محو الأمية: شرط مسبق لكل نهضة
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
تتجلَّى لنَا مفارقة هي مدعاة للتندُّر في العديد من دوَل الشرق العربي والإسلامي، وهي: تضاعف وتكاثر أعداد الجامعات والمعاهد العلميَّة العالية مقابل تضاعف، بل وتوسُّع آفة الأُمِّيَّة في ذات الدوَل المنهمكة بافتتاح الكُلِّيَّات والمؤسَّسات الأكاديميَّة: فيا لَه من تناقض! هذه ظاهرة خطيرة لا يُمكِن إلَّا أن تؤدِّيَ إلى شرخ اجتماعي موجع يتجلَّى في فجوة واسعة ومتَّسعة بَيْنَ «طبقة المتعلِّمين» وطبقة الأُمِّيِّين.
إذ كيف يتسنَّى للمرء التكلُّم عن تنمية أو عن نهضة في وقت توجد فيه أعداد كبيرة من الرجال والنِّساء من غير القادرين على قراءة أرقام الحافلات الَّتي تقلُّهم من مكان إلى آخر؟ وكيف يُمكِن أن نعتنيَ بصحَّة قِطاع اجتماعي واسع غير قادر على قراءة الصحف أو قراءة المنشورات المرفقة مع الأدوية!
هي أسئلة أساسيَّة، بل ويبدو لي (شخصيًّا) أنَّ مَحْوَ الأُمِّيَّة إنَّما يُمثِّل شرطًا مسبقًا لأيِّ مشروع نهضوي للتقدُّم بالمُجتمع نَحْوَ الأفضل: يجِبُ أن تكُونَ المهارات الأوَّليَّة كمهارة القراءة والكتابة شرطًا مسبقًا للمواطنة الحقَّة؛ لأنَّ الإنسان الأُمِّيَّ عائق ومعوّق للتقدُّم وللنهوض، بل هو عقبة في طريقهما!
علمًا أنَّ إطلاق حملة شاملة لمَحْوِ الأُمِّيَّة ليست بالمُهمَّة البسيطة أو السريعة الإنجاز كما قَدْ يتصوَّر البعض ممَّن لَمْ يخبر مخاطر الجهل وآثاره المُدمِّرة للنسيج الاجتماعي. لاحظ حتَّى دوَل متقدِّمة كالولايات المُتَّحدة الأميركيَّة تعاني وتحذِّر من مخاطر الأُمِّيَّة وانتشارها لأنَّها تشلُّ أعضاءً مفيدين في المُجتمع بسبب جهلهم وافتقادهم لمهارات بسيطة مِثل الكتابة والقراءة.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
قانون المحال العامة.. رقابة مشددة وتنظيم شامل لتحقيق سوق أكثر أماناً للمواطنين
في ظل ما يشهده الشارع المصري من تطور اقتصادي متسارع، بات من الضروري وضع ضوابط واضحة تضمن سير الأنشطة التجارية بسلاسة دون الإخلال بحقوق المواطنين أو الإضرار بالصالح العام.
ومن هذا المنطلق، جاء قانون المحال العامة رقم 154 لسنة 2019 ليضع خارطة طريق جديدة لتنظيم عمل المحال التجارية والخدمية، خصوصاً تلك التي تقدم الأغذية والمشروبات.
القانون يمثل نقلة نوعية في ضبط الأسواق، حيث فرض ضرورة الحصول على ترخيص مسبق لأي محل يقدم مأكولات أو مشروبات بغرض تناولها داخل المحل، خاصة إذا كان يفرض حدًا أدنى لقيمة الطلبات. هذا الترخيص لا يُمنح إلا بعد سداد رسم لا يتجاوز 20 ألف جنيه، ويُثبت رسميًا في الرخصة مع إخطار مصلحة الضرائب.
كما نص القانون على إنشاء لجنة عليا للتراخيص برئاسة الوزير المختص بالإدارة المحلية وعضوية عدد من الخبراء، تتولى وضع الضوابط المنظمة للترخيص والتشغيل، ويصدر تشكيلها بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
ومن أبرز ملامح القانون أن الترخيص للمحال لا يكون محدد المدة، إلا إذا رأت اللجنة خلاف ذلك، على أن يتضمن كافة البيانات المتعلقة بالنشاط، مثل نوعه، والمساحة، واسم المرخص له، ومواعيد العمل.
ويتيح القانون للمراكز المختصة إصدار تصاريح مؤقتة للمحال التي تعمل خلال الفعاليات أو المناسبات الخاصة، وفقًا لاشتراطات محددة تضعها اللجنة.
وتشدد المادة الثانية من القانون على عدم جواز تشغيل أي محل عام أو تغيير نشاطه أو مقره دون الحصول على ترخيص مسبق، على أن تُقدم الطلبات مرفقة بالمستندات والرسوم المطلوبة، ويحق للمركز المختص رفض الطلب خلال مدة زمنية محددة.
بهذا الإطار التشريعي المتكامل، تسعى الدولة إلى ضبط أداء السوق، وتحقيق توازن بين تشجيع الاستثمار وضمان حقوق المستهلك، ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين.