كتب خالد هيثم
على مدار المباريات التي مضت في جولات دوري عدن الممتاز ، وصولاً إلى ديربي عدن ، في ملعب الحبيشي ، مساء الخميس ، كان حكمنا الدولي السابق " علي حاجب" بين أحضان قلوب كل من يحط بقدمه معشبنا التاريخي ، فالحديث الذي جمعه مع عشاق كرة القدم الذين تماشيا مع سنوات العطاء وروح ما قدمه " الرجل" ، كان سكة ومساحة حب بقيمة ومشوار السنوات التي مرت وأبقته اليوم ، على كرسيه المتحرك.
حُظيت أمس وأنا أستعد للاستوديو التحليلي ، لنقل المباراة ، بحوار عابر مع الرجل ، ذهبت إليه بشعور ممتزج في كثير من الأشياء ، فوضعية " الحاجب" تبكينا مرة ومرات في كل ثانية ننظر إليه ، بادلني الحديث بكثير من المعطيات ، وكأنه يشعر بالفرح لأن هناك من يهتم لوجوده في الملعب ، وأن احتضان منظومة رياضة عدن ، تمنحه فرحة خاصه ، يشعر بها ويعبر عنها بإبتسامة ، تذهب الى السماء ، بجمال الملعب وما يحتويه في مباريات اللعبة التي منحها العمر والسنوات والمشوار.
في جولة سابقة كرم علي حاجب من قبل اللجنة المنظمة لدوري عدن الممتاز ، بدرع خاص ، وفي ديربي التلال والوحدة ، دعي ليكون في عمق الموعد ، بصورة مع الحكام وقائدا الفريقان ، وقبل هذا وذاك كان هناك صوت خفي ، يمر من كل بقعه في المدرجات ومساحة الملعب وكل شيء ينبض فيها ، بحديث من جمال كل لمواعيد التي كان فيها بصافرته ، يحكم المكان ويضع شخصيته وهو يدير مباريات النجوم الكبار بألوان كل أندية الجنوب.
دعوة صنعت ابتسامة رجل يتعايش مع وضع صحي صعب ، يرفض الأستسلام له ويصر أن يكون مع كل أبناء عدن حينما يتداعون إلى ملعب الحبيشي ، لوضع بصمة وحوار من صلب الرياضة كمنظومة ، تميز فيها يوما بجمال الحضور وقدرة التواجد في كل زوايا معلبنا التاريخي.
حبينا ونجم السنوات التي نحتفظ بها في قلوبنا .. أنت مازلت الجميل ، الكل ينظر إليك بحب ودعاء وأمنيات .. فكلنا نحبك!!
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
تدفن أسرار البيوت بموت من فيها!
يعتقد البعض أن الحديث عن كل شيء يعرفه هو نتاج وضوح لشخصيته وشفافية يجب أن تسود في شؤون الحياة، فكلما كان هناك بوح في كل الزاويا فهذا يعني أنه شخص صادق ونقي.
لكن الحقيقة ليست كذلك أبدا، فليس كل ما يعرف يقال، فهناك أشياء تدفن إلى الأبد ولا تخرج رائحتها إلى الآخرين، ومن بين تلك الأشياء التي يجب المحافظة عليها: الأسرار العائلية.
فأسرار البيوت هي صناديق مقفلة لا تفتح أمام المارة ولا تنشر على الملأ حتى في أوقات الشدة، فكل يحتفظ بها في مكان سري بعيدا عن الأضواء.
واسترشادا لما ذهبنا إليه، نقتبس شيئا مما كتبه الدكتور عبدالله الكمالي في مقاله الذي نشره في إحدى الصحف الخليجية منذ فترة يقول فيه: «إذا أغلق الناس أبواب بيوتهم تساوَوا»، فلا يعلم بالذي يجري في البيوت إلا أصحابها، فكم من بيوت جميلة البناء وفي داخلها تأوه مريض، أو دمعة مبتلى، أو أحزان يتيم، والعاقل من يحرص جاهدا على أن يجعل مشكلات بيته في بيته، فلا ينقلها معه خارج المنزل، فمن السلوكيات المرفوضة إفشاء أسرار البيوت ونشرها بين الناس.
أمر آخر نذهب إليه ألا وهو أن البعض من الناس يعتقد بأن أسلوب الشكوى من الآخر في إطار المؤسسة الزوجية هو سبيل لمعرفة قيمته وأهميته في حياة من يعيش معهم، فلا يتوقف عن الحديث عن الأشياء التي تعجبه أو لا تعجبه سواء كانت عادية أو خاصة، وذلك لفهمه الخاطئ الذي يصور له بأنه كلما اشتكى من شيء ما يجب أن يعلنه للآخرين على أنه نقطة ضعف يراها لمن حوله.
وأيضا كثرة الحديث في الخصوصيات هي نوع من إثبات الترابط والتضامن والتعاضد ما بين الزوجين، إلا أن كثرة الشكوى سواء من السلوك أو الفعل أو ادعاء المرض، أو الفقر، أو الحزن، أو أي حالة أخرى هي مؤذية للآخر وقد تؤدي إلى انهيار تام لأركان البيت واندثاره.
كما أن المنغصات والحديث الساذج من الأشياء المذموم الحديث عنها وتعتبر من الأمور التي يجب تجنبها والبعد عنها، فالأمور الخاصة لا يجب أن تذكر سواء في وقت الجد أم الهزل بل تبقى منطقة محظور الاقتراب منها.
أيضا بعض الأزواج لا يكف عن رصد وجمع «الهفوات والزلات»، فعندما يحدث نزاع أو اختلاف ولو كان بسيطا يخرج من سلته بعضا من المواقف القديمة، يعتقد بأن هذا الأسلوب هو الذي سيزيح الغيوم السوداء، ولكنه يجهل بأن ذكر مثل هذه الأشياء والتغني بها ما هو إلا سكين تقطع كل أوصال المودة والألفة في قلب الآخر.
أيضا من الأمور الأخرى التي أصبحت منتشرة في بعض الأماكن وهي أن تشتكي الزوجة فيها زوجها متهمة إياه بأنه يفشي أسرار بيته لبعض أقاربه من دون سبب أو مبرر لما يفعله، فيتكلم جهارا عن تقصيرها معه وفي خدمته، وعن بعض أخطائها سواء كانت العفوية أو المقصودة، - وهذا الأمر قد نوقش في الكثير من الأماكن التي تعتني بالأسرة وحل مشاكلها - والإشكال أنه قد يتكلم أمام بعض من لا يحسن ضبط لسانه أو يتجاهل ما يصل إليه، فيقوم الثاني بإخبار زوجته بما حدثه به فلان، وتكون الزوجة على معرفة بالمرأة المتكلم عنها، وهنا تقع إحراجات كثيرة وكبيرة، فإذا انتشر الخبر في مجالس النساء فلن تصبح الأمور الخاصة خاصة بل تصبح كارثة حقيقية!
إن الخلافات العائلية التي تحدث في بوتقة البيت الواحد تعتبر في مجمل العموم «أمرا طبيعيا» يمكن احتواؤه بسهولة، إلا أنه يجب ألا يتعدى أي خلاف الحدود المعقولة أو المسموح بها إنسانيا واجتماعيا، ولا يجب أن ينال طرف الغلبة على حساب الآخر، فهناك أزواج يتخذون من الشكوى طريقا للحوار اليومي في منازلهم، تارة يدعون بأنهم مصابون بالمرض نتيجة التقصير الذي يجده في منزله، وآخرون يدعون العوز بسبب الإنفاق والطلبات المتكررة، وهناك أشياء أخرى لسنا بصدد الحديث عنها.
وفي المقابل هناك أزواج وزوجات يوقدون نيران الخلافات بين العائلات بعضها بعضا، وتتسع دائرة الخلافات بشكل لا يمكن السيطرة عليها، والخاسر الوحيد هو الأولاد الذين يعانون من اليتم والتفرقة والشتات.
إذن كل من «الزوج والزوجة» بهذه التصرفات المشينة يشهر سلاح الخلاف في وجه الآخر، متحدين بعضهم البعض في الغلبة وتسجيل الأهداف في مرمى الآخر، ثم ينشرون غسيلهم في شرفات الحياة ويسمعون أصواتهم إلى كل من يعنيه أن تتمزق أواصر المودة بين الزوجين.
إن الحياة الزوجية لم توجد لبث «الخلافات وإحداث الشقاق» ما بين الأزواج بقدر ما جعلها الله نافذة للحياة، وتكوين الأسرة الصالحة التي يراعي فيها كل طرف مصلحة الأسرة، وجمعها في نطاق الأمن والسلام والاطمئنان.
حل الخلافات ليست بالصوت المرتفع، والغلبة ليست من خلال زيادة الطين بلة، بل القوة أن تتغلب الأسرة على كل متاعبها ومصاعب الحياة بالحوار والهدوء ومراعاة المصلحة المشتركة من أجل أن تصل المراكب السائرة إلى بر الأمان، فالكل يحاول أن يخفف على الآخر ويواسيه ويشد من عضده.
بعض البيوت تحدث فيها النزاعات والخلافات ولا أحد يعلم بها؛ لأن هناك احتواء تاما للمشكلات فسرعان ما تزول قافلة الغضب وتحط السكينة في أرجاء المكان، وقديما قيل لنا: «تدفن أسرار البيوت بموت من فيها» هكذا علمتنا الحياة، وهكذا هي الأقدار تخط نهايات العلاقات الإنسانية ما بين الأزواج، إذن العلاقات الطيبة تدوم حتى بعد موت أحد الأطراف، ويبقى الوفاء هو الصفة التي يجتمع فيها الأوفياء.