رسالة مقلقة من مسجد باريس.. الخطر يحدق بالمسلمين في فرنسا
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
بعث عميد المسجد الكبير بباريس، شمس الدين حافظ، مؤخرا برسالة إلى رئيس هيئة التنظيم السمعي البصري والرقمي (أركوم)، روك أوليفييه مايستر.
وأعرب عميد مسجد باريس عن قلق المسلمين المتزايد في فرنسا. بشأن تحرير الخطاب المناهض للمسلمين في وسائل الإعلام والتقليل من شأنه.
كما أعرب، في بيان صحفي صدر مؤخرًا، عن قلقه البالغ إزاء الانتشار التدريجي للخطاب العنصري والكراهية ضد المسلمين في فرنسا.
وقد أصبحت هذه الزيادة في الأفعال والخطابات التي تهاجم الجماعات والأفراد والممتلكات بسبب انتمائهم الديني مصدرا رئيسيا للقلق.
وأكد شمس الدين حافظ أن تجدد الخطاب المناهض للمسلمين يضر بشكل خطير بالتعايش الديني في فرنسا. وبالتالي يعرض استقرار البلاد للخطر.
وأمام هذا الوضع المثير للقلق، يدعو عميد المسجد الكبير في باريس السلطات العامة. إلى اتخاذ تدابير فورية لمكافحة هذا الاتجاه المثير للقلق. ومن الضروري حماية التماسك الاجتماعي ومنع تصعيد التوترات في وقت يتسم بالفعل بأحداث مأساوية في الشرق الأوسط.
كما يستنكر المسجد الكبير في باريس بعض التصريحات الفاضحة التي أدلت بها شخصيات سياسية وإعلامية.
ووفقا له، فإن هذه التصريحات تهدف إلى تشويه سمعة المواطنين المسلمين وإقصائهم من المجتمع.
رد فعل المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية (CFCM)كما تحدث المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM) أيضًا عن هذه القضية. من خلال إدانة تعليقات المحامي أرنو كلارسفلد.
وكان قد أشار إلى “أقلية مسلمة نشطة” مزعومة في مسائل معاداة السامية، الأمر الذي أثار ردود فعل قوية.
وتلقت هيئة تنظيم الوسائل السمعية والبصرية والرقمية (أركوم) تصريحات من أرنو كلارسفلد. بالإضافة إلى كاتب العمود باسكال بيري.
وكان الأخير قد ذكر على قناة LCI “معاداة السامية المزعومة” قبل أن يعتذر لاحقًا. يعد تدخل Arcom ضروريًا لضمان الامتثال للمعايير الأخلاقية في وسائل الإعلام.
وشدد شيخ المسجد الكبير في باريس في بيانه الصحفي. على أن وسائل الإعلام لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون ناقلة لمثل هذه التطورات السلبية.
وأضاف “إن تكاثر وتكرار وخطورة هذه التصريحات الفاضحة في بعض وسائل الإعلام. ومن قبل بعض الشخصيات الإعلامية، يتنافى مع القيم الأساسية لفرنسا، مثل حرية التعبير ومناقشة الرأي”.
وأخيرا، يحتفظ المسجد الكبير في باريس بالحق في تقديم شكوى ضد الشخصيات التي تدلي بمثل هذه التصريحات التشهيرية.
بالإضافة إلى ذلك، يدعو السلطة العليا إلى التصرف بشكل أكثر صرامة ضد هذه الانتهاكات غير المقبولة. من خلال فرض العقوبات المناسبة عليها لمنع تكرارها مرة أخرى.
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: وسائل الإعلام فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
«حين تتحدث إثيوبيا… يسقط القناع عن سدٍّ لا يملك من الصمود إلا صخب التصريحات»
من هروبٍ سياسي إلى فضيحة هندسية… كيف انكشف سدّ النهضة أمام أول اختبار جاد؟
يحدث أن يعلو ضجيج الدول حين يهبط منسوب قوتها، ويحدث أن يكثر الاتهام حين يضيق هامش الحقيقة. اليوم، تقف إثيوبيا على منبر من خشبٍ رخو، تصرخ في وجه القاهرة وتلقي الحجارة على النيل، بينما يتساقط الطين من بين أصابعها كاشفًا ما حاولت إخفاءه لسنوات: فشل إدارة أكبر مشروع مائي في القارة، وانهيار أسطورة “السيادة على النهر” أمام أول امتحان هندسي حقيقي.
المفارقة أن من يتهم مصر بزعزعة الاستقرار هو نفسه من فشل في ضبط بوابات سدّه، فاضطر إلى فتحها دفعة واحدة، فغرقت أراضٍ سودانية ولامست السيول الحدود المصرية… في مشهد كان كفيلًا بتعرية الرواية الإثيوبية من جذورها.
البيان الإثيوبي الأخير لا يعكس قوة، بل يفضح توترًا واضحًا. فمن يملك إدارة آمنة لأحد أكبر السدود في العالم لا يحتاج إلى اختراع “عدو خارجي”. وإثيوبيا تعرف جيدًا أن فتح بوابات السد بشكل متزامن - دون تنسيق مسبق مع دول المصب - ليس مجرد “إجراء طبيعي”، بل كارثة هندسية كشفت هشاشة الإدارة ونسفت ادعاء أن “السد آمن ولا يهدد أحدًا”.
تصعيد الخطاب ضد القاهرة محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن الأسئلة الحقيقية داخل إثيوبيا:
لماذا لم تعمل منظومة التحكم كما أعلنت أديس أبابا؟
لماذا غمرت المياه مساحات سودانية؟
ولماذا تبيّن أن التخزين تمّ من دون تقدير هيدرولوجي علمي؟
لأعوام، قدمت إثيوبيا نفسها كدولة تحسن إدارة النهر وتستغل مواردها بكفاءة، لكن الواقع أثبت عكس ذلك: المشروع الذي روّج له كرمز للنهضة بات مصدر قلق إقليمي لأن المسؤولين عنه لم ينجحوا حتى في التحكم في بواباته.
وحين تعجز دولة عن إدارة بوابات سدّ، كيف تطلب من مصر - التي يعيش شعبها كله على شريط مائي واحد - أن تطمئن إلى مستقبلها المائي بأنه “في أيدٍ آمنة”؟
منذ البداية، قالت مصر ما أثبتته الأحداث: غياب الدراسات الفنية كارثة، والتخزين الأحادي تهديد وجودي، والسد بلا اتفاق يجعل مياه النيل رهينة إرادة سياسية متقلبة وإدارة هندسية مرتبكة.
اليوم، لا تحتاج مصر إلى خطاب دفاعي، فالوقائع جاءت من داخل السد نفسه. الرواية المصرية كانت الأكثر واقعية، والأقرب إلى العلم، والأدق فهمًا لطبيعة النهر.
أما لماذا تصعّد إثيوبيا الآن؟
فلأن الخرطوم بدأت تسأل،
ولأن الداخل الإثيوبي المثقل بالصراعات يحتاج “عدوًا جاهزًا” يعلّق عليه إخفاقاته،
ولأن المجتمع الدولي بدأ يدرك أن التلاعب بنهر دولي لن يستمر بلا ثمن.
إثيوبيا تعرف أن فتح البوابات كشف المستور، وأن التوتر المائي قادم، وأن العالم لم يعد يصدق خطاب “السيادة على النهر” حين يكون المقابل غرق أراضٍ في دولتين مشاطئتين.
ما لا تدركه إثيوبيا أن مصر لا تُدار بردود فعل، بل باستراتيجية تراكمية: عمل سياسي ودبلوماسي متواصل، توثيق فني وبيئي، تحالفات دولية، وإدارة ملفّ المياه باعتباره الأمن القومي الأول.
مصر لا تهدد… لأنها لا تحتاج إلى التهديد.يكفي أنها تملك ورقة واحدة ثقيلة: الحق الطبيعي والتاريخي الذي يثبته العلم قبل السياسة.
لن تغيّر البيانات الحادة من حقيقة أن النيل نهر مشترك، ولا من ضرورة الاتفاق الملزم، ولا من أن استمرار التصرف الأحادي سيُعيد المنطقة إلى معادلة خطيرة لا يريدها أحد.
السؤال الذي يجب أن يُطرح في أديس أبابا:
هل تصلح السياسة بديلاً عن الهندسة؟
وهل تُدار أنهار الدول بالصراخ؟
وحتى يحدث ذلك، ستبقى مصر متمسكة بحقها، ثابتة في موقفها، واثقة من روايتها… لأن من يعرف قيمة النيل لا يُفرّط، ومن يعرف خطورته لا يغامر، ومن يعرف التاريخ يدرك أن الحضارات النهرية تنهار حين يُدار النهر بمنطق صبياني لا يليق بدول تزعم النهضة.
محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث في الجيوسياسة والصراعات الدولية