الثورة نت:
2025-12-15@07:18:54 GMT

ضرورة  الوعي بطبيعة الصراع

تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT

لكل مرحلة من تاريخ المجتمعات مفاهيمها الخاصة التي تؤطر طريقة تفكير الأفراد والجماعات، وتحدد هوية وطبيعة العلاقات بينهم، ولا تكاد تقتصر جدلية الفكر واللغة على إنتاج مفاهيم جديدة تستجيب للتحولات التي تطرأ على علاقة الفكر بالأشياء وبالعالم بل تعمل على تحسين المحتوى العام للمفردات وتحسين المفاهيم في اتجاه توسيع المحتوى الدلالي أو تضييقه أو تعديله بشكل من الأشكال .

ولذلك نقول أن المعركة الثقافية اليوم لا تقل شأناً عن المعركة العسكرية ولا بد لنا من خوض غمارها بقدرة كبيرة من الوعي بمجالاتها حتى نحقق الانتصار الذي نرغب ما لم فنحن ندور في دوائر مفرغة لا قيمة لها في الواقع ولا أثر لها في المستقبل، فدوائر التطور متعددة وتشمل إلى جانب الدين العقل والفن ولا بد من التوازن بين الدوائر حتى لا تطغى دائرة على أخرى فيكون الصراع تعبيرا عن النقص لا استقرارا عبر توازن الكمال بينهم . وبالوقوف عند الإشكالية التاريخية نرى أنه من الضرورة بمكان قراءة التاريخ بمنهجية جدلية وبرؤية تفكيكية قادرة على بعث الروح في الذات المنهزمة فينا، كي تستعيد وعيها بمقوماتها التاريخية والحضارية، وبحيث تتمكن من تسجيل حضورها في العصر الحديث، بوعي أكثر تطلعاً وأكثر تقدماً واكثر انتاجاً، بعيداً عن روح الغنيمة والصحراء . فالبناء الجديد قد يتطلب هدماً في أحايين كثيرة حتى يكون البناء الجديد أكثر قوة وأكثر متانة في مقاومة عوامل الطبيعة وتطورات المراحل التاريخية . فاليمن لم تعد ذات قيمة وجدانية وثقافية في تصورات الناس، ولا تشكل عنصراً فاعلاً وقوياً في بيئة الانتماء والهوية الوطنية والحضارية والتاريخية، فقد رأينا خلال الأحداث التي عصفت بنا منذ 2011م وحتى هذه اللحظة التي نعيش فيها  كيف تعامل أبناء اليمن مع اليمن، فهو لم يتجاوز القيمة العددية.. ثمن بخس دراهم معدودات ومثل ذلك أمر دال على حالة نكوص وجدانية، وحالة شلل وتعطيل في البنية الوطنية، وفي نسيج الهوية والانتماء،  وهو نتاج عقود من الاستهداف والتدمير بأموال المترفين التي كانت وماتزال تتحرك في الجغرافيا اليمنية منطلقة من بعد ثقافي ,والتزام اخلاقي تجاه مقولة أو أثر أو وصية قيل إنها انطلقت من لسان أحدهم في لحظة تاريخية فارقة تحسباً أو توقعاً أو استسلاماً لحسابات فلكية،  بيد أن مثل ذلك لن يطول به الأمد،  فسنن الكون تقول إن المترف الذي تأخذه الأماني إلى أبعد مدى تكون عاقبته هي العظة التي تعظ الغافلين حتى يعودوا إلى رشدهم،  وهي الآية التي تعيد التوازن إلى حركة المجتمع وحركة الحياة،  فالله وصف نفسه بالعدل ومن العدل أن يعيد التوازن إلى حركة الحياة ولو مدَّ أهل الترف زمناً في طغيانهم يعمهون،  فالقضية هنا قضية جوهرية وهي ثابتة في صميم التجربة البشرية من حيث التمادي في الطغيان ومن حيث معالجة الانحراف بالعودة إلى التوازن الذي يريده الله تحقيقاً لخاصية العدل والمساواة،  والعبرة لمن يتعظ،  ولا أرى إلاّ أن مقادير الله كائنة في الزمن الذي نعيش حتى تتساوى موازينه،  وثمة رموز وإشارات يتحدث عنها الواقع تومئ إلى قادم جديد،  وإلى حالة أجد لا يكون الغرور حاضراً فيها بقدر الحضور الأمثل لإرادة الله في العدل وفي المساواة وفي الحياة الآمنة والمستقرة. ولعل المعادلة الوجودية التي فرضها الموقف اليمني من طوفان الأقصى  وموقف محور المقاومة على وجه العموم قد قال شيئا لمن كان بصيراً وهو  سيعيد ترتيب المشهد كما ينبغي أن يكون عليه، لا كما يحلو لأمريكا والصهيونية، ولعل العالم وقف مذهولاً أمام الضربات البالستية والمسيرة  اليمنية نصرة لأهلنا في غزة، فالأسد الجريح الذي يعاني من الجوع والحصار وقد أنهكته الحرب على مدى عقد من الزمان – وما تزال تراوح مكانها – يقف موقفا بطوليا خارقا للعادة حتى أوقع كل نظام عربي عميل في دائرة الحرج . لقد كان لقائد الثورة وقائد المسيرة القرآنية موقفا مبدئيا من القضية المركزية وكان قوله عند مستوى فعله وهو أمر لم يعهده الناس من كل قادة الأنظمة العربية في كل المراحل التاريخية في الصراع العربي الصهيوني مما يبعث الأمل بعودة  القضايا إلى نسقها الطبيعي، ولا أرى أمريكا ومن بعدها الصهيونية إلا في مراتب خيبة الأمل من أهداف العدوان على غزة وعلى عموم شعب فلسطين وفي المنطقة العربية على وجه العموم . لقد وصلنا إلى مرحلة تاريخية فاصلة لا بد لنا من الوقوف أمامها بقدر واعٍ من المسؤولية الأخلاقية والمعرفية، فالصراع اليوم لم يعد صراعا عاديا بل يستخدم سيل المعلومات للوصول إلى أهدافه، وقد تكون أهدافه هدم المفاهيم وتغيير المصطلحات وتفكيك النظم المعرفية حتى يصل الخصم إلى حالة التيه، ولذلك فالانتصار في مثل معارك اليوم يبدأ من خلال ضبط المفاهيم وتحديد أبعادها النفسية والأخلاقية والمعرفية فهي محك القيمة الفردية والمجتمعية ومحك المواطنة الحقة من غيرها، كما أن السلاح التقليدي لم يعد كافيا وحده في إدارة المعارك، فالفنون كما في الحالة التركية تدير مشروعا استعماريا توسعيا ناعما تستخدم الدراما فيه والسياسة والاقتصاد وها هي  تتمكن من تثبيت قدمها في العمق العربي بطرق ناعمة فهي تتواجد في جزيرة سواكن بالسودان دون أن تثير ضجيجا وتتواجد بقطر بغباء قادة الصحراء العربية وتتواجد بالبحر الأحمر والعربي برضى المجتمع الدولي، فالصراع اليوم ليس كما في أمسه فهو مختلف جدا، فالصراع والانتصار فيه يعتمد على قدرة الدول في توظيف الانفجار المعرفي بما يخدم مصالحها، ولذلك فبناء الفرد وتفجير قدراته وطاقاته من أهم الاستثمارات في هذا الزمن وذلك من خلال تحديد مفهوم الوطنية والمواطنة وفق قيم وأسس التطورات الحضارية الحديثة وبما يكفل مواطنا واعيا مستقرا نفسيا واجتماعيا من خلال توفر حاجاته البيولوجية الأساسية  ومن خلال شعوره بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وهي عوامل تعزز من الانتماء وتشد من العزائم لتفجير الطاقات بصورة إيجابية وليس سلبية .

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

مسلم أعزل ولا يمتلك خبرة في الأسلحة.. من هو الرجل الذي انتزع بندقية مطلق النار في هجوم سيدني؟

تصدى أحمد الأحمد، وهو صاحب محل فاكهة يبلغ من العمر 43 عامًا وأب لطفلين، لأحد المهاجمين خلال إطلاق النار على شاطئ بوندي الذي أسفر عن مقتل 12 شخصًا، إذ انتزع البندقية من مطلق النار ووجّهها نحوه، في خطوة أسهمت في إنقاذ أرواح الكثيرين.

الرجل الذي تصدّى لأحد منفّذي هجوم شاطئ بوندي ونزع سلاحه هو أحمد الأحمد، صاحب محل فاكهة يبلغ من العمر 43 عامًا.

اقترب أحمد، الذي يظهر في مقطع فيديو مرتديًا قميصًا أبيض، من أحد مطلقي النار الذي كان يحمل بندقية، فتصدى له وانتزع سلاحه، في تصرّف أسهم في إنقاذ حياة الكثيرين.

ثم وجّه السلاح الذي بات في حوزته نحو المهاجم، ما دفعه إلى التراجع باتجاه الجسر حيث كان مطلق النار الثاني متمركزًا. وفي لفتة جمعت بين الحذر والشجاعة، أسند أحمد البندقية إلى شجرة ورفع يديه، في إشارة على الأرجح إلى أنه لم يكن جزءًا من الهجوم.

وقد أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بما وصفه بـ"بطل شاطئ بوندي" خلال اجتماع حكومي عُقد في ديمونا، قائلًا: "لقد رأينا عملًا قام به رجل شجاع، وتبيّن أنه رجل مسلم شجاع، وأنا أحيّيه، إذ أوقف أحد هؤلاء الإرهابيين من قتل اليهود الأبرياء".

وأضاف نتنياهو أنه حذّر نظيره الأسترالي أنتوني ألبانيز من أن سياسات بلاده "تفاقم ظاهرة معاداة السامية".

Related تضامنًا مع سكان غزة.. الآلاف يتظاهرون على جسر سيدني هاربرأستراليا: قتلى وإصابات في إطلاق نار خلال احتفالات عيد الحانوكا في سيدنيالخيوط بدأت تتكشَّف.. ماذا نعرف عن هوية أحد منفذي الهجوم الدموي في سيدني؟

يمتلك أحمد الأحمد محل فاكهة في منطقة ساذرلاند شاير جنوب سيدني، ووفقًا لابن عمه مصطفى، الذي تحدث إلى وسائل الإعلام الأسترالية خارج المستشفى، فإن أحمد لا يملك أي خبرة في التعامل مع الأسلحة النارية، إذ كان موجودًا على شاطئ بوندي عند وقوع إطلاق النار وقرر التدخل.

خلال الصراع، أُصيب أحمد برصاص مطلق النار الثاني المتمركز على الجسر مرتين، إحداهما في ذراعه والأخرى في يده، ما استدعى خضوعه لعملية جراحية ليل الأحد. وقال مصطفى: "نأمل أن يكون بخير"، مضيفًا: "إنه بطل، مائة بالمائة".

وقع الهجوم قرابة الساعة 6:47 مساءً بالتوقيت المحلي في متنزه آرتشر بارك المجاور لشاطئ بوندي، خلال الاحتفال باليوم الأول من عيد الأنوار الذي شارك فيه نحو ألف شخص. وتحقق شرطة نيو ساوث ويلز في احتمال تورط مطلق نار ثالث في الحادث، فيما قُتل أحد المهاجمين بالرصاص، ولا يزال آخر في حالة حرجة.

وأشعل الحادث تفاعلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، مع تداول إشادات بقرار شخص فضّل، بحسب تعبير أحد المستخدمين، مواجهة الخطر بدل الفرار منه.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • أشاد به ترامب.. من هو أحمد الأحمد الذي انتزع بندقية أحد مهاجمي سيدني بأستراليا؟
  • مسلم أعزل ولا يمتلك خبرة في الأسلحة.. من هو الرجل الذي انتزع بندقية مطلق النار في هجوم سيدني؟
  • قناة عبرية: الموساد يشارك في التحقيق بالهجوم الذي وقع في أستراليا
  • من هو المسلم أحمد الأحمد الذي تشيد به الصحافة الأسترالية بعد حادث شاطئ سيدني؟
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بفلسطين تزيد من موجة العنف
  • «الوعي المدني.. درع المجتمع في مواجهة الشائعات» ندوة لمجمع إعلام القليوبية
  • نقيب الصاغة يحذر من العروض غير الموثوقة ويؤكد ضرورة الفاتورة الرسمية
  • نجا عدة مرات.. من هو رائد سعد الذي أعلنت “إسرائيل” اغتياله في غزة؟
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • ما الذي تم من تطوير بمستشفى قصر العيني وأهم التحديات؟..رئيس جامعة القاهرة يجيب