أصداف : مقاومان فـي رجل واحد
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
ما أن تنتهيَ من قراءة رواية «صَمْت البحر» للكاتب الفرنسي فيركور (اسم مستعار) وتنتهي من مشاهدة الفيلم الَّذي يحمل ذات العنوان حتَّى تتوقفَ طويلًا عِند المؤلِّف وشخصيَّته وقدراته الهائلة لبلوغ هدفه، صدرت الرواية في العام 1942 أي بعد أقلَّ من سنتيْنِ من احتلال ألمانيا لفرنسا، وتندرج الرواية كذلك الفيلم تحت مُسمَّى (أدب المقاومة)، وربَّما هي المرَّات القليلة الَّتي تجد شخصًا يقاوم بالسِّلاح ويقفُ ضدَّ مَن يغزو بلاده ويحتلُّها ويبطش بناسها ويستبيحها على أوسع ما يكُونُ وفي الوقت عَيْنِه يُمسك بقلَمه ويسطِّر على الورق أعمالًا أدبيَّة في غاية الإبداع.
اسم الكاتب الحقيقي هو(جان مارسيل بروللر) وكان معروفًا بأعماله في الحفر الجرافيكي، ومنذ بداية الاحتلال الألماني انخرط في صفوف رجال المقاومة، ولأنَّه أُصيب في تلك الفترة فلَمْ يترك الوقت يذهب سُدى وبلاده تحت وطأة الاحتلال، حيث شرع خلال فترة شفائه بكتابة عمل روائي من أروع الأعمال وأهمِّها، فهو طالما تحمله ساقاه فإنَّه حمل السِّلاح ضدَّ الغزاة المحتلِّين ثمَّ قاوم من خلال الكلمة مجسِّدًا ذلك في رواية يشير اسمها إلى دلالاتها العميقة (صَمْت البحر)، وهل سمع أحَد ببحر صامت؟ أم أنَّه المثال الدَّائم للصَّخب الَّذي لا يتوقف؟ لكنَّ المقاوم فيركور رسم موقف الرفض الشَّعبي للمواطنين الفرنسيِّين في التقاطة فريدة، فقَدْ عمد القادة الألمان على إسكان أحَد ضبَّاطهم في بيوت الفرنسيِّين، واختاروا بيتًا يضمُّ العمَّ وابنة أخيه، وعلى مدى أشْهُر يحاول الضابط الألماني يوميًّا أن يفتحَ أحاديث مع الاثنين دُونَ جدوى، فقَدْ ترَكاه يتحدَّث وحده عن ألمانيا والثقافة والفكر فيها وعن الشَّعب الفرنسي وثقافته والفنِّ والموسيقى. لكنَّ ابنة الأخ الشَّابَّة تنشغل بالخياطة ولَمْ تتفاعلْ إطلاقًا مع حديث الضابط الألماني اللطيف والوسيم، كما أنَّ العمَّ يشغل نَفْسَه بتدخين الغليون والقراءة حتَّى يقولَ الضابط الألماني في كُلِّ أمسية (ليلة هانئة) ويذهب إلى غرفة نومه في الطابق الأعلى. تنطوي رواية (صَمْت البحر) والفيلم كذلك على موقف رافض للمحتل، وبذلك يُعطي فيركور في عمله هذا الدروس للشعوب وتحديدًا أولئك الَّذين ـ وللأسف الشديد ـ يتعاونون بدرجات مختلفة مع المحتلِّين، بل إنَّ بعض التعاون يهبط إلى مستوى الخسَّة والدناءة. انتشرت الرواية في مختلف أرجاء العالَم وفي كُلِّ جيل تُعطي دروسًا عميقة للشعوب الَّتي تتعرض للغزو والاحتلال.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
المستشار الألماني: لن نكون طرفًا في الحرب الروسية الأوكرانية
أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس، اليوم الأربعاء إن برلين لن تكون طرفا في الحرب الروسية الأوكرانية، مضيفا أنه يسعى جاهدا لوقفها.
وقال المستشار الألماني إن تدريب الجنود الأوكرانيين على صواريخ "توروس" سيستغرق 6 أشهر، مضيفا أن تسليم أوكرانيا صواريخ "توروس" خيار مطروح.
يأتي ذلك في أعقاب إعلان الولايات المتحدة وقف بعض شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا وسط مخاوف من انخفاض مخزوناتها بشكل كبير، حسبما صرح مسؤولون أمس الثلاثاء، مما يمثل انتكاسة للبلاد في محاولتها صد الهجمات المتصاعدة من روسيا.
وُعِدت أوكرانيا سابقًا بذخائر معينة في عهد إدارة بايدن لدعم دفاعاتها خلال الحرب التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات. يعكس هذا التوقف مجموعة جديدة من الأولويات في عهد الرئيس دونالد ترامب، وجاء بعد أن فحص مسؤولو وزارة الدفاع المخزونات الأمريكية الحالية وأثاروا مخاوفهم.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، في بيان: "اتُخذ هذا القرار لوضع مصالح أمريكا في المقام الأول بعد مراجعة الدعم العسكري الذي تقدمه بلادنا ومساعداتها لدول أخرى حول العالم".