الثورة نت:
2025-05-30@10:02:07 GMT

الاستقلال لا يعني الثبات

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

لكل مرحلة من تاريخ المجتمعات مفاهيمها الخاصة التي تؤطر طريقة تفكير الأفراد والجماعات، وتحدد هوية وطبيعة العلاقات بينهم، ولا تكاد تقتصر جدلية الفكر واللغة على إنتاج مفاهيم جديدة تستجيب للتحولات التي تطرأ على علاقة الفكر بالأشياء وبالعالم بل تعمل على تحسين المحتوى العام للمفردات وتحسين المفاهيم في اتجاه توسيع المحتوى الدلالي أو تضييقه أو تعديله بشكل من الأشكال.


ولذلك نقول ن المعركة الثقافية اليوم لا تقل شأنا عن المعركة العسكرية ولا بد لنا من خوض غمارها بقدرة كبيرة حتى نحقق الانتصار الذي نرغب ما لم فنحن ندور في دوائر مفرغة لا قيمة لها في الواقع ولا أثر لها في المستقبل، فدوائر التطور متعددة وتشمل إلى جانب الدين العقل والفن ولا بد من التوازن بين الدوائر حتى لا تطغى دائرة على أخرى فيكون الصراع تعبيرا عن النقص لا استقرارا من توازن الكمال بينهم .
نحن ندرك اليوم أن العالم أصبح قرية صغيرة لابد أن نتلقى أفكاراً ونعطي أفكاراً، لأن من يعرف يحب المعرفة في غيره، والمهم حسن الاختيار، وبعد حسن الاختيار حسن الاستخدام، والمهم أن نكتشف على ضوء الفكر مكامن قوتنا ومواطن ضعفنا، وبمعرفتنا نفوسنا نعرف من أين نبدأ؟ وكيف؟ فالواقع يتحرك من حولنا ومن تحتنا، ولا نقدر على تسييره إلا بالفكر المثقف والاستزادة من التثقف والتفكير، لأن الواقع لا يبدو في أحلامنا وإنما يتحرك من خارجنا ويمتد منه إلينا.
ولعل الواقع أخصب مادة للفكر، لأن للفكر موارد كما له منابع، وليست المعرفة الفكرية مقصورة على الكتب ومناهج الدراسة وإنما كل قضية وكل شيء يعطي فكرةً ويلهم رأياً، وقديما كانت العرب لا تصدر عن أصحاب الحكمة والتجربة والرأي.
ومن يحب معرفة نفسه يعرفها من تجارب غيره ومن وقائع تجربته، فوراءنا طريق طويل من التجارب، فإذا كان الماضي من العصر قد هجم علينا قبل الاستعداد له، فإن علينا أن نواجه الحاضر بنفس روح العصر وآلاته، فطول احتمائنا بالماضي أو حفاظنا على الحاضر لا يدفعان عنا هجوم الغد، ولكي لا يهاجمنا الغد كالأمس علينا أن نهاجم الغد من أوسع أبوابه، لان أمسنا من صنع غيرنا أما الغد فهو من صنعنا أو صنع حاضرنا .
وتحرك الجماهير دليل على رفضها للواقع ورغبتها في الأفضل الذي يحظى فيه الإنسان اليمني بإنسانيته ليعيش الحياة لا ليكابدها، واليوم وقد رفضت الجماهير واقعا وحل محله واقع أجدّ نسبيا، فمن الممكن إبداله بواقع أكثر جدة، وأكثر نظافة وأكثر إمكانا لتجديد كل واقع، فالسلطة مدينة بوجودها للمواطن العادي الذي ينكر كل سلطة سيئة، ويبحث عن سلطة أفضل لأن كل زعامة سياسية أو قيادة عسكرية لا بد أن تكون وليدة ظروف، لكن هذه الظروف من خلق المواطنين العاديين لكثرتهم وحرارة تجاربهم مع محترق السياسة، والتأريخ يتحدث أن الذين ترفعهم أحداث تسقطهم أحداث، والذين تخلقهم فرص تعدمهم فرص أخرى، والوسيلة الوحيدة لبقاء أي زعامة هو النزول عند رأي الشعب مفجر الأحداث وصانع الحدث، كما دلت الأحداث والوقائع .
وطالما وقد تحمل أنصار الله مسؤولية القيادة والريادة في هذه المرحلة فلابد لهم من التجدّد والأخذ بمبدأ المبادرة وصفات الرائد والقائد، ليقودوا شعبهم بكل دراية ووعي واقتدار إلى مرحلة التعامل مع التغيرات.. أي مرحلة الانتقال من عقلية عصر الصناعة إلى عقلية عصر المعلومات، والفرق بينهما أنه في عصر الصناعة كان يتم الحصول على المعلومات كلما كانت هناك حاجة إليها في حين تتواجد المعلومات في عصر المعلومات بشكل دائم وهي تدور في حيز التشغيل، وكما كان الحال في عصر الصناعة يتصرف القادة فيه وكأنهم أصحاب القرار، ولا بد من إدراك الحقيقة التي نحن عليها أن هذا المبدأ قد تغير بتغير الأحوال والمستويات الحضارية والمعرفية، إذ فقدَ القادة في عصر التكنولوجيا خاصية صنع القرار بل أصبحت مهامهم أكثر يسرا وأكثر تفاعلا مع الحدث من خلال العمل على تشغيل المعلومات المتوفرة، وهذا هو الحال الذي نحن عليه في عصر التكنولوجيا ولابد من الوعي به، والاشتغال على الخطط الاستراتيجية التي تصنع المستقبل وليس انتظار المستقبل حتى يأتي، والاشتغال على الخطط لا يمكن أن يكون عفو الخاطر بل برؤى وأفكار قادرة على التحرك والتفاعل مع واقعها من خلال بنية تنظيمية وبنية توجيهية، وبنية رقابية، ترصد الحالات المنحرفة لتعمل على تعديلها حتى تتسق مع البناءات المختلفة.
فاحتفالنا بعيد الاستقلال — كثورة أخرجت مستعمرا – لا يعني الثبات بل يعني أن ثورتنا مستمرة – كما قال قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي – واستمرار الثورة لا يعني الحصول على الاستقلال والحرية والسيادة فقط بل يعني التجدد والتفاعل وإحداث متغير حقيقي في حياة المجتمع لا بشبه ما كان في سالف الأيام بل يبدع ما سوف يكون في قابل أيامنا من خلال الصناعة والوعي وتجديد المفاهيم وإعادة تعريف مفاهيم الوطن والهوية والحرية والاستقلال والسيادة، بعد أن فسد هذا المفهوم وتبدل بفعل الخطاب الإعلامي المكثف للخونة ومرتزقة العدوان .

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: فی عصر

إقرأ أيضاً:

الفرح العام والفرح الخاص!!

#الفرح_العام و #الفرح_الخاص!!
25/05/2025م
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
وكما يُقال: لي فرحتان: فرحة “79 عامًا”، وفرحة اليوم ميلاد حفيدي “كايد”. وحين تلتقي الفرحتان يصبح الفرح عُرسًا وطنيّا وشخصيّا.
الفرح مشروع، وهو حافز إيجابي لكل الشعوب، ومن حق الشعب الأردني أن يفرح مهما كانت الظروف والعوامل الأخرى. فرح الشعوب مطلوب، وعلى القادة من مؤثرين ومحلّلين أن يقودوا الفرح نحو التقدم، ويمنعوا اتخاذه مناسبة للتسلق الفردي، والانتهازي؛ ولذلك، نميز بين فرح حقيقي لشعب، وفرح نخبوي بعضه بريء!
والفرح الشخصي مشروع أيضًا. في الفرح الشخصي، تأتيك البهجة مشروعة، وخالصة، ومفهومة! بخلاف الفرح العام. فميلاد حفيد متزامن مع الاستقلال يحمل معانيَ مُهمّة! وعلى صعيد الاحتفال العام، يصعب فهم ماجرى من جدل، وتناقضات حول الاحتفال بعيد الاستقلال! فهناك من سأل: ما الذي استجد هذا العام؟ هل الرقم 79 رقم خاص في ذاكرة الأردنيّين؟ هل لأنه لا يقسِم إلّا على نفسه؟ وهل لأنه ليس له عوامل وجزئيات؟ المهم 79 رقم صعب لا ينقسم شكلًا! فماذا عن المضمون؟
وأخيرًا السؤال الكبير: هل اكتشف الأردنيون أنفسهم بعد نقاشات قادها الروابدة حول تاريخ الأردن وسرديته؟ وهل يعاني الأردنيون من نقص اضطرّهم للدفاع عن هُويتهم، وكيانهم تمثل في الاحتفالات الواسعة والعفوية، والتي تعكس انتماءً، ووطنية، وحبّا، وأشياءَ أخرى؟ ما الذي دفع أحدَ الكتاب للمطالبة بمخالفة كل سيارة لا تضع علَم الأردن على رأسها؟ وما الذي دفع كاتبةً إلى القول: إن حب الوطن غريزة، وليس “غريسة” بمعنى يولد معنا ولا يُزرع فينا؟!!

(01)

الاستقلال الإيجابي استقلاب!
والاستقلاب عملية تجزيء، وتحليل للأجزاء من أجل تحويلها إلى خلايا جديدة في الجسم! وهذا هو معنى الاستقلال كما وصفه إبراهيم بدران حين قال: الاستقلال طريق للبناء والتنمية. وذهب كثيرون إلى هذا المنحى! فالاستقلال هو تنظيم للمستقبل، وليس تغنّيًا بأمجاد الماضي! هكذا يكون الاحتفال: ما مشكلات المدارس؟ ما حلولنا؟ ما مشكلات الطرق والصحة؟ وكيف نحلها؟
فالاحتفال تفكير مستقبلي في التنمية والبناء! وقد أبدع كثيرون في الحديث عن التنمية البشرية والبيئية، والسياسية وغيرها، ومع ذلك انقسم الأردنيون!

(02)
محتفلون وممتنعون!
يركز المحتفلون على حاجة المواطن إلى الفرح؛ وبذلك هتفوا، وغنوّا، ودبكوا… إلخ. واتهموا من لم يشارك بالتنكّر للوطن! كتب أحدُ رؤساء تحرير إحدى الصحف: ما بال القوميّين يحتفلون بأي عيد لدولة عربية على هواهم، ولا يحتفلون بعيد أردني؟ هل وصل التنكّر للوطن إلى هذا الحدّ؟! ويقول الطرف الآخر: كيف نحتفل، وغزّة تُباد؟ وكيف تتغنّون بأمجاد لم تستطع وقف الإبادة، أو حتى مشروعات الهجرة؟ ويتهمون المحتفلين بِـــ” النفاق، والهجرة إلى المناصب !!

مقالات ذات صلة المهنة راعي 2025/05/26

(03)
جواد العناني
كان د. جواد موضوعًا جدليّا: كيف يتفهم حرب الإبادة، ويُطِل من التلفزيون الوطني مدافعًا وباعثًا للفرح بعيد الاستقلال؟ تندّر أحدُهم وقال: مَن احتفلوا بالاستقلال، لم يستنكروا ما قاله العناني! ومَن انتقدوا العناني بل”هاجموه واتهموه” لم يتحدثوا عن الاستقلال! وهكذا كان العناني معيار الفصل بين أنصار الحكومة، وهم نخبة، وبين معارضيها وهم نخبة أيضا، بل وجماهير!

(04)
الخامس من حزيران!!
احتفلنا بالاستقلال في 25/ 05، وسيمرّ علينا الخامس من حزيران المؤلم بعد عشرة أيام!! كان يمكن أن يكون كِلا التاريخين تأمّلًا، ودروسًا، وعِبَرًا! عندها نكون إيجابيّين، ولا ننتقل من أعلى قِمم الفرح والفخر، إلى أدنى دركات الأسى، والذل!!
(05)
حين يكون الفرح مزدَوجًا
كايد طارق ذوقان عبيدات، 25/05/2025، أكرمنا الله بحفيد، جعل الفرح كاملًا. نأمل أن يسير على درب المجاهد “كايد مفلح عبيدات”، ويشهد تحرير فلسطين!!!
فهمت عليّ جنابك؟!!

مقالات مشابهة

  • السفير خالد البقلي وإلينا بانوفا يكتبان: يحرسون الأمل وسط الصراع.. حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد
  • السفير خالد البقلى وإلينا بانوفا يكتبان «يحرسون الأمل وسط الصراع: حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد»
  • سفارة جمهورية أذربيجان تحتفل بمناسبة عيد الاستقلال
  • تشكيل بيراميدز المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا في الدوري المصري
  • تشكيل الأهلي المتوقع أمام فاركو في الدوري المصري
  • من الغد.. حظر أسطوانات الغاز بالمشاعر المقدسة خلال موسم الحج
  • بدءا من الغد.. حظر دخول واستخدام أسطوانات الغاز المسال بالمشاعر المقدسة
  • المالية والخدمة تبدأن اصدار تعزيزات المرتبات .. والصرف من الغد
  • موقعة حسم الدوري.. تعرف على تاريخ مواجهات الأهلي أمام فاركو قبل مباراة الغد
  • الفرح العام والفرح الخاص!!