انتفاضة 2 ديسمبر.. يوم تتويج نضالات الشهيد الزعيم "صالح" ضد مشروع العبودية
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
جاءت انتفاضة الثاني من ديسمبر من العام 2017، امتداداً لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، وأهدافهما العظيمة، وتتويجا للنضالات الوطنية والجمهورية للرئيس اليمني الأسبق، الزعيم علي عبدالله صالح، طيلة عقود دأب خلالها حاملي المشاريع الاستبدادية، على إعادة البلاد إلى حقبة استعباد الشعب وامتهان انسانيته، والانفراد باستحقاق الثروة والحكم.
وباعلان الرئيس اليمني الأسبق، رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، علي عبدالله صالح، الانتفاضة ضد مليشيا الحوثي الإرهابية، وحاملة المشروع الامامي الكهنوتي، في الثاني من ديسمبر 2017م، جدد التأكيد على تمسكه بأهداف ثورتي سبتمبر واكتوبر، والحفاظ على نظامهما الجمهوري، جراء المحاولات العبثية لهذه المليشيا بإعادة الشعب إلى ما قبل صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر، بعد عقود على انعتاقه من الحكم الامامي البغيض.
الرئيس اليمني الاسبق، والزعيم الذي ولد في أسرة يمنية بسيطة من عوام هذا الشعب، مثل أبناء جيله، لم تكن طفولتهم في منأى من المعاناة التي فرضها الحكم الامامي، فخدمات التعليم والصحة والطرقات وغيرها، وهي من ابسط الحقوق الشعبية، كانت بالنسبة لهم ضربا من الخيال، ولذا لم يكن نهجه الثوري في خدمة وطنه وشعبه وحماية الثورة السبتمبرية واهدافها غريب عليه وأمثاله، حيث كانت همّه منذ وقت مبكر، ومثل الكثير من الشرفاء.
هكذا يصف الكاتب والمحلل السياسي ناجي بابكر، الوطنية المتجذرة في روح الرئيس الاسبق، الشهيد علي عبدالله صالح. لافتاً إلى أن التحاقه في الجيش مبكراً وتقلده العديد من المناصب العسكرية، لما اتسم به من ذكاء وشجاعة وصفات قيادية ووطنية، كانت جميعها سببا في إجماع الجميع على تحميله الهم الأكبر في العام 1978م، وهو تولي منصب رئيس الجمهورية، ما منحه فرصة خدمة شعبه ووطنه مبكراً في ظل مثل تلك الظروف الصعبة.
واضاف بابكر في حديثه لوكالة خبر، "وهب "صالح" نفسه وروحه للوطن والشعب، وحمل كفنه على يديه، فالطريق بعد ثورة سبتمبر مليء بالالغام، وأكثرها خطورة تلك الشخصيات السلالية المتغولة في النظام الجمهوري نفسه، والتي دأبت مراراً على نخره من الداخل، آخذاً بالثأر لفكرها وسلوكها القمعي".
وأشار إلى أن الرئيس "صالح"، بقي شوكة في حلق هذه السلالة الخبيثة، وهو ما قض مضجعها، وبات يؤرقها أكثر من غيره، إلى أن سمحت لها الفرصة عقب تسليمه السلطة عقب فوضى 2011، والتي كانت طرفاً رئيساً فيها. وأمام غياب الرؤية الوطنية لدى القيادة السياسية الجديدة للبلاد، وطغيان المحاصصة، استطاعت هذه العصابة وفي غضون سنوات قليلة جدا، أن تنقلب على النظام الجمهوري، وتعلن ذلك رسمياً مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، وهو الانقلاب الذي واجهه الزعيم "صالح" وحيداً بعد أن تكشفت أوجه الحقيقية.
تدمير الجيش
يقول مراقبون ومحللون، أن الكارثة التي أصابت البلاد بمقتل، لم تكن في تنفيذ مليشيا الحوثي الانقلاب وحسب، بقدر ما كانت في فرار قيادة الجيش والقيادات السياسية والزعامات القبلية، وترك صنعاء والشعب لقمة صائغة لهذه المليشيا لتبدأ بالتوسع في المحافظات مستغلة تدمير الجيش جراء هيكلته.
وبحسب المراقبين، استغل الزعيم "صالح"، ثقله السياسي وحزب المؤتمر الذي يرأسه، والحاضنة الشعبية الكبيرة، في خلق توازن سياسي على أقل تقدير، بعد فرار قادة جميع الأحزاب، وجدد التأكيد في أكثر من خطاب له أنه سيظل خادما لهذا الشعب وللوطن وللنظام الجمهوري ولثورة 26 سبتمبر المباركة وأهدافها، وظل صوته يطالب بحقوق كل يمني وبالمتاح الممكن حتى يضمن الانتصار لحقوث شعبه، لا سيما بعد تنصل المليشيا عن دفع المرتبات، وهو ما اعتبرته الأخيرة جريمة، فهي اعتادت كاسلافها على امتصاص الحقوق والثروات والتنصل عن الواجبات.
وأكد المراقبون والمحللون، أن تمسك الزعيم الشهيد "صالح" بمادئه الوطنية زاد من شعبيته بين أوساط خصومه السياسيين تحديداً، في حين تجلت حنكته القيادية في مواجهة الاستفزازات والاعتداءات والاقصاءات التي تعرضت لها قيادات وأعضاء الحزب من مختلف المؤسسات الحكومية، بمزيد من الصبر إلى أن كشف أوجه المشروع الامامي الكهنوتي، فكانت ساعة الصفر في دعوته إلى الانتفاضة الشعبية في الثاني من ديسمبر، وقيادته لها من قلب العاصمة صنعاء، دون خوف على منصب أو جاه.
وفي نظر المراقبون، كان توقيت الدعوة إلى الانتفاضة بالغ الاهمية، حيث جاء بعد عدة محاولات مع المليشيا الحوثية بتوفير ابسط الحقوق لهذا الشعب في مقدمتها دفع المرتبات شهرياً وبالامكانات المتاحة، لتخفيف المعاناة المتفاقمة جراء استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهي المرحلة التي نضجت فيها القناعات لدى الشعب بأن المليشيا الحوثية جاءت حاملة وحاضنة للمشروع العنصري والسلالي.
رفض الزعيم "صالح" كل العروض والمغريات التي قدمتها الوساطات الحوثية، والتخلي عن مبادئه الوطنية والثورية والحمهورية، رغم إدراكه أن حتمية هذا الرفض هو الاستشهاد، في ظل حصار منزله بعشرات العربات والدبابات والاطقم العسكرية ومئات المسلحين الحوثيين، لغرض تركيعه للاستجابة لشروطها.
ووفقاً للمراقبين، استمرت مليشيا الحوثي متمسكة بعدم استجابتها لمطالب الشعب، لأنها وفق حساباتها الخاطئة، اعتقدت أن "صالح" مثل غيره، لن يصمد أمام ضغوطها واغرائاتها، واستبعدت كل البعد أن يتجرأ بإعلان أي انتفاضة شعبية ضدها في ظل الحصار المسلح الذي تفرضه عليه ومنزله، رغم أنه كان يوجه رسائلا علنية لها وغيرها أنه غير أقرانه من القادة والساسة، فلن يغادر منزله أو بلده، أو يتخلى عن شعبه، وان الشهادة بالنسبة له هي تتويج لنضالاته.
ما زاد من قناعات المليشيا الحوثية بأن الزعيم "صالح" لن يدعو لاي انتفاضة ضدها، وفق حساباتها الخاطئة أيضاً، بعد أن تراجع عن ذلك في شهر أغسطس 2017م (قبل بضعة أشهر من الانتفاضة)، الذي شهد توافد الملايين من أعضاء حزب المؤتمر إلى ميدان السبعين للمشاركة في إحياء ذكرى تأسيس الحزب، ولسان حال جميعهم حينها تطالبه باعلان الانتفاضة ضد هذه المليشيا مبديين استعدادهم الكامل بالمواجه. إلا أنها الفرصة التي قوتها الزعيم "صالح" على الحوثيين رغم رغبتهم بذلك، حرصاً على أرواح هؤلاء المدنيين، وأدركه بالنوايا الخبيثة المبيتة للمليشيا باعتزامها ارتكاب اكبر مجزرة بحقهم.
الوصية التاريخية
اعلن الزعيم "صالح" الانتفاضة على مليشيا الحوثي في ديسمبر 2017م، بعد أن كلّت محاولاته من ثنيها عن قراراتها العنصرية ونهبها للإيرادات دون تقديم ابسط الحقوق للشعب والموظفين، وظل يقاتلها إلى أن ارتقى شهيداً، بعد أن القى خطابه الأخير من داخل منزله الذي يتعرض للقصف بمختلف أنواع الأسلحة.
وكان خطاب الزعيم "صالح" قد تضمن وصيته الوطنية والتاريخية، حيث دعا فيها جميع أبناء الشعب على التمسك بالوحدة والدفاع عن الثورة السبتمبرية وأهدافها والنظام الجمهوري، والانتفاضة ضد مليشيا الحوثي الكهنوتية في كل قرية وعزبة ومدينة.
ارتقى "صالح" شهيداً، لكنه قبل ذلك، ترك خلفه تركه من القيم والمبادئ، وقبلها نجح باستعادة ثقة ملايين اليمنيين بأنفسهم في مواجهة هذه المليشيا، بعد أن كان بطشها وتنكيلها بحق كل من يناوئها قد أصاب ابناء الشعب بحالة خوف واستكانة بلغت مبلغها. ولعل تزايد الاحتجاجات والأصوات المناوئة واحدة من ثمار هذه الانتفاضة، فحق على جميع أبناء الشعب أن ينتصروا لأنفسهم وحرياتهم بالدفاع عن ثورتهم ونظامهم الجمهوري دونما استكانة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی هذه الملیشیا إلى أن بعد أن
إقرأ أيضاً:
ما هو “مشروع إستير” الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
#سواليف
في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بعد مرور عام كامل على #الإبادة_الجماعية التي تنفذها #إسرائيل في قطاع #غزة بدعم من الولايات المتحدة، والتي أودت بحياة أكثر من 53.000 فلسطيني، أصدرت مؤسسة “هيريتيج فاونديشن” (Heritage Foundation) ومقرها #واشنطن، ورقة سياسية بعنوان ” #مشروع_إستير: إستراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية”.
هذه المؤسّسة الفكرية المحافظة هي الجهة ذاتها التي تقف خلف “مشروع 2025″، وهو خُطة لإحكام السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، ولبناء ما قد يكون أكثر نماذج الديستوبيا اليمينية تطرفًا على الإطلاق.
أما “الإستراتيجية الوطنية” التي يقترحها “مشروع إستير” المسمى نسبةً إلى الملكة التوراتية التي يُنسب إليها إنقاذ اليهود من الإبادة في فارس القديمة، فهي في جوهرها تتلخص في تجريم المعارضة للإبادة الجماعية الحالية التي تنفذها إسرائيل، والقضاء على حرية التعبير والتفكير، إلى جانب العديد من الحقوق الأخرى.
مقالات ذات صلة انفجار الأزمة بين الجيش وحكومة نتنياهو 2025/05/20أوّل “خلاصة رئيسية” وردت في التقرير تنصّ على أن “الحركة المؤيدة لفلسطين في #أميركا، والتي تتسم بالعداء الشديد لإسرائيل والصهيونية والولايات المتحدة، هي جزء من شبكة دعم عالمية لحماس (HSN)”.
ولا يهم أن هذه “الشبكة العالمية لدعم حماس” لا وجود لها فعليًا – تمامًا كما لا وجود لما يُسمى بـ”المنظمات الداعمة لحماس” (HSOs) التي زعمت المؤسسة وجودها. ومن بين تلك “المنظّمات” المزعومة منظمات يهودية أميركية بارزة مثل “صوت اليهود من أجل السلام” (Jewish Voice for Peace).
أما “الخلاصة الرئيسية” الثانية في التقرير فتدّعي أن هذه الشبكة “تتلقى الدعم من نشطاء وممولين ملتزمين بتدمير الرأسمالية والديمقراطية”- وهي مفارقة لغوية لافتة، بالنظر إلى أن هذه المؤسسة نفسها تسعى في الواقع إلى تقويض ما تبقى من ديمقراطية في الولايات المتحدة.
عبارة “الرأسمالية والديمقراطية”، تتكرر ما لا يقل عن خمس مرات في التقرير، رغم أنه ليس واضحًا تمامًا ما علاقة حركة حماس بالرأسمالية، باستثناء أنها تحكم منطقة فلسطينية خضعت لما يزيد عن 19 شهرًا للتدمير العسكري الممول أميركيًا. ومن منظور صناعة الأسلحة، فإن الإبادة الجماعية تمثل أبهى تجليات الرأسماليّة.
وبحسب منطق “مشروع إستير” القائم على الإبادة، فإنّ الاحتجاج على المذبحة الجماعية للفلسطينيين، يُعد معاداة للسامية، ومن هنا جاءت الدعوة إلى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية المقترحة التي تهدف إلى “اقتلاع تأثير شبكة دعم حماس من مجتمعنا”.
نُشر تقرير مؤسسة “هيريتيج” في أكتوبر/ تشرين الأول، في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، والتي وصفتها المؤسسة بأنها “معادية لإسرائيل بشكل واضح”، رغم تورّطها الكامل والفاضح في الإبادة الجارية في غزة. وقد تضمّن التقرير عددًا كبيرًا من المقترحات لـ”مكافحة آفة معاداة السامية في الولايات المتحدة، عندما تكون الإدارة المتعاونة في البيت الأبيض”.
وبعد سبعة أشهر، تُظهر تحليلات نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” أن إدارة الرئيس دونالد ترامب -منذ تنصيبه في يناير/ كانون الثاني- تبنّت سياسات تعكس أكثر من نصف مقترحات “مشروع إستير”. من بينها التهديد بحرمان الجامعات الأميركية من تمويل فدرالي ضخم في حال رفضت قمع المقاومة لعمليات الإبادة، بالإضافة إلى مساعٍ لترحيل المقيمين الشرعيين في الولايات المتحدة فقط لأنهم عبّروا عن تضامنهم مع الفلسطينيين.
علاوة على اتهام الجامعات الأميركية بأنها مخترقة من قبل “شبكة دعم حماس”، وبترويج “خطابات مناهضة للصهيونية في الجامعات والمدارس الثانوية والابتدائية، غالبًا تحت مظلة أو من خلال مفاهيم مثل التنوع والعدالة والشمول (DEI) وأيديولوجيات ماركسية مشابهة”، يدّعي مؤلفو “مشروع إستير” أن هذه الشبكة والمنظمات التابعة لها “أتقنت استخدام البيئة الإعلامية الليبرالية في أميركا، وهي بارعة في لفت الانتباه إلى أي تظاهرة، مهما كانت صغيرة، على مستوى جميع الشبكات الإعلامية في البلاد”.
ليس هذا كل شيء: “فشبكة دعم حماس والمنظمات التابعة لها قامت باستخدام واسع وغير خاضع للرقابة لمنصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، ضمن البيئة الرقمية الكاملة، لبث دعاية معادية للسامية”، وفقاً لما ورد في التقرير.
وفي هذا السياق، تقدم الورقة السياسية مجموعة كبيرة من التوصيات لكيفية القضاء على الحركة المؤيدة لفلسطين داخل الولايات المتحدة، وكذلك على المواقف الإنسانية والأخلاقية عمومًا: من تطهير المؤسسات التعليمية من الموظفين الداعمين لما يسمى بمنظمات دعم حماس، إلى تخويف المحتجين المحتملين من الانتماء إليها، وصولًا إلى حظر “المحتوى المعادي للسامية” على وسائل التواصل، والذي يعني في قاموس مؤسسة “هيريتيج” ببساطة المحتوى المناهض للإبادة الجماعية.
ومع كل هذه الضجة التي أثارها “مشروع إستير” حول التهديد الوجودي المزعوم الذي تمثله شبكة دعم حماس، تبين – وفقًا لمقال نُشر في ديسمبر/ كانون الأول في صحيفة The Forward- أنَّ “أيَّ منظمات يهودية كبرى لم تُشارك في صياغة المشروع، أو أن أيًّا منها أيدته علنًا منذ صدوره”.
وقد ذكرت الصحيفة، التي تستهدف اليهود الأميركيين، أن مؤسسة “هيريتيج” “كافحت للحصول على دعم اليهود لخطة مكافحة معاداة السامية، والتي يبدو أنها صيغت من قبل عدة مجموعات إنجيلية مسيحية”، وأن “مشروع إستير” يركز حصريًا على منتقدي إسرائيل من اليسار، متجاهلًا تمامًا مشكلة معاداة السامية الحقيقية القادمة من جماعات تفوّق البيض والتيارات اليمينية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، حذر قادة يهود أميركيون بارزون -في رسالة مفتوحة نُشرت هذا الشهر- من أن “عددًا من الجهات” في الولايات المتحدة “يستخدمون الادعاء بحماية اليهود ذريعةً لتقويض التعليم العالي، والإجراءات القضائية، والفصل بين السلطات، وحرية التعبير والصحافة”.
وإذا كانت إدارة ترامب تبدو اليوم وكأنها تتبنى “مشروع إستير” وتدفعه قدمًا، فإن ذلك ليس بدافع القلق الحقيقي من معاداة السامية، بل في إطار خطة قومية مسيحية بيضاء تستخدم الصهيونية واتهامات معاداة السامية لتحقيق أهداف متطرفة خاصة بها. ولسوء الحظ، فإن هذا المشروع ليس إلا بداية لمخطط أكثر تعقيدًا.