لندن- لا يستسلم المؤرخ الإسرائيلي المناهض للصهيونية آفي شلايم، لقراءة ما يحدث في فلسطين ابتداءً من السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بل يصر على أن ما حدث يجد جذوره منذ سنة 1967.

وفي حديث مع الجزيرة نت، يؤكد شلايم على أن الطريقة الوحيدة لفهم الحرب الإسرائيلية على غزة تتلخص في فهم السياق التاريخي، قبل أن يبين الأسباب التي تدفعه للاقتناع بأن هذه الحرب "لا معنى لها".

وأكد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "سانت أنطوني" التابعة لجامعة أكسفورد، أن مقاربة "الانتقام" التي تشتغل بها حكومة بنيامين نتنياهو "لن تؤدي إلى أي نتيجة"، مقدما توقعاته لمصير نتنياهو السياسي، وكذلك رؤيته للتعامل الغربي مع الحرب على قطاع غزة وأسباب الدعم المطلق لتل أبيب.

وينتمي المؤرخ والأكاديمي شلايم إلى نخبة المؤرخين الإسرائيليين الجدد الذين يعملون على إعادة قراءة نشأة إسرائيل، ومواجهة الروايات التي عملت على ترويجها، ويؤمن بأن إسرائيل بعد عام 1967 أصبحت قوة استعمارية وحشية مهمة جيشها حماية أمن الاحتلال، وهي تمارس نظام الفصل العنصري، وقد عبر عن أفكاره في كتبه ومنها "سياسة التقسيم" و"تاريخ موجز للحرب والسلام في الشرق الأوسط" (1995)، و"الجدار الحديدي: إسرائيل والعالم العربي" (2001).

سرب "صقر"؛ إحدى وحدات كتائب القسام التي شاركت في عملية طوفان الأقصى (مواقع التواصل) برأيك ما الأسباب الحقيقية التي تقف خلف الوضع الذي نعيشه؟

النقطة التي أريد التأكيد عليها هي أن هذا الصراع لم يبدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، الناس لا تسأل لماذا قامت حماس بهذا الهجوم، والجواب سنجده في السياق التاريخي، والجواب لكل ما يحدث هو في التاريخ، الذي يعود بنا لسنة 1967 تاريخ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.

يدّعي الإسرائيليون أنهم منحوا الفلسطينيين فرصة تحويل قطاع غزة إلى سنغافورة في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي لم يحدث، لقد حولوا قطاع غزة إلى سجن مفتوح.

والاهتمام الإعلامي انصب حول هجوم حماس. رغم أن رد الفعل الإسرائيلي في تقديري غير متكافئ إطلاقا. أنا أدين الأمرين معا، أدين هجوم حماس؛ لأنه استهدف مدنيين أيضا، وقتل المدنيين هو أمر خاطئ، لكن في المقابل، فإن رد الفعل الإسرائيلي كان قاسيا ووحشيا وغير متكافئ إطلاقا، ثم إن الانتقام ليس سياسة، ولا يعتبر حلا، وما تفعله إسرائيل هو إرهاب ترعاه الدولة، وهو أخطر بكثير من الهجوم على إسرائيل.

كيف تقيّمون تعامل نتنياهو والغرب مع هذه الحرب؟

أتوقع أن نتنياهو لن يتمكن من النجاة من الناحية السياسية، ثم هناك التعامل الغربي مع هذه الأزمة، الذي يطبعه النفاق وازدواجية المعايير.

وهناك مثال واضح على النفاق الغربي هو ما حدث في يناير (كانون الثاني) سنة 2006 عندما فازت حماس في انتخابات حرة وشفافة، لكن إسرائيل رفضت الاعتراف بحكومة حماس، وقرر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة دعم إسرائيل في قرارها، عبر فرض عقوبات اقتصادية من أجل إضعاف حماس وإجبارها على التخلي عن السلطة في غزة على نحو طوعي.

وفي سنة 2007 فرضت إسرائيل حصارا على قطاع غزة، وهذا الحصار غير قانوني وغير شرعي، لأنه يعتبر شكلا من أشكال العقاب الجماعي ضد المدنيين. والآن إسرائيل تتخذ خطوات أخطر شبيهة بالحصار في القرون الوسطى عندما تقول إنها ستمنع الماء والغذاء والأدوية والوقود عن أكثر من 2.3 مليون شخص في قطاع غزة.

وحتى الآن ما تزال القوى الغربية متحيزة تماما لطرف واحد، فهم من جهة يدينون حماس ويصفونها بالمنظمة الإرهابية، لكنهم في المقابل لا ينظرون إلى ردة الفعل الإسرائيلية، ولا يوجهون لها أي انتقاد، ولهذا فهم متواطئون في الهجوم على غزة وعلى المدنيين. عمليا لقد منحوا إسرائيل الضوء الأخضر للقيام بأبشع الأشياء عوض الدعوة إلى وقف إطلاق النار.


هل ما يحدث سيؤدي إلى مزيد من المواجهات والصراعات؟

يجب أن نسجل أن العداء اليهودي للعرب في إسرائيل لم يعد كما في السابق، بل تزايد على نحو ملحوظ خلال 20 سنة الماضية، منذ أن بدأت إسرائيل تتجه أكثر نحو اليمين من الناحية السياسية.

والحكومة الحالية التي فيها قوى من الصهيونية الدينية، هي أكثر حكومة يمينية متطرفة والأكثر شوفينية (تعصبا) وأكثر حكومة عنصرية في تاريخ إسرائيل، وكنتيجة للحرب الحالية في غزة، فإن الجمهور سينحو نحو اليمين أكثر، ويصبح أكثر عداء للعرب.

ما رأيك في محاولات إسكات كل الأصوات المنتقدة للاحتلال بدعوى معاداة السامية؟

إسرائيل وأصدقاؤها حول العالم يخلطون بين "معاداة السامية" ومعاداة الصهيونية، أنا أعرّف "معاداة السامية" بكونها كراهية اليهود فقط لأنهم يهود، وهذا أمر لا علاقة له بإسرائيل.

أما معاداة الصهيونية، فأمر مختلف تماما، فهو انتقاد ومعارضة الأيديولوجية الصهيونية، التي هي الأيديولوجية الرسمية لدولة إسرائيل، خصوصا فيما يتعلق بسياسات التعامل مع الفلسطينيين، من احتلال ونظام فصل عنصري "الأبارتايد"، والاستعمال القاسي والعنيف للقوة كما نعيشه هذه الأيام في غزة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

مسؤول إسرائيلي يكشف التفاصيل.. كيف سيخرج ألكسندر من غزة؟

نقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي كبير، الإثنين، أن حركة حماس لن تحصل على أي شيء مقابل إطلاق سراح الرهينة الأميركي عيدان ألكسندر ولا يوجد وقف لإطلاق النار.

وقال: "إذا وافقت حماس على خطة ويتكوف فسيتم تأجيل توسيع نطاق الحرب لتنفيذ الصفقة وإطلاق سراح رهائننا".

وأوضح المسؤول الإسرائيلي: "المفاوضات بشأن خطة ويتكوف الأصلية التي وافقت عليها إسرائيل ستستمر تحت وطأة القصف".

وذكر أنه "لضمان إطلاق سراح عيدان ألكسندر سيتم إنشاء ممر آمن لإخراجه من قطاع غزة وهذا يعني أن إسرائيل ستطبق وقف إطلاق نار مؤقت في مناطق معينة من قطاع غزة".

إعلان حماس

وفي وقت سابق، أعلنت حركة حماس أن عيدان ألكسندر، آخر رهينة أميركي على قيد الحياة في غزة، سيتم إطلاق سراحه كجزء من جهود وقف إطلاق النار وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية.

ولم يحدد البيان الذي أصدرته حماس، مساء الأحد، موعد إطلاق سراح الرهينة.

ويأتي الإعلان قبل زيارة ترامب للشرق الأوسط هذا الأسبوع. ولا يعتزم ترامب زيارة إسرائيل.

يذكر أن ألكسندر هو جندي إسرائيلي أميركي نشأ في الولايات المتحدة وتم اختطافه من قاعدته خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أشعل فتيل الحرب في غزة.

وكانت حكومة نتنياهو قد شعرت بالغضب بسبب المحادثات الأميركية المباشرة مع حماس في وقت سابق من العام الجاري.

وقال خليل الحية، أحد قادة حماس في غزة، إن الحركة كانت على اتصال مع الإدارة الأميركية خلال الأيام القليلة الماضية.

وأضاف الحية في بيان أن حماس مستعدة "للشروع الفوري في مفاوضات مكثفة للتوصل إلى اتفاق نهائي يشمل وقف الحرب وتبادل الأسرى إلى جانب إدارة قطاع غزة من قبل جهة مهنية مستقلة، تضمن الهدوء والاستقرار لسنوات طويلة، والإعمار وإنهاء الحصار".

مقالات مشابهة

  • الشرع لترامب: سوريا جسر للتجارة بين الشرق والغرب.. ونرحب باستثماراتكم في قطاع الطاقة
  • ترامب: علاقات الولايات المتحدة مع دول الخليج مفيدة لإسرائيل
  • وصول تسعة أسرى فلسطينيين إلى قطاع غزة بعد أن قضوا 19 شهرا في سجون إسرائيل
  • نتنياهو: إسرائيل ستظل تسيطر على غزة إلى الأبد ونستعد لتصعيد شامل إذا فشلت المفاوضات
  • إسرائيل.. أكثر من 550 مسؤولا سابقا يطالبون ترامب بإنهاء حرب غزة
  • لوبوان: إسرائيل عالقة في فخّ غزة الذي نصبه يحيى السنوار
  • آخرها عيدان ألكسندر.. صفقات غير مصير الحرب في قطاع غزة
  • من هو عيدان ألكسندر الجندي الأميركي الذي أسرته المقاومة بغزة؟
  • إسرائيل تقصف مدرسة بنات بغزة بعد ساعات من وصف ترامب الحرب بـالوحشية
  • مسؤول إسرائيلي يكشف التفاصيل.. كيف سيخرج ألكسندر من غزة؟