يحذر تحليل حديث نشره منتدى الشرق الأوسط، من سيناريوهات خطيرة قد تلجأ إليها ميليشيا الحوثي في اليمن في حال تراجع أو توقف الدعم الإيراني، موضحًا أن الجماعة – التي تسيطر على صنعاء ومحافظات اخرى بقوة السلاح – قد تتحول إلى كيان إجرامي يماثل نموذج القراصنة الصوماليين في حال واجهت أزمة تمويل خانقة.

ووفقًا للتحليل فإن الضغوط الاقتصادية على النظام الإيراني، والانشغال المتزايد بأزماته الداخلية وتقلص قدرته على تمويل حلفائه في الخارج، قد تدفعه إلى خفض أو حتى قطع الدعم عن ميليشيا الحوثي.

وأوضح أن إيران تواجه مأزقًا ماليًا مع تزايد تكلفة العمليات الخارجية، من دعم حزب الله إلى محاولات الحفاظ على النفوذ في سوريا، ما يجعل الاستمرار في تمويل الحوثيين خيارًا مرهقًا.

التحليل أعده الباحث مايكل روبين، وهو متخصص في دول الشرق الأوسط، وخاصةً إيران وتركيا. وعمل كمسؤول في البنتاغون، وله خبرات ميدانية في إيران واليمن والعراق. ويرى الباحث أن الحوثيين، الذين يديرون مناطقهم بسطوة السلاح وسياسة الإقصاء، يعتمدون بشكل كبير على ما يردهم من دعم خارجي، إلى جانب تحصيل ضرائب غير قانونية واستخدام المساعدات الدولية كورقة نفوذ.

يشير روبين إلى أن ميليشيا الحوثي لن تختفي بسهولة رغم أي أزمة مالية محتملة، لكنها قد تعمد – كما حدث في الصومال عقب انهيار الدولة – إلى تبني مسارات إجرامية أكثر خطورة لتعويض الفاقد المالي. وأوضح أن موانئ الصيد اليمنية شمال الحديدة، قد تتحول إلى مراكز لانطلاق زوارق القرصنة، على غرار ما فعله الصيادون الصوماليون الذين تحولوا إلى قراصنة نتيجة استنزاف مصادر رزقهم وغياب الدولة.

ويلفت التحليل إلى أن المناطق الحيوية مثل خليج عدن والبحر الأحمر ستكون هدفًا محتملاً لأعمال القرصنة، ما يهدد الملاحة الدولية، ويفرض تحديات حقيقية على شركات الشحن والدول المطلة على هذه الطرق الحيوية.

ولم يستبعد التحليل لجوء الحوثيين إلى أنشطة إجرامية أخرى لتأمين مصادر تمويل بديلة، من بينها تجارة المخدرات. ويُرجّح روبين أن تستغل الجماعة الشبكات التي أسسها حزب الله في أفريقيا وأوروبا، لتهريب المواد المخدرة إلى داخل الجزيرة العربية أو عبرها، مستفيدة من شبكات تهريب تقليدية وطلب متزايد في بعض الأسواق الخليجية.

وفي ختام تحليله، يحذّر روبين من أن مجرد فقدان الحوثيين لداعمهم الإيراني لا يعني نهاية الجماعة، بل قد يُؤسس لتحولها إلى "كارتل مسلح" يعمل خارج القانون على غرار الميليشيات الإجرامية العابرة للحدود. ويطرح تساؤلًا مهمًا: هل يعي المجتمع الدولي مخاطر المرحلة المقبلة، وهل هناك استعداد حقيقي لمواجهة النسخة القادمة من الحوثيين، إذا ما تحوّلوا من وكلاء لإيران إلى قراصنة ومهربين على شواطئ البحر الأحمر؟

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

تحليل: الدبلوماسية المنتجة قادت العراق إلى إنهاء الوصاية الأممية

13 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة:

لم يكن قرار إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة في العراق  وليد تصويت عابر أو ظرف دولي مواتٍ، بل خلاصة مسار حكومي طويل  عبر ما بات يُوصف داخل الأوساط الدبلوماسية بدبلوماسية منتجة، نقلت صورة العراق من دولة تطلب العون إلى دولة تعلن الجاهزية وتفرض سرديتها بثقة داخل أروقة مجلس الأمن.

وجسدت هذه الدبلوماسية تحوّلاً واضحاً في لغة الخطاب الرسمي، إذ انتقلت بغداد من مخاطبة المجتمع الدولي بوصفها ساحة أزمات مفتوحة إلى دولة تمتلك مؤسسات قادرة على إدارة الانتخابات والملفات السياسية والحقوقية دون إشراف خارجي، وهو ما انعكس في المذكرات الرسمية والحوارات المغلقة التي سبقت قرار إنهاء المهمة، بحسب توصيف دبلوماسيين تابعوا الملف.

وأكد مسؤول حكومي  أن “الحكومة لم تطلب مغادرة يونامي بوصفها عبئاً سياسياً، بل قدمت نفسها كدولة أنهت الأسباب التي استوجبت وجودها”، مضيفاً أن هذا التحول في المنطق هو ما أقنع أعضاء مجلس الأمن بجدية الطلب العراقي.

وأظهر البرنامج الحكومي، الذي أُعلن في تشرين الأول 2023، التزاماً غير مسبوق بإنهاء المهام الدولية غير الضرورية، واضعاً هذا الهدف ضمن مفهوم أوسع لاستعادة القرار الوطني، حيث تعاملت الحكومة مع الملف الأممي كجزء من مشروع سيادي متكامل، لا كإجراء رمزي موجه للاستهلاك الداخلي.

ونجحت بغداد، وفق مراقبين، في تفكيك الأزمات التي كانت تُستخدم ذريعة لاستمرار البعثة عبر حوار هادئ مع الشركاء السياسيين ومع الإقليم، ما سحب من المجتمع الدولي مبررات التدخل الإشرافي، وأعاد تعريف الخلافات الداخلية بوصفها شأناً دستورياً عراقياً قابلاً للحل محلياً.

وقال باحث سياسي  إن “الهدوء الذي أدار  الملفات الخلافية كان أقوى من أي خطاب سيادي صاخب”، معتبراً أن غياب الأزمات الحادة خلال العامين الماضيين شكّل الدليل العملي على نضج التجربة.

وانتقلت العلاقة مع الأمم المتحدة، وفق الرؤية الحكومية، من صيغة الوصاية السياسية إلى شراكة متطورة تقتصر على الدعم الفني، في مجالات النمو الاقتصادي، والتغير المناخي، وبناء القدرات، وحقوق الإنسان، دون أي تدخل في القرار السياسي أو العملية الانتخابية، وهو تحول نوعي في موقع العراق داخل المنظومة الدولية.

وترسخت هذه المقاربة أيضاً في ملف العلاقة بين بغداد وأربيل، حيث شددت الحكومة على أن القضايا العالقة ستُحل عبر الدستور والحوار الثنائي، دون وساطة دولية، في رسالة تعكس ثقة متزايدة بقدرة الدولة على إدارة تنوعها الداخلي.

وتكشف قراءة التسلسل الزمني أن استعادة السيادة لم تكن قفزة مفاجئة، بل رحلة صبر ونَفَس طويل، بدأت مع إعلان الالتزام الحكومي في تشرين الأول 2023، ثم تُوجت بقرار مجلس الأمن في أيار 2024 استجابة للطلب العراقي، وصولاً إلى كانون الأول 2025 حيث قُدمت الإحاطة الأخيرة وحدد يوم 31 موعداً لإغلاق البعثة نهائياً.

ويغلق هذا المسار حقبة طويلة من التعامل الأمني الدولي مع العراق، ويفتح باب العلاقات الثنائية المباشرة مع العواصم المؤثرة، في لحظة يصفها مراقبون بأنها اختبار الدولة بعد الوصاية، حيث تصبح السيادة ممارسة يومية لا عنواناً سياسياً.

وكتب ناشط على منصة إكس أن “الطريق كان طويلاً وصعباً، لكن الأهم أن نهايته لم تأتِ بالضجيج، بل بالاعتراف الدولي”، في تلخيص مكثف لمعنى اللحظة العراقية الراهنة.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • تطبيق "سند" يفوز بالمركز الأول في مسابقة "جاهزون للغد" ويحصل على تمويل لدعم التوسع والتطوير
  • تحليل: الدبلوماسية المنتجة قادت العراق إلى إنهاء الوصاية الأممية
  • الباحث محمد جمال القليط ينشر دراسة موسعة حول بدائل العقوبات السالبة للحرية في الأردن
  • فرص عمل وإعفاءات مالية.. مزايا عديدة في بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الهمم
  • مليشيا الدعم السريع تفرض جبايات مالية ضخمة وعمليات ابتزاز معيشي علي التجار
  • تصاعدت بشكل لافت...كيف تستفيد مليشيا الحوثي من قضايا الثأر في اليمن
  • نائب وزير الخارجية يبحث مع وزير الدولة الالماني تعزيز التعاون التنموي
  • الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في تحليل الصور الطبية
  • “الجبهة الشعبية” تدين القرصنة الأمريكية لناقلة النفط الفنزويلية
  • مادورو يصف احتجاز ناقلة نفط بـ"القرصنة".. وأمريكا تفرض عقوبات