هل يقبل التيار بالتمديد لعون مقابل إخراجه من بازار الرئاسة؟
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
لا يزال استحقاق قيادة الجيش يتصدّر "الأجندة السياسية" في الداخل اللبناني، على وقع الانقسام المستمرّ في مقاربته، مع بدء العدّ العكسي لانتهاء ولاية "القائد" العماد جوزيف عون في العاشر من كانون الثاني المقبل، حيث يتمسّك فريق من اللبنانيين بخيار "التمديد" للأخير، من باب "الضرورة"، مدعومًا بموقف واضح وصريح للبطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي يرفض أيّ "مساس" بالموقع قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
لكن في مقابل هذا الفريق، الذي ينطلق في موقفه من أنّ أيّ "شغور" في قيادة الجيش في الوقت الحاليّ يُعَدّ بمثابة "تجاوز للخطوط الحمراء"، ثمّة فريق آخر، يتصدّره "التيار الوطني الحر" بقيادة الوزير السابق جبران باسيل، يرفض التمديد بالمُطلَق، لأسبابٍ يصفها بـ"المبدئية"، انطلاقًا من اعتراضه على هذه الخطوة في كلّ المناصب والمواقع، كما يقول، واعتقاده بأنّ "البدائل القانونية متوافرة"، وأنّ "لا فراغ" في قيادة الجيش، تحت أي ظرف من الظروف.
لكنّ الأسباب "الموجبة" التي يدفع بها "التيار" لتبرير رفضه للتمديد لقائد الجيش، تُقابَل بتشكيك لدى خصومه الذين يعتبرون أنّ باسيل يتعاطى بأسلوب "النكايات الشخصية"، وربما "الكيدية" مع الاستحقاق، ربطًا باعتقاده بأنّ إخراجه من قيادة الجيش، قد يُضعِف حظوظه في استحقاق رئاسة الجمهورية، حيث لا تزال "أسهمه" الأعلى فيما يعتبره باسيل "خصمه الشخصي"، ما يطرح السؤال: هل بالتمديد لعون مقابل خروج الأخير من بازار الرئاسة؟
"التيار" متمسّك بموقفه
ترفض أوساط "التيار الوطني الحر" التعليق على هذه "الفرضية"، أقلّه في العلن، فهي بالنسبة إليها غير دقيقة ولا واقعية، حيث تؤكد أنّ موقف باسيل من ملف استحقاق قيادة الجيش "مبدئي"، ولا يرتبط بشخص القائد جوزيف عون، خلافًا لكلّ ما يُحكى في بعض الأوساط السياسية، مذكّرة بأنّ "التيار" رفض التمديد في كل المواقع، بما فيها تلك التي تخصّه، وهو ما سرى على موقع الرئاسة، علمًا أنّ التمديد للرئيس ميشال عون كان يمكن أن يجنّب البلد الكثير من المشاكل.
تقول هذه الأوساط إنّ محاولة تصوير موقف باسيل على أنّه "كيديّ" ومرتبط برغبة رئيس "التيار" في "إزاحة" العماد عون من الصورة، "غير موفّقة" أيضًا، أولاً لأن "الخلط" بين الاستحقاقين لا يبدو في مكانه على الإطلاق، وثانيًا لأنّ "التيار" لا يعتبر أن حظوظ عون عالية أصلاً، وهو الذي يحتاج انتخابه إلى "شبه إجماع" غير متوافر، علمًا أنّ خروجه من قيادة الجيش لا يعني بالضرورة تخلّي داعميه عنه على مستوى الرئاسة، إن أرادوا فعلاً وصوله.
الأهمّ، بحسب أوساط "التيار"، هو أنّ الفريق الداعم للتمديد لقائد الجيش يسعى للتغطية على "تناقضه" مع نفسه، ولا سيّما أنّه هو الذي انقلب على شعار "لا للتمديد" الذي لطالما رفعه، كما يستعدّ للانقلاب على مبدأ "تشريع الضرورة"، وذلك من خلال محاولة "تسييس الموضوع"، عبر الإيحاء بأنّ "التيار" المنسجم مع نفسه ومبادئه، هو الذي يتصرف من منطلق "شخصي"، كتمهيد لاعتبار الموضوع "انتصارًا معنويًا" عليه، لا أكثر ولا أقلّ.
"لا دخان بلا نار"
لكن، بعيدًا عن المواقف التي يطلقها "التيار الوطني الحر" رسميًا وفي العلن، ثمّة من يستند إلى مبدأ أنّ "لا دخان بلا نار"، ليلمّح إلى أنّ "جهودًا جدّية" تُبذَل خلف الكواليس من أجل الوصول إلى "تسوية" بين جميع الفرقاء، في ظلّ قناعة بأنّ أيّ حل لملف قيادة الجيش "شبه مستحيل" من دون التوافق، سواء تعلّق الأمر بتعيين قائد جديد للجيش، وهو ما بات غير مرجَّح، أو التمديد للقائد الحالي، في ظلّ "الفيتو" المرفوع في وجهه من قبل "التيار".
وفي حين يؤكد بعض المتابعين أن الوساطات المبذولة في هذا السياق تجاوزت الإطار المحلّي، لافتة إلى أنّ الاتصالات دخل على خطّها الوسيط القطري، وربما الفرنسي أيضًا، يقول العارفون إن "التيار الوطني الحر" يبدي مرونة في التعاطي مع الأمر أكثر من السابق، خصوصًا في ضوء موقف البطريرك الراعي الحازم، وعدم القدرة على الذهاب إلى "الصدام" معه، ما يجعله قابلاً لتسوية ما، مقابل "ثمن ما" يريد قبضه بطبيعة الحال.
وفي السياق نفسه، ثمّة من يعتقد أنّ "كلمة السرّ" تبقى في يد "حزب الله" الذي لم يُدلِ بدلوه بعد، والذي يُعتقَد أنّ موقفه قد يغيّر الكثير من المعطيات، علمًا أنّ ما يُنقَل عنه يشير إلى "تريّثه" بانتظار أن يحسم المسيحيون موقفهم، فيما يذهب البعض إلى حدّ الحديث عن "امتعاض" لديه من موقف باسيل، مع عدم رغبته في "الخلاف" معه، في ضوء موقفه من الحرب الإسرائيلية على غزة، وكلّها معطيات يمكن أن تؤثّر على موقف باسيل.
قد يبدو الحديث عن "مقايضة ما" بين استحقاقي قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية، ولو من باب التمديد للقائد جوزيف عون، مقابل سحب اسمه من "بازار الرئاسة" مُبالَغًا به، في مكانٍ ما. لكن ثمّة من يعتقد أنّ مثل هذه "المقايضة"، بمعزل عن مدى دقتها، قد تجد الكثير من "مقوّمات وجودها" في السياسة اللبنانية، التي قد تكون في واقعها، أبعد ما تكون عن "مبدئية" يتسلّح بها باسيل في الكلام، من دون أن يقتنع بها حلفاؤه قبل خصومه!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التیار الوطنی الحر قیادة الجیش
إقرأ أيضاً:
فرنسا تطالب بـدين أوروبي لتمويل التسليح المشترك.. هل يقبل ميرتس؟
أقترح وزير الاقتصاد والمال الفرنسي إيريك لومبار النظر في اللجوء إلى "دين أوروبي" لتمويل زيادة الإنفاق العسكري لدول القارة، في وقت تعتبر الحكومة الجديدة في ألمانيا أن إعادة تسليح البلاد "أولوية مطلقة".
وقال لومبارد لصحيفة "فرانكفورتر ألماينه تسايتونغ" الألمانية إنه "لا ينبغي من حيث المبدأ رفض فكرة دين أوروبي لتمويل التسليح"، وهي تصريحات أتت عقب لقائه وزير المال الألماني لارس كلينغبيل، نائب المستشار في حكومة فريدريش ميرتس.
وبعد المستشارية، ألمح ميرتس الى أنه "قادر على تخيل" أن يلجأ الاتحاد الأوروبي إلى إجراء مماثل لما اعتمده هو في برلين بشأن القواعد التي تحدد سقف العجز في الميزانية العامة، وذلك عبر جعل جزء من الإنفاق الدفاعي مستثنى من هذه القواعد.
وأكد ميرتس أنه سيحافظ على نهج سلفه أولاف شولتس الذي لطالما رفض ديونا مشتركة جديدة للتكتل القاري، ترك الباب مفتوحا على إمكانية القبول بديون كهذه شرط أن تبقى "استثناءات"، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
واعتبر لومبار أن على الأوروبيين أن "يتفقوا أولا على حزمة إعادة التسلح"، وهي خطة ترمي إلى تخصيص نحو 800 مليار يورو بحلول عام 2030، مشيرا إلى أن "المفاوضات تحقق تقدما".
واعتبر الوزير الفرنسي أن برنامج القروض بقيمة 150 مليار يورو المخصص لتمويل المشتريات ومشاريع التسلح في أوروبا بشكل مشترك، يعد "تطورا مهما"، لكنه رأى أن على الأوروبيين "تهيئة الظروف من أجل استقلالية استراتيجية".
وشدد على وجوب أن يأخذ "التفكير الاستراتيجي" في الاعتبار، السياق الاقتصادي العالمي الراهن الذي تسبب به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأمام الحاجة الهائلة لإعادة التسلح من أجل مواجهة التهديد الروسي، يدعو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ أشهر إلى اقتراض مشترك على غرار ما تم الاتفاق عليه خلال الجائحة في 2020.
ويتعين على ماكرون أن يقنع بذلك ميرتس الذي تعهّد أن يكون لألمانيا "أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، بعدما نجح في إقرار رفع القيود المفروضة على القواعد الوطنية الصارمة التي تحد من قدرة الحكومة على الاقتراض.
ويعد التحول الاستراتيجي نحو إعادة التسلح، والذي كان يعد لفترة طويلة أمرا شبه مستحيل في بلد مسالم للغاية حيث كانت الأولوية الالتزام بضبط الميزانية، صعبا بالنسبة لميرتس الذي لا يحظى سوى بأغلبية ضئيلة في البرلمان، وفي ظل صعود اليمين المتطرف بحسب بعض استطلاعات الرأي.