يمانيون../
في قراءة لافتة لطبيعة المشهد اليمني وانعكاساته الإقليمية والدولية، كتب الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) “ثيودور ج. سينغر” مقالًا تحليليًا نشرته مجلة بارونز الأمريكية، أكد فيه أن “اليمنيين من أكرم الشعوب التي قابلتها، لكن الويل لمن يحاول فرض إرادته عليهم”، مشيرًا إلى أن هذا البلد يمتلك من الإرادة والصلابة ما أرهق قوى استعمارية كبرى، من العثمانيين إلى البريطانيين، وصولًا إلى الأميركيين.

سينغر، المعروف بخلفيته الاستخباراتية وخبرته في الشؤون الجيوسياسية، اعتبر أن إعلان ترامب بشأن وقف العدوان على اليمن لا يعني أن الخطر قد انتهى بالنسبة للولايات المتحدة أو حلفائها، بل هو اعتراف ضمني بأن اليمن اليوم أصبح فاعلًا رئيسيًا يصعب تجاوزه أو فرض الإملاءات عليه.

وفي مقاله، ربط الضابط الأمريكي بين إعلان وقف العدوان وزيارة ترامب المرتقبة إلى الخليج، التي وصفها بأنها “رحلة استثمارية اقتصادية كبرى تُقدر بتريليون دولار”، موضحًا أن هذه الخطوة تأتي كمحاولة لضمان استقرار نسبي يسمح بتمرير مصالح اقتصادية دون أن يعكرها رد يمني مزلزل. وأضاف: “لا أظن أن من قبيل المصادفة أن الإعلان جاء عشية زيارة ترامب”، في إشارة واضحة إلى أن واشنطن باتت تُقدّر كلفة الاستفزازات في ظل تصاعد القدرات اليمنية.

الأخطر في رؤية سينغر أن وقف العدوان، حتى وإن رُحب به خليجيًا، لم يشمل كيان العدو الصهيوني الذي لا يزال يتلقى الضربات اليمنية، ما يُحدث ـ بحسب تعبيره ـ “فوضى جوية وأمنية يومية داخل الكيان”. وهذا يعكس ـ وفق المقال ـ أن اليمنيين اليوم لا يتحركون بناءً على صفقات مؤقتة أو مصالح عابرة، بل وفق استراتيجية واضحة تجعل من دعمهم للقضية الفلسطينية أولوية غير قابلة للمساومة.

وفي تحليل ضمني لأداء تحالف العدوان، أوضح سينغر أن “اليمنيين باتوا فعليًا القوة المهيمنة على الأرض”، وهذا تحول جذري في معادلة القوة بالمنطقة. ويبدو أن اعتراف شخصية أميركية كهذه، بخلفيتها الاستخباراتية، يؤكد مجددًا ما أثبتته سنوات الحرب: أن فرض الإرادة على شعب بحجم اليمن هو ضرب من الوهم، وأن الزمن الذي كانت فيه قرارات اليمن تُصنع في سفارات المحتلين قد انتهى إلى غير رجعة.

إن تحليل “ثيودور سينغر” يعكس تحوّلًا عميقًا في قراءة المراكز الاستخباراتية والاستراتيجية للواقع اليمني، ويؤكد أن الحضور اليمني ـ سياسيًا وعسكريًا ـ لم يعد يمكن تجاوزه أو تطويعه، لا عبر الصفقات ولا عبر العدوان.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

نائب الرئيس الأمريكي يعترف بتراجع الهيمنة الأمريكية: تدخلنا في اليمن كان “دبلوماسيًا” ولا قدرة لنا على خوض حرب

يمانيون ../
في اعتراف صريح يعكس حجم المأزق الأمريكي، أقر نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس بأن تدخل بلاده في اليمن لم يكن عسكريًا شاملاً، بل جاء تحت غطاء ما أسماه “العمل الدبلوماسي”، مؤكداً أن واشنطن لا تسعى – ولا تملك القدرة – للانخراط في حرب طويلة الأمد هناك.

تصريحات فانس، التي نقلتها وسائل إعلام أمريكية، تكشف بشكل واضح تراجع النفوذ الأمريكي وعجزه عن فرض هيمنته، حيث قال: “دخلنا اليمن من أجل هدف دبلوماسي واضح، ولا نية لدينا في توريط قواتنا في نزاع مستمر أو طويل الأمد”، وهي كلمات تؤكد حالة التردد والضعف التي تعيشها الولايات المتحدة أمام الإرادة اليمنية الحرة.

وفي اعتراف أكثر وضوحًا بانكسار الهيمنة الأمريكية، قال فانس إن “عصر السيطرة الكاملة لأمريكا على الجو والبحر والفضاء قد انتهى”، مشيراً إلى أن الطائرات المسيّرة منخفضة الكلفة وصواريخ كروز باتت تشكل تهديدًا جديًا للبنية الدفاعية الأمريكية. وهو ما يعكس حجم القلق من القدرات المتنامية لمحور المقاومة، وفي مقدمته اليمن الذي بات رقماً صعبًا لا يمكن تجاوزه.

فانس دعا إلى مراجعة العقيدة العسكرية الأمريكية لمواجهة ما وصفه بـ”الواقع الجديد”، وهو واقع فرضته القوى الحرة والمستقلة التي كسرت عنجهية واشنطن وأسقطت مشاريعها العدوانية في المنطقة.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يتصاعد فيه الضغط على القوات الأمريكية في البحر الأحمر ومحيطه، بفعل العمليات المتواصلة ضد مصالحها، والتي تؤكد أن زمن التدخلات الأمريكية دون تكلفة قد ولّى، وأن من يعبث بأمن الشعوب الحرة سيدفع الثمن باهظًا.

مقالات مشابهة

  • اعتراف أمريكي ثقيل بالهزيمة في اليمن
  • الشيخ نعيم قاسم: صمود اليمن نموذج يحتذى والمقاومة خيار لا رجعة عنه في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي
  • أمين عام حزب الله: اليمن قدم نموذجا في الصمود أمام العدوان الأمريكي والاسرائيلي
  • خبير استراتيجي لبناني: اليمن نقل المعركة إلى عمق الكيان وأربك الهيمنة الأمريكية عالميًا
  • صور| البيضاء.. قبائل الخبار بمديرية العرش تعلن النفير العام لمواجهة العدوان الصهيوني على اليمن وغزة
  • البرلمان اليمني يثمن مواقف البرلمانين الإسباني والبريطاني تجاه العدوان على الشعب الفلسطيني
  • الاستخبارات الأمريكية: كوريا الشمالية حالياً في أقوى موقف وتهدد قواتنا
  • نائب الرئيس الأمريكي يعترف بتراجع الهيمنة الأمريكية: تدخلنا في اليمن كان “دبلوماسيًا” ولا قدرة لنا على خوض حرب
  • صحيفة روسية: حرب ترامب على اليمن انتهت بانكسار الإمبراطورية الأمريكية