الحركات المسلحة : جدل الحياد و حماية المدنيين .
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
الحركات المسلحة : جدل الحياد و حماية المدنيين .
بقلم : محمد بدوي
المواقف التي كشف عنها المؤتمر الصحفي لبعض قوي الحركات الموقعة على اتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ (اتفاق جوبا) من إعلان حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي حاكم إقليم دارفور وحركة العدل والمساواة بقيادة الدكتور جبريل ابراهيم و حركة تحرير السودان قوي التحرير بقيادة الاستاذ الطاهر حجر عضو المجلس السيادي الانقلابي والذي تراجعت عنه فيما بقي موقف الحركتين المتمثلة في الانضمام للحرب الي جانب القوات المسلحة ليس بالحدث الجديد، فقد أطل هذا الموفق منذ اليوم الرابع للحرب لكن تراجع مناوي من الإنضمام أجلها للظهور مره اخري بعد دخول الحرب الشهر الثامن و لعل الدوافع آنذاك كانت مرتبطة بالموقف من انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ موقف الطرفان منها، لكن وتيرة الحرب التي تسارعت وكشفت ان ما يحدث ليس بالأمر الذي سينقشع خلال ساعات دفع بمناوي التوجه غربا نحو اقليم دارفور ليجد ان الفاشر كانت قد سبقته بلجنة وقف اطلاق النار فلم يكن من مناص سوي الانضمام اليها و اعلان الموقف تحت مهمة حماية المدنيين المنصوص عليها في اتفاق سلام جوبا والذي تحته تم تدريب حوالي ٢٠٠٠ من القوات في يوليو ٢٠٢١ .
اما موقف حجر و د الهادي ادريس رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي فقد تباعد منذ بدء انقلاب ٢٥ اكتوبر٢٠٢٣ عقب استدعاءهما صبيحة الانقلاب للقيادة العامة للقوات المسلحة، ثم تواصل الامر بزيارتهما الطويلة الي ولاية غرب دارفور برفقة قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو حميدتى عقب ذلك، حتى تطور الامر الي مدح حميدتى للدكتور الهادي بزالنجي في يناير ٢٠٢٣ بانه رجل دولة حقيقي، مسارات العلاقة تعرضت للمنعطفات بإطلاق النار على منزل الهادي في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ ثم قصف لمنزل اقامته بكافوري عقب ذلك بأيام الي ان انتهي الامر بإقالته من منصبه بالمجلس السيادي الانقلابي في الاسبوع من نوفمبر ٢٠٢٣ .
ان محنه اتفاق جوبا ارتبطت بمنهجها وسياق صناعتها التي اوقعت بها في براثن التحالفات بين المكون العسكري او اطراف الحرب في واقع ظل التغيير فيه غير آبه بصوت الشارع الرافض للتسوية لكون الحالة تحت براثن النظام السابق المستتر من جانب وطموح الدعم السريع نحو السلطة، الي جانب ما اسفر عنه منهج التفاوض من الدفع نحو استلاف عنوان السلام في حالة تقاصرت عنه لكنها ارتقت بلا مواربة نحو اقتسام السلطة في تعبير عن التعامل الفوقي مع الحالة الامر الذي في البدء حذرت منه اوضاع النازحين الماثلة قبل ان يبصم الواقع على ذلك بدء من انخراط التحالف السوداني احد الفصائل الموقعة على اتفاق جوبا في الحرب بغرب دارفور ، مما يدفع بسؤال فرعي في السياق نحو بعثة الامم المتحدة المتكاملة نحو دعم الفترة الانتقالية عن دورها في رصد مسار الاتفاق وواجبها في الانذار المبكر ، فيما جاء التأكيد الثالث في انقسام حركة العدل والمساواة الي مجموعتي د جبريل وصندل .
المواقف التي ظهرت اليوم من بيان اول حول لقاء القادة العسكريين بالحركات بقائد ثان الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دلقو بشمال دارفور والاتفاق على التهدئة القتالية قبل ان يعقب ذلك بساعات المؤتمر الصحفي ببورتسودان والذي كشف عن موقف مغاير يمثل احدي نتائج طبيعة اتفاق جوبا و التراكم الذي خلقته المواقف من الاحداث الكبرى خلال الفترة الانتقالية بما يشمل انقلاب اكتوبر ٢٠٢١، ليثور السؤال حول نتائجه ولسنا هنا للتنبؤ بما سيحدث لكن التحليل يشير الي ان الحالة وصلت نقطة المناورة النهائية التي قد تقود الي حالة فصام بين القيادات السياسية والعسكرية حتى لو نجحت جهود الاحتواء فستظل مؤقته لان الفاشر مثلت نقطة انطلاق الاحداث في ٢٠٠٤ الامر الذي يمثل سجلا تاريخيا يعيد الاذهان الي محطات ومواقف كثيرة وتطرح اسئلة جوهرية حول المصير والمالات المحتملة التي كانت الاجابة عليها بالوقوف في الحياد وحماية المدنيين كمخرج امن يسنده اتفاق جوبا، وهو السند الذي ظلت بموجبه تسير الحركات القوافل من بورتسودان الي دارفور و هو ما انتهي اليوم بموجب التطورات التي تواترت و في المشهد مؤتمر القاهرة تحت عنوان الحالة الانسانية التي بالضرورة ستناقش او ستخرج بتوصيات حول العملية الانسانية ومن سيشرف عليها وغيرها من التفاصيل .
اذن الخلاصة ان ما حدث لخص ان زيارات مناوي الافريقية لم تسعفه لشراء المزيد من الزمن للمناورة وان الوجود في بورتسودان ليست بتذكرة مجانية سواء و ان البقاء في المناصب سواء كحاكم لدارفور او وزير للمالية كحال دكتور جبريل مرتبط بشروط التواجد في مناطق سيطرة احد اطراف الحرب التي لا مجال فيها للدفع بالحياد، ولعل تلخيص اخر للمشهد يكمن في أن فشل فيه نظام البشير في تفكيك الحركات نجحت فيه الحركات بامتياز تحسد عليه
الوسومالحركات المسلحة توصيات جبريل جدل محمد بدوي مناوي
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحركات المسلحة توصيات جبريل جدل محمد بدوي مناوي
إقرأ أيضاً:
تأثير الهجمات الإسرائيلية على المدنيين والبنية التحتية بإيران
طهران- بعد 12 يوما من المواجهة العسكرية مع إسرائيل -وبدعم مباشر من الولايات المتحدة- دخلت إيران مرحلة "هدنة غير مستقرة" كما يصفها مراقبون. وبينما أعلنت القيادة الإيرانية أن الحرب انتهت بـ"نصر تاريخي" لا تزال أصداء القصف والدمار والهواجس الاقتصادية حاضرة في الشارع الإيراني.
وفي أول خطاب له عقب إعلان وقف إطلاق النار، وصف الرئيس مسعود بزشكيان ما حدث بأنه "نصر مرهون بوحدة الشعب وصمود القوات المسلحة". وأكد أن الحرب فُرضت على بلاده بسبب ما سماه "مغامرة صهيونية عدوانية، لكنها انتهت بإرادة الشعب".
وأشار بزشكيان إلى أن أهداف هذا الهجوم كانت واضحة وهي استهداف المنشآت النووية، وزعزعة النظام السياسي، وإثارة اضطرابات اجتماعية، مؤكدا أن "جميعها فشلت". وشدد على ضرورة الحفاظ على "الوحدة الوطنية" قائلا إن "كل ما تحقق من انتصار يعود فضله إلى انسجام الدولة والشعب".
مشاعر متباينةمن جانبها، ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية أن الهجمات الصاروخية الأخيرة و"خاصة القصف الذي استهدف قاعدة العديد الجوية في قطر، كان العامل الحاسم في دفع واشنطن وإسرائيل إلى طلب التهدئة".
وأوضحت الهيئة الإيرانية في بيان لها "العدو لم يتوقع هذا الرد الإيراني المباشر، لا من حيث النوعية ولا التوقيت. وقد اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مطالبة إيران بوقف إطلاق النار في خطوة وصفتها وسائل الإعلام المحلية بأنها التماس مهين".
وقد تباينت مشاعر المواطنين الإيرانيين بعد وقف إطلاق النار، بين فئات عبّرت عن الفخر وارتياحها لما تعتبره "صمودا وطنيا" وأخرى تخشى تداعيات الحرب على الاقتصاد والأمن، في حين أبدت أصوات شكوكا في نوايا إسرائيل بخصوص الهدنة.
وقال حسين وهو موظف من تبريز "هذا النصر ثمرة وحدة شعبنا. كانوا يظنون أننا سنتراجع، لكن إيران أثبتت أنها ما زالت قوية". وكذلك عبّرت ليلى (معلمة من طهران) عن ارتياحها، قائلة "منذ أسبوعين تقريبا ونحن مرتعبون من أصوات القصف والدفاعات الجوية. الآن فقط أستطيع أن أتنفس".
إعلانأما مجتبى (صاحب متجر في شيراز) فأكد أن "الحرب توقفت، لكن الأسعار مستمرة في الارتفاع. أخشى أزمة اقتصادية جديدة بسبب كل ما حدث". وقالت زهراء، طالبة دراسات عليا من أصفهان، إن "الهدنة خطوة جيدة، لكن هل نثق بإسرائيل؟ لا أظن. هذه ليست نهاية القصة".
ووفق مصادر رسمية، فإن قوات الحرس الثوري والجيش "ما زالوا على أهبة الاستعداد" ويجري تقييم شامل للأداء القتالي والتنسيق الدفاعي. وشددت مصادر عسكرية على أن إيران "لم تستخدم كل ما في جعبتها" وهي قادرة على "الردع المستدام" في حال تجدد العدوان.
خسائر بشرية وماديةوأعادت إيران تأكيد تمسكها ببرنامجها النووي كمسألة "كرامة وسيادة وطنية". وعلى خلفية استهداف مواقع نووية خلال الحرب، صعّد البرلمان الإيراني من موقفه تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال إبراهيم رضائي المتحدث باسم لجنة الأمن القومي "سنرد بحزم في حال أقدم العدو الإسرائيلي على أي عدوان جديد. البرلمان وافق على قرار يلزم الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة (الدولية للطاقة الذرية) ويجب مقاضاة مديرها العام بسبب تقاريره الكاذبة وتجسس بعض مفتشيه على منشآتنا".
وفي خضم هذه الحرب التي اندلعت في 13 يونيو/حزيران الجاري، شهدت إيران موجة من الهجمات الجوية والصاروخية استهدفت ليس فقط مواقع عسكرية، بل أيضا مراكز مدنية حساسة مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية. وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أن نحو 90% من الضحايا من المدنيين.
وقد تعرض مستشفى فارابي في كرمانشاه لأضرار كبيرة بعد انفجار ناجم عن هجوم على مركز مجاور، أدى لتدمير أجزاء من الأجنحة الطبية، مما تسبب في توقف مؤقت عن استقبال المرضى. كما أُصيب عدد من المرضى والعاملين، وسط استنكار واسع من قبل منظمات حقوقية اعتبرت هذا الهجوم خرقا واضحا لاتفاقيات حماية المنشآت الطبية.
وفي سجن إيفين (شمالي العاصمة طهران) أصابت ضربة جوية مدخل السجن وبعض المباني الإدارية، مما أدى إلى أضرار هيكلية وسقوط عدد من الضحايا. ودعت منظمات حقوقية دولية إلى وقف مثل هذه الهجمات التي تنتهك قواعد القانون الدولي الإنساني.
وفي إحدى أكثر الهجمات إثارة للجدل، استهدفت ضربات جوية مقر مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بطهران، مما أدى لمقتل اثنين من كبار مسؤولي الإعلام وتعطيل بث بعض القنوات الرسمية. وهو ما اعتبرته إيران "محاولة لإسكات صوت المقاومة" بينما رأى محللون أن استهداف الإعلام يمثل تصعيدا في حرب المعلومات.
أما في قطاع الطاقة، فقد تعرضت منشآت حيوية في عسلويه (جنوبي إيران) لضربات متكررة، تسببت في اندلاع حرائق كبيرة وأدت إلى انقطاعات في التيار الكهربائي أثّرت على حياة ملايين المواطنين.
وتعرض مخزن وقود رئيسي في طهران لهجوم صاروخي أدّى لاندلاع حريق ضخم تسبب في تدمير كميات كبيرة من الوقود مخزنة فيه، كما أدى إلى تعطيل إمدادات الوقود بعدة مناطق حيوية من المدينة، مما أثّر على حركة النقل وتزويد المحطات وفاقم حدة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة أصلا جراء الحرب.
إعلانوأكدت السلطات الإيرانية أن هذا الاستهداف يندرج ضمن حملة ممنهجة لتقويض البنية التحتية الحيوية، في محاولة للضغط على الحكومة والشعب الإيراني. كما نددت به منظمات دولية معتبرة أن استهداف مرافق الطاقة والوقود يشكل انتهاكا لقوانين الحرب التي تحظر ضرب المنشآت المدنية التي تؤثر على حياة المدنيين.
ومن جهة أخرى، تعرضت عدة أحياء سكنية شمال طهران وضواحي كرج وأصفهان لقصف صاروخي وطائرات بدون طيار، مما أدى إلى دمار واسع في المنازل وممتلكات المدنيين، وتسجيل عشرات القتلى والجرحى، إضافة لتشريد مئات العائلات، مع ارتفاع حالات النزوح الداخلي وسط موجة من الخوف وعدم الاستقرار.
واستهدفت الهجمات أيضا مراكز بحثية وعلمية في ضواحي طهران وأصفهان، حيث لقي ما لا يقل عن 14 عالما وباحثا مصارعهم، بينما تعرضت المختبرات والمرافق العلمية لأضرار كبيرة. وأثارت هذه الخسائر استنكارا واسعا داخل الأوساط العلمية الإيرانية والدولية.
وتعرضت مكتبة مركز وثائق الخارجية الإيرانية بالعاصمة لأضرار جسيمة أدت إلى تدمير أرشيفات تاريخية ودبلوماسية "لا تقدر بثمن". وأدانت هذا الهجوم جهات دولية مثل منظمة اليونسكو والاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات، معتبرة أن تدمير الممتلكات الثقافية يشكل انتهاكا صارخا لاتفاقيات حماية التراث الثقافي خلال النزاعات المسلحة.
ويؤكد خبراء القانون الدولي أن استهداف المرافق المدنية والبنية التحتية الحيوية يُعد خرقا لاتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها، وقد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب، خاصة مع ارتفاع نسبة الضحايا المدنيين. ودعت منظمات حقوقية دولية إلى تحقيقات مستقلة وشفافة للكشف عن ملابسات هذه الهجمات وضمان محاسبة المسؤولين عليها.