وصل رئيس الوزراء السوداني المعين حديثاً، كامل إدريس، إلى العاصمة المؤقتة بورتسودان، الخميس، بعد أكثر من أسبوع من صدور مرسوم تعيينه، منهياً بذلك حالة الشكوك التي أثيرت بسبب تأخر عودته من مهجره في سويسرا، حيث كانت هناك تكهنات بأنه قد يرفض المنصب.

صدر مرسوم التعيين في 19 مايو الحالي عن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، الذي عيّن كامل الطيب إدريس، الموظف الأممي والدبلوماسي السابق، رئيساً للوزراء، بعد شغور المنصب لما يقرب من أربع سنوات عقب استقالة عبد الله حمدوك.

وأفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) بوصول إدريس إلى مطار بورتسودان، حيث كان في استقباله عدد من الوزراء والمسؤولين، تمهيداً لأداء اليمين الدستورية خلال الأيام المقبلة.

نُشرت صور للرئيس الجديد وهو ينزل من الطائرة، ويلتقي بمستقبليه، كما أظهرت صورة له وهو يسجد شكراً لله على أرض المطار قبل توجهه إلى مقر إقامته في بورتسودان. نص قرار التعيين على منحه صلاحيات كاملة في تشكيل حكومته دون تدخل من أي جهة، فيما أكد مساعد رئيس مجلس السيادة الفريق ياسر العطا أن القوات المسلحة لن تتدخل في عمل رئيس الوزراء، وأن المجلس منح إدريس كامل الصلاحيات التنفيذية، معتبراً تعيينه بداية حقيقية للتحول المدني الذي يلي ما وصفها بـ”الانتصارات الميدانية” التي حققها الجيش.

يواجه كامل إدريس تحديات كبيرة، من أبرزها استمرار الحرب وتأثيراتها المدمرة، بما في ذلك تفشي الأوبئة، وخاصة الكوليرا، والبنية التحتية المتضررة، خصوصاً في العاصمة الخرطوم.

على الصعيد المهني، يتمتع إدريس بخبرة دبلوماسية وقانونية واسعة، فقد شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو) بين 1997 و2008، وكذلك الأمين العام للاتحاد الدولي لحماية المصنفات النباتية الجديدة. بدأ مسيرته المهنية كسفير بوزارة الخارجية السودانية، وترشح عام 2010 للانتخابات الرئاسية كمستقل، لكنه لم يحقق الفوز.

درّس إدريس في جامعة القاهرة فرع الخرطوم وحصل على بكالوريوس في الفلسفة، كما يحمل بكالوريوس في القانون من جامعة الخرطوم، وماجستير في القانون الدولي من جامعة أوهايو الأميركية، إلى جانب دكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية بجامعة جنيف في سويسرا.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الجوع في السودان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الحرب السودانية السودان

إقرأ أيضاً:

دعوة تأبين.. للقانون الدولي الإنساني

أبو الخطّاب سُلطان اليحيائي

 

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾.

تكريمٌ إلهيٌّ لم يُفرِّق بين لونٍ أو لسان ولا بين شِمالٍ وجنوب ولا بين مسلمٍ وغير مسلم.

لكنّ هذا التكريمَ اليوم يُهان جهارًا في غزّة ويُغتال بصمتٍ دوليّ وتُطوى معه آخر ورقةٍ من أوراق "الضمير العالمي".

 

فهل ثمّة قانونٌ بعد حيّ يُذكَر؟!

 

إنّها دعوةُ تأبينٍ رسميّة نرفعها للعالم أجمع.

فقانونُكم الإنسانيُّ لم يُقتَل برصاصة، بل طُمر حيًّا تحت الأنقاض وجُرِّد من معناه وتحوّل إلى مسوّدةٍ جوفاء لا تحمي طفلًا ولا تردع مجرمًا، بل تُستخدم غطاءً للخراب.

هل يُعقَل أن يُشرَّع قانونٌ باسم "الإنسانيّة" ثم لا يكون الإنسانُ المسلمُ العربيُّ فيه شيئًا مذكورًا؟

هل يُعقَل أن تُبجَّل معاهداتٌ تُجرِّم العدوان وتحظر استهداف المدنيين وتكفل الحمايةَ للنساءِ والأطفالِ ثم تُنتهك هذه كلُّها في كلّ غارة ويتبادل المجرمون والمطلوبون للعدالةِ الدوليّة التهاني على الهواء مباشرة من منهم الأحقُّ بجائزة نوبل للسلام؟!

أين الإنسانيّةُ التي تتغنّون بها؟

أين مبادئُكم حين تُقطَع المياهُ عن الأطفال وتُنسف المستشفياتُ على رؤوس المرضى ويُدفن الناسُ أحياءً تحت الركام ولا يُسعفهم أحدٌ إلّا الدّعاء؟!

أيُّ خزيٍ هذا الذي تجرّعته الأنظمةُ العربيّة بصمتها؟!

وأيُّ سقوطٍ أخلاقيٍّ هذا الذي جعل بعضَها شريكًا في الحصار وبعضَها الآخر يُبرِّر المجازرَ تحت شعار "مكافحة الإرهاب" وكأنّ الصهاينة يقصفون شياطين لا بشرًا من بني آدم؟!

 

العربُ اليوم ليسوا على الحياد.. فلم تُحرِّكهم دماءُ الأطفال، ولا صرخاتُ الأمهات، ولا نداءاتُ الجرحى، بل حرّكتهم "قوائمُ التطبيع" ومناصبُ الدبلوماسيّة وخوفُهم المزمن من غضب البيت الأبيض وضياعِ دُوَلِهم إن دخلوها حربًا مع واشنطن.

غزّة ليست مجرّد مدينةٍ تُقصف، بل مرآةٌ عاكسة عرّت الأنظمة والمنظمات وكشفت أن القانونَ الدوليَّ ليس أكثر من وثيقةٍ هشّة لا تقوى على حماية طفلٍ واحدٍ في بيت حانون أو رفح.

غزّة قتلت الكذبة الكبرى أن "العالم المتحضّر يحمي الإنسان" فبانت حقيقة الإنسانُ العربيُّ المسلم، دمه رخيصٌ في الميزان الغربي، وحقُّه مُعلّقٌ على توقيع الفيتو.

نحن لا نرثي القانونَ الدولي فقط، بل نرثي منظومةَ القيم التي صدّع بها الغرب رؤوسنا.

تلك القيم التي سقطت أمام مشهدِ أمٍّ تحت الأنقاض، تُمسك يد رضيعها وقد توقّف نبضه، بينما ترفع إحدى السفارات علم "حقوق الإنسان" في احتفالٍ مشبوهٍ مخزٍ.

كفى خضوعًا للسرديّات الكاذبة.

كفى تبريرًا للقهرِ باسم "الشرعيّة الدوليّة".

فلا شرعيّةَ لشيءٍ يقتلُ الإنسانَ باسم القانون ولا قانونَ يُحترم إذا فُصِّل على مقاس الدم الغربي فقط.

لا تظنّوا أنّنا نبكي ضعفًا، بل نصرخ من شدّة القهر والغيظ.

نحن لا نرثي القانون، بل نغضب لكرامةٍ تُهدَر، ولإخوانٍ مسلمين يُبادون، والذي يتحسّس من هذا الوصف الربّاني، فليضرب رأسه على جدار المبكى المزعوم فليس هو منهم ببعيد.

وفي المقابل تنعقد القممُ العربيّة تحت القبب المكيّفة وتخرج ببياناتٍ باهتةٍ مزيّفة لا تُسمن من الحقّ شيئًا ولا تُغني غزّة عن دمعة أو شهيد.

إنّهم لا يملكون شجاعة أن يُسمّوا الجريمة جريمة، ولا أن يوصّفوا المجزرة مذبحة، بل يخطّون بياناتهم بمداد الخزي تصلح لدفن القضيّة لا لنُصرتها.

غزّة لم تَكفُر، بل آمنت بحقّها وصبرت وثبّتت ووقفت على ثغرٍ من ثغور الإسلام.

وأرادت أن تُعيد تعريف الإنسان بوجهه الحقيقي، لا بتصريحات اليونسكو، ولا بمعايير مجلس الأمن، بل بقول الله تعالى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ فهل بعد هذا تكريم؟!

 

هذا العالمُ الذي لم يَعُد يرى لا يستحقّ أن يُرى.

وهذا القانونُ الذي لا يحمي إخوانَنا المسلمين لا يستحقّ أن يُحترم.

وغزّة التي تسكن في كلّ قلبٍ حرّ ستُحرِّر القوانين من نفاقها كما حرّرتنا من أوهامنا.

 

فيا مَن تحمّلتم أمانةَ الحفاظ على أوطانكم حرّة وكرامةَ شعوبكم محفوظة.

إمّا أن تنهضوا بما عليكم من واجبٍ شرعيٍّ وتاريخيّ.

وإمّا أن تلحقوا بمأتم القانون الدولي الإنساني وتُدفنوا معه في حفرةِ النسيان.

فلا أنتم مأسوفٌ عليكم ولا هو قانونٌ يُبكَى عليه.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ؟ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾.

مقالات مشابهة

  • دعوة تأبين.. للقانون الدولي الإنساني
  • موت الصحفيين في غزة جوعاً.. انهيار قواعد القانون الدولي
  • أقوال الصحف والمواقع الإلكترونية اليوم السبت 26 يوليو 2025
  • تحركات حكومية لوقف نزيف الجنيه السوداني
  • رئيس الوزراء الكندي يتهم “إسرائيل”بانتهاك القانون الدولي بمنعها وصول المساعدات لغزة
  • القانون يحصن أعضاء الشيوخ| تفرغ كامل وعودة آمنة للوظيفة بعد انتهاء العضوية
  • حديث مثير من كامل إدريس عن مشاكل السودان
  • السوداني: مشروع تحلية مياه البحر يشكل حلا جذريا لشح المياه في العراق
  • بعد توجيهات رئيس الوزراء.. القانون يلاحق المحتكرين بعقوبات صارمة
  • السوداني:الإتفاق “جيد” مع حكومة الإقليم هي ترسل(120) مليار ديناراً شهرياً ونحن نرسل لها (998) مليار ديناراً شهرياً لسد الرواتب!!