الصوت مقابل الموقف من حرب غزة.. حملة تستهدف البرلمانيين البريطانيين
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
لندن- أطلقت عدد من المؤسسات المدنية والناشطين الحقوقيين في بريطانيا حملة باسم "لا وقف لإطلاق النار لا تصويت" تهدف إلى الضغط على البرلمانيين من أجل دعم وقف إطلاق النار في غزة، وذلك من خلال توجيه مواطنين بريطانيين رسالة إلى البرلمانيين لإخبارهم أنه في حال لم يعلنوا تأييدهم وقف إطلاق النار فإنهم لن يحصلوا على أصواتهم.
وبدأ الآلاف من البريطانيين بالمشاركة في هذه الحملة التي أطلقتها مؤسسة "أصدقاء الأقصى"، لإرسال أكبر عدد من الرسائل إلى البرلمانيين قبل جلسة بعد غد الخميس في البرلمان لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة.
وبالفعل، فقد نجح عدد من البريطانيين من أصول فلسطينية أو عربية في جذب لفت نظر البرلمانيين في منطقتهم، وحصلوا منهم على وعود بنقل مطالبهم إلى قيادة حزبي العمال والمحافظين.
حملة للضغطبكثير من الرضا يتحدث رئيس مؤسسة "أصدقاء الأقصى" البريطانية إسماعيل باتيل عن حجم التجاوب مع حملة "لا وقف لإطلاق النار لا تصويت"، ذلك أنه "خلال يومين فقط من إطلاق الحملة تجاوب معها عشرات الآلاف من البريطانيين، و"نتوقع أن يرتفع العدد خلال هذا الأسبوع، وهي حملة مهمة، لأننا مقبلون على انتخابات عامة خلال العام المقبل، وكل نائب سيخشى خسارة الأصوات في دائرته".
وأكد باتيل في حديثه مع الجزيرة نت على أهمية مراسلة البرلمانيين "لأننا أمام أسبوع حاسم، حيث سيناقش وقف إطلاق النار في البرلمان البريطاني، وكلما زاد الضغط على البرلمانيين نجحنا في زيادة الأصوات التي ستصوت لصالح وقف إطلاق النار".
وكشف الناشط الحقوقي البريطاني أن "حملة مراسلة البرلمانيين البريطانيين نجحت في تغيير مواقف الكثير منهم، وحاليا نتوقع أن يصوت على الأقل 100 نائب بريطاني لصالح وقف إطلاق النار".
واضاف باتيل أن هذا العدد مرشح للارتفاع، إضافة إلى الاستطلاعات التي تقول إن 76% من البريطانيين يؤيدون وقف إطلاق النار "سيضع صانع القرار البريطاني وكذلك قيادة حزب العمال في موقف محرج، لأننا نتصرف ضد الإرادة الشعبية وضد إرادة الناخبين".
بدوره، يتحدث رئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا صباح المختار عن تجربته الخاصة في توجيه رسالة قانونية إلى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يطالبه فيها بوقف إطلاق النار، وكذلك مراسلة برلماني منطقته "فهذا واجب وحق لكل مواطن بريطاني أن يراسل البرلمانيين والسياسيين للتعبير عن رأيه".
وأكد المختار في حديثه مع الجزيرة نت أن "هذه المراسلات للبرلمانيين مهمة جدا، لأنها تخبر السياسي بالمزاج العام وتجعله تحت ضغط الخوف من خسارة الأصوات الانتخابية".
ومن الناحية القانونية، قال المختار إنه "على الناس ألا يخشوا أي شيء، لأن ما يقومون به هو أمر يسمح به القانون، ويجب ألا يحمل أي شخص معه أفكارا من الدول الدكتاتورية، كونه إن خرج في مظاهرة أو عبر عن رأيه أو راسل السياسيين فإنه سيتعرض للاعتقال أو المضايقة".
وناشد "جميع العرب والمسلمين المشاركة في هذه الحملة، لأنها واجب أخلاقي وإنساني، وأنا على يقين أنه سيكون لها تأثير كما حدث مع إقالة وزيرة الداخلية البريطانية التي كانت تريد منع المسيرات المتضامنة مع فلسطين".
وعبر المختار عن "خيبة أمل وحسرة، لأن الكثير من أبناء الجالية العربية لم يخرجوا بعد من السلبية ويخشون المشاركة في النقاش السياسي، وهذا خطأ فادح يجعل أصحاب الرواية المضادة يتصدرون المشهد دون أي يرد عليهم أحد".
من جهته، نجح الصحفي الفلسطيني محمد أمين في فتح نقاش مع النائب البرلماني الذي يمثله في دائرته.
ويقول أمين للجزيرة نت كيف أنه بادر إلى مراسلة البرلماني للتعبير عن غضبه وإحباطه من موقف حزب العمال، وتحديدا موقف زعيمه كير ستارمر الذي وافق في بداية العدوان على قطع الماء والكهرباء عن غزة رغم أنه محام وحقوقي.
وأضاف أنه "انطلاقا من اعتباري فلسطينيا بريطانيا لي حق التصويت قررت أن أقوم بخطوة عملية للضغط على الحزب الذي صوّت له، فأرسلت رسالة غاضبة تطالب بوقف إطلاق النار، وأن يتخذ نائب منطقتي موقفا إنسانيا، وألا يدعم حرب الإبادة، ليأتي الرد واضحا بأن موقف الحزب هو دعم إسرائيل في الدفاع عن نفسها، مع استدراك في الرسالة بأنه يأسف على سقوط مدنيين، لكن الحزب لا يدعم وقف إطلاق النار".
ولم يتوقف الصحفي الفلسطيني عند رد البرلماني "رددت عليه برسالة أخرى أحذره فيها من أن يكون جزءا من الإبادة، وأخبرته أن إحباطي من هذا الموقف سأترجمه بعدم التصويت لصالحه ولحزبه، وسأقنع المحيطين بي وحث الجالية العربية على عدم التصويت لحزب العمال، لأن الحزب اختار الصمت أو المشاركة في ما يحدث، وأخبرته أنني فقدت عددا من أفراد عائلتي وأقربائي في قطاع غزة بسبب استمرار العدوان وصمت حزب العمال وموقف حكومة المملكة المتحدة".
وبادر البرلماني فورا للاتصال بأمين الذي قال "وفي المكالمة شرحت له أن رسالتي هي أن ما يحدث في غزة هو جريمة حرب، وأنني لا أفهم ما هو تعريف الإبادة الجماعية إذا لم يكن هو قصف المستشفيات وقتل الأطفال بالآلاف، ويجب أن يكون في الجانب الصحيح بالدعوة فورا لوقف إطلاق النار، ووعد بأنه سينقل كل هذه النقاط إلى قيادة الحزب".
واعتبر الصحفي أن تجربته هذه هي ما يجب أن تقوم به أبناء الجاليتين العربية والمسلمة وأن "يعرفوا أهمية صوتهم الانتخابي، وأحث كل أفراد الجالية على الضغط والتواصل مع البرلمانيين لإيصال وجهة نظرهم، والخروج من السلبية، والمشاركة الإيجابية، وممارسة التصويت العقابي لكل من اتخذ موقفا يعارض وقف العدوان ضد الفلسطينيين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار من البریطانیین
إقرأ أيضاً:
وقف إطلاق النار.. ستالينغراد غزة
لقد كنا نعلم أننا خسرنا الحرب منذ ستالينغراد - فريدريش باولوس، قائد الجيش الألماني السادس الذي استسلم فيها.
في كلّ حروب العالم، يُعدّ إعلان وقف إطلاق النار أمرًا يُوجَّه إلى القوات العسكرية بالتوقف عن استخدام الأسلحة ووقف كل أشكال القتال والقتل. لكن عند الصهاينة يختلف المعنى تمامًا؛ فبالنسبة لهم، يُمثّل الإعلان الفرصة الأخيرة لسفك أكبر قدر ممكن من الدماء قبل أن يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ. وهذا ما رأيناه يوم الخميس الماضي، فور إعلان وقف إطلاق النار، حين ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة راح ضحيتها نحو ثلاثين فلسطينيًا.
تتضمّن المراحل الأولى من الاتفاق، وفقًا للتقارير، انسحابًا جزئيًا للقوات الصهيونية، وإنهاءً للحصار البشع المفروض على القطاع، مع السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتنفيذ عملية تبادل للأسرى بين الاحتلال وحركة حماس.
لكنني أرى أن مجريات الأمور لا تبشّر بالخير؛ فالصهاينة يتلاعبون بقوائم الأسرى الفلسطينيين ويستبعدون مئات الأسماء، وتصريحات وبيانات قادة حكومة نتن ياهو تُجمع على أن الحرب ستُستأنف.
وقد صدر عن وزير المالية سموتريتش بيان يؤكد فيه أنّ عودة المحتجزين إلى ديارهم لن تمنع دولة الاحتلال من مواصلة حربها بكلّ قوتها لـ«القضاء على حماس» ونزع سلاح غزة بالكامل.
وأصدر وزير الأمن القومي، بن غفير، تصريحات مماثلة، قال فيها إنّ حزبه «القوة اليهودية» سيستغل نفوذه لتفكيك حكومة نتن ياهو إذا سمحت باستمرار حكم حماس في غزة. أما نتن ياهو، فيتجنّب الحديث عن وقف دائم لإطلاق النار، وتتركّز تصريحاته على أهمية تحرير المحتجزين لدى حماس.
ويُضاف إلى ذلك ما نشره موقع «دروب سايت نيوز» حول مراحل خطة ترامب التي حملت اسم «النهاية الشاملة لحرب غزة»، والممهورة بتواقيع الوسطاء. وتشير إلى أنّ المراحل اللاحقة لوقف إطلاق النار لا تتضمّن استسلام حركة حماس، ولا نزع سلاحها، ولا التهجير، والأهم من ذلك كلّه: أنها تتحدث عن إنهاءٍ دائمٍ للحرب. وهذا يعني أمرًا واحدًا واضحًا: أنّه رغم حجم الدمار الهائل الذي شهدته غزة، ورغم العدد الكبير من الشهداء، فإنّ الصهاينة فشلوا في تحقيق أيٍّ من أهدافهم العسكرية، وهي خسارة كارثية بكل المقاييس.
إنّ وقفَ إطلاق النار في غزة سيحوّلها إلى ستالينغراد جديدة؛ تلك المدينة التي خرجت من أعتى معارك الحرب العالمية الثانية مدمّرةً تمامًا لكنها لم تنكسر. وستغدو غزة، مثل ستالينغراد، رمزًا للمقاومة بعد أن صمد أهلها في وجه الحصار والدمار، وسينظر إليها كما نُظر إلى ستالينغراد: مقبرةً للغزاة وبشارةً بانهيار المشروع النازي، بما تحمله من دلالاتٍ تاريخيةٍ وسياسيةٍ عميقة. وهذا أمر لن يقبله الصهاينة.
علّمتنا التجارب أنّ اتفاقات وقف إطلاق النار الدائمة مع الصهاينة تنهار في مراحلها الأولى
لقد علّمتنا التجارب أنّ اتفاقات وقف إطلاق النار الدائمة مع الصهاينة تنهار في مراحلها الأولى؛ فقد انهار الاتفاق السابق عقب الإفراج عن دفعات من الأسرى في عهد إدارة بايدن في كانون الثاني من هذا العام، حين أنهى الكيان الهدنة في آذار، وعاد إلى الحرب بأشدّ صورها بطشًا وإجرامًا، بموافقةٍ وتواطؤٍ أمريكيّين واضحين. لذلك، فإنّ تحقّق وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار سيكون مفاجأةً سارةً وانتصارًا خالصًا للمقاومة.
ومع ذلك، قد تكون هذه المرة مختلفة؛ فإن صمد وقف إطلاق النار، فسببه أنّ الولايات المتحدة تريد هذه المرة إجبار الكيان على إنهاء الحرب، بعد أن تضرّرت صورته إلى حدٍّ يصعب احتماله. وقد صرّح ترامب بذلك علنًا حين قال إنّ «بيبي قد بالغ في الأمر، وإنّ إسرائيل خسرت الكثير من الدعم العالمي، والآن سأعمل على استعادة هذا الدعم». ويُضاف إلى ذلك أنّ المصالح الأمريكية نفسها تضرّرت بفعل الإبادة الجماعية، وتأثّرت مكانة الولايات المتحدة الدولية والإقليمية، وربما لأنها تحتاج إلى حشد قواها استعدادًا لحربٍ محتملة مع إيران.
لقد أثبتت الإبادة الجماعية الممتدّة على مدار عامين أنّ القرار الأخير يبقى بيد الولايات المتحدة، وسيحاول الصهاينة، بلا شك، التنصّل من خطة ترامب، لكنّ السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل ستسمح لهم الولايات المتحدة بذلك؟
الدستور الأردنية