المسجد الأقصى .. كيف مدحه القرآن الكريم ؟
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
المسجد الأقصى.. فسر الأزهر الشريف عبر صفحته على الفيسبوك قوله تعالى {الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ} موضحا أنها صفة مدح للمسجد الأقصى. أي: جل شأن الله الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الذي أحطنا جوانبه بالبركات الدينية والدنيوية.
وأضاف الأزهر الشريف عبر صفحته: أما البركات الدينية فمن مظاهرها: أنَّ هذه الأرض التي حوله، جعلها الله ـ تعالى ـ مقرًّا لكثير من الأنبياء.
وتابع الأزهر الشريف: قال بعض العلماء: وقد قيل في خصائص المسجد الأقصى: أنه متعبَّد الأنبياء السابقين، ومسرى خاتم النبيين، ومعراجه إلى السموات العلا.. وأولى القبلتين وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، لا تُشدُّ الرحال بعد المسجدين إلا إليه" (التفسير الوسيط).
أدان الأزهر الشريف واستنكر بأشدِّ العبارات، إقدام الكيان الصهيوني الإرهابي على اقتحام المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين، والاعتداء على المصلين والمعتكفين فيه، وإلحاق الضرر بالمسجد، في حادث إرهابي متكرر في ظل صمت عالمي ومجتمع دولي يتباهى بمواثيق دولية لحماية دور العبادة، لا تعدو أن تكون حبرًا على ورق.
ويعرب الأزهر عن استيائه البالغ لتكرار هذه الجرائم الهمجية من هذا الكيان الإرهابي الدولي، لمواصلة مسلسله الإجرامي في تدنيس المقدسات الإسلامية، ومحاولاته البائسة لإخلاء المسجد الأقصى المبارك من أهله، وفرض واقعٍ سياسي بقوة السلاح، لتغيير الهوية التاريخية للقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك.
ويؤكد الأزهر أنَّ التاريخ خير شاهد على دموية الصهاينة، وأنَّ الضمير الحي يرفض إرهابهم ويمقته ويزدريه، ونحن على يقينٍ من أنَّ الله تعالى سينصر المظلوم ويخذل الظالم ويهلكه، وأنَّ حقوق الشعب الفلسطيني عائدة إليهم، طال الزمن أو قَصُر، وأنَّ التاريخ لن يغفر للكيان الصهيوني ولا لداعميه ولا للصَّامتين عن جرائمه؛ صمتهم ومواقفهم اللاإنسانيَّة واللاأخلاقية.
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن في شهر شعبان ليلة عظيمة هي ليلة النصف من شعبان عظم النبي صلى الله عليه وسلم شأنها فقال: (إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن) ( ابن ماجه وابن حبان).
وأوضح جمعة، عبر الفيسبوك، أنه ورد في ليلة النصف من شعبان أحاديث بعضها مقبول وبعضها ضعيف, غير أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال, ولذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها.
وأكمل : في شهر شعبان تم تحويل القبلة, وهو حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية, حيث كان تحويل القبلة في البدء من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية وهي العمل على تقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية: (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه.، ولأن هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية القلوب وتجريدها من التعلق بغير الله وحثها على اتباع المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة, لذا فقد اختار لهم التوجه قبل المسجد الأقصى, ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم مما علق بها من الجاهلية, ليظهر من يتبع الرسول اتباعا صادقا عن اقتناع وتسليم, ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها.
و تابع: بعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام في المدينة صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام, ليس تقليلا من شأن المسجد الأقصى ولا تنزيلا من شأنه, ولكنه ربط لقلوب المسلمين بحقيقة أخرى هي حقيقة الإسلام حيث رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصا لله, وليكون قبلة للإسلام والمسلمين، وليؤكد أن دين الأنبياء جميعا هو الإسلام: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ) وليس تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إلا تأكيدا للرابطة الوثيقة بين المسجدين, فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية قصر الزمن أو طال, فقد كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية, الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات, إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) وعندما يتجه الإنسان من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام فهو بذلك يعود إلى أصل القبلة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) فهي دائرة بدأت بآدم مرورا بإبراهيم حتى عيسى عليهم السلام, ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم ﷺ فقد أخره الله ليقدمه, فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال.
وتايع: كرم الله نبيه ﷺ في هذه الليلة بأن طيب خاطره بتحويل القبلة والاستجابة لهوى رسول الله ﷺ قال تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) وما الأمر في هذا كله إلا أنه انتقال من الحسن إلى الأحسن وهذا شأن رسول الله ﷺ في الأمور كلها.
واختتم المفتي السابق حديثه : جاء تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام أيضا لتقر عين الرسول ﷺ فقلبه معلق بمكة, يمتلئ شوقا وحنينا إليها, إذ هي أحب البلاد إليه, وقد أخرجه قومه واضطروه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة التي شرفت بمقامه الشريف فخرج من بين ظهرانيهم ووقف على مشارف مكة المكرمة قائلا: "والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" (رواه الترمذي) وبعد أن استقر ﷺ بالمدينة المنورة, ظل متعلقا بمكة المكرمة فأرضاه الله عز وجل بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام, فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة, ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسجد الأقصى الازهر الشريف أبواب المسجد الأقصى الأزهر الشریف
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد الحرام: صنائع الحكمة ومسالك الحنكة في 4 كلمات
قال الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد ، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن لكل مجتمع عراقته وأصالته ومبادئه وهي عنوان تماسكه واستقراره.
عنوان تماسكه واستقرارهوأوضح " بن حميد" خلال خطبة الجمعة الثالثة من شهر جمادي الآخرة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن هذا الاستقرار والتماسك لا يتم إلا بتماسك الأسر وترابطها ومحافظتها على أصالتها.
وتابع: وتنشئة أبنائها على الفضائل والرجولة والقيم، ومن ثم تتوارث الأجيال هذه الأخلاق والمكارم والعادات والأعراف والتقاليد الحميدة، منوهًا بأن من هذه المكارم والأخلاق تقدير الكبار.
وأردف: والرجوع إليهم ومشاورتهم والرحمة بالصغار والعناية بهم وتهذيبهم وضبط مسالكهم وتنشئتهم على معالي الأمور، وغرس الههم العالية فيهم ليتوارثوا أمجادهم ويحافظوا على دينهم أصالة أمتهم والاعتزاز به وبقيَمهم.
الأصالة والرجولةونبه إلى أن الأصالة والرجولة والعزة تترسخ في المجتمع قوته وتحفظ الأسر ترابطها وتُحصن أجيالها وتأمن به الدول من الاختراق والتخلخل وتدوم -بإذن الله- المنافع والمكتسبات، وتندفع المضار والمفسدات.
وبين أن من صنائع الحكمة ومسالك الحنكة التمسك بالرجولة وحميد الخصال وجميل السجايا وغرس المآثر التي يتسابق في ميدانها الشرفاء وبالانتساب إليها يشتهر الفضلاء.
وأفاد بأن الرجولة صفة نبيلة متوارثة ومكتسب حميد يضع المجتمع في مقامٍ كريم من العلو والتسامي والاحترام والأدب العالي والاعتزاز بالدين والوطن وتاريخ الأمة ولغتها وتراثها.
واستطرد: وتجمع بين القوة والرحمة والحزم واللين والشجاعة والتزام الحق في النفس ومع الآخرين في قوة جنان وسلامة فكر وصفاء عقل، مشيرًا إلى أن التمسك المتين بالدين وبالهوية والاعتزاز بالانتماء إلى الأهل والأعراف الحسنة مسلك متين يحفظ الرجولة.
التربية الحازمةوأشار إلى أنه كذلك التربية الحازمة والتمسك بالديانة وتعظيم التاريخ والتراث، ومجالسة العلماء والوجهاء ورجال الأعمال وذوي التجارب، لافتًا إلى أن ما يظهر في بعض أدوات التواصل الاجتماعي من الإغراق في السطحيات والمبالغة في الكماليات.
وأضاف : وصغائر الأمور وتعظيم الذات وإفساد الذوق وتمجيد اللحظة العابرة والتنشئة على المستصغرات والمحقرات حتى صار المقياس عند هؤلاء بعدد المعجبين وعدد المشاركين.
وأكمل : والاستعراض بالأرقام وليس على الأصالة والرجولة والبناء الحقيقي للإنسان يُضعف الرجولة ويمنع من التفكير العميق، موصيًا بتقوى الله وإحسان الظن به، فمن حسن بالله ظنه تفتحت بالبشائر آماله، ومن صدقت نيته علا في الناس ذكره ومن وثق بما عند ربه تنزلت عليه السكينة.