واشنطن غفلت عن حماس بعد 11 سبتمبر
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
توقفت وكالات الاستخبارات الأمريكية عن التجسس على حركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية، في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية على الولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك وجهت الموارد لملاحقة قادة تنظيم القاعدة، ثم تنظيم داعش الإرهابي لاحقاً، وفقاً لمسؤولين أمريكيين مطلعين على هذا التحول الاستخباراتي.
التركيز على الشبكات المالية لحركة حماس تراجع بعد أحداث 11 سبتمبر
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤولين إن واشنطن، التي توقعت أن حماس لن تهدد الولايات المتحدة بشكل مباشر مطلقاً وأثقلت كاهلها بأولويات تجسس أخرى، تنازلت عن المسؤولية لإسرائيل، وكانت على ثقة بأن الاستخبارات الإسرائيلية ستكتشف أي تهديد.. لكنه رهان ليس بمحله وفقاً لما ذكره أحد كبار المسؤولين الأمريكيين في مكافحة الإرهاب.
“U.S. intelligence agencies all but stopped spying on Hamas and other violent Palestinian groups in the years after the Sept. 11, 2001, terrorist attacks… instead directing resources to the hunt for the leaders of al Qaeda and, later, Islamic State” https://t.co/FdHORV2EbK
— Shashank Joshi (@shashj) November 1, 2023 مخاوف الحرب الإقليميةومع مقتل أكثر من 30 أمريكياً وفقدان 10 آخرين تتزايد المخاوف من نشوب حرب إقليمية، مع توجه معدات عسكرية أمريكية بمليارات الدولارات إلى الشرق الأوسط منذ هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ويقول بعض المسؤولين إن الولايات المتحدة أخطأت في تقدير التهديد الذي يواجهه المواطن الأمريكي وما يجب فعله لحمايته.
وقال ضابط العمليات المتقاعد في وكالة المخابرات المركزية، والذي يتمتع بخبرة واسعة في مكافحة الإرهاب مارك بوليمروبولوس: "فيما يتعلق بالإخفاقات الاستخباراتية، التي تقع في معظمها على عاتق الأجهزة الإسرائيلية، أعتقد أنه يجب أن نتقاسم بعض اللوم أيضاً لعدم تفويت هذا الحدث.. ويبدو الآن أن التنازل عن الهدف للإسرائيليين كان له عواقب أمنية.
Hamas Fighters’ Orders: ‘Kill as Many People as Possible’ - WSJ https://t.co/cX1T3tA0Qp
— Lara Logan (@laralogan) October 22, 2023وقال مسؤولون حاليون وسابقون إن وكالات المخابرات الأمريكية، وخاصة وكالة المخابرات المركزية، كان لديها عدد قليل من المحللين الذين يتتبعون الأحداث في قطاع غزة قبل الهجمات، لكنهم اعتمدوا على إسرائيل لاختراق حماس بمصادر بشرية ومراقبة المجموعة بتكنولوجيا التنصت، وأشار مسؤولون في إدارة بايدن إلى أن المخابرات الإسرائيلية والأمريكية لم تحذر من "الغارة الخاطفة" التي اخترقت فيها حماس الدفاعات الحدودية الإسرائيلية وقتلت أكثر من 1400 شخص.. وأدت الهجمات إلى استمرار الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على غزة، والذي تقول وزارة الصحة التي تديرها حماس إنه أسفر عن مقتل أكثر من 8000 آلاف فلسطيني حتى الآن.
إخفاقات أمنيةألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، باللوم في الإخفاقات الأمنية على أجهزة الدفاع والمخابرات في البلاد، لكنه حذف بعد ساعات التغريدة على موقع إكس (تويتر سابقاً) واعتذر.
وقال أعضاء في حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو إن البلاد بحاجة إلى التركيز أولاً على هزيمة حماس، قبل تحليل الخطأ الذي حدث ومن يقع عليه اللوم.
وحملت خطابات مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، العامة في أوائل عام 2023، تحذيرات من زيادة التوترات والعنف المحتمل بين إسرائيل والفلسطينيين، وهو ما يعكس تحليلاً استخباراتياً في ذلك الوقت لكن فكرة أن الشرق الأوسط لم يكن ناضجاً لحرب جديدة تم تعزيزها في مقال عن السياسة الخارجية للرئيس بايدن، كتبه مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، قبل أيام قليلة من هجوم حماس على إسرائيل.
Already Genocide
America Has Failed
Israel Called USA's Bluff
Hopelessly Corrupt Global System Putting Money and Influence Above Human Life
Prosecutions Across The Board
Govt's, Financiers, Suppliers, Prosecute
@IntlCrimCourt@un#earth ???? https://t.co/sufxzp8IPF
وكتب سوليفان في مجلة فورين أفيرز: "على الرغم من أن الشرق الأوسط لا يزال يعاني من تحديات دائمة، إلا أن المنطقة أصبحت أكثر هدوءاً مما كانت عليه منذ عقود"، وأضاف: "الوضع الإسرائيلي الفلسطيني متوتر، خاصة في الضفة الغربية، ولكن في مواجهة الاحتكاكات الخطيرة، قمنا بتهدئة الأزمات في غزة واستعدنا الدبلوماسية المباشرة بين الطرفين بعد سنوات من غيابها".
وبحسب الصحيفة فإنه على الرغم من الميزانية الإجمالية التي تبلغ حوالي 90 مليار دولار، والسمعة الطيبة بأن لها عيوناً وآذاناً في كل مكان، كان يجب على وكالات الاستخبارات الأمريكية تحديد أولويات أهدافها من خلال عملية رسمية معقدة، وقال المسؤولون إن ذلك أدى في السنوات الأخيرة إلى تركيز المزيد من الموارد على الصين، وتقليل التركيز على الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أن تفاصيل الإنفاق الاستخباراتي الأمريكي سرية.. ومن الأمور السرية أيضاً أولويات جمع المعلومات الاستخبارية، المنصوص عليها في وثيقة تسمى إطار أولويات الاستخبارات الوطنية، وقال مسؤول أمريكي سابق إن حماس والجماعات الفلسطينية لم تحظى بالاهتمام الاستخباراتي.
ورفض بعض المسؤولين هذه الانتقادات، قائلين إن وكالات التجسس الأمريكية تدربت بشكل مناسب لسنوات على المجموعة التي قتلت ما يقرب من 3000 أمريكي في سبتمبر (أيلول) 2001، وفجرت السفارات الأمريكية ونفذت العديد من الهجمات الإرهابية القاتلة الأخرى.. وقال مسؤول كبير سابق في وكالة المخابرات المركزية: "لا أذكر في ذلك الوقت أن أحداً قال إنك ركزت كثيراً على تنظيم القاعدة".
وقال جوناثان شانزر، الذي تابع حركة حماس كمحلل لتمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأمريكية، إن التركيز بعد أحداث 11 سبتمبر على الشبكات المالية لحركة حماس تراجع مع سعي الرئيس السابق أوباما وبعده بايدن، إلى التعامل مع طهران، وأشار شانزر، الذي يعمل الآن في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) يجب أن تدفع إلى مراجعة سياسة الولايات المتحدة تجاه الحركات الوكيلة المدعومة من إيران، حتى لا نقع في سوء ممارسة سياسة الاستخبارات الخارجية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل القاعدة داعش أمريكا حماس وکالة المخابرات المرکزیة الولایات المتحدة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم في قطاع غزة، تكشف المقترحات المتبادلة بين الأطراف المعنية عن حجم الهوة التي تفصل بين مواقف كل من حركة "حماس" وإسرائيل، برعاية ومتابعة أمريكية مباشرة.
ومع كل اقتراب من نقطة الاتفاق، تظهر الشروط المتبادلة كحواجز أمام تحقيق اختراق سياسي حقيقي، مما يُبقي المشهد مفتوحًا على مزيد من التعقيد والمعاناة الإنسانية.
كشفت تقارير إعلامية، الإثنين، أن حركة "حماس" وافقت مبدئيًا على مقترح هدنة تقدّم به المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقضي بوقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء على دفعتين، إلى جانب إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بأحكام عالية ومؤبدات.
غير أن متحدثًا باسم ويتكوف نفى هذه الموافقة، مشيرًا إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، وسط تضارب في الروايات. ووفق صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن مسؤولًا إسرائيليًا رفيعًا – لم يُكشف عن اسمه – وصف المقترح بأنه لا يعكس "نية حقيقية من قبل حماس للمضي قدمًا"، مشددًا على أن "أي حكومة مسؤولة في إسرائيل لا يمكن أن تقبل بهذا الطرح"، ما يعكس موقفًا إسرائيليًا رافضًا للعرض الأمريكي – أو على الأقل لبعض بنوده.
مطالب جديدة تثير الجدلالمقترح الذي طُرح عبر وسطاء تضمن بنودًا غير مسبوقة من قبل حركة حماس، من بينها طلب مصافحة علنية بين خليل الحية، القيادي في الحركة ورئيس وفدها المفاوض، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، كرمز لضمانة بعدم استئناف القتال عقب فترة التهدئة. كما تضمن الإفراج التدريجي عن 10 رهائن، 5 منهم في اليوم الأول من الهدنة، والباقون بعد شهرين.
هذه البنود – بحسب الصحافة العبرية – تتناقض مع الخطة الأصلية التي قدمها ويتكوف، والتي تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن على مرحلتين: الأولى مع بداية التهدئة، والثانية في نهايتها. كما شملت مطالب حماس انسحابًا واسعًا للقوات الإسرائيلية من المناطق التي سيطرت عليها في قطاع غزة، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وهو ما تعتبره إسرائيل "تنازلات مفرطة".
غضب إسرائيلي داخليردًا على هذه التطورات، أصدر "منتدى عائلات الرهائن" بيانًا غاضبًا، انتقد فيه استمرار الحرب ورفض الاتفاقات الجزئية، واصفًا إياها بأنها "خسارة إسرائيلية يمكن، بل يجب، تجنبها". وطالب المنتدى بعقد اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى الـ58 وينهي الحرب، مشيرًا إلى أن "الحكومة يمكنها التوصل إلى مثل هذا الاتفاق صباح الغد إذا اختارت ذلك"، في إشارة إلى وجود دعم شعبي واسع لهذا الخيار.
مقترح "بحبح" بين التفاؤل والتشكيكفي خضم هذا التوتر، كشفت تقارير إعلامية عن وثيقة جديدة يُبحث فيها حاليًا، قدمها الوسيط الفلسطيني–الأمريكي بشارة بحبح، بالتنسيق مع ويتكوف، تقضي بوقف شامل للحرب خلال فترة الهدنة، وتعهد من حماس بعدم تنفيذ هجمات أو تهريب أسلحة أو تطوير ترسانتها العسكرية خلال هذه الفترة.
لكن هذه الوثيقة لم تُعلن رسميًا، وتُقابل بقدر من التشكيك في إسرائيل، خصوصًا في ظل تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة، والتي جدّد فيها التزامه بإعادة جميع الرهائن "أحياء وأموات"، تزامنًا مع مواصلة جيشه قصفه المكثف على القطاع.
وفي ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية، انتقد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، موقف المجتمع الدولي، وخصوصًا الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أنها لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل لوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات.
أمريكا لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على الاحتلالوأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن ما تفعله إدارة ترامب لا يتجاوز الضغط السياسي، عبر مقترحات مثل تلك التي تقدم بها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي رفضتها إسرائيل رغم قبول حماس بها، في محاولة لإفشال الجهد الأمريكي.
وأوضح الرقب أن واشنطن، رغم قدرتها على التأثير الفعلي، تكتفي بتصريحات سياسية لا ترقى إلى مستوى الأفعال، مضيفًا: "لو أرادت الإدارة الأمريكية وقف العدوان لعلّقت إمدادات السلاح والذخيرة، لكنها تتواطأ ضمنيًا مع حكومة نتنياهو المتطرفة". ولفت إلى أن تصريحات ترامب المتناقضة توحي برغبته في وقف الحرب، دون أي تحرك عملي يجسد هذه الرغبة، معتبرًا أن ما يصدر عن واشنطن ليس سوى "دغدغة مشاعر" ومحاولة لتبرئة الذات من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
وفي ما يخص الموقف الأوروبي، أشار الرقب إلى وجود تحول نسبي في الخطاب الأوروبي نتيجة الجرائم المتواصلة في غزة، واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع، وهو ما بدأ يحرج الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أن دولًا مثل فرنسا تتحرك فعليًا لعقد مؤتمر دولي للسلام، بينما ما تزال دول أخرى كالمجر والنمسا ترفض أي ضغط على الاحتلال.
وأكد أن أوروبا تمتلك أوراق ضغط مهمة، لكنها لم توظفها بعد بشكل مؤثر.
وفي ختام تصريحاته، شدد الرقب على أن واشنطن وبروكسل قادرتان على وقف الحرب وإنهاء معاناة غزة، لكن غياب الإرادة السياسية واستمرار سياسة الكيل بمكيالين، يمنحان الاحتلال مزيدًا من الوقت لارتكاب مجازره دون رادع، وسط تصريحات دولية شكلية لا تغير من واقع المعاناة اليومية للفلسطينيين.
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هجومها على غزة، يتبيّن أن الطريق نحو هدنة حقيقية ما زال طويلًا، وأن أي تقدم مشروط بقبول تنازلات مؤلمة من الطرفين.
ومع تعنّت الحكومة الإسرائيلية، ومطالب حماس التي تعكس عمق معاناة الشعب الفلسطيني، يبقى أفق التهدئة رهينًا بإرادة سياسية غير متوفرة بعد، ما ينذر باستمرار الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يقبع تحت نار الحرب منذ أكثر من 19 شهرًا.