قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التثبت هو أول منهجية في الاستنباط السليم، وذلك فيما يتعلق بسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، أما القرآن فمقطوع بثبوته، لا يحتاج إلى بحث ولا يحتاج إلى دليل، فلا محل للاحتمال في القرآن لأنه ثابت كله بلا ريب.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا أن ثاني قواعد التثبت، تتعلق بفهم النص وتفسيره، حيث إن فهم النص يحتاج إلى الرجوع إلى قواعد اللغة العربية وإلى دلالات الألفاظ، وإلى معرفة استعمالات هذه الألفاظ في حقائقها الموضوعة لها لغةً وشرعًا وعرفًا.

وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن من الشريعة جملة من الأحكام القطعية الثبوت والدلالة، وهي التي لا مجال فيها للاجتهاد أو التغيير، ولا يجوز أن يأتي قانون يخالفها أو يسمح بإلغائها أو يجور عليها، والاجتهاد في مثل تلك الحالات يؤدِّي إلى زعزعة الثوابت التي أرساها الإسلام، بل تضر باستقرار الأمن المجتمعي، ثم هناك الأحكام الظنية التي يجري فيها الاجتهاد، والتي وقع فيها الاختلاف بين أئمة الفقهاء تبعًا لاختلاف أصول كل مذهب من المذاهب، فيتخيَّر المشرِّع والمُقنِّن من هذه الأحكام ما يلائم حال أهل عصره وزمانهم، وما يكون متلائمًا مع ثقافتهم وحياتهم.

واستعرض مفتي الجمهورية كيفية التثبت والاحتجاج بالحديث النبوي الشريف؛ ردًّا على من يطالب بتنحية السنة جانبًا عدا المتواتر منها لتكون عمدة الأحكام فقط مع القرآن قائلًا: لقد وضع المحدثون أُسس علم الحديث، وبيَّنوا صحيحه من سقيمه، كما بيَّنوا أن الضعف ينقسم إلى مراتب متفاوتة، فضلًا عن وضعهم لضوابط دقيقة جدًّا للعمل بأحاديث الآحاد والضعيف في حالات معينة دون المختلق أو المكذوب.

وتابع شرحه لموقف الإسلام من المرتد على سبيل المثال؛ قائلًا: لو قرأنا هذه النصوص متكاملةً فسنفهم أحاديث النبي مع الآيات الكريمة، فالنص القرآني يقول: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}، كما قال النبي: "من بدل دينه فاقتلوه"، وهناك حديث شريف آخر ينص على أنه "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث" كان من بينهم "التارك لدينه المفارق للجماعة".

وبيَّن مفتي الجمهورية أنه من خلال هذه الأدلة الشرعية يتبين أن عقوبة القرآن الكريم أخروية وليست دنيوية، إلا إحباط الأعمال، وهي ليست من اختصاص أي إنسان بل من اختصاص ولي الأمر المتمثل في الجهات المختصة بدءًا من الاتهام إلى التطبيق، وهي مرتبطة بالتوفيق الإلهي فقط، أما من بدل دينه فإن قتله يستلزم أن يكون مفارقًا للجماعة، وهذا من ضمن الضوابط والمعايير الدقيقة للحكم بالردة.

واختتم حواره بالتأكيد على أنه من الخطأ رفض ما قعَّده المفتون والفقهاء وما تركوه لنا من ثروة فقهية بصورة كلية بدعوى تغيُّر الزمان والمكان، فمن دعا للاستغناء عن هذا التراث النبوي جملةً وتفصيلًا فقد ضاع وضيَّع غيره وضل الطريق، فلا بد من الاستفادة من هذا التراث ولكن بعقل منفتح.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتى الجمهورية شوقي علام الإفتاء القرآن الشريعة الإسلام مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

جزء من الالتزام الديني.. رد حاسم من مفتي الجمهورية بشأن استخراج التأشيرة الرسمية للحج

أكد فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ضرورة التزام الراغبين في الحج باستخراج التأشيرة والتصريح الخاصين بأداء الفريضة بما يتفق والمصلحة المطلوبة شرعا.

وشدد المفتي، اليوم السبت، على أن الالتزام بهذه الإجراءات يضمن رحلة حج ميسرة وآمنة، ويحافظ على النظام ويسهل أداء المناسك بيسر وسلامة، مبينا أن الالتزام باستخراج التصريح وتأشيرة الحج من شأنه أن يجنب الحاج المخاطر المحتملة.

وقال إن الالتزام بهذه الإجراءات يضمن للحجاج حماية قانونية وتنظيمية، ويمنعهم من التعرض للمساءلة القانونية أو الترحيل، بالإضافة إلى ذلك يسهم في تنظيم عملية الحج وضمان سلامة جميع الحجاج، مما يتيح لهم التركيز على أداء المناسك بروحانية واطمئنان.

وأوضح علام أن الحصول على تأشيرة الحج فيه دفع لمفاسد عظيمة مثل الافتراش في الطرقات الذي يعيق تنقلات الحجاج وتفويجهم وتقليل مخاطر الازدحام والتدافع المؤدية إلى التهلكة، مشيرا إلى أن الحصول على تأشيرة الحج وكافة التصاريح القانونية له دور حاسم في دفع مفاسد عظيمة ويقلل مخاطر الازدحام والتدافع، وهي من الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى الحوادث.

وأضاف: "التأشيرة الخاصة بأداء الحج تضمن أيضًا تنظيمًا دقيقًا لأعداد الحجاج وتوزيعهم، مما يتيح للسلطات المعنية إدارة الحشود بشكل أفضل وتوفير الخدمات اللازمة للجميع بكفاءة، كما أن الالتزام بإجراءات الحصول على التأشيرة يسهم في خلق بيئة آمنة ومريحة للحجاج، مما يتيح لهم أداء مناسكهم بيسر واطمئنان".

وحث علام، الجميع على الالتزام باستخراج التأشيرة الرسمية للحج فضلًا عن كافة التصاريح القانونية اللازمة، مشيرا إلى أن ذلك لا يقتصر فقط على احترام القوانين، بل هو أيضًا جزء من الالتزام الديني والأخلاقي الذي يضمن سلامة الجميع ويعزز من روحانية التجربة المقدسة.

وأشار في هذا الصدد إلى أهمية الحذر من جهات غير معتمدة تخدع الراغبين بأداء الحج، موضحا أن النصيحة هنا تتلخص في توعية الحجاج وتحذيرهم من الجهات غير المعتمدة التي قد تخدعهم أثناء تنظيم رحلات الحج، وعلى الحجاج أن يكونوا حذرين ويتحققوا من مصداقية الجهات التي يتعاملون معها لضمان حصولهم على خدمات معتمدة وموثوقة.

كما أكد فضيلة المفتي ضرورة تواصل الحجاج مع الجهات الرسمية والمنظمات المعنية بشؤون الحج للحصول على معلومات موثوقة وإرشادات حول كيفية تجنب الوقوع في شراك الجهات غير المعتمدة، إضافة إلى الحفاظ على التواصل مع السفارات والقنصليات والذي بدوره يمكن أن يوفر دعمًا إضافيًا ويعزز من حماية الحجاج.

كما شدد على أهمية التزام الحجاج بتعليمات وأنظمة الحج لتيسير رحلتهم، مؤكدا أن الالتزام بتعليمات وأنظمة الحج أمر بالغ الأهمية لضمان سلامة وراحة الجميع خلال هذه الرحلة الروحية العظيمة.

وحث فضيلة المفتى على اتباع الإرشادات والتوجيهات الصادرة عن السلطات المختصة، لافتا إلى أنها وُضعت لمصلحة الحجاج وسلامتهم.. داعيا إلى التعاون مع المسؤولين والمشرفين على تنظيم الحج، مؤكدا أن تقديم العون والتعاون يعزز من فعالية العمل الجماعي ويسهم في خلق جو من الهدوء والطمأنينة.. قائلا: "التزامكم بالتعليمات ليس فقط واجبًا دينيًا، ولكنه أيضًا يسهم في نجاح هذه الرحلة المباركة للجميع".

مقالات مشابهة

  • المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر
  • المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو مستحب
  • بلدهم أولى.. المفتي يدعو المصريين بالخارج لإرسال زكاتهم وأضاحيهم لوطنهم
  • بلدهم وأهلهم أولى.. المفتي يناشد المصريين بالخارج بإرسال زكاتهم وأضاحيهم لوطنهم
  • جزء من الالتزام الديني.. رد حاسم من مفتي الجمهورية بشأن استخراج التأشيرة الرسمية للحج
  • مفتي الجمهورية: هناك توءَمة بين العلم والدين.. والنصوص الشرعيَّة تحثُّنا على إعمال العقل والتدبُّر
  • مفتي الجمهورية: المذاهب الفقهية المعتبرة حفظت لنا الدين
  • "فلوس حرام"| مفتي الجمهورية يكشف حكم عدم توثيق الزواج للحصول على المعاش
  • المفتي: عدم توثيق الأرملة زواجها الجديد لأخذ معاش زوجها المتوفي حرام شرعا
  • مفتي الجمهورية: الأرملة التي ترفض توثيق زواجها الجديد لتستمر في الحصول على المعاش «تأكل مالا حراما»