عربي21:
2025-06-22@01:17:51 GMT

مدى واقعية اقتراح الأدميرال يايجي لكسر حصار غزة؟

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

دعا الأدميرال المتقاعد التركي جهاد يايجي، أحد مهندسي نظرية "الوطن الأزرق"، الحكومة التركية إلى السعي لتوقيع اتفاقية مع فلسطين لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، على غرار الاتفاقية التي وقعتها تركيا مع ليبيا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستجعل تركيا دولة جارة لفلسطين عن طريق البحر، وأن ممر أنطاليا- غزة سيؤدي إلى كسر الحصار المفروض على القطاع.



الأدميرال يايجي أشار أيضا إلى الخطة المذكورة في تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) لعام 2004 لبناء ميناء غزة، وذكر في حديثه إلى صحيفة "تركيا" التركية، أن حركة حماس تطالب ببناء ميناء في غزة، لافتا إلى أن مشروع الميناء لن يسهم في تنمية فلسطين من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل وسيعزز أيضا مطالب الفلسطينيين بالحرية والاستقلال، وسيلعب دورا في إفشال الخطط الصهيونية. وجدد يايجي ذات الاقتراح في تصريحاته بمعرض الكتاب في مدينة تشوروم التركية، مشيرا إلى أن فلسطين سيكون بإمكانها أن تمنع إسرائيل قانونيا من التنقيب عن النفط والغاز في مناطق صلاحيتها البحرية في حال وقعت اتفاقية مع تركيا لترسيم حدود تلك المناطق.

مشروع الميناء لن يسهم في تنمية فلسطين من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل وسيعزز أيضا مطالب الفلسطينيين بالحرية والاستقلال، وسيلعب دورا في إفشال الخطط الصهيونية
هذا الاقتراح الذي تناقلته وسائل الإعلام التركية، يبدو رائعا في الوهلة الأولى، وسيكون بالتأكيد لصالح البلدين في حال تحقق، إلا أنه يتجاهل نقاطا في غاية الأهمية تحدد مدى نجاح مثل هذه المساعي. ويجب مراعاة تلك النقاط حتى لا تبتعد الآراء والخطط عن الواقعية.

النقطة الأولى هي أن الاتفاقية المبرمة لترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا تم توقيعها بين الحكومة التركية وحكومة طرابلس المعترف بها دوليا كممثل شرعي للشعب الليبي. وفي فلسطين، يرى المجتمع الدولي أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس هي التي تمثل الشعب الفلسطيني.

احتمال السلطة الفلسطينية لتوقيع اتفاقية من أجل ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وفلسطين دون أن تحصل على ضوء أخضر من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر شبه مستحيل. ويقول الأدميرال يايجي إنه قدم مقترحه إلى الجانبين التركي والفلسطيني، إلا أن الأخير رفضه. ولعل تشكيل حكومة فلسطينية منتخبة تمثل إرادة الشعب الفلسطيني الحرة أو توقيع اتفاقية بين تركيا ومصر لتحديد مناطق الصلاحية البحرية؛ يفتح الطريق أمام توقيع تركيا اتفاقية مماثلة مع فلسطين في المستقبل.

النقطة الثانية، هي أن إسرائيل لا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة ولا تلتفت إلى تقاريرها إن كانت لصالح الفلسطينيين، وها هي ترتكب منذ أسابيع مختلف أنواع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لأنها ترى نفسها فوق القانون الدولي، وأنها تتمتع بحصانة تحميها من المساءلة والمعاقبة في مجلس الأمن أو المحاكم الدولية بفضل الفيتو الأمريكي.

إقامة ممر مائي لربط قطاع غزة المحاصر بالعالم الخارجي، سبق أن اقترحها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عام 2014، مستندا إلى تقرير الأونكاد. وكان المرصد أشار إلى أن تركيا يمكن أن تطالب إسرائيل بتزويد غزة بالطريق البحري إلى العالم، إلا أن ذلك الاقتراح لم يجد آذانا صاغية لدى الأطراف التي ترغب في إنهاء حكم حماس في القطاع عبر تشديد الحصار أو بأي وسيلة.

أن كلا من مصر والسلطة الفلسطينية شريكة بشكل أو بآخر في الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن المعلوم أن هدف الحصار الغاشم هو إعادة حكومة رام الله إلى القطاع. ويطالب سكان غزة ببناء ميناء يربط القطاع بالعالم مباشرة ويخلصهم من الإذلال سواء في معبر بيت حانون/ إيرز أو معبر رفح، إلا أن القاهرة ورام الله ترفضان مشروع الميناء بشدة
النقطة الثالثة هي أن كلا من مصر والسلطة الفلسطينية شريكة بشكل أو بآخر في الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن المعلوم أن هدف الحصار الغاشم هو إعادة حكومة رام الله إلى القطاع. ويطالب سكان غزة ببناء ميناء يربط القطاع بالعالم مباشرة ويخلصهم من الإذلال سواء في معبر بيت حانون/ إيرز أو معبر رفح، إلا أن القاهرة ورام الله ترفضان مشروع الميناء بشدة.

مصر تدرك أن معبر رفح سيفقد أهميته إلى حد كبير إن تم بناء ميناء في غزة ووجد سكان القطاع ممرا بحريا للخروج إلى دول العالم، وبالتالي لا تريد أن تضيع الورقة الرابحة التي تستغلها. كما أن سلطة عباس ترفض المشروع وترى أن تنفيذه سيعزز قوة حماس في القطاع. وكان الرئيس السابق لحكومة رام الله قد اعترف بأن السلطة الفلسطينية ترفض إقامة ميناء أو مطار في قطاع غزة، وقال في حوار مع أحد المواقع الإخبارية في أيلول/ سبتمبر 2015: "لن يكون هناك ميناء ولا مطار في غزة".

تركيا تريد أن تمد يد العون إلى جميع الفلسطينيين عموما وسكان القطاع المحاصر والمدمر على وجه الخصوص، بالتنسيق مع كافة الأطراف الفلسطينية المعنية، على رأسها الحكومة الفلسطينية التي يعتبرها المجتمع الدولي ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني. إلا أن إرادة الشعب الفلسطيني الحرة تختلف عن رأي المجتمع الدولي، كما أن رام الله لا تبدو عنوانا صحيحا لمساعدة غزة الجريحة.

twitter.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين الحدود البحرية تركيا غزة الحصار تركيا فلسطين غزة حصار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مشروع المیناء رام الله قطاع غزة إلى أن إلا أن

إقرأ أيضاً:

قوافل الغضب التي هزّت عروش الصمت

بسم الله الرحمن الرحيم

#قوافل_الغضب التي هزّت #عروش_الصمت

دوسلدورف/ أحمد سليمان العُمري 

في عالم يُحاصر الأطفال بين أنياب الاحتلال وأقدام الأنظمة العربية، انطلقت قافلتان: واحدة بحرية من أوروبا وأعقبتها أخرى برية من تونس؛ حملتا نفس الحلم: كسر الحصار عن غزّة، لكنهما اصطدما بنفس القسوة، قسوة تثبت أن الخيانة العربية والغطرسة الإسرائيلية وجهان لعملة واحدة. هنا قصّة أولئك الذين رفضوا أن يكونوا حرّاساً لهذا السجن الكبير.

مقالات ذات صلة لماذا يخفق القلب فرحًا أو حزنًا؟ وأيهما أشد وطأة؟ 2025/06/20

الليلة التي غرق فيها الضمير العالمي

«تياغو» البرازيلي ذو العشرين ربيعاً لم يكن يعلم أن مشاركته في رحلة سفينة «مادلين» ستنتهي به في زنزانة إسرائيلية تحت الأرض. «كنا 12 ناشطاً فقط على متن السفينة»، يقول بصوت يرتجف، «عندما حاصرتنا الزوارق الحربية الإسرائيلية في المياه الدولية، وكأننا أسطولاً عسكرياً وليس متطوعين يحملون أدوية الأطفال».

بين الأمل والقمع

انطلقت السفينة من ميناء «كاتانيا» في جزيرة صقلية الإيطالية في الأول من يونيو 2025، تحمل على متنها ناشطين من جنسيات متعددة، بينهم الناشطة البيئية “غريتا تونبيرغ” والنائبة الأوروبية ريما حسن. كانت الشحنة رمزية بحجمها وعظيمة بأبعادها، تشمل مئات الكيلوغرامات من المواد الأساسية كالطحين والأرز وحليب الأطفال، بالإضافة إلى معدات طبية وأطراف صناعية وأجهزة تحلية مياه.

هدف الرحلة كان واضحاً: كسر الحصار البحري عن القطاع ونقل رسالة تضامن صامتة لكنها مدوّية، غير أن هذه المبادرة الإنسانية واجهت القسوة نفسها التي تحاصر غزّة، ففي التاسع من يونيو، وبعد ثمانية أيام من الإبحار، اعترضت القوات البحرية الإسرائيلية السفينة في مياه دولية. اعتُقل الناشطون، وتحولت رحلة الأمل إلى فصل جديد من الاعتقال والاضطهاد، حيث واجه الناشطون ظروفا قاسية من الحجز والتفتيش المشدد، في محالة واضحة لكسر إرادتهم ووقف صوت التضامن الدولي.

حيث يُسرق الحليب باسم السيادة

بينما كانت الناشط البرازيلي تياغو على متن السفينة يخترق البحر في محاولة مقدامة لكسر الحصار عن غزّة، جرى اعتقاله مع بقية زملاءه الشجعان بوحشية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وسُجنوا في ظروف مهينة، دون أن يُراعى كونهم ناشطين إنسانيين؛ جاءوا بصفتهم المدنية لا كمقاتلين.

معاناة هؤلاء الشبان بالرحلة وفي السجون الإسرائيلية لم تكن حدثًا معزولًا، بل امتداد لمعاناة غيرهم من الأحرار الذين لا ينتمون إلى هذه الأرض جغرافياً، لكنهم ينتمون لها أخلاقياً وإنسانياً.

من تياغو إلى ريما حسن، النائبة الفرنسية الفلسطينية التي لم تشفع لها حصانتها الأوروبية، مروراً بالناشطين بين تركي وألماني وإسباني وهولندي… الخ الذين اعتقلوا أو طُردوا أو شُوّهت سمعتهم لأنهم فقط تجرّؤوا على رفع علم فلسطين في عواصمهم.

وإن كانت يد الاحتلال قد امتدت في عرض البحر لتقمع من جاؤوا متضامنين، فإن اليد الأخرى، المخفية تارة والمكشوفة تارة أخرى، كانت تضرب على اليابسة. ففي مصر، تعرّض الناشطون من “مسيرة غزّة” للضرب والإهانة والتنكيل على أيدي قوات أمن بلباس مدني، في محاولة ممنهجة لإظهار أن الاعتراض يأتي من “المواطنين العاديين”، وليس من الدولة.

لقد لبس القامعون ثوب الشعب ليخونوا نبضه، وأوهموا العالم أن الشارع المصري – وهو الزخم العارم لفلسطين – قد انقلب على المبدأ. بينما الحقيقة أن اليد التي صفعت هؤلاء المتضامنين ليست يد الشعب، بل يد السلطة، وهي اليد ذاتها التي تصافح القتلة هناك، وتمنع المساعدات هنا، وتحاصر الفلسطيني في جسده ومعيشته وتُمعن في عزل كل من يحاول الوصول إليه.

بهذا المشهد، تتكامل المأساة مع الهزل، وتغدو الجغرافيا السياسية للمقاومة محكومة بمنظومتين: شعوبٌ تتقد بالشجاعة رغم البعد، وأنظمةٌ تشتغل لحساب الاحتلال وإن رفعت شعارات ضده. وهنا، كما يؤكّد الحال راهناً، فإن التضامن مع القضية الفلسطينية لا يزال يواجه مقاومة ضارية من أنظمة ترى في بقاء الاحتلال حماية لاستقرارها أو امتداداً لاستعمارها، أكثر مما ترى فيه جريمة تستحق المواجهة.

وفي ليبيا، حيث تسيطر قوات حفتر، كانت العراقيل بذريعة البيروقراطية والتعنّت الأمني في أقصى درجاتها، إذ منعت قوافل التضامن من المرور، وواجه ناشطون تحقيقات مطولة وإجراءات تعسفية، مما يعكس تنسيقاً أمنياً واضحاً وفاضحاً مع الاحتلال.

هذه التجارب المشتركة، من الاعتقال في سجون الاحتلال إلى التضييق في الحدود ومطارات الدول العربية والحدود البرية، تؤكّد حجم العقبات التي تواجه أي محاولة حقيقية لكسر الحصار وإيصال الدعم لغزّة، كما تؤكّد أن التضامن مع القضية الفلسطينية لا يزال يلقى مقاومة شديدة من أنظمة تحابي الاحتلال أكثر مما تُساند شعوبها في قضاياه المصيرية.

الرسائل التي كتبها الجلادون بتواطئهم

الرسالة التي كتبها الجلادون كانت واضحة، وإن اختلفت أيادي التوقيع عليها: حفتر قطع الطريق في الصحراء، والسيسي أطلق شرطته على المتضامنين مع غزّة في شوارع مصر ومطاراتها، يضربون، يرحّلون، ويقمعون كل من حاول أن يمرّ من بواباتهم بجوازه وكرامته.

أما إسرائيل، فكانت تشاهد من بعيد، مُطمئنة إلى أن الطرق إلى غزّة ما زالت مغلقة.

قافلة الصمود رغم عودتها اليوم لم تُكسر، عادت إلى تونس بجراحها وتحمل شيئاً أعظم من العبور: يقظة الضمير. لم تصل الشاحنات، لكن وُلدت إرادة جديدة، وكُسر الصمت، وإن لم تنجح سفينة ماديلين والصمود، فسيأتي بعدهما قوافل أخرى، بالآلاف، فإرادة الشعوب لا تنضب، وغزّة لا يمكن أن تُحاصر إلى الأبد.

إذا مُنعوا اليوم من العبور، فستُحوّل الأرض كلها إلى معبر؛ القوافل والسفن لم تمت، بل صارت فكرة لا تموت.

مقالات مشابهة

  • مسؤول إيراني: الاقتراحات الأوروبية غير واقعية
  • إيران: مقترحات أوروبا "غير واقعية".. ولن نتخلى عن التخصيب
  • مسؤول إيراني لرويترز: المقترحات الأوروبية في جنيف غير واقعية
  • قوافل الغضب التي هزّت عروش الصمت
  • مالك بن نبي بين حصار الاستعمار وصراعات النخب.. قصة تهميش عبقري النهضة
  • ضمن زيارة رسمية إلى تركيا… وزير الصحة الدكتور مصعب العلي يوقّع اتفاقية تعاون مع نظيره التركي لتطوير القطاع الصحي في سوريا
  • لفتيت: الحكومة منفتحة على كل اقتراح بناء يهدف إلى تقوية المشاركة الانتخابية لأفراد الجالية
  • تعزيز التعاون لدعم القطاع الصحي بسوريا محور زيارة وزير الصحة إلى تركيا
  • مجلس القضاء يتدخل في اللحظة المناسبة.. “درع مبكّر” لكسر “تطلعات الاستغلال” ضد النظام في العراق
  • يوسف عبدالمنان يكتب: كادقلي تحتضر