عُمان تستعرض تعزيز الطاقة المتجددة والاستدامة في «كوب 28»
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
دبي: يمامة بدوان
يحاكي جناح سلطنة عُمان في مؤتمر «كوب 28»، جهود السلطنة في تحقيق وصولها للحياد الصفري بحلول عام 2050، تماشياً مع دول العالم في تخفيف الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، كما يعكس جهود ومبادرات السلطنة، التي تساهم في تحقيق الأهداف الطموحة.
يجسد الرؤية التي تعمل عليها الحكومة في تعزيز الدور المحوري لسلطنة عُمان في مجال الاستدامة البيئية وتعزيز الطاقة المتجددة، لتعريف زوار الجناح بتجربة السلطنة في مجالات حماية البيئة، وتقليل الانبعاثات والاستدامة البيئية، وتعزيز الطاقة المتجددة، واحتجاز الكربون.
وأوضح الهيثم بن حمد المشيفري، مدير التواصل والإعلام في وزارة الطاقة والمعادن بسلطنة عمان، ل «الخليج»، أن جناح عُمان يستعرض أبرز مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين، والتي تمثل جزءاً أساسياً في طريق تحقيق الحياد الصفري في السلطنة، وأهم المدن المستدامة التي تم الإعلان عنها كمدينة السلطان هيثم المستدامة، التي تعكس نموذج المدن التي تعتمد على رفع مستويات كفاءة الطاقة واستخدام تقنيات الذكاء الصناعي والتقليل من التلوث البيئي، والتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد داخل هذه المدن، كذلك منظومة الإنذار المبكر من المخاطر المتعددة، والذي يعد واحداً من أبرز النظم على المستوى العالمي في التخفيف من أضرار المخاطر الطبيعية.
الهيثم المشيفريوقال إن مشاركة عمان في «كوب 28» تحت شعار «عُمان مستقبل مستدام»، يأتي إيماناً من السلطنة بأهمية إيجاد حلول عملية ومستدامة للمشكلات العالمية بالتعاون مع دول العالم، من خلال استعراض الاستراتيجيات والسياسيات والمبادرات التي تم تنفذها عمان، من أجل تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وحماية البيئة واستدامتها وتعزيز الطاقة المتجددة، فقد اتخذت عمان خطوات مهمة للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني في 2050، وإنشاء مركز عمان للاستدامة الذي سيكون له دور الإشراف على تحقيق هذا الهدف.
الهيدروجين الأخضر
وأكد المشيفري سعي عُمان إلى أن تكون مركزاً لإنتاج الهيدروجين الأخضر، اعتماداً على وجود المقومات الرئيسية، المتمثلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأراضي الممتدة والكوادر البشرية، كما أن خبرة السلطنة في إنتاج الطاقة وتصديرها وموقعها في الأسواق وطرق التجارة العالمية، يساهم بأن تكون رائدة في هذا المجال، كذلك العلاقات الدولية التي تمتلكها حول العالم ستساهم في تحقيق خططها وأهدافها الاستراتيجية الرامية لأن تكون مركزاً عالمياً مهماً في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.
وأضاف أنه تم تخصيص مساحة تزيد على 50 ألف كيلومتر مربع لمشاريع الهيدروجين الأخضر، تطرح على مراحل، كما تستهدف الخطط الطموحة إلى إنتاج أكثر من مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وصولاً إلى استغلال 30% من الأراضي المخصصة حالياً في عام 2050 لإنتاج ما يقارب 8 ملايين طن.
اقتصاد المعرفة
وتابع: تدعم سلطنة عمان إنشاء منظومة فعالة ومتوازنة ومرنة لحماية الموارد الطبيعية العمانية واستدامتها دعماً للاقتصاد الوطني، وذلك انطلاقاً من اعتماد السلطان هيثم بن طارق، عام 2050 لتحقيق الحياد الصفري الكربوني، وإنشاء مركز عمان للاستدامة، بناء على مخرجات مختبر إدارة الكربون، وهي خطوة مهمة وإيجابية لتحقيق الحياد الصفري الكربوني الذي سيساهم في تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والحد من تداعيات تغير المناخ، والاستفادة من التكنولوجيا النظيفة لتحقيق الاستدامة وبناء اقتصاد المعرفة، وتنويع مصادر الطاقة، كما سيتكفل مركز عُمان للاستدامة بضمان تنفيذ مخرجات الخطة الوطنية للحياد الصفري الكربوني، ومتابعة الأنشطة المختلفة وتحقيقها للنسب المستهدفة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وسيستمر في تطوير الفرص الموجودة في كل القطاعات المستهدفة من أجل تفعيل الخطة التنفيذية ومتابعتها مع المتغيرات على الساحة الدولية أو المحلية التي قد تطرأ خلال فترة التنفيذ.
طموح لزراعة 100 مليون شجرة مانجروف
أكد الدكتور غازي بن علي الرواس عميد البحث العلمي في «جامعة السلطان قابوس»، عضو اللجنة التوجيهية للتغيرات المناخية في سلطنة عمان، أن بلاده تطمح بزراعة 100 مليون شجرة مانجروف على السواحل بحلول عام 2030.
وقال «الرواس» في تصريح لوكالة أنباء الإمارات «وام»: «إن أشجار المانجروف تمثل أهمية بيئية كبيرة وشرياناً حيوياً بحرياً وكنوزاً طبيعية ذات فوائد بيئية واقتصادية وسياحية عديدة، كما تعد مخازن طبيعية لامتصاص الكربون وتسهم في تخليص الشواطئ من الملوثات، وتقلل من درجة الحرارة ورطوبة المناخ». وأضاف: إن مشاركة بلاده ضمن الدول الأطراف المشاركة بقمة المناخ «كوب 28» في دولة الإمارات العربية المتحدة، هي من أجل استعراض سياسات السلطنة للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني 2050 وتخفيف الانبعاثات الكربونية والغازات الدفينة، مشيراً إلى الجهود الوطنية في استخدام الطاقة النظيفة والاستثمارات في الهيدروجين الأخضر من أجل مواجهة التغير المناخي.
ولفت الرواس إلى أن وزارة الطاقة وقعت عدة اتفاقيات مع شركات الطاقة العالمية في قطاع الهيدروجين، وذلك داخل جناح السلطنة بمدينة إكسبو دبي.(وام)
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 الإمارات الاستدامة الهیدروجین الأخضر الطاقة المتجددة فی تحقیق من أجل
إقرأ أيضاً:
التشريعات في السلطنة والشركات الناشئة
صالح بن سعيد الحمداني
في ظل التسارع العجيب والتحولات الاقتصادية التي يشهدها وطننا الغالي، برزت الشركات الناشئة، والتي نعتبرها في هذا الوقت أحد أبرز ملامح مرحلة جديدة ضمن رؤية "عُمان ٢٠٤٠"، ومن المراحل والتي سوف تسهم في تنويع مصادر الدخل، وكذلك الحال لتقليل الاعتماد على النفط، في الرؤية نجد أن قطاع ريادة الأعمال يعتبر ركيزة أساسية من ركائزها، إذ يعول عليه في تحفيز الابتكار وتعزيز التنافسية وكذلك توفير فرص عمل للشباب.
في الوقت ذاته، وفي بيئة تُولَد فيها هذه الشركات المعول عليها، والتي لا تعتمد على الأفكار الريادية أو التمويل فقط، لا بد من وجود إطار قانوني وتنظيمي يكون بمثابة العمود الفقري لاستدامتها، واستمرار هذه المشاريع وفق ما خطط له على أرض صلبة تدعم نشأتها واستمراريتها، ويثار في الواقع قبل الأذهان تساؤل جوهري مهم، هل التشريعات التجارية والضريبية تشكل بيئة محفزة لنمو الشركات الناشئة معنا بالسلطنة؟ أو أن هناك بعض القيود التي قد تُثني رواد الأعمال من المضي قُدمًا؟
شهدت السلطنة نشاطًا ملحوظًا في دعم قطاع ريادة الأعمال خلال السنوات الأخيرة، من خلال بعض البرامج الحكومية التي تم إنشاؤها مثل "صندوق تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (إنماء)"، و"هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"، و"البرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات (نزدهر)" وهذه البرامج لها أثرها بإذن الله على الواقع، وفي الوقت نفسه فهناك مبادرات مثل "منصة استثمر في عُمان"، و"الخطة الوطنية للتشغيل"، التي تهدف إلى إشراك الشباب العُماني في الاقتصاد من خلال مشاريعهم الخاصة، هذه المبادرات تم إطلاقها لتكون ذات جدوى وفائدة.
ولا تزال هناك بعض التحديات قائمة رغم وجود هذه المبادرات الإيجابية الفاعلة، ومن هذه التحديات ما يتعلق بالإطار التشريعي والتنظيمي.
في السلطنة تم تحديث القوانين التجارية، فهي بين التحديث والتطبيق، وخلال السنوات الأخيرة حدث تحديثًا ملحوظًا لها وخاصة عام ٢٠١٩م بعد صدور المرسوم السلطاني رقم ٥٠/ ٢٠١٩ بإصدار قانون استثمار رأس المال الأجنبي، وقانون الشركات التجارية الجديدة وفق المرسوم السلطاني رقم ١٨/ ٢٠١٩ بإصدار قانون الشركات التجارية، وغيرها من التشريعات والقوانين التي هدفت إلى جعل بيئة الأعمال في السلطنة أكثر مرونة وجاذبية.
من بين التسهيلات المقدمة، فإن السلطنة وفّرت عبر بوابة "استثمر بسهولة" منصة رقمية لتسجيل الشركات الأمر الذي يسهل الإجراءات بشكل كبير، ولكن بعض رواد الأعمال لا يزالون يواجهون في بعض الأحيان تحديات تتعلق بتعدد الجهات المعنية، وكذا الحال في استخراج بعض التراخيص بطول المدة، خصوصًا في القطاعات الحساسة مثل التقنية أو الأغذية.
المرسوم السلطاني رقم ١٨/ ٢٠١٩ بإصدار قانون الشركات التجارية يُتيح خيارات متعددة لتأسيس الكيانات والشركات التجارية كالشركات ذات المسؤولية المحدودة، والشركات الفردية، وشركات الشخص الواحد، إلا أن بعض الشروط المتعلقة برأس المال أو عدد الشركاء لا تزال تمثل عائقًا نسبيًا لبعض المشاريع الصغيرة في بداياتها.
إن السلطنة توفر تشريعات واضحة وصريحة في مجال حماية الابتكار من خلال قانون حقوق الملكية الفكرية بالمرسوم السلطاني رقم ٦٥/ ٢٠٠٨ بإصدار قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
وتُعد حماية الملكية الفكرية عاملاً حاسمًا لأي شركة ناشئة تعمل على أفكار جديدة، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في آليات التنفيذ وسرعة البت في النزاعات الناشئة في هذا الجانب والذي يستدعي مزيدا من التطوير المؤسسي في هذا الجانب.
وقد دخلت الشركات الناشئة في السلطنة تحديًا جديدًا، بعد أن تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة في أبريل ٢٠٢١ (٥ %)، وتَمثل هذا التحدي بكيفية التكيّف مع النظام الضريبي دون التأثير على قدراتها التنافسية أو الربحية.
نسبة ضريبة القيمة المضافة التي طبقتها السلطنة تُعد أقل النسب عالميًا، ولكن رغم ذلك فإن تطبيقها على بعض الخدمات الأساسية يؤثر على تكاليف التشغيل بشكل غير مباشر وخاصة على الشركات التقنية التي يكون اعتمادها على أدوات برمجية وخدمات سحابية من خارج السلطنة.
ومما يُحسب من الإيجابيات للحكومة توفير حوافز ضريبية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المراحل الأولى من تأسيسها ونشأتها، بالإضافة إلى التسهيلات التمويلية عبر بنك التنمية العماني، وكذلك الحال بالنسبة لصندوق إنماء، ورغم هذه الحوافز والإعفاءات، تجد أن هناك دعوات متزايدة لتوسعة مظلة هذه الحوافز، لتشمل تلك الشركات الناشئة في الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، وفي القطاعات الرقمية.
الشركات الناشئة بعضها يعاني من غياب الوضوح الكامل في بعض تفاصيل تعاملها مع الجهات الضريبية، وخاصة تلك التعاملات التي تخص المعايير المحاسبية والتصنيفات، هذا الجانب يحتاج إلى تعزيزٍ من خلال برامج توعية ضريبية، وتقديم تعليمات وتوجيهات وإرشادات مخصّصة لروّاد الأعمال."
بعض رواد الأعمال يذكر أن هناك بعض التحديات التشريعية التي تواجههم، وفي بعض البحوث والمواضيع المطروحة نجدها تتمثل في:
بطء تلك الإجراءات الخاصة بالتراخيص والتصاريح. تعقيد في الإجراءات المرتبطة بتوظيف الأيدي العاملة. محدودية التشريعات التي تراعي خصوصية الشركات التقنية.- ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة المعنية بتنظيم الأعمال.
حاجة البيئة الريادية في السلطنة إلى تشريعات تكون أكثر مرونة تعكس صورة وطبيعة الاقتصاد الحديث، وتسهم في تطوره والإقبال عليه، لأن الشركات الناشئة هي ليست مجرد مؤسسات تقليدية، بل إنها تمثل تلك مشاريع التي تتسم بالديناميكية وسرعة التغير، مما يتوجب تصميم قوانين تُراعي هذه الخصوصية مثل قانون يكون خاصًا بالشركات الناشئة أو البيئة الحاضنة، بات هذا أمرًا ضروريًا وملحًا.
ودعم رواد الأعمال ينبغي أن يشمل الدعم القانوني، ولا يقتصر على الجانب التمويلي فقط، من خلال توفير مراكز استشارية لهم، توفر خدمات ميسّرة في فهم التشريعات والتعامل مع التحديات التي تواجههم، وكذلك من خلال عيادات قانونية لريادة الأعمال.
في السلطنة تمثل القوانين التجارية والضريبية خطوة متقدمة لبناء وإنشاء بيئة جاذبة للأعمال وداعمة لتطوير الاقتصاد، ولكن نجاح تلك الشركات الناسئة -رغم هذه البيئة المحفزة- يتطلب منظومة تشريعية متكاملة عنوانها المرونة والبساطة والشفافية.
جهود جبارة وخطوات ثابتة لتعزيز بيئة عمل محفزة وتشريعات وغيرها من الجوانب، ولكن يبقى هناك سؤال عالق في الأذهان: هل نكتفي بما تحقق على أرض الواقع أم نمضي ونجتهد نحو إصلاحات تكون أعمق وأرسخ وأشمل تجذب رواد الأعمال وتُرسخ عُمان كدولة حاضنة للابتكار والمشاريع الناشئة في المنطقة، بل العالم؟
الإجابة على الأرجح هي حتمًا التي ستُحدّد مستقبل ريادة الأعمال في هذا الوطن الغالي، وسوف ترسم لنا ملامح اقتصادها الجديد.
رابط مختصر