مع تزايد أعداد القتلى والمصابين في قطاع غزة جراء انتهاكات كيان الاحتلال الإسرائيلي والذي وصل إلى ما يقرب من 9 آلاف شهيد، وأكثر من 32 ألف مصاب بعد مرور أكثر من شهر على بدء الحرب منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر، تتواصل الجهود المصرية القطرية لوقف التصعيد في قطاع غزة والتوصل إلى هدنة إنسانية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع، يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمسكه بموقفه الرافض لوقف إطلاق النار في غزة، على الرغم من الضغوط الأمريكية للقبول بالهدنة لإخراج الرهائن الامريكين المحتجزين لدى "حماس" منذ بدء عملية الطوفان.


وحول أسباب الرفض الإسرائيلي للموافقة على هدنة إنسانية في غزة، واستمرار عمليات القصف على قطاع غزة، وخاصةً عقب دعم الولايات المتحدة الأمريكية للهدنة، هو ما أوضحه خبراء في الشأن السياسي وأساتذة العلوم السياسية.

 

حيث قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، الخبير في شئون الشرق الأوسط، إن هناك ضغوط مصرية أمريكية قطرية في اتجاه الوصول إلى هدنة لتخفيف حدة الصراع في قطاع غزة، بهدف الضغط على إسرائيل للقبول بهدنة إنسانية مرحلية للوصول إلى هدنة دائمة.

 

الكرة في الملعب الإسرائيلي


وأضاف في تصريح خاص لـ "الفجر"، قائلًا: الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، لافتًا إلى أن رئيس الموساد ورئيس المخابرات المركزية كانوا قد تواجدوا في قطر، وهناك اتصالات مكثفة في إطار قبول إسرائيل بالهدنة المؤقتة، لافتًا إلى أن الهدنة الإنسانية هي خطوة أولية سيتم البناء عليها في إطار إقناع إسرائيل بضرورة وقف إطلاق النار وبداية مرحلة جديدة.



وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى وجود وفد حماس في القاهرة رسالة مهمة بأنها تتجاوب بصورة كبيرة نتيجة للأوضاع في قطاع غزة، موضحًا أن المفاوضات لإطالة مدة الهدنة، وإدخال المساعدات الإنسانية، وأعمال الإغاثة، ومن الممكن أن تزيد فيما بعد إذا تم تثبيتها فيما يعرف بـ "تثبيت الهدنة" لتصل إلى ١٢ ساعة بدلا من ٦ ساعات ومن ١٢ إلى ٢٠ ساعة حتى تصل إلى يوم كامل، وذلك في حالة إذا تماشت إسرائيل مع هذا الطرح نتيجة الضغوطات الأمريكية.

 

وتابع قائلًا: إن ظهور "ويليام بيرنز" مدير المخابرات المركزية في المنطقة، وهو شخصية معروفة ولديه القدرة على الحوار بخلاف وزير الخارجية الأمريكي" أنتوني بيلنكن"، كما أنه ليس مدير مخابرات فقط وإنما رجل أمني محترف من الطراز الأول، يعني إتمام الهدنة، بالإضافة إلى أن لقاءه مع رئيس الموساد يعني أن الموضوع أصبح أمنيًا، وهذا هو الهدف الأساسي.


الضغوطات الأمريكية هي الحاسمة


واستكمل الدكتور طارق فهمي، قائلا: إسرائيل الآن في وضع سيئ، والضغوطات الأمريكية هى التي ستحسم الرفض أو القبول بإتمام الهدنة، وذلك لأن إسرائيل لا أحد يضمنها، وإنما أمريكا هي التي سوف تضمن إسرائيل في هذا الإطار.

 

وحول تصريحات متحدث الجيش الإسرائيلي، والذي قال فيها إن حماس فقدت السيطرة على شمال قطاع غزة، وأنه سيتم السماح إنسانية للسماح للمدنيين بالتحرك جنوبًا، قال الدكتور طارق فهمي، لا أحد يعرف حتى اليوم ماذا ستفعل إسرائيل في المناطق الشمالية في قطاع غزة، لافتًا إلى أن ما يحدث الآن هو أن إسرائيل تريد عمل مناطق معقمة في الشمال وعمل منطقة عازلة، ولكنها لم تستطيع فعل ذلك حتى الآن.

 

مدينة غزة هيا المستهدفة لوجود المقاومة بها

 

وتابع قائلا: إسرائيل تقاتل في قلب مدينة غزة، ومدينة غزة هي القطاع وقد وصلت قوات إسرائيلية لقلب المدينة الآن، وهذا يعني أنها تقدمت حيث أن مدينة غزة هي القطاع نفسه، ومدينة غزة هي المستهدفة في الأساس وذلك لوجود المقاومة والأنفاق بها، مستطردا: المؤكد أن إسرائيل وصلت إلى قلب مدينة غزة، والحرب الآن في المدينة نفسها وليس القطاع، وذلك لأن القطاع كبير.

 

هزيمة لـ "نتنياهو" وانتصار للمقاومة الفلسطينية


فيما أوضح اللواء رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن أي استجابة من جانب إسرائيل لأي قرارات تتعلق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة هو بمثابة هزيمة لـ "نتنياهو" وانتصار للمقاومة الإسلامية حماس وكتائب عز الدين القسام، وهذا هو السبب الرئيسي في الرفض الإسرائيلي من الموافقة على هدنة إنسانية في غزة.


وأضاف في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن إسرائيل تماطل في القبول بذلك لحين تحقيق أي نجاحات عسكرية، حيث أن ما تم تحقيقه حتى الآن من قتل للأطفال والنساء والمدنيين العُزل واستهداف المنشآت الصحية في قطاع غزة ليست سوى نجاحات سياسية في محاولة من رئيس الوزراء " بنيامين نتنياهو" لإرضاء الشارع الإسرائيلي.

 

وأردف قائلًا: إسرائيل تغطي على فشلها في تحقيق أي تقدم داخل قطاع غزة باستهداف المدنيين في محاولة لإضعاف الجبهة الفلسطينية والضغط على حماس، لافتًا إلى أن نتنياهو يحاول أن يعبر من الأزمة التي حلت بإسرائيل إلى بر الأمان، في محاولة منه لإثبات عدم التقصير فيما تم خلال عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وبالتالي لن يقبل بأي مفاوضات للتسوية إلا بعد تحقيق إنجاز يُذكر على الأرض.

 

موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية


وحول موقف مصر في الوصول إلى الهدنة ودعمها للقضية الفلسطينية، قال اللواء رضا فرحات، إن مصر بدبلوماسيتها ومع الدول الأخرى نجحت إلى حد كبير في الضغط على المجتمع الدولي، فقد رأينا تغيير في لهجة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" خلال قمة باريس، فبعد أن كان رافضًا لوقف إطلاق النار أصبح يتحدث عن إدخال المساعدات، وكذلك تغير موقف الإدارة الأمريكية والأوروبي، مؤكدًا أن ما تم من دبلوماسية قوية وقرارات من جانب مصر عبرت عن موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية، وأن مصر لم تتأخر دوما عن مساندة القضية الفلسطينية.

 

تغيير لغة الخطاب الأوروبي الغربي

وأشار إلى أن مصر تبحث في الموضوع بشكل متريث بما يحقق مصالح الشعب الفلسطيني، وأنها لن تتقاعس عن اتخاذ أي إجراء تراه مناسبا في دعم القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الدبلوماسية المصرية نجحت في تغيير لغة الخطاب الأوروبي الغربي، خاصة بعد دعوة مصر لقمة القاهرة الإقليمية الدولية، والتي كان لها دورًا كبيرًا في إعادة وضع القضية الفلسطينية على طاولة المفاوضات وتوجيه نظر العالم إليها، والتحرك الذي تم من المجموعة العربية في مجلس الأمن، ثم الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتغيير في لغة الخطاب الأمريكي، فبعد أن كان الحديث عن أن إسرائيل لها الحق في كل شئ أصبحت أمريكا تتحدث عن مناشدة إسرائيل في احترام القواعد العسكرية وعدم الاعتداء على المدنيين، الأمر الذي يؤكد نجاح الدبلوماسية المصرية والعربية في الضغط على أمريكا والدول الغربية والاتحاد الأوروبي.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: غزة فلسطين اسرائيل قصف غزة الاحتلال الهدنة مصر العلوم السیاسیة هدنة إنسانیة إطلاق النار فی قطاع غزة أن إسرائیل موقف مصر فی غزة

إقرأ أيضاً:

أكاديمي سعودي: إسرائيل ترفض السلام وتحتكر النووي بدعم غربي

اعتبر الدكتور خالد الدخيل، أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السعودية، أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة، بل في العالم، التي ترفض صراحة خيار السلام، ولم تتقدم بمبادرة واحدة منذ تأسيسها عام 1948، رغم رفضها الموثّق لأربع مبادرات سلام عربية صدرت عن قمم رسمية متعاقبة.

وقال الدخيل في سلسلة تدوينات ناقدة عبر حسابه على منصة "إكس"، إن الخطاب الإسرائيلي بشأن "الحرص على السلام" لا يعدو كونه واجهة دعائية، متسائلًا عن سبب تجاهل تل أبيب، ومعها واشنطن والغرب، لمبدأ نزع السلاح النووي الشامل في المنطقة، والإصرار على استثناء إسرائيل من أي التزامات بهذا الشأن.

تذكر دائما أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة، بل في العالم، التي ترفض فكرة السلام .. وخيار السلام. على العكس تماما مما تردده قيادات إسرائيل وإعلامها. رفضت أربع مبادرات سلام عربية صادقت عليها أربع قمم عربية. ولم تتقدم إسرائيل منذ إنشائها حتى هذه اللحظة بمبادرة سلام واحدة… — خالد الدخيل (@kdriyadh) June 15, 2025

"إسرائيل أكثر دولة استخدمت الحرب وادّعت السعي للسلام"

وشكّك الدخيل في الدوافع الحقيقية للسياسات الإسرائيلية، قائلًا: "ظلت إسرائيل منذ 1948 تدّعي أنها دولة صغيرة الحجم جغرافيًا وديمغرافيًا، وأنها تميل للسلام... لكن لماذا إذن رفضت أربع مبادرات سلام عربية؟ ولماذا لم تقدم حتى الآن مبادرة واحدة؟"

وأشار إلى أن تل أبيب تعمد إلى استخدام القوة كأداة أساسية للسيطرة الإقليمية، ما يتناقض تمامًا مع مزاعمها المتكررة حول "التوجه السلمي"، مؤكدًا أنها "أكثر دولة في المنطقة استخدمت الحرب كوسيلة للنفوذ والهيمنة".

إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي ترفض فكرة وخيار السلام في الشرق الأوسط. منذ تأسيسها سنة ١٩٤٨ لم تتقدم بمبادرة سلام واحدة حتى هذه اللحظة. رفضت جميع مبادرات السلام العربية الأربع منذ مبادرة السلام العربية في قمة الرباط حتى قمة بيروت العربية عام ٢٠٠٢ وما تلا ذلك. بعبارة أخرى، إسرائيل… — خالد الدخيل (@kdriyadh) June 15, 2025

إسرائيل ترفض السلام لأنها ترفض فلسطين

وحول أسباب الرفض الإسرائيلي المتكرر لأي خيار سلمي حقيقي، قال الدكتور الدخيل إن إسرائيل ترفض حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم من الأساس، وترى أن "وقت الإفصاح عن مفهومها للسلام لم يحن بعد"، معتبرًا أن هذا يعني عمليًا "أن طموحاتها التوسعية لم تكتمل بعد".

وأضاف: "إسرائيل لا ترفض فقط المبادرات العربية، بل ترفض تقديم مبادرة تمثل موقفها بوضوح، لأنها تدرك أن الكشف عن هذا المفهوم سيفضح طبيعتها كدولة احتلال ورفض".

عن السلاح النووي.. لماذا يُسمح لإسرائيل فقط؟

وفي تغريدة لافتة، تساءل الدخيل عن ازدواجية المعايير الغربية في ملف التسلح النووي، قائلًا: "الولايات المتحدة والغرب لا يقبلون سلاحًا نوويًا في المنطقة إلا لدى إسرائيل؟ وبكل صفاقة يجاهرون بذلك."

وانتقد بشدة المنطق الغربي الذي يربط الأمن بالاحتكار النووي الإسرائيلي، داعيًا إلى إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط بلا استثناء لأي دولة.

لماذا ترفض إسرائيل خيار السلام في المنطقة؟ لأنها أولا ترفض حق الفلسطينيين في دولة لهم في فلسطين. ثانيا ترفض خيار السلام المطروح عربيا ودوليا لأنها لا تريد الإفصاح عن مفهومها للسلام. ترى أن وقت الإفصاح عن هذا الخيار والمفهوم للسلام في المنطقة لم يحن بعد!! لماذا لم يحن؟ لأن طموحات… — خالد الدخيل (@kdriyadh) June 15, 2025

الضعف العربي سبب العدوانية الإسرائيلية

واعتبر الدكتور الدخيل أن السياسة الخارجية العدوانية لإسرائيل تجد أساسها في الضعف البنيوي السياسي والعسكري لدى الدول العربية، مشيرًا إلى أن هذا الضعف دفع العرب إلى الركون لموازين القوى المفروضة، دون أي محاولة جادة لتغيير قواعد اللعبة.

كما انتقد استمرار الدعم الغربي "اللامحدود" لإسرائيل، سياسيًا وعسكريًا، دون أي التزامات بالمحاسبة أو التوازن في السياسات، مؤكدًا أن ذلك الدعم هو الركيزة الأساسية التي تمنح تل أبيب القدرة على تجاوز القانون الدولي دون تكلفة.

دعوة لمواجهة منطق الاحتلال بالقوة والمنطق معًا

واختتم الدخيل تحليلاته بالتأكيد على أن الاستمرار في تكرار مقولات السلام دون مساءلة الطرف الذي يرفضه، يعيد إنتاج الفشل، داعيًا الدول العربية إلى موقف سياسي موحد يربط بين السلام الحقيقي وحقوق الشعوب، وبين نزع السلاح والعدالة، لا الاحتلال والتفوق المفروض.


مقالات مشابهة

  • لماذا اختارت إسرائيل ضرب إيران الآن؟
  • أكاديمي سعودي: إسرائيل ترفض السلام وتحتكر النووي بدعم غربي
  • مخاوف من أزمة كهرباء بالأردن بعد توقف حقل لفيتان الإسرائيلي
  • لليوم الثاني على التوالي.. المقاومة الفلسطينية تنفذ كمينا مركبا للاحتلال في غزة
  • الديهي: مصر ترفض بشكل قاطع أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو التهجير
  • “حماس” تنفي محاولة اغتيال خليل الحية
  • كمين معقد لكتائب القسام في خان يونس يسفر عن قتـ.ـلى وجرحى في صفوف الاحتلال
  • إعلام غربي: طهران لم تتوقع شدة الهجوم الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر
  • عضو بالشيوخ: بيان الخارجية يعكس الثوابت المصرية في الدفاع عن القضية الفلسطينية
  • لماذا يصعب على الاحتلال تدمير مفاعلات إيران النووية؟