال، فإن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه.
وعلى هذا عندما يبدأ فى الصبى مخايل التمييز، وأولها الحياء ـ والحياء كله خير ـ وذلك من علامات النجابة، وهذا يبشر بكمال العقل عند البلوغ، فهذا يستعان به فى تأديبه بحيائه، وينبغى على الوالدين تعليم الصبى والصبية آداب الطعام، حتى لا يشبان على شرهه، ويقبحان عندهما كثرة الأكل، ويمنعان من مخالطة وصحبة الأطفال الذين تعودوا على كثرة التنعم.
ومن أهم وسائل التربية اشغال الأطفال بحفظ القرآن والحديث، وأخبار الأخيار ليغرس فى قلبهم حب الصالحين، وإذا ظهر من الطفل خلق جميل وفعل محمود، فيلزم أن يكرم عليه ويجازى بما يفرح به، ويمدح بين الناس ليشجعه ذلك على الزيادة، فإن حدث له فتور فى العمل الصالح أو خالفه فى بعض الحوال تُغُوفِلَ عنه، ولا يكاشف، فإن تكرر ذلك عُوتِبَ سرًا وخُوِّفَ من اطلاع الناس عليه، ولا يكثر عليه العتاب؛ لأن ذلك يهون عليه سماع الملامة، وليكن حافظًا هيبة الكلام معه.
وعلى الأم أن تخوفه بالأب، ويُراقَبُ الطفل فى تصرفاته وحركاته وأقواله، ويُمنع من النوم نهارًا لأنه يورث الكسل، ولا يمنع من النوم ليلا، ويُتعَود الخشونة فى المفرش والمطعم والمأكل، ويُعود المشى والجرى والسباحة الرياضة، ليقوى بدنه ولا يغلب عليه الكسل ولا يقع فى مستنقع المخدرات القاتلة المهلكة، ويُمنع أن يفاخر أقرانه بما يملكه أبواه أو بمطعمه أو ملبسه، ويُعَود على التواضع والإكرام لمن يعاشره أو يخالطه، ويُمنع أن يأخذ شي~ًا من صبى مثله، ويُعلم أن الخذ دناءة وأن الرفعة فى الإعطاء، ويُقَبحُ عنده حب الذهب والفضة، لأن حب الدنيا يأتى من ورائهما، ويعود الطفل ألا يبصق فى مجلسه، ولا يتمخط ولا يتثائب بحضرة غيره، ولا يضع رجلا على رجل ويمنع من كثرة الكلام، ويعود أن لا يتكلم إلا مجيبًا، وأن يحسن الاستماع إلى غيره إذا تكلم من هو أكبر منه، وأن يقوم لمن هو فوقه وأن يجلس بين يدية، ولا يزال للحديث بقية إن شاء الله تعالى، والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.
د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
البحوث الإسلامية يُطلق قافلة دعويَّة وتوعويَّة إلى أنحاء القاهرة
أطلق مجمع البحوث الإسلاميَّة بالأزهر الشريف، اليوم الأحد، قافلةً دعويَّةً وتوعويَّةً إلى عددٍ من مناطق محافظة القاهرة، وذلك ضِمن فعاليَّات حملته الشاملة (صيانة عقل.. سلامة أمَّة)؛ لمواجهة المخدِّرات، وحماية العقول، وتعزيز القِيَم الأخلاقيَّة والانضباط السلوكي في المجتمع.
وتهدف القافلة إلى نَشْر الوعي بخطورة المخدِّرات وآثارها المدمِّرة على الفرد والأسرة والمجتمع، إلى جانب توضيح الموقف الشرعي منها، وتأكيد أنَّ حماية العقل والنفْس مسئوليَّة دِينيَّة ومجتمعيَّة مشتركة.
وأكَّد الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة، أنَّ إطلاق هذه القافلة يأتي استكمالًا لجهود المجمع في الوصول المباشر إلى المواطنين، وتفعيل دَور الخطاب الدِّيني المعتدل في مواجهة الظواهر السلبيَّة، مشيرًا إلى أنَّ النزول الميداني يُسهِم في بناء وعيٍ حقيقيٍّ يقوم على الفهم الصحيح للدِّين ومقاصده.
وأوضح أنَّ خطورة المخدِّرات تتجاوز حدود الإضرار بالصحَّة وتفكيك الأُسَر، إلى تغييب وعي الشباب عن قضايا أمَّتهم الحقيقية وإضعاف قدرتهم على المشاركة الفاعلة في نهضتها، مشدِّدًا على أنَّ الأمَّة بحاجة إلى شبابٍ حاضرِ الوعي، ثابتِ العقل، مُدرِكٍ للتحديات التي تواجه مجتمعه؛ لأنَّ تغييب العقول أخطر أبواب الهدم الذي يهدِّد استقرار الأوطان ويُفقدها طاقتها الحقيقيَّة.
مِن جانبه، بيَّن الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الدِّيني، أنَّ القافلة تُجسِّد رؤية المجمع في الجمع بين العمل الدعوي الميداني والرسالة الإعلاميَّة الهادفة؛ بهدف تحصين الشباب مِنَ الوقوع في براثن الإدمان، كما أنه يسعى -من خلال هذه القافلة- إلى إيقاظ الضَّمير الجمعي، وتحفيز الشباب على تحمُّل مسئوليَّاتهم تجاه أنفُسِهم وأمَّتهِم، ليظلَّ العقل منارةً تبني ولا تهدم، وتصون ولا تبدِّد.
وتتضمَّن القافلة التي تستمر فعاليَّاتها على مدار أسبوع، ندواتٍ ولقاءاتٍ مباشرةً في المساجد ومراكز الشباب وبعض التجمُّعات الجماهيريَّة، بمشاركة عدد مِنْ وعَّاظ الأزهر الشريف، ضِمن خطَّة مجمع البحوث الإسلاميَّة للتواصل المباشر، وبناء وعيٍ رشيدٍ يُعزِّز روح الانتماء والمسئوليَّة في مواجهة الظواهر الهدَّامة.