قال الدكتور شوقي علام، مفتي الديار الجمهورية، إنَّ أمر تغيير المنكر، لا يعطي أحقية لأي أحد يكون رقيبًا على الناس، ولكنه مسؤولية الدولة وولي الأمر، لافتًا إلى أنَّ المنكر الذى قصدوه العلماء يغير بوسائل التغيير المتاحة شرعًا، هو ما اتفق عليه الجميع أن هذا منكر ومعصية.

«علام»: إذا كان الأمر مختلف فيه فلا سبيل لـ الإنكار

وأضاف «علام»، خلال حلقة برنامج «للفتوى حكاية»، المُذاع على قناة «الناس»: «إذا اختلف الجميع فيما يسمى منكر، فلا يعتبر منكر، مفيش حد يختلف يقول هذا منكر وهذا ليس منكرًا، فإذا كان الأمر مختلف فيه فلا سبيل للإنكار، ولا ندخل في هذه الدائرة، لذلك كان الإمام السيوطي حكيمًا عندما استنبط من النصوص الشرعية، قاعدة وهي لا يُنكر المختلف فيه».

رسالة المفتي لمن أباحوا لأنفسهم مراقبة الناس

وتابع مفتي الديار الجمهورية: «ما دام العلماء اختلفوا فى مسألة من المسائل، يعنى بعضهم قال هذا منكر ومعصية، والآخر قال هذا ليس منكرًا، علينا أن نتوقف هنا، فمن أباحوا لأنفسهم مراقبة الناس فى كل شيء خارج إطار ولي الأمر، حتى في أمور الصلاة، يقولك أنت مش حاطط يدك اليمنى على اليسري».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تغيير المنكر ولي الأمر المنكر

إقرأ أيضاً:

ثنائية الدين والدولة بين التصادم والتعايش المستدام

بقلم: محسن عصفور الشمري ..

في المجتمعات ذات الجذور الدينية العميقة، يصبح سؤال العلاقة بين الدين والدولة أحد أكثر الأسئلة إلحاحًا. بين من يدعو إلى الفصل التام باسم العلمانية، ومن يريد إخضاع الدولة للدين باسم الشريعة، تتأرجح النماذج السياسية دون الوصول إلى توازن مستقر.

هذه الورقة تقترح تصورًا ثالثًا يقوم على تعايش مستدام بين الدين والدولة، يضمن احترام الدين دون تسييسه، ويصون الدولة دون تأليـهها، من خلال بنية معرفية ومؤسسية يقودها “الراسخون في العلم”.
أولًا: من العلمانية التصادمية إلى العلمانية المتصالحة.
العلمانية التي نشأت في الغرب كرد فعل على تسلط الكنيسة، حينما تُنقل إلى مجتمعاتنا دون تكيّف مع السياق الثقافي والديني، تُنتج توترًا مزمنًا بين الدولة والمجتمع.
هذه العلمانية التصادمية تضع الدين في خانة التهديد، وتقابل حضورَه بالإقصاء، مما يخلق فراغًا أخلاقيًا ويفتح المجال أمام التطرف.
بالمقابل، العلمانية المتصالحة مع الدين لا تلغي الإيمان من المجال العام، بل تنظم العلاقة بين المؤسسات الدينية والمدنية على نحو يضمن التعددية، ويمنع تسييس الدين أو تدين الدولة. إنها توازن بين حرية الاعتقاد، وسيادة القانون، واستقلال المؤسسات.

ثانيًا:العداء للدين وقوده الاستبداد والتطرف.
العداء الإيديولوجي للدين، كما مارسته بعض التيارات الشيوعية واليسارية الراديكالية، لم يُنتج تحريرًا بقدر ما أنتج استبدادًا مضاعفًا.
وقد أظهرت التجربة أن تلك التيارات، رغم خطابها الحداثي، دخلت في تحالفات تكتيكية مع الأحزاب الإسلامية المتطرفة، سنية كانت أم شيعية، انطلاقًا من تشابه عميق في:
• المشرب الفكري: الاشتراكية الراديكالية، وما تحمله من نزعة تأميمية تُقابلها عند الإسلاميين نزعة شمولية باسم “الحاكمية”.
• طريق الوصول إلى السلطة: العنف والترهيب والإقصاء.
• منهج الإدارة: القمع والاستبداد، ومنع التعدد والاختلاف.

هذا التشابه يكشف أن العداء الظاهري بين هذه التيارات ليس اختلافًا في المبادئ، بل تنافسًا على أدوات السيطرة.

ثالثًا: التعايش المستدام من خلال “الراسخين في العلم”

التأسيس لتعايش حقيقي بين الدين والدولة لا يتم عبر حلول وسط هشة، بل من خلال بنية معرفية مؤسسية، تضم فريقًا متعدد التخصصات يُعرف بـ”الراسخين في العلم”، يجمع بين:
• علماء وفلاسفة ومفكرين يمثلون مختلف مجالات المعرفة: الدينية، العلمية، الفلسفية، الاجتماعية، والسياسية.
• فقهاء مجتهدين يتحررون من الانتماء الطائفي ويتجهون نحو تجديد متوازن للخطاب الديني.
• شخصيات تنفيذية ذات خبرة لا تقل عن ثلاثين عامًا في الإدارة العامة، تمتاز بالكفاءة والنزاهة والقدرة على العمل ضمن منظومة شورية.

هذا الفريق يعمل على تأسيس مرجعية معرفية لا تمارس سلطة تنفيذية أو دينية، بل تقدم الرأي والمشورة العلمية، بعيدًا عن منطق الاحتكار أو التفويض المطلق.
ولا يُمنح أي فرد أو تيار في هذا الفريق حق النقض أو الهيمنة على الآخرين، بل يتم اختيار رئيسه من أصحاب الخبرة العميقة في شؤون الدولة، وفق معايير صارمة وليس بالتوافق السياسي.

خاتمة
إن بناء توازن مستدام بين الدين والدولة لا يتحقق بالشعارات، ولا بفرض نموذج أحادي، بل يتطلب تأسيس عقد معرفي ومؤسسي جديد، يتجاوز ثنائية التصادم، ويؤسس لثنائية تعايش طويلة الأمد.
بهذا التوازن، يمكن للدين أن يلعب دوره في ترسيخ القيم دون أن يتحول إلى أداة استبداد، ويمكن للدولة أن تحكم بالقانون والعقل دون أن تقع في العداء لهوية الناس وإيمانهم.

البديل عن هذا التعايش هو الاستقطاب، والتطرف، وتكرار دورات الفشل، وهو ما لم يعد التاريخ ولا الشعوب تحتمله.

محسن الشمري

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يعزي المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق في وفاة شقيقه
  • ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟.. الدكتور شوقي علام يجيب
  • ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟.. الدكتور شوقي علام يجيب
  • حكم ترك طواف الوداع للحائض؟.. الدكتور شوقي علام يجيب
  • حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ شوقي علام يجيب
  • مفتي الجمهورية يدين استهداف وفد دبلوماسي بنيران الاحتلال في جنين
  • مفتي الجمهورية يُدين استهداف وفد دبلوماسي دولي بنيران قوات الاحتلال خلال زيارته إلى جنين
  • نصية يرد على المنفي: تشكيل الحكومة من اختصاص البرلمان والمجلس الأعلى فقط
  • المنفي يرحب بالبيان المصري ويؤكد: تسمية رئيس الحكومة من اختصاص المجلس الرئاسي
  • ثنائية الدين والدولة بين التصادم والتعايش المستدام