“اكتشاف نادر” في حوض امرأة مصرية قديمة!
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
مصر – زعم باحثون أنهم عثروا على ورم نادر من أنسجة متكلسة كالأسنان، في حوض امرأة مصرية قديمة، توفيت منذ أكثر من 3000 عام.
وتم اكتشاف الورم، المعروف باسم الورم المسخي، إلى جانب حلقة ربما كان يعتقد أن لها قوى سحرية ضد الألم.
وفي البداية، اعتقدت المشرفة على الموقع وعالمة الآثار، ميليندا كينغ ويتزل، أنها عثرت على جنين من زمن الفراعنة المصريين.
وتبدو الكتلة المكتشفة وكأنها متكلسة من أنسجة غير منظمة ومكتملة التكوين، مثل العظام والأسنان. ويبلغ حجمها حوالي 3×2 سم (0.8 × 1.2 بوصة) ويعود تاريخها إلى منتصف القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
وقالت أستاذة علم الآثار الحيوية بجامعة جنوب إلينوي كاربونديل، غريتشن دابس، إن الاكتشاف في مقبرة العمارنة بالصحراء الشمالية، يمكن أن يسلط الضوء على كيفية تعامل المصريين القدماء مع المرض.
وتعود الرفات إلى امرأة توفيت وعمرها يتراوح بين 18 و21 عاما، وفقا لدراسة الحالة التي نشرت في المجلة الدولية لعلم الأمراض القديمة.
ولم يُحدد سبب الوفاة، بحسب دابس، ومع ذلك، ربما كانت تعاني من الألم الناتج عن الورم المسخي في المبيضين، وهو نوع نادر جدا من الأورام التي لا تزال تحدث حتى اليوم. ويتكون من نوع من الخلايا التي يمكن أن تتحول أحيانا تلقائيا إلى أجزاء أخرى من الجسم، ما يعني أنها يمكن أن تنبت شعرا أو أسنانا أو عظاما أو عضلات.
وتكون الأورام حميدة في الغالب، ولكنها قد تسبب أحيانا الألم ومشاكل في الحمل.
ودُفنت الشابة المصرية بخواتم في يدها اليسرى وضعت فوق الورم. إلا أن إحدى الخواتم يحمل رموز “بيس”، وهو إله يرتبط عادة بالولادة والخصوبة والحماية.
وعلى الرغم من أن الورم المسخي قد يبدو غريبا، إلا أنه يمكن أن يكون اكتشافا نادرا بالنسبة لعالم الآثار. وتتكون معظم الأورام من مواد طرية، لذا ما لم يتم الحفاظ على الجسم، فإنها تميل إلى الاختفاء بمرور الوقت.
لكن يمكن التعرف بسهولة على العظام والأسنان الغريبة للأورام المسخية حتى بعد مرور 3000 عام.
وهذه هي الحالة الخامسة فقط من ورم مسخي مبيضي ناضج يتم العثور عليه في موقع أثري، وأول حالة قديمة يتم العثور عليها في مصر.
وهذا قد يخبرنا كيف تعاملت النخبة، التي كان بإمكانها الوصول إلى هذا النوع من العلاج المتطور، مع المرض.
لكن هذه الشابة دُفنت في مقبرة متواضعة إلى حد ما.
وكانت العمارنة مدينة مأهولة بالسكان لمدة 15 إلى 20 عاما فقط لدعم عبادة الفرعون أخناتون لإله الشمس آتون. ومن المحتمل أن سكان المدينة لم يكونوا أثرياء. وقالت دابس إن قصر قامتهم إلى حد ما، على سبيل المثال، يشير إلى أنهم واجهوا المجاعة بشكل منتظم.
وأضافت أن إجراء المزيد من الفحوصات للرفات قد يكشف عن سبب وفاة هذه الشابة وربما هويتها.
المصدر: بيزنس إنسايدر
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
الجمهور.. شريك في الألم لا في القرار
سعيد المالكي
في كل مرة يُكرّر فيها منتخبنا الأول لكرة القدم فنّ الإخفاق، تمتلئ المنصات بالتذمّر، وتعلو الأصوات، وتشتعل التحليلات الغاضبة. جمهورٌ موجوع، لا شك، وحزنُه في حقيقته ليس غضبًا بقدر ما هو حبّ للوطن، ورغبة صادقة في أن يراه في المكانة التي يستحقها. لكن، هل تكفي العاطفة وحدها لصناعة الإنجازات؟
يبدو أنَّ هناك من ما يزالون يعتقدون أن النجاح يُستحضر كما تُستحضر الأسماء: نجمع مجموعة ممن يلعبون كرة قدم، نُطلق عليهم "منتخبًا وطنيًا"، نُحيطهم بطاقم تدريبي، ونُنشئ لجانًا واتحادًا، ثم ننتظر الميداليات وكأنها ستسقط من السماء. والحقيقة المؤلمة أن الإنجازات لا تُولد من الاجتماعات، ولا من الشعارات، ولا من البيانات الختامية.
الإنجاز الرياضي، كغيره من الإنجازات، يحتاج إلى عمل حقيقي، احترافي، طويل النفس، يُبنى من القاعدة لا من المنصّة. يحتاج إلى تخطيط، وتأهيل، ومحاسبة، واستمرارية، لا إلى صراعات انتخابية محتدمة على كرسي الرئاسة، تُدار أحيانًا خلف الكواليس أكثر مما تُدار في الملعب. صراعاتٌ يعلم الجميع أنها، في كثير من الأحيان، لا تحركها الرغبة في خدمة الرياضة بقدر ما يُشعلها بريق المناصب وما يرافقه من وجاهة وظهور. لسنا بصدد التعميم، أو الإشارة إلى شخصٍ بعينه، فالمخلصون كُثرٌ بلا شك، لكن المشهد العام لا يوحي بأنَّهم أصحاب القرار في معظم الأحيان.
ولا ننكر أن جيلًا قد تألق فيما مضى لفترة مرّت كأنها حلم، لم يُكتب له أن يحقق أكثر من كأس الخليج، ومع ذلك ظلّ ذلك التتويج متوهّجًا في الذاكرة، لا لأنه كان عظيمًا بحد ذاته بقدر ما كان وعدًا بما يمكن أن نكون عليه. لكن الأدهى أننا عجزنا بعده عن تكرار التجربة، أو حتى المحافظة على مجموعة أو جيل يشبهه، ويبدو -للأسف- أنه لن يتكرر في المدى المنظور. بالتالي: هل كان ذلك التألق مجرّد "غلطة غير مقصودة" من الزمن؟ أم أن المسؤولين آنذاك كانوا أكثر وعيًا، وأفضل تخطيطًا، وأقرب إلى صناعة المنتخب كمشروع لا كمناسبة؟
وإذا ما نظرنا إلى ما يحدث على أرض الواقع اليوم، فإن طبيعة العمل نفسها لا تشير -في كثير من الأحيان- إلى أن الهدف الحقيقي هو المنافسة الجادة وصناعة الألقاب، بقدر ما توحي بأن الغاية لا تتجاوز حدود المشاركة "لإبراء الذمة"، وربما الترفيه، وكأن الحضور بحد ذاته أصبح إنجازًا يُكتفى به، بغضّ النظر عمّا تحمله النتائج من خيبات.
ويبدو أن النظرة السائدة ما زالت تختزل الرياضة في كونها مجرّد نشاط ترفيهي، في وقتٍ تحوّلت فيه -لدى كثير من الدول- إلى صناعة متكاملة، واقتصاد ضخم، وتجارة مربحة تُدر مليارات. نعم، تلك الدول تنفق كثيرًا على الرياضة، لكنها تجني أضعاف ما تنفقه عبر الاستثمار، والرعايات، وحقوق البث التلفزيوني، وصناعة النجوم، وتحريك السياحة، وبناء الصورة الذهنية للدولة. ما يُصرف هناك يُعد استثمارًا بعائد، لا تبذيرًا بلا مردود كما قد نتصوّر.
أما نحن، فنقف في المنتصف: لا نعامل الرياضة كصناعة تُدار بعقلية السوق والاستثمار، ولا نديرها كرسالة وطنية ذات مشروع طويل المدى.
الإنجاز الوحيد الذي يبدو أنه يتحقق بدقة وانتظام في كل محفل رياضي، هو سباق المسؤولين نحو السفر، وحجز المقاعد في المنصّات، والصور التذكارية، والظهور الإعلامي. مشاركة محسوبة، نعم، لكنها، في كثير من الأحيان، تبدو وكأنها الغاية لا الوسيلة. يعود المنتخب بخيبة، وتعود الحقائب ممتلئة بالصور، وتعود البيانات الرسمية بلغة مطمئنة لا تُطمئن أحدًا.
في المقابل، يعود الجمهور إلى بيته مُحبطًا، ويبدأ استعدادُه النفسي للدورة القادمة من الخيبة، متسلحًا بالأمل من جهة، وبالشك من جهة أخرى.
لستُ في موقع تقديم نصائح فنية أو الدخول في الجوانب المتخصصة، فذلك ميدان أهل الخبرة. إنما هو حديث يخرج من موقع المتابع المحب، الذي يتابع المشهد منذ زمن طويل ويقرأ انعكاساته. والمقصود منه، قبل كل شيء، هو التخفيف على الجمهور الذي يعيش ضغطًا نفسيًا نابعًا من حبه لفرقه وبلده، لا إصدار أحكام ولا توزيع اتهامات، بل توصيف لواقع يراه الجميع ويتكرر.
الجمهور الكريم، باستمرار هذا النهج، قد لا تجنون سوى حرق الأعصاب، واستنزاف المشاعر. وربما -من باب الحفاظ على صحتكم النفسية- عليكم أن تُشاهدوا مشاركات منتخباتكم كما هي: مشاركات لا منافسات، حضورًا لا صراع ألقاب، متابعة بلا سقفٍ من التوقعات، حتى لا تتحول كل بطولة إلى موعد جديد مع الإحباط.
وهنا لا أتحدث عن عدم تقبّل الخسارة في أي منافسة، فالخسارة جزء طبيعي من الرياضة ووجهٌ آخر للفوز، لكنني أتحدث عن واقعٍ أخطر من ذلك: غياب توقّع الفوز أصلًا، ويُضاف إلى ذلك أن الأداء في كثير من الأحيان لا يوحي بإتقانٍ يُبنى عليه الأمل، فتجتمع الخسارة مع تدنّي المستوى، ويصبح الإخفاق مضاعف الأثر، وكأنَّ الدخول للمنافسات بات إجراءً شكليًا لا مشروعًا تنافسيًا.
متى نبدأ بصناعة الإنجاز من حيث يُصنع فعلًا، لا من حيث يُصوَّر؟ ومتى نكفّ عن التعامل مع الرياضة بوصفها مناسبة موسمية، ونبدأ في إدارتها كمشروع وطني طويل الأمد، تُحاسَب فيه الإدارات قبل اللاعبين، وتُقاس فيه النتائج بسنوات العمل لا بعدد السفرات؟
الجمهور مُنهَك نعم، لكنه لا يحلم بمعجزات. يريد فقط أن يرى طريقًا واضحًا، يُفضي يومًا ما إلى إنجازٍ مستحق، لا إلى عذرٍ متكرر.