جريدة الوطن:
2025-05-16@22:11:11 GMT

أصداف : مقاومان فـي رجل واحد

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

أصداف : مقاومان فـي رجل واحد

ما أن تنتهيَ من قراءة رواية «صَمْت البحر» للكاتب الفرنسي فيركور (اسم مستعار) وتنتهي من مشاهدة الفيلم الَّذي يحمل ذات العنوان حتَّى تتوقفَ طويلًا عِند المؤلِّف وشخصيَّته وقدراته الهائلة لبلوغ هدفه، صدرت الرواية في العام 1942 أي بعد أقلَّ من سنتيْنِ من احتلال ألمانيا لفرنسا، وتندرج الرواية كذلك الفيلم تحت مُسمَّى (أدب المقاومة)، وربَّما هي المرَّات القليلة الَّتي تجد شخصًا يقاوم بالسِّلاح ويقفُ ضدَّ مَن يغزو بلاده ويحتلُّها ويبطش بناسها ويستبيحها على أوسع ما يكُونُ وفي الوقت عَيْنِه يُمسك بقلَمه ويسطِّر على الورق أعمالًا أدبيَّة في غاية الإبداع.

ومن هنا جاء عنوان المقال (مقاومان في رجل)، فقَدْ أعطى هذا الرجُل درسًا بليغًا ليس للشَّعب الفرنسي الَّذي وقعت بلاده تحت نير الاحتلال الألماني في العام 1940 في بدايات الحرب العالَميَّة الثانية، بل تجاوز درسه أو لِنقُلْ دروسه الرقعة الجغرافيَّة لبلده وشَعبه لِتصلَ إلى الشعوب الحُرَّة في كُلِّ مكان.
اسم الكاتب الحقيقي هو(جان مارسيل بروللر) وكان معروفًا بأعماله في الحفر الجرافيكي، ومنذ بداية الاحتلال الألماني انخرط في صفوف رجال المقاومة، ولأنَّه أُصيب في تلك الفترة فلَمْ يترك الوقت يذهب سُدى وبلاده تحت وطأة الاحتلال، حيث شرع خلال فترة شفائه بكتابة عمل روائي من أروع الأعمال وأهمِّها، فهو طالما تحمله ساقاه فإنَّه حمل السِّلاح ضدَّ الغزاة المحتلِّين ثمَّ قاوم من خلال الكلمة مجسِّدًا ذلك في رواية يشير اسمها إلى دلالاتها العميقة (صَمْت البحر)، وهل سمع أحَد ببحر صامت؟ أم أنَّه المثال الدَّائم للصَّخب الَّذي لا يتوقف؟ لكنَّ المقاوم فيركور رسم موقف الرفض الشَّعبي للمواطنين الفرنسيِّين في التقاطة فريدة، فقَدْ عمد القادة الألمان على إسكان أحَد ضبَّاطهم في بيوت الفرنسيِّين، واختاروا بيتًا يضمُّ العمَّ وابنة أخيه، وعلى مدى أشْهُر يحاول الضابط الألماني يوميًّا أن يفتحَ أحاديث مع الاثنين دُونَ جدوى، فقَدْ ترَكاه يتحدَّث وحده عن ألمانيا والثقافة والفكر فيها وعن الشَّعب الفرنسي وثقافته والفنِّ والموسيقى. لكنَّ ابنة الأخ الشَّابَّة تنشغل بالخياطة ولَمْ تتفاعلْ إطلاقًا مع حديث الضابط الألماني اللطيف والوسيم، كما أنَّ العمَّ يشغل نَفْسَه بتدخين الغليون والقراءة حتَّى يقولَ الضابط الألماني في كُلِّ أمسية (ليلة هانئة) ويذهب إلى غرفة نومه في الطابق الأعلى. تنطوي رواية (صَمْت البحر) والفيلم كذلك على موقف رافض للمحتل، وبذلك يُعطي فيركور في عمله هذا الدروس للشعوب وتحديدًا أولئك الَّذين ـ وللأسف الشديد ـ يتعاونون بدرجات مختلفة مع المحتلِّين، بل إنَّ بعض التعاون يهبط إلى مستوى الخسَّة والدناءة. انتشرت الرواية في مختلف أرجاء العالَم وفي كُلِّ جيل تُعطي دروسًا عميقة للشعوب الَّتي تتعرض للغزو والاحتلال.

وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الملا يكرم العنود وحصة والصحفي في “رواية وفيلم”

البلاد – الدمام
كرم هاني الملا المدير التنفيذي لجمعية السينما، الناشطة الثقافية العنود الحريصي والكاتبة والمخرجة حصة العتيبي والسيناريست والمستشار الإبداعي محمد الصحفي ، وذلك في ختام الحلقة الثانية من البرنامج الثقافي الذي أقامته جمعية السينما “رواية وفيلم”، وسط حضور لافت وحوار تفاعلي جمع بين الأدب والسينما في قراءة جديدة لرواية “غاتسبي العظيم” وتحولاتها في الفيلم الشهير الذي حمل توقيع باز لورمان.
وجاءت الحلقة الثانية تحت عنوان “غاتسبي العظيم.. عصر الجاز وأحلام نيويورك”، حيث تناولت التفاعل بين النص الأدبي والبعد البصري في اقتباس رواية سكوت فيتزجيرالد، بما تحمله من رموز للحلم الأمريكي، والصراعات الطبقية، والخواء الروحي خلف البذخ الظاهري.


أدارت الجلسة الناشطة الثقافية العنود الحريصي، فيما قدّمت الكاتبة والمخرجة حصة العتيبي مداخلة نقدية حول الفيلم من زاويته السردية والسينمائية، بينما تناول السيناريست محمد الصحفي الرواية من منظور ثقافي وتحليلي، ما أتاح نقاشًا ثريًا امتد إلى مداخلات الجمهور وتساؤلاتهم حول قوة السينما في إعادة تأويل النص الأدبي.
وتُعد هذه الحلقة استكمالًا للنجاح الذي حققته الحلقة الأولى من البرنامج التي تناولت رواية وفيلم “العرّاب”، ضمن سلسلة حوارية تسعى من خلالها الجمعية إلى تعميق الوعي النقدي تجاه العلاقة بين النص المكتوب والتجسيد البصري.
وتؤكد جمعية السينما استمرار البرنامج في حلقاته المقبلة، حيث سيتم الإعلان عن تفاصيلها تباعًا عبر حساباتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي والموقع الإلكتروني.

مقالات مشابهة

  • «كمال الحسيني»: الرواية الفلسطينية السلاح الحقيقي ضد الاحتلال
  • مطبخ الرواية... الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير
  • رواية جديدة للدانة البوهاشم السيد: «كان شغفي عطاء» إرادة تقهر الانكسار
  • معرض الدوحة الدولي للكتاب يناقش "إشكالية الرواية العربية"
  • مخرج فلسطيني من مهرجان كان: نقاتل بالكاميرا في غزة لإنقاذ الرواية وتوثيق الألم
  • الغارديان: الرواية الإسرائيلية بتكذيب المجاعة في غزة تتناقض مع الأدلة الواضحة
  • الملا يكرم العنود وحصة والصحفي في “رواية وفيلم”
  • «الملتقى الأدبي» يناقش رواية «ملمس الضوء»
  • “بدا تائها للغاية”.. رواية جديدة عن مأساة مارادونا قبل وفاته
  • صحيفة “ذا هيل” الأمريكية: لا حلّ لأزمة البحر الأحمر دون وقف العدوان على غزة