نهاية طبيب شجاع..أب يفقد حياته دفاعاً عن عائلته أمام نوبة إجرام
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
دافع الطبيب في قصتنا حتى آخر نفس في حياته عن ذويه الذين تعرضوا لنوبة إجرامٍ قاسية.
اقرأ أيضاً: على خلفية سرقة خزينة شركة في عابدين.. كيف تحمي شركتك من اللصوص؟
صراع الأشرار.. تاجر مُخدرات يدفع حياته ثمنًا للجشع الدنيء على خلفية سرقة خزينة شركة في عابدين.. كيف تحمي شركتك من اللصوص؟لفظ الرجل أنفاسه الأخيرة ولكنه سيظل في أعين أحبائه بطلاً بذل عُمره في سبيل وقاية عائلته من ألسنة الشر المُلتهبة.
تأتينا القصة من ولاية تينيسي الأمريكية التي لفظ فيها طبيب أنفاسه الأخيرة أثناء مُحاولته صد عدوان سارق حاول التعدي على زوجته وطفلته الرضيعة.
تفاصيل يوم الغدر بالطبيب الشُجاعوبحسب تقرير نشرته مجلة بيبول الأمريكية فإن المجني عليه ويُدعى أليكساندر بولاخوف – 32 سنة كان يتنزه مع زوجته أنستاسيا وابنتهما ذات العامين.
وفي اثناء جولتهم قام مُسلح مُلثم بمباغتتهما، وكان يحمل بيديه سلاحاً نارياً، وطلب منهم الحصول على ما بحوزتهم، ليُقدم له المجني عليه ما في محفظته بما في ذلك بطاقة التعريف وبطاقة الإئتمان.
ولم يتوقف الجاني عند هذا الحد، وقام بعد ذلك بتوجيه فوهة سلاحه الناري تجاه الزوجة المسكينة التي لا حول لها ولا قوة، وطلب منها الحصول على ما تملكه.
وأشار التقرير إلى أن الطبيب الراحل حاول في هذه الأثناء أن يتشاجر مع الجاني ليرد عدوانه عن زوجته.
واثناء الشجار بين الرجلين انطلقت رصاصة الغدر من السلاح الذي كان يحمله الجاني فأودى بالطبيب صريعاً.
ونقلت السلطات المعنية المجني عليه للمستشفى على أمل إنقاذه من الإصابة التي لحقت به، ولكنه لفظ هُناك أنفاسه الأخيرة مُتأثراً بإصاباته.
المجني عليه وزوجته وابنتهما لحظة القبض على الجاني ذي اليدين المُلطختينوعلى الفور هرب الجاني في عربة بيضاء اللون، والتقطت كاميرات المُراقبة سيارة بنفس المُواصفات تقوم بترصد الأهداف المُحتملة لعمليات السرقة العشوائية قبيل الحادثة.
ونجح رجال الشرطة في التوصل للجاني الرئيسي وشريكته براندي راكر، وتم العثور على العربة البيضاء التي هرب فيها بعد إتمام جريمته النكراء.
وأخبرت المُتهمة الشرطة أنها كانت تقود السيارة يوم الجريمة من أجل مُساعدة الجاني في الفرار من مسرح الأحداث بعد إطلاق النار على أليكساندر.
وستُجيب الأيام المُقبلة عن السؤال بشأن حُكم المحكمة بخصوص الجاني، وكيف ستقتص منظومة العدالة منه، وسيكون من الضروري سماع رؤية ذوي الضحية عن الحادثة التي ستحول مسار حياتهم للأبد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاصابة الجاني قوات الأمن الجريمة جريمة القتل الشرطة جريمة إنهاء الحياة مسرح الأحداث المجنی علیه
إقرأ أيضاً:
دفاعا عن دستور ثورة يناير
لم تكن كتابة دستور 2012 مجرد عملية فنية لاقتراح مواد قانونية، ولا كانت مناقشاته مجرد خلافات سياسية بين قوى متنافسة؛ بل كانت لحظة فارقة في تاريخ مصر الحديث، لحظة حاول فيها الشعب -لأول مرة منذ دستور 1923-أن يستعيد زمام أمره، وأن يكتب عقده الاجتماعي بيده، لا بيد السلطة، ولا بيد الأجهزة، ولا على طاولة صفقات تُبرم في الظلام. كان هذا الدستور، رغم كل ما اعتراه من نواقص وثغرات، ثمرة واحدة من أكبر لحظات الوعي الجمعي التي شهدتها مصر بعد ثورة يناير.
ولذلك، فإن الدفاع عنه ليس دفاعا عن نصّ، بل دفاعا عن حق، وعن مسار، وعن مستقبل كان يمكن أن يكون مختلفا لو لم تُجهض الثورة، ولو لم يتم الانقلاب على هذا العقد الشعبي الفريد.
أهم ما في دستور 2012 أنه لم يُكتب في دهاليز السلطة، ولا في مكاتب مغلقة، ولا تحت عين جهاز مشرف، ولا بإملاء خارجي. كانت الجمعية التأسيسية -رغم ما قيل عنها- تضم لأول مرة في تاريخ مصر قضاة، وقانونيين، وأساتذة جامعات، وشباب الثورة، ونساء، وممثلين عن النقابات، وأطيافا سياسية متنوعة.
كانت النقاشات تُبث مباشرة على الهواء، وكان المصريون يشاهدون -لأول مرة-كيف يُكتب الدستور أمامهم، وكيف يتم تعديل المواد، وكيف تُصاغ المبادئ، وكيف يُجادل القضاة رجال السياسة، وكيف يتعلم الشيوخ من القانونيين، وكيف يتحدث الشباب بوعي لم يتوقعه أحد.
في تلك اللحظة، أدركنا أن مصر بدأت تمتلك "ذاكرة مؤسسية جديدة"، وأن الدستور سيكون وثيقة صراع مع الدولة العميقة، لا وثيقة للتوافق مع نفوذها.
لم يكن هذا الدستور مجرد نصوص، بل كان:
• الإنجاز الوحيد الحقيقي لثورة يناير الذي اكتمل بيد الشعب،
• السياج الأخير الذي كان يمكنه أن يحمي عملية الانتقال الديمقراطي،
• العقد الاجتماعي الأول الذي حاول أن يضع السلطة تحت رقابة الأمة.
ولأنه كذلك، كان هو الهدف الأول للانقلاب عليه. كان المطلوب أن يعود المصريون إلى وضعهم القديم: شعب متفرج، لا شعبا يكتب دستوره.
لم يكن دستور 2012 بلا عيوب، وقد قلتُ هذا مرارا، وكتبته علنا، وأعلنته في مؤتمرات عديدة. وكانت أهم الملاحظات تدور حول: ملف الجيش، فلم تصل الجمعية التأسيسية إلى المعادلة الصحيحة، فقد ظلت ميزانية الجيش مراوغة، والقضاء العسكري احتفظ بجزء من صلاحياته المدنية، ومجلس الدفاع الوطني كانت له صلاحيات واسعة.
لكن السؤال: هل كان ممكنا في لحظة ما بعد الثورة، وفي ظل نفوذ المؤسسة العسكرية الممتد، أن يُفرض عليها دستور يقيدها بالكامل؟ الجواب: قطعا لا.
أما السلطة القضائية، فقد كان القضاء -بحكم تاريخه وتكوينه- مؤسسة ترفض الخضوع لأي سلطة مدنية منتخبة. وكانت هناك ملاحظات تستحق المراجعة مثل: حدود صلاحيات المحكمة الدستورية، ووضع النيابة الإدارية، واستقلال الهيئات القضائية.
لكن هل كان يمكن إنجاز أكثر؟ ربما نعم، ربما لا.. لكن المؤكد أن الهجوم على الدستور لم يكن هدفه تحسين هذه المواد، بل إسقاط الثورة نفسها.
أما سرعة الصياغة، فقد كان الضغط السياسي والإعلامي هائلا، وكانت الجمعية تعمل تحت تهديد مباشر بالحل، ووسط أجواء من الاستقطاب الشديد. ولذلك ظهرت صياغات تحتاج للتحسين، ومواد كان يمكن أن تُكتب بشكل أدق. لكن رغم كل ذلك، بقي الدستور خطوة ثورية تاريخية على درجة عالية من الأهمية.
والسؤال الذي يطرحه البعض: كيف يتم الاحتفاء بدستور عليه هذه الملاحظات؟ وأقول بوضوح: لأن البديل لم يكن دستورا أفضل.. البديل كان هو الانقلاب، ثم عودة الدولة العسكرية، ثم نهاية أي إمكانية لدستور حقيقي أو لميلاد نظام ديمقراطي.
كما يجب أن نتذكر الآن أنه كان أول دستور شعبي حقيقي منذ 1923؛ دستور يكتب بإرادة الناس، لا بإرادة السلطة. ودستور كهذا يجب أن يُحمى كي يكتمل، ثم يُعدَّل في إطار الشرعية، لا أن يُهدم لصالح عودة الحكم المطلق.
ولأن الدستور كان "خط الدفاع الأخير عن الثورة"، فقد كانت تُستنزف يوميا، في الشارع، في الإعلام، في القضاء، في مؤسسات الدولة. وكان الدستور هو المكسب الوحيد الذي لم تستطع الثورة المضادة إسقاطه بسهولة، ولذلك كان لا بد من الدفاع عنه.. لا لتقديسه، بل لحماية المسار.
كما كنتُ على يقين أن البرلمان الجديد -الذي ينتخبه الشعب- كان سيعدّل مواد الجيش، ومواد القضاء، ومواد السلطة التنفيذية، ويصل بالدستور إلى مستوى أفضل. لكن ذلك كان مشروطا باستمرار المسار الديمقراطي.. وهو ما لم يحدث.
لقد كان إسقاط الدستور هو الخطوة الأولى لسلسلة من الإجراءات؛ عزل الرئيس المنتخب، وتعطيل الدستور، وحل المؤسسات المنتخبة، وكتابة دستور جديد في غرف مغلقة، وإغلاق المجال العام بالكامل. وقد حدث هذا حرفيا بعد 3 تموز/ يوليو 2013.
أكثر ما أدهشني في الهجوم على دستور 2012 هو "السطحية". فقد كان البعض يتعامل معه كأنه دستور أبدي لا يقبل التغيير، بينما الحقيقة أنه دستور انتقال ديمقراطي يمكن تطويره، لكن خصومه لم يريدوا التغيير.. كانوا يريدون الإلغاء. ولذلك، كان الدفاع عنه دفاعا عن فكرة العقد الاجتماعي، فكرة الشرعية، فكرة الدولة المدنية، فكرة الاحتكام للشعب.
أما لماذا خافوا من دستور 2012؟ فلأنه كان دستورا يحد من صلاحيات الرئيس، ويقلص نفوذ المخابرات والداخلية، ويوسع دور البرلمان المنتخب والحكومة، ويمنح النقابات والمجتمع المدني قوة حقيقية، ويضمن الحقوق والحريات بطرق غير مسبوقة. لقد خافوا لأنه دستور "يستعيد الدولة من قبضة المؤسسات الأمنية"، خافوا لأنه دستور "يعيد السلطة للشعب".
لا ندافع عن دستور 2012 لأنه كامل، بل لأنه أول دستور شعبي، وأول خطوة لبناء دولة مدنية، وأول محاولة لإنهاء حكم الفرد، وأول عقد اجتماعي حقيقي منذ 90 عاما. ولو سقطت الثورة ولم يبقَ منها سوى هذا الدستور.. لكان واجبا الدفاع عنه، فما بالك وقد سقط كل شيء بعد إسقاطه؟
إن الدفاع عن دستور 2012 هو دفاع عن مستقبل كان يمكن أن يكون أفضل، لا عن ماضٍ مثالي. ودرس ثورة يناير سيبقى واضحا: "الدستور هو قلعة الثورة. فإذا سقطت القلعة، دخل الطغيان من أبوابها جميعا". وهذا ما حدث بالفعل.