عربي21:
2025-05-10@00:37:59 GMT

سقوط إشارات الاستفهام الكبرى في غزة

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

انعقدت القمة العربية الطارئة في الرياض لبحث تداعيات العدوان على غزة، وحملت إجابة معروفة سلفاً لدى الشعب الفلسطيني. التقليل من سقف التوقعات سبق انعقاد القمة، منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ثم اتساع العدوان الإسرائيلي، ومواقف رسمية عربية حملت الفلسطينيين مسؤولية العدوان أو جرأة مواجهة الاحتلال.

وبالتالي انكفأت المواقف الرسمية العربية خلال أكثر من شهر، وبرزت الاتصالات والضغوط الأمريكية واضحة في عواصم عربية كانت صدى للموقف الأمريكي المشارك بالعدوان بشكل مباشر وبإعلان الدعم غير المحدود لإسرائيل في مهمة القضاء على حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وربطها بالإرهاب. كل ذلك لاقى استحسانا لدى بعض العواصم العربية التي شاركت أخيرا بقمة الرياض لتكرر هبوط التوقعات والآمال العربية من إسناد الفلسطينيين

فالبيان العربي لقمة الرياض بشأن العدوان، يحمل مخازي كثيرة في تكرار ديباجة العجز المنطوي على مشاركة فعلية باستمرار حصار غزة، وانعدام المواقف بشكل كلي لسياسة عربية باحثة عن كلمات مناسبة لطلب الدعم من المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف العدوان. اختفت أوزان عربية تعتبر نفسها من المجتمع الدولي الذي أعلن صراحة دعمه غير المحدود للاحتلال الإسرائيلي، مقابل مواقف عربية صامتة ومومئة برأسها موافقةً أمام وزير خارجية أمريكا في عواصمها؛ مع تأكيده "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". في قمة الرياض غياب كلي لعبارة حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه ضد الاحتلال والتصدي لوحشيته.

ضمور العضلات الكلامية للقمة العربية واضح في البيان والمواقف، لم يستطع القادة العرب تركيب هذه العضلات على كلامهم في خطابهم المتمسك بـ"السلام" وقت تراكم الجثث في مستشفيات غزة واتساع العدوان والجرائم الصهيونية، وموت الأطفال بسبب نقص الدواء والغذاء والوقود بفعل تشديد الحصار. وفي وقت يشهد فيه العالم بشكل مباشر على جرائم الحرب والإبادة والتطهير العرقي، يكون الكلام العربي المعني بضرورات الخنوع والتآمر والضمور الأخلاقي لا علاقة له بالسلام، بل بالاستسلام المطلوب تحقيقه بإخضاع الشعب الفلسطيني للشروط الصهيونية التي تعمل بها سياسات أنظمة عربية تشكو التقصير الدولي وهي تمارسه بالتآمر.

ما أصبح حقيقةً في العالم الرسمي العربي، أن كل شيء مرتبط بسياساته أصبح مهترئا وممزقا لحدود التعري الفاضح، فهذا التنافخ الكاذب عن البحث في تحدياتٍ فلسطينية وعربية، أو الإمساك بمشتركاتٍ بينهما لا يثير "حمية" في الرؤوس، ولا بيانات الطلب من المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياتهِ؛ على اعتبار أن النظام العربي ليس جزءا من هذا العالم وعليه تحمل مسؤولياته أيضا بغير البكاء والصراخ المتآمر.

فعرب "دينيس روس" الذين يقدمون مشورة القضاء على مقاومة غزة، والصامتون على جرائم الإبادة الجماعية، يدّعون أنهم مع وقف فوري لإطلاق النار، ومع السلام والعودة إليه ولشروطه.. كل هذه الديباجات العربية المساهمة بقتل ما يشير إليها لن تكون قادرة على صناعة التاريخ، ولا المساهمة في تسجيل نفسها في قوائم الحفاظ على القانون الإنساني والدولي الذي تعتبره منافقاً، كيف لا وهي التي أسست لمفهوم التخاذل والنفاق مع القضية الفلسطينية نفسها، ومع شعوبها أيضاً! أنظمة تمارس كل الموبقات السياسية مع المحتل القاتل، وتعقد معه الصفقات والتحالف، لتمتين أنظمتها القمعية الوحشية وفي نفس الوقت تطالب بعدالة وإنسانية ونصرة لقضيتها.

العدوان على غزة، لم يفضح النفاق الدولي ويظهره بهذا الشكل الأكثر انحطاطاً في التاريخ المعاصر، بل أظهر أيضاً نهاية مرحلة ضبابية لسياسة عربية تفوض أمرها للأمريكي وللإسرائيلي، ويظهر نهاية مرحلة تمجيد أنظمة العسكر لذاتها المتقزمة أمام عدو سقطت أسطورته أيضا عند أنظمة العسكر والتطبيع وأنظمة القهر والاستبداد التي بدأ تخلخلها قبل أكثر من عقد مع اندلاع الثورات العربية والثورات المضادة.

ما يحدث في غزة، وحالة التفسخ والتحلل العربي من المسؤولية أمام الجرائم الصهيونية، هي إحدى النتائج الملموسة للثورات المضادة بالعالم العربي، وحالة الانتظار العربي من فراغ إسرائيل من مهمتها الوحشية بإنهاء ظاهرة المقاومة المؤرقة لكليهما.

والسؤال اليوم: ماذا قدمت القمة العربية لغزة؟ كلاما منزوع المخالب ومواقف بدون عضلات كلامية، فالتحديات والمشتركات الظاهرة والملموسة هي في تمتين أنظمة قمعية على شعوبها، ومنعها من التعبير عن الغضب إلا في حدود تخدم الأنظمة وتحفظ بعضا من ماء ينضب في وجوهها..

بعض من هذه الزعامات متهم بجرائم حرب وغير مكترث لا للقانون الدولي أو الانساني، ولا يعرف أصلاً بنوده وما يشير إليه، والبعض الآخر من الذين مولّوا الثورات المضادة التي قتلت وهجرت ملايين العرب، ثم ذهب للتطبيع مع الطغاة في العالم العربي، وهم أنفسهم الذين فتحوا طرق التطبيع والتحالف مع المؤسسة الصهيونية، والذين لم يظهروا في القمة العربية والإسلامية في الرياض على شاكلة أنظمة وزعماء في العالم من أمريكا اللاتينية إلى جنوب أفريقيا في سحب سفرائهم من إسرائيل، وتوجيه رسائل حاسمة للاحتلال.

أخيراً، لن يكون لأنظمة عربية قدرة على صنع الحدث الذي ينتظره الشارع الفلسطيني والعربي، في كل قمة عربية يحاول فيها أن "يتفلسف" الزعيم في الشجب والإدانة التي لا تُشفي جريحا ولا تنقذ طفلا ولا تحمي بيتا. لم يعد السؤال يدور عما يفعله الزعيم العربي قبل المذبحة والعدوان على غزة وفي كل فلسطين وأثناءها وبعدها، بعدما سقطت كل إشارات الاستفهام الكبرى حول من يحمي المذبحة الفلسطينية ويراقب نهايتها ليدخل دهاليز اليوم التالي بعد القضاء على المقاومة، حُراس القمع وحُراس القهر وخدم المحتل لم يتركوا شيئاً يدعو للتعجب.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإسرائيلي العالم العربي إسرائيل غزة العالم العربي الاستبداد العالم الاسلامي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ختام المؤتمر الدولي لقسم اللغة العربية بجامعة ظفار

صلالة- الرؤية

تواصلت اليوم فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة ظفار في يومه الثاني والختامي، حيث شهد البرنامج العلمي تقديم عدد من البحوث والمداخلات التي ناقشت موضوع "الخوف في الأدب والثقافة" من زوايا متعددة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين من مختلف الجامعات العربية والدولية.

افتتحت الجلسة العلمية الأولى في تمام التاسعة صباحًا، وأدارها الأستاذ الدكتور بسام قطوس، حيث قدم الدكتور شقيق النوباني من جامعة ظفار مداخلة بعنوان "الخوف والموقف في مسرحيتي القبعة والنبي والباب لغسان كنفاني: دراسة في المنطلقات الوجودية".

وتواصلت الجلسة بمداخلة حول سيرة المناضلة عائشة عودة كنموذج لكسر القيد وسؤال الذات عن الحرية، ثم تناولت المداخلة الثالثة الخوف في مرويات السفر الموريسكية، واختتمت الجلسة بمداخلة بعنوان "هندسة الصمت والخوف وسبل الحماية الاجتماعية في المدن المعاصرة".

وفي الجلسة العلمية الثانية التي أدارها الدكتور بسام الشارني، ناقش الدكتور مراد الحاجي خطاب البابا أوربانوس الثاني بوصفه نموذجًا لخطاب الخوف والكراهية والعنف، أعقبتها مداخلات تناولت الخوف في الحكايات الشعبية، وفي القصيدة العمانية، وكذلك في الأمثال المحلية.

وفي الفترة المسائية، أدار الدكتور مرتضى فرح الجلسة العلمية الثالثة، والتي تضمنت مداخلات حول الخوف في الخطاب النقدي العربي، وفي تمثلات الهوية، وأثر الخوف في العلاقة بين النقد والأدب، إلى جانب دراسات سردية متنوعة.

أما الجلسة العلمية الرابعة فاختتمت البرنامج الحافل، وأدارها الأستاذ سعيد محمد المعشني، حيث شارك عدد من الباحثين بمداخلات تناولت الخوف في السرد الروائي المغربي والعماني، وتمثلاته في الكتابات التراثية والحديثة، وصولًا إلى مفهوم الخوف من الزمن في زهديات أبي العتاهية.

وقد تميز اليوم الثاني بتنوع المحاور وتكامل الرؤى، ما يعكس ثراء الموضوع وحضوره في مختلف أجناس الأدب والفكر، كما شهد تفاعلًا غنيًا من قبل الحضور في النقاشات.

يشار إلى أن المؤتمر يهدف إلى تعميق الفهم الأكاديمي لموضوع "الخوف" بوصفه مفهومًا إنسانيًا وأدبيًا، والذي يختتم أعماله اليوم بجلسة ختامية تشمل التوصيات والمقترحات العلمية.

 

 

مقالات مشابهة

  • لماذا يغيب العرب عن العملات الخمس الكبرى لصندوق النقد الدولي؟
  • صعدة تخرج في عشرات المسيرات الكبرى تحت شعار “لنصرة غزة .. بقوة الله هزمنا أمريكا وسنهزم إسرائيل”
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان
  • جامعة الدول العربية: أمن السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي
  • وزير العمل يدين العدوان على الجنوب: محاولة لعرقلة الانفتاح العربي على لبنان
  • البرلمان العربي: خطة الاحتلال السيطرة على غزة تحد صارخ للقانون الدولي
  • ختام المؤتمر الدولي لقسم اللغة العربية بجامعة ظفار
  • عبد الله يحي: خيوط المؤامرة الكبرى بدأت تتكشف والعدوان الإماراتي بدأ يُظهر وجهه الحقيقي
  • افتتاح منتدى السياسات الإقليمي العربي..الأسرة والتغيرات الكبرى المعاصرة
  • تعرف على حجم الخسائر الهائلة التي لحقت بمطار صنعاء الدولي