ورشة عمل مجانية عن الترجمة التحريرية من الأردية إلى العربية بآداب عين شمس
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
نظمت وحدة متابعة الخريجين بكلية الآداب بجامعة عين شمس ورشة عمل مجانية حول: "الترجمة التحريرية من الأردية إلى العربية" بحضور عدد من طلاب المستوى الثالث، والمستوى الخامس بقسم اللغات الشرقية وآدابها، وطلاب الدراسات العليا.
وأقيمت الورشة تحت رعاية غادة فاروق نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ، حنان كامل عميدة الكلية وإشراف حنان محمد سالم وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
وقدمت الورشة إيناس عبد العزيز، وبدأت بتوجيه الشكر لإدارة الكلية ولقطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة على جهدهم ونشاطهم في خدمة الطلاب وتوفير العديد من ورش العمل الخاصة بالترجمة والتي تضع الطالب على أول طريق التميز في الترجمة لمواكبة سوق العمل وذلك بالمجان.
كما توجهت للطلاب المشاركين بشكر خاص لحرصهم على الحضور والاستفادة من ورشة العمل، ثم بدأت في عرض المادة العلمية الخاصة بالورشة والتي تناولت الموضوعات التالية: تعريف الترجمة، وأهميتها، دور الترجمة بناء جسور التواصل بين الشعوب والمجتمعات المختلفة، وزيادة التبادل الثقافي بين اللغات، أهم مجالات سوق العمل التي تعتمد على الترجمة ومنها ؛الإذاعة والتلفزيون، الصحافة، وزارة الخارجية والهيئات الدبلوماسية، الشركات التجارية ،السياحة وغيرها من المجالات الأخرى.
وتطرقت كذلك لتعريف الطلاب بأنواع الترجمة تحريرية وشفوية والفرق بينهما، وأهم أنواع الترجمة التحريرية التي من بينها ا لترجمة القانونية، الترجمة التجارية، الترجمة الإعلامية، الترجمة التقنية ، الترجمة الأدبية وغيرها ، وأنواع الترجمة الشفوية ( المنظورة والتتبعية والفورية).
وقامت المحاضرة بتعريف المترجم وأهم سمات المترجم الجيد، وأهم الأدوات التي يجب أن يمتلكها المترجم حتى يستطيع السير في مجال الترجمة وتحقيق تميزًا فيه.
وأوضحت للطلاب المراحل التي يجب على المترجم أن يقوم بها اثناء عملية الترجمة، وهي تحديد النقاط المضيئة في النص والنقاط المظلمة، ثم البحث بشكل علمي لإنارة الجوانب المظلمة من النص سواء كان اسماء شخصيات أو أماكن أو البحث عن معاني المفردات الجديدة والمصطلحات الواردة في النص وغيرها من الأفكار التي يجهلها المترجم والتي تمثل النقاط المظلمة ، ثم تحديد الاستراتيجية الملائمة للنص سواء كانت ترجمة حرفية أو ترجمة بتصرف وعرفت الدكتورة الفرق بين كل منهما وأهم ما يميزهما وما يؤخذ عليهما، ثم الكتابة وإخراج النص الهدف للقارئ العربي.
وطرحت إجراءات الترجمة التي تساعد الطالب في الوصول إلى الشكل الأمثل للترجمة مثل النسخ، الاقتراض، التكافؤ، الثابت المنقول ، التعليق ، والحواشي، مع التطبيق العملي لبعض النماذج من الأردية وكيفية ترجمتها.
وتوجهت بسؤال للطلاب عن أهم الصعوبات التي تواجههم أثناء الترجمة من الأردية ، وعرضت حلولًا لهذه الصعوبات والإشكاليات ومن هذا المشكلات : تركيب الجملة الأردية ، ترجمة الألفاظ الإنجليزية، والعربية ، والفارسية الدخيلة إلى اللغة الأردية ، مشكلة ترجمة المصطلحات المتخصصة، وكيفية استخدام المعاجم والقواميس المتخصصة وأهميتها في عملية الترجمة.
ثم تناولت بعد ذلك الأخطاء الشائعة التي يقع بها المترجم والتي تؤخذ عليه أثناء الترجمة، وكيفية تجنبها حتى لا يتلقى المترجم تعليقات سلبية من المراجع أو الشركات التي يعمل بها.
عرضت وثائق باللغة الأردية تمثل النماذج المختلفة من مجالات الترجمة التحريرية ، مثل عقد زواج،عقد إيجار محل، طلب فتوى دينية، فواتير تجارية ، دليل المستخدم لأحد الآلات، ونص صحفي سياسي من الصحف الباكستانية.
وفي نهاية ورشة العمل تم توزيع استمارة تقييم لقياس مدى استفادة الطلاب من المادة العلمية المقدمة وأسلوب العرض وجميع جوانب أعداد الورشة، وحرص الجميع على التقاط الصور التذكارية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: اداب عين شمس التبادل الثقافي اللغات الشرقية ورشة عمل
إقرأ أيضاً:
المسرح ما بعد الدراما.. موت اللغة أم ولادتها؟
تغير وجه المسرح بعد برتولد بريخت، كما تغير من قبله الأرسطية. يتميز مسرح ما بعد الدراما بتحولات بنيوية عميقة أعادت ترتيب العلاقة بين النص والعرض، وبين الكلام والصورة، وبين اللغة كجملة لغوية واللغة كفعل، وبين الجمهور وعلامات التلقي. وحسب أندريز فيرت، فإن مسرح ما بعد الدراما هو مضاد للنص الدرامي المكتوب.
كانت لكتاب مسرح ما بعد الدراما هانس- تيز ليمان عام 1999، خاصية أساسية تمثلت في إرجاء النص الدرامي «من حيث هو وسيط يوجه الحدث المسرحي؛ ولكن هذا لا يعني إقصاء مطلقا للنصوص الدرامية، بل تفكيك للتقليد الأرسطي الذي وضع تراتبية في سيرورة صناعة الفرجة المسرحية، وعلى رأسها النص الدرامي...».
مؤخرًا، «بدأت تتحكم في إنتاج وتلقي العروض المسرحية في المهرجانات العربية؛ كالقاهرة التجريبي، وقرطاج، والهيئة العربية للمسرح، والخليجي «دراماتورجيا بصرية، وتركيبات في الصوت، ومسرح الرقص وفن التصوير الفوتوغرافي، ومؤثرات رقمية قلما أمكن إخضاعها للنص الدرامي»».
إن مسرح ما بعد الدراما، مسرح صعد عن طريق الممارسات التجريبية، وتقدم الوسائط الرقمية، فشهدنا عروضا تعيد الاعتبار للجسد كخطاب مستقل، والآلة «ميكروفون، لابتوب، الهاتف الجوّال»، ما أدى إلى تشكّل السؤال الجوهري: هل يمثّل المسرح ما بعد الدرامي موتًا للغة، أم ولادة جديدة لها؟ ما الذي ينتظره المتفرج من العرض ما بعد الدرامي في العروض الحديثة؟
إن فهم الإطار الفكري والفلسفي لما بعد الحداثة شرّط مركزي لاستيعاب أطروحات مسرح ما بعد الدراما. لقد أصبح واضحا أن أزمة تلقي العروض الحديثة في حقيقتها أزمة في المرجعيات من جهة، والمصطلح من جهة أخرى. وتمخّض هذا الأمر عن انقسام كبير بين المشتغلين بالمسرح، سواء أكانوا مخرجين أم نقادًا أم فنانين. إن الجانب الأقرب لحصر هذا الانقسام كان ينبغي أن يظل في ساحة العلم وإنتاج المعرفة والإبداع، لكنه أخذ ينتقل إلى دائرة رؤساء المهرجانات شيئا فشيئا، وإدارات الإنتاج المسؤولة عن الدعم والتمويل. مع صعود هذا الانقسام لم يُطرح سؤال عما يبحث الجمهور من جماليات يرى من خلالها المسرح مكانًا للمتعة والمعرفة والبحث.
ومسرح ما بعد الدراما، لا يولي مؤلف النص، ولا النص ولا القصة أي أهمية. إنه مسرح «يعرض وضعًا أو حالة كبديل للقصة ومبدأ الفعل»، لقد انتهى النص، صحيح أنه لم يَمت، لكن تأثيره وعالمه الأدبي لم تعد له قيمة، وهذا ما دفع كريستل فايلر إلى الاعتقاد أنه «مع نصوص تشيكوف، ستبدأ بالفعل نهاية نوع من الدراما التقليدية». والسؤال الجوهري ما جدوى مسابقات التأليف المسرحي التي تُقام في مختلف الوطن العربي وهناك ما يتعارض مع مسرح ما بعد الدراما الذي أخذ يشكّل منعطفا كبيرا؟
يكتب خالد أمين نقلا عن ليمان إن مسرح ما بعد الدراما «فرجة مسرحية مخطط لها ومفكر فيها بشكل تشاركي/ تفاعلي... كما أنه مسرح غير أدبي، وهذا المنحى لا يلغي شعرية المنجز المسرحي بكل مكوناته على خشبة المسرح، فهو مسرح تجريبي وهذا جزء من أهدافه...».
تبدو إجابة أسئلتنا أعلاه أكثر تعقيدًا؛ مما توحي به ثنائية الموت/ الولادة. فالمسرح ما بعد الدرامي لم يُلغِ اللغة، لكنه حوّر وظائفها، وحرّرها من سلطة المعنى الأحادي، وبهذا المعنى أنه مسرح «لا تُهمه الرسالة، بل تهمه طريقة الأداء».
فإذا لم يكن نص المؤلف أو حوار الشخصيات هما الوسيط الرئيس لخلق الدلالة، فإن هذا التأسيس «أدى إلى الاهتمام بالممثل، والمتفرج، والكتابة الركحية، وشعراء الخشبة».
إن تطور الجماليات الأدائية هو صُلب مسرح ما بعد الدراما. إنها كما يصفها ليمان «تخلق علاقة خاصة بين النص وموقف الأداء المادي وخشبة المسرح التي تختفي منها الحبكة أو بالأحرى تتوارى خلف الحالات والعلامات لكي يخلق تأثيرا لدى المشاهدين من خلال عملية التفاعل مع ما فوق الخشبة من عوالم أكثر من التزامه بالنص». يعتقد محمد سيف بوصفه أحد المساهمين في كتاب مسرح ما بعد الدراما أن كتاب ليمان هو «فصل في علم الجمال»، وجهد توليفي لفهم الظروف والآثار الجمالية والنظرية للعروض المسرحية عوضا عن النصوص».
في عروض مسرح ما بعد الدراما، تتولد لغة جديدة تنخرط فيها شبكة من العلامات البصرية والصوتية والفراغية والحركية، أشير مثلا إلى عرض «نحن من وجهة نظر قط» للمخرج أنس عبدالصمد، الذي انخرط في روح مسرح ما بعد الدراما.
تستدعي هذه اللغة جمهورًا واعيًا، مثقفًا يمتلك قدرة من التحمّل والصبر، ومخزونًا لا ينضب من العلامات والإشارات؛ لأن العرض نفسه أصبح هو النص، والجسد صار مركز الدلالة، والصورة هي التي تنتج معنًى مستقلا.
لكن، ماذا سيحدث إذا لم يستطع الجمهور تقبّل جماليات الأداء الحديثة؟ كيف سيتفق مع فلسفة إعادة توزيع سلطة الجماليات الجديدة؟ هل سيُلغى شكسبير وإبسن مثلا؟ إن مهرجانات المسرح في الوطن العربي تحتفي بالكثير من عروض حديثة مفككة النصوص، كتابة شذرية متشظية، وجملا مبتورة، وممثلين لا ينطقون بكلام واضح، بل يصرخون أو يُهمهمون، ليس بينهم علاقات أو روابط تاريخية أو اجتماعية، حيث يكون العرض نصًا وطاقة جسدية خطرة.
هل تراجع الكلام لصالح الصورة؟
أعود إلى الغرفة المضيئة: تأملات في الفوتوغرافيا لرولان بارت ترجمة هالة نمَّر مراجعة أنور مغيث، حيث يضع بارت تمييزا حادا بين طبيعتين مختلفتين للّغة عن الصورة: يكتب التالي: «بما أن الصورة هي محض صدفة خالصة، ولا يمكن أن تكون غير ذلك (دائما ما تعرضُ شيئا ما) -على عكس النص الذي يستطيع، عن طريق التأثير المباغت للكلمة الواحدة، أن يمرر جملة من الوصف إلى التأمل- تُقدم الصورة على الفور تفاصيلها التي تؤلف المادة الخام نفسها للمعرفة الإثنولوجية».
إن بارت لا ينحاز للصورة على حساب الكلمة؛ بل يضعهما في موقعين مختلفين، لا في صراع. يشرح أن الصورة = انفتاح مباشر على العالم، والكلمة = قدرة على انتقال المعنى وتكثيفه وتأويله. وبهذا المعنى، يقدم بارت مفتاحًا نقديًا لفهم جوهر مسرح ما بعد الدراما؛ فاللغة التي يتحدث عنها بوصفها حدثًا ينتقل من الوصف إلى التأمل، هي ذاتها اللغة التي تتحول في العرض المعاصر إلى فعل بصري/جسدي يُنتِج المعنى من خارج حدود الجملة، ومن داخل منطق حضور الممثل.
إن سيطرة الجسد والرقص وعروض الحركة في مسرح ما بعد الدراما، ليست بالضرورة انحيازًا تقنيًا أو جماليًا بقدر ما هي انقلاب معرفي. التكنولوجيا تفرض تقدمها في العالم ووسائل التواصل الافتراضي تتطور، والذكاء الاصطناعي يُغير أسلوب تلقي المعرفة. إن أي حديث عن عودة النص بمرجعياته لن يشكل تمردًا كاملا على الصورة داخل المسرح ما بعد الدرامي، بل حاجة أساسية لا فرار منها.
إن المفهوم الجوهري في المسرح ما بعد الدرامي هو التحوّل من اللغة بوصفها تمثيلًا للواقع إلى اللغة بوصفها حدثًا يقع الآن، في اللحظة. إن مهرجانات المسرح العربي تمثّل مساحة خصبة لمناقشة هذا التحول، لأنه في معظم تاريخه ظل تابعًا للنص.
منذ التسعينيات وبداية الألفية، بدأ المسرح العربي، في التحرر من هيمنة النص، وسعى المخرجون إلى تقديم تجارب انحازت في المطلق إلى لغة الجسد والموسيقى، وظل الصراع بين النص الأدبي والاشتغال الركحي حاضرًا بين اتجاهين، الأول اتجاه يذهب إلى تقديس النص، والثاني اتجاه ينحاز إلى الأداء؛ يرى الخشبة مختبرًا بصريًا وحركيًا، يعتمد على الجسد، والارتجال والتوليف بين الوسائط، لخلق معنى بصري لا لغوي.
لم تمت اللغة في مسرح ما بعد الدراما، بل تحوّلت من مركز للمعنى إلى إحدى طاقاته، بعدما انتقلت الدلالة إلى الجسد والصورة والفعل الحي. إن مستقبل المسرح العربي لن يُصنع بصراع بين النص والعرض، بل بوعي جمالي جديد يدرك أن اللغة -منطوقة كانت أم صامتة- تولد من داخل اللحظة المسرحية نفسها. وهكذا لا تموت اللغة، بل تعود بشكل آخر، أكثر حرية واتساعًا.