حمص-سانا

ركزت ورشة العمل التي نظمها فرع الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية بحمصعلى الابتكار وطرح الأفكار الجديدة لتحويل التحديات إلى فرص، بهدف إيجاد الحلول لمختلف المشاكل والمعوقات.

وقدم الدكتور مرتضى علي خلال الورشة شرحاً حول مفهوم الابتكار وأهميته، وسبل امتلاك مهارات التفكير الابتكاري، وايجاد البيئة والتحفيز للتطبيق الفعلي، إضافة إلى أهمية الابتكار في الحياة اليومية، كما عرض لبعض النماذج التطبيقية لفهم مراحل وخطوات الابتكار، منوها بأهمية استثمار الفرص.

كما عرض كل من المهندسين طارق الأحمد ومازن شلش ومازن مصطفى ابتكارهم القائم على تحويل التدفئة من الحالة التقليدية إلى استخدام تيار منخفض جداً وآمن للتدفئة، منوهين بحصول التقنية التي أطلق عليها تسمية (زد دافي) على الجائزة الذهبية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) خلال المشاركة في معرض بالمغرب العام الماضي.

كما تم عرض مشروع المهندستين راما الفراج وسلوى زهير اللتين قدمتهما العام الماضي كمشروع تخرج، واللذين سلطا الضوء على موضوع البيتون المضيئ واستخدام المنابع الضوئية لمراقبة الهبوطات بالسدود وسد الرستن نموذجاً.

رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية المهندس محمد حسان النجار أشار في تصريح لمراسلة سانا عقب الورشة إلى أهمية الأفكار المطروحة بهدف التحفيز للتفكير خارج الصندوق، وايجاد الحلول للكثير من المعوقات والمشاكل، مؤكداً على ضرورة التركيز على آلية التفكير والابتكار في مختلف القطاعات والأعمال المجتمعية، والتركيز على مشاركة مختلف الأعمار بمثل هذه الورشات.

تمام الحسن

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

الابتكار في زمن الأزمات.. البوصلة والطريق

عندما يعلَن عن ابتكار تكنولوجي فإن الأنظار تتجه إلى المبتكرين الذين يمثلون العقول العلمية وراء ذلك الابتكار، وتتراءى في المخيلة صورة مختبرات التطوير بمعداتها الدقيقة والمعقدة، والتي أسهمت في تحويل الفكرة وبلورتها إلى منتج بإمكانه تغيير حياة الإنسان.

ولكن في الواقع ليست جميع الابتكارات التحويلية الحاسمة وليدة الأوساط العلمية المرموقة؛ فالقيمة الكامنة للابتكار لا تتجلى سوى في أوقات الأزمات، وفي أوساط مغايرة للصورة النمطية لوحدات البحث والتطوير؛ لأن التحديات الكبيرة والملحة هي التي تتطلب حلولا مبتكرة وحاسمة. ولكن ما البوصلة التي يمكن أن توجه الابتكارات نحو التميز خلال فترات عدم اليقين؟

يشهد العالم تقدما تكنولوجيا غير مسبوق، وكذلك تنشأ تطورات، وتغييرات، وتوترات على مختلف المستويات. ولكي نفهم بشكل أعمق المشهد الديناميكي للابتكار في أوقات الأزمات؛ لا بد من الاستعارة الاستراتيجية لشواهد من التاريخ الإنساني. فالابتكارات التي غيّرت وجه العالم خلال العقد الماضي مثل اكتشاف الرادار، وعقار (البنسلين)، وعلاجات مرض (الملاريا) قد حدثت في أوج فترات الحرب العالمية الثانية.

وهذه الابتكارات التي خرجت وسط الأحداث الكبرى هي التي قد مهدت لأجيال الابتكارات التكنولوجية التي تنعم بالبشرية باستخدامها في تفاصيل الحياة اليومية. وهذا يؤكد المقولة الشهيرة «الحاجة هي أم الاختراع». وتُعد الدروس المستفادة من الحرب العالمية الثانية بشأن الاستجابة للمتطلبات الناشئة والطارئة من أهم موجهات اغتنام الفرص الاستراتيجية للابتكار في جميع الأزمات التي تواجه البشرية. ولعل أهم هذه الدروس هي أهمية تحديد الأولويات بمنظور مختلف عن النهج المعتاد، وتعريف البوصلة والطريق نحو الهدف؛ إذ تُشكِّل الأزمات أرضا خصبة للابتكار، وقليلة هي اللحظات المِفصلية التي تُجسِّد الالتقاء بين عمق الأزمات، وقوة العلوم، والتكنولوجيا، والابتكار.

إذن يتمحور الأمر كله حول معرفة الأولويات الاستراتيجية، ولكن تعريف هذه الأولويات التي تمثل البوصلة ليس بالأمر الهيّن. ففي الوقت الذي يظن الكثيرون أن الابتكارات الناشئة في زمن الأزمات تتعلق بشكل مباشر بالقضايا المصيرية الكبرى مثل: الأمن الغذائي، والأمن المائي، وأمن الطاقة؛ تبدو الأولويات الابتكارية أبسط من ذلك بكثير، ولكن تكمن الصعوبة في التعرف عليها كأولويات.

وعلى سبيل المثال؛ تمثل الابتكارات الموجهة لتحسين النقل اللوجستي من أهم نقاط التركيز خلال التوترات الجيوسياسية. وبنفس القدر من الأهمية تكتسب الابتكارات في التعليم عن بعد، وفي مجالات الخدمات المصرفية الأولوية.

كما أن هناك نقطة عمياء في عملية تحديد أولويات الابتكار التي قد لا يلتفت إليها المبتكرون وهي القدرة على ترجيح الأولويات التي تمثل جانب الطلب على الابتكار حتى بعد انتهاء الأزمة. وهذه الجزئية هي بمثابة حجر الأساس في تحقيق أقصى العوائد من الابتكار في زمن الأزمات؛ فاتخاذ القرار الصحيح بشأن الأولويات يتطلب النظرة المستقبلية الثاقبة بشأن جدواها مع تباطؤ الأزمة، وبعد انحسارها.

وهذا يقودنا إلى التحدي الأساسي الذي يعترض الجهات المنتجة للابتكارات، والمعرفة التطبيقية في المجمل، وهو معرفة الدوافع والموجهات التي تسهم في توليد هذا الكمّ الهائل من الابتكارات في الأوقات الاستثنائية للأزمات مقارنةً بالفترات الاعتيادية. في الواقع؛ هناك عدة تحوّلات تحدث أثناء الأزمات، وتُهيئ البيئة التحفيزية للتفكير بمنظور جديد وموجه نحو إحداث التأثير بشكل سريع وملموس، أي أن عامل الزمن هو المحرك الرئيس خلال هذه الفترة.

ومن جهة أخرى تلهم الأزمات بالميل نحو العمل التشاركي من منطلق وحدة الهدف؛ فعندما تكون البوصلة واضحة في تحديد الأولويات المستهدفة يمكن حينها حشد الطاقات، والموارد، وتقدير الجهد المُتخيَّل للوصول إلى المستهدفات، وتوحيد العمل مع الأخذ في الحسبان أهمية عامل الزمن. وغالبًا ما تشهد فرق العمل ظهور موجة من الأفكار الجديدة كليا وذات أبعاد مختلفة تتم مشاركتها مع فرق ابتكارية أخرى؛ لتضمين جميع الأبعاد أو التخصصات. ففي وقت الأزمات يتغلب الهدف على التنافس، والعمل التشاركي هو الخيار الوحيد الذي يُساعد قادة الابتكار على اغتنام الفرصة الاستثنائية التي يمكنها تغيير قواعد اللعبة، وهو ما يُمثل جوهر الابتكار.

ولأن الأزمات في واقعها تحمل سمة عدم اليقين؛ يصعب التكهن بالمدى الفعلي لآثارها. ولذلك فإنه من الأهمية بمكان تدعيم دور منظومات الابتكار في الفترات الاعتيادية، وتمكينها كعنصرٍ حاسم في تعزيز الاستجابة وقت الأزمات. ولا بد من إدراك أن التحديات الكبرى لا تتطلب الاستجابة وحسب، ولكنها بمثابة وقفة للمراجعة، والتقييم، والتحليل.

وكما يستعين قادة العمل بخبراء ومستشارين من خارج مؤسساتهم؛ للحصول على منظور جديد ومحايد في قراءة التحديات، وإيجاد فرص التطوير كذلك يمكن للأزمة أن تُحدث التأثير نفسه؛ فهي تُسلط الضوء على نقاط الضعف، ومجالات التحديات الصغيرة التي تم تجاهلها في السابق مقابل طرق مختصرة لحلها بشكل مؤقت. ولكن عندما تقع الأزمة تصبح مواجهة التحديات حقيقة لا مفر منها، وبذلك تبدأ عملية تبني التفكير المختلف، وإعادة ترتيب الأوضاع. وفي هذه اللحظة تلوح الفرص الذهبية للتغيير الإيجابي، وابتكار الحلول الجذرية والمستدامة.

فإذا كان تحديد الأولويات يمثل البوصلة في قيادة الابتكار في زمن الأزمات؛ فإن التعلم هو بمثابة الطريق الذي يمكنه ضمان الوصول للأهداف الاستراتيجية. فالأزمات تفرض على المبتكرين ومنظومات الابتكار ضرورة البحث عن مسارات أكثر انفتاحًا في أساليب التفكير، والتعاطي مع التحديات.

وهي في الوقت ذاته تتطلب بناء المهارات اللازمة لتجربة خيارات عديدة، والبحث العميق عن الحلول المتعددة الأثر، واتخاذ القرارات المناسبة مع ضيق الوقت المتاح، وجميع هذه الجوانب بحاجة إلى عقلية التعلم المستمر. وبالإضافة إلى هذه المهارات؛ فإن التموضع ضمن ابتكارات الأزمات ليس امتيازا يمنح للمبتكرين اللامعين، ولكنه استحقاق لا يصل إليه سوى قلة من المبتكرين الذين يمتلكون البوصلة والطريق.

ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من تشكيل البنية الابتكارية المرنة التي تتميز بقدرات متكافئة في ترتيب الأولويات، وتوظيف الأدوات والبدائل. وهنا تظهر أهمية ترسيخ ثقافة الرشاقة الاستراتيجية، والجاهزية اللازمة لتعزيز بنية الابتكار قبل حدوث أية أزمات، أو تحديات كبرى؛ لأن تحقيق العوائد الاقتصادية، والاجتماعية للابتكار خلال الأزمات هو عمل استثنائي، وليس متاحا لكل منظومات الابتكار.

مقالات مشابهة

  • الابتكار في زمن الأزمات.. البوصلة والطريق
  • أكثر من 6 مليارات دولار صادرات النفط العراقي للشهر الماضي
  • المفوضية الأممية : خطة الاستجابة للاجئين في مصر خطوة رائدة إلى الأمام
  • باحث بجامعة بني سويف يشارك في دراسة رائدة بمجلة Nature
  • اليوم.. مسرحية زمكان وعرض الحال ضمن مهرجان فرق الأقاليم
  • WP: نتنياهو قرر شن حرب على إيران العام الماضي ثم سعى لدعم ترامب
  • أعمال درامية خلدت رائدة النسويات.. هدى شعراوي تعود في ذكرى ميلادها
  • أفريقيات في سدة الحكم.. تجارب رائدة وتحديات متجذرة
  • جمعية تمكين بتبوك تبحث من خلال “معمل الابتكار الاجتماعي” تسريع المبادرات التنموية وتحويل التحديات إلى فرص
  • الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي: "الدبلوماسية البرلمانية" أداة فاعلة في مواجهة التحديات