القاهرة – من مقر الكتيبة 101 العسكرية بمدينة العريش بمحافظة شمال سيناء بمصر، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، عن خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية في شمال سيناء بقيمة نحو 363 مليار جنيه (نحو 12 مليار دولار)، خلال السنوات الخمس المقبلة. 

وأعلن مدبولي، في مؤتمر حكومي عقد الثلاثاء الماضي، عن إنشاء مناطق حرة ولوجستية وتجارية وصناعية في شمال سيناء بتكلفة 3.

5 مليارات جنيه، من بينها منطقة لوجستية في رفح لخدمة حركة التجارة بين مصر و"جيرانها"، فضلا عن مخطط منطقة لوجستية لتداول السلع في بئر العبد.

وأنفقت مصر 283 مليار جنيه في أكثر من 1000 مشروع لتنمية سيناء خلال السنوات العشر الماضية، حسب تصريحات رئيس الوزراء.

ويرى مراقبون أن المؤتمر الحكومي الجماهيري الذي تحدث فيه مدبولي بنبرة حماسية، أعطى إشارات متضاربة بشأن توقيت انعقاده والإعلان عما جاء فيه، خاصة أنه جاء في خضم ما أثير عن وجود خطط إسرائيلية بدعم أميركي لتهجير سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء، وهو ما كررت السلطات المصرية رفضه مرات عدة، خاصة على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وفي إشارة إلى تلك الخطط، أضاف مدبولي أنه لتأمين أي بقعة لا بد أن يصاحب ذلك عمليات تنمية، وأن يتم تعميرها بسكان للدفاع عن هذه الأرض كخط دفاع أول ضد أي فكر خبيث يحاول استغلالها، حسب وصفه.

وبشأن دلالة موعد ومكان المؤتمر، أوضح مدبولي أنه جاء للتأكيد على ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي "من أن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر أو على حساب طرف آخر، وهي رسالة ينبغي أن تكون واضحة للجميع" حسب تعبيره.

وأكد مدبولي أن حل القضية الفلسطينية يتمثل في ما أقره العالم أجمع وهو حل الدولتين، معتبرا أنه الحل الشامل الذي "سيضمن السلام في المنطقة، وأي حلول أخرى مهما كانت محاولات فرضها، سيظل معها عدم الأمان وعدم الاستقرار لكل الدول في المنطقة".

كل السيناريوهات مفتوحة

بحسب مراقبين وسياسيين، فإن تأكيد رئيس الوزراء والقيادة السياسة في مصر عدم التخلي عن متر واحد من هذه الأرض (سيناء)، لا يتعارض مع فتح الباب أمام سكان غزة للاستفادة من التنمية الاقتصادية والعمرانية المعلنة، وخدمة حركة التجارة بين مصر وجيرانها.

في هذا السياق، يقول الناشط السياسي السيناوي حسام فوزي جبر إن "تزامن المؤتمر الحكومي عن تنمية وتعمير شمال سيناء مع يجري في قطاع غزة، يعيد إلى الأذهان الخطوط العريضة لخطة صفقة القرن التي اعتمدت حلا اقتصاديا بدلا من الحلول السياسية".

وأعرب جبر في حديثه للجزيرة نت، عن اعتقاده أن حديث رئيس الوزراء المصري عن ملامح هذه الخطة الاقتصادية أو المخطط السياسي، بدأ العمل عليه في عام 2014 وإزالة أحياء كاملة في مدينة رفح المصرية، وإنفاق مئات مليارات الجنيهات على مشروعات البنية التحتية في منطقة حدودية قليلة السكان.

ولم يستبعد جبر، الذي كان يرأس لجنة فض المنازعات في شمال سيناء، أن يكون الهدف هو فتح آفاق جديدة لسكان قطاع غزة للعمل في المناطق اللوجستية والتجارية والصناعية الجديدة، بعد تزويدها بمصانع ومنطقة تجارة حرة ومطار جوي دولي وميناء بحري كبير في العريش.

تهجير اقتصادي

بدوره، يقول السياسي المصري المعارض أيمن نور، إنه "منذ نكسة عام 1967، يمثل قطاع غزة عبئا كبيرا على الدولة العبرية لاعتبارات أمنية وسكانية، وفكرة التخلص من غزة لم تغب عن الإسرائيليين منذ ذلك الوقت عبر الحكومات المختلفة، بالتالي كل المشروعات التي طرحت في العقود الأخيرة كانت تبحث في هذه الفكرة، لكن التخلص من سكان غزة هو توجه ظهر في مرحلة لاحقة وأجهضته مصر في عهد الرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك".

وبشأن تقييمه للموقف المصري الحالي، أوضح نور في حديثه للجزيرة نت، أن الفكرة تبقى خطيرة رغم نفي السلطات المصرية القاطع عزمها قبول تهجير سكان غزة إلى سيناء، مضيفا "لكن يبقى هناك خطر التراجع عن هذا الموقف المعلن بوضوح، الخطر هو الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر".

ويرى نور أن التهجير والتوطين ليس بالضرورة أن يكون في سيناء، وقد يكون تهجيرا اقتصاديا وليس قسريا، مضيفا "ليس بضرورة أن يكون التهجير إلى خيام، هذا مفهوم غير دقيق، لكن التهجير يمكن أن يتم إلى مجتمعات، لو تصورنا أن المستهدف توطين مليون فلسطيني في مصر، يمكن أن يتم توزيعهم على 10 مدن جديدة، ولا أستبعد مشاركة دول عربية في هذا المشروع".

رفض مصري قاطع

ومنتصف الشهر الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده ترفض "تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير فلسطينيي قطاع غزة إلى سيناء، مشيرا إلى أن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر، سيتبعه تهجيرهم -أيضا- من الضفة الغربية إلى الأردن.

وأضاف السيسي أن "ما يحدث في غزة الآن ليس عملا ضد حماس، وإنما محاولة لدفع المدنيين إلى اللجوء والهجرة إلى مصر"، مؤكدا أن تصفية القضية الفلسطينية أمر "في غاية الخطورة"، وتابع مستنكرا "إذا كانت هناك فكرة للتهجير، فلِمَ لا يُنقل الفلسطينيون إلى النقب؟".

وفي وقت سابق، أوصت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غملائيل -في وثيقة داخلية- بخطة لتهجير سكان غزة إلى سيناء. وبحسب صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، فإن هذه الوثيقة تتضمن 3 مراحل: إنشاء مدن من خيام في سيناء جنوب غرب القطاع، وإنشاء ممر إنساني لمساعدة السكان، وبناء مدن في منطقة شمال سيناء. كما تدعو إلى إيجاد تعاون مع أكبر عدد ممكن من الدول حتى تتمكن من استقبال الفلسطينيين المهجرين من غزة.

الوثيقة الإسرائيلية سبقتها مذكرة أرسلها الرئيس الأميركي جو بايدن في 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلى مجلس النواب، باعتماد 106 مليارات دولار للتعامل مع "الآثار الإنسانية العالمية" للحرب في أوكرانيا وقطاع غزة. وتضمنت جزءا خاصا بعنوان "مساعدات الهجرة واللجوء"، طالب فيها بايدن بمبلغ إضافي قيمته 3.495 مليارات دولار، ليظل متاحا حتى لإنفاقه في تلبية الاحتياجات الإنسانية.

وحسب مذكرة بايدن فمن شأن هذه الموارد أن "تدعم المدنيين النازحين والمتضررين من النزاع، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية، وأن تلبي الاحتياجات المحتملة لسكان غزة الفارين إلى البلدان المجاورة".

وتركت هذه اللغة الغامضة الباب مفتوحا ليراها البعض استعدادا أميركيا لتوفير الموارد المالية التي تعكس خطط تهجير وتوطين سكان غزة خارج القطاع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة رئیس الوزراء شمال سیناء تهجیر سکان سکان غزة قطاع غزة غزة إلى

إقرأ أيضاً:

فيديو – "بدناش نموت" رسالة أطفال غزة إلى العالم بعد قصف إسرائيلي على خان يونس

قُتل 66 شخصًا منذ فجر الجمعة، بينهم ما يصل إلى 50 ضحية في ضربة واحدة استهدفت مبنى سكنيًا مكوّنًا من أربعة طوابق شمال قطاع غزة. اعلان

أظهرت مشاهد جديدة بثّتها وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" نقل عدد من المصابين، بينهم أطفال، إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، وذلك عقب قصف إسرائيلي استهدف منطقة قريبة من المستشفى.

ولم ترد حتى الآن تفاصيل إضافية حول عدد المصابين أو الضحايا الذين سقطوا جراء الهجوم، في وقت تتعرض فيه خان يونس لقصف مكثف خلال الأيام الأخيرة، تزامنًا مع صدور أوامر بإجلاء سكان المدينة التي تُعد ثاني أكبر مدن القطاع.

Relatedالحداد لا يتوقف في غزة.. عائلات تودّع أبناءها بعد غارات عنيفة على خان يونسهيئة البث الإسرائيلية: الجيش أدخل كل ألوية المشاة إلى غزة والعمليات تتركز على الشمال ومنطقة خان يونس

وتكثف إسرائيل منذ الخميس الماضي ضرباتها الجوية والبرية على مناطق مختلفة في قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى خلال أيام قليلة، بحسب تقارير إعلامية.

وقُتل 66 شخصًا منذ فجر الجمعة، بينهم ما يصل إلى 50 ضحية في ضربة واحدة استهدفت مبنى سكنيًا مكوّنًا من أربعة طوابق شمال قطاع غزة.

وتشير وزارة الصحة في غزة إلى أن عدد القتلى منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إثر هجوم حماس على جنوب إسرائيل قد بلغ نحو 53,800 شخص، فيما اقترب عدد الجرحى من 122,000، معظمهم من المدنيين.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • ضحايا العدوان المستمر.. ارتفاع عدد شهداء قطاع غزة إلى 53,939
  • الصين تعزيز علاقتها بإندونيسيا مع تصاعد التوتر التجاري مع أميركا
  • كابوس مستمر لأيام.. على سكان هذه المدينة التركية توخي الحذر!
  • الأونروا: ليس بمقدور سكان غزة انتظار دخول المساعدات.. الكارثة تتفاقم
  • فيديو – "بدناش نموت" رسالة أطفال غزة إلى العالم بعد قصف إسرائيلي على خان يونس
  • «مدبولي»: أنشأنا أكثر من مليون و 300 ألف وحدة إسكان اجتماعي
  • أونروا: سكان غزة يتعرضون لتجويع ممنهج.. ومئات الآلاف مهددون بالموت
  • الأمم المتحدة تكشف عن خطة مفصلة لديها لإغاثة سكان غزة
  • «سند» و«جنرال إلكتريك للطيران» تطلقان مبادرة لتنمية الكفاءات الوطنية في قطاع الطيران
  • توجيه قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء إلى شمال سيناء