أسقطت فرقاطة فرنسية مسيرتين في البحر الأحمر كانتا متجهتين نحوها انطلاقا من سواحل اليمن، وذلك بالتزامن مع تهديد الحوثيين لأي سفن متجهة إلى إسرائيل نصرة لغزة، وفي حين توعدت تل أبيب بالرد، تتشاور واشنطن مع حلفائها بشأن عمل عسكري محتمل ضدها.

وقالت هيئة أركان الجيوش الفرنسية اليوم الأحد في بيان إن الفرقاطة المتعددة المهمات "لانغدوك" العاملة في البحر الأحمر "اعترضت هذين التهديدين المحددين ودمرتهما" ليلة الأحد.

وسبق أن أعلنت واشنطن أن مدمّرة أميركية أسقطت 3 طائرات مسيّرة خلال تقديمها الأحد الماضي الدعم لسفن تجارية في البحر الأحمر استهدفتها هجمات من اليمن، مندّدة بـ"تهديد مباشر" للأمن البحري.

وكان المتحدث العسكري باسم حركة "أنصار الله" الحوثية يحيى سريع هدد أمس السبت بمنع عبور السفن المتجهة لإسرائيل إذا لم يدخل الغذاء والدواء لقطاع غزة، وقال إن أي سفينة متجهة لإسرائيل هدف مشروع.

ولقي هذا القرار ترحيبا لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تخوض ضمن المقاومة الفلسطينية معارك شرسة مع قوات الاحتلال في غزة منذ 65 يوما حتى الآن.

وقالت "حماس تعتبر هذا القرار شجاعا وجريئا ينتصر لدماء شعبنا في قطاع غزّة، ويقف ضد العدوان الصهيو أميركي الذي يمعن في حرب الإبادة الجماعية".

وفي الآونة الأخيرة، استهدف الحوثيون سفنا يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، إلا أن تهديدهم السبت يوسّع نطاق عملياتهم لتشمل كل السفن المتّجهة إلى إسرائيل.

توعد إسرائيلي

وندد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي بما وصفه بـ "الحصار البحري"، وحذر قائلا "إذا لم يهتم العالم بهذا الأمر، لأنه مشكلة دولية، فسنتحرك لوضع حد لهذا الحصار البحري".

وقال خلال مقابلة مع وسائل إعلام محلية إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس أن حكومته ستتحرك عسكريا ضد الحوثيين إن لم يتصدَ لهم أحد.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل السماح للجيش الأميركي بالرد على الحوثيين، بدلا من المخاطرة بتوسيع الصراع.

وكانت الصحيفة كشفت عن انقسامات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن كيفية الرد على الحوثيين.

وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن الوزير أنتوني بلينكن دان هجمات الحوثيين على السفن التجارية بالمياه الدولية جنوبي البحر الأحمر.

وأضافت الخارجية الأميركية أن بلينكن شدد خلال لقائه نظيره السعودي على ضرورة تعاون جميع الشركاء لدعم الأمن البحري.

وكشفت صحيفة بلومبيرغ أن الولايات المتحدة تتشاور مع الحلفاء في المنطقة بشأن عمل عسكري محتمل ضد الحوثيين، ردا على هجماتهم على نحو متزايد على السفن في البحر الأحمر، مشيرة إلى أن المحادثات في مرحلة أولية ولا تزال الولايات المتحدة وشركاؤها يفضلون الدبلوماسية على المواجهة المباشرة.

ومع ذلك، فإن حقيقة أن المناقشات تجري على الإطلاق تؤكد مدى جدية الولايات المتحدة في التعامل مع التهديد.

وفي هذا الإطار نقلت بلومبيرغ عن جون فينر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي أن واشنطن لن تستبعد احتمال شن ضربات ضد الحوثيين في اليمن، بينما تركز الآن على العقوبات والأمن في البحر.

وفي تقرير عن "الحوثيين في اليمن"، وصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية الحوثيين بأنهم تهديد للتجارة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وأن الممر البحري ذو أهمية قصوى لإسرائيل لانعدام طرق تجارية بديلة.

وأوردت الصحيفة أرقاما رسمية عن انخفاضٍ في حركة السفن في ميناء أسدود بنسبة 40% منذ بداية الحرب في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأشارت صحيفة هآرتس إلى تضرر أسهم شركات الشحن الإسرائيلية بسبب ارتفاع أقساط التأمين على البواخر التي تحمل البضائع الى إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع

تخيل بلدا يقف على جرف هارٍ تدفعه حرب ضارية إلى الهاوية، وجيشا يقاتل على جبهات متشعبة، واقتصادا ينهار طبقة بعد أخرى، بينما تتنازع قوى عالمية على أرضه وموانئه وذهبه وموقعه الاستثنائي.

وفي قلب هذا المشهد يقف رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، محاولا أن يمسك بالعصا من وسطها: يلوح للغرب بإمكانية الشراكة، ويشد في الوقت نفسه خيوط الارتباط بالشرق الصاعد.

ليس ذلك تقلبا سياسيا ولا انتقالا عشوائيا بين المحاور، بل مناورة وجودية فرضتها الجغرافيا القاسية، وحرب أنهكت الدولة والمجتمع، وتوازنات دولية تجعل من السودان ساحة اختبار كبرى في صراع النفوذ على البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وفي هذا السياق تحديدا، برزت آخر رسائل البرهان إلى الغرب عبر مقاله الذي اختار له بعناية صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025؛ رسالة لم تكن مقال رأيٍ عابرا، بل مذكرة سياسية مشفرة، صيغت بقدر محسوب من الإيحاء لتصل مباشرة إلى دوائر صناعة القرار.

الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة والانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي، ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا

الرسالة السياسية والصفقة غير المعلنة

في مقاله المثير، حمل البرهان قوات مليشيا السريع مسؤولية الحرب، رافضا توصيف الصراع بأنه "صراع جنرالين"، ومؤكدا أنها حرب تمرد على الدولة.

لكنه لم يكتفِ بهذا التوصيف؛ بل بنى المقال كله على فكرة واحدة: إذا ساعدتموني على تفكيك مليشيا الدعم السريع وإنهاء التمرد، فسأكون جاهزا للمضي في مسار التطبيع، وتقديم صيغة حكم مدني ترضيكم.

لوح البرهان بالانتقال الديمقراطي، وذكر الغرب بأن الصراع يهدد مصالحه في البحر الأحمر، وفتح باب الشراكة الاقتصادية، مشيرا إلى دور للشركات الأميركية في إعادة الإعمار. بدا المقال أقرب إلى عرض تفاوضي مكتمل الأركان: دعم عسكري وسياسي مقابل شرعية واستقرار وتعاون أمني.

هذه الرسالة ليست معزولة؛ فهي تأتي في وقت تتنامى فيه تحركات البرهان على الساحة الدولية: خطابات في الأمم المتحدة، إشارات إيجابية في الملفات الإنسانية، وانفتاح محسوب على المؤسسات الغربية.

إعلان

لكن هذه الإشارات لا تعني انقلابا إستراتيجيا نحو الغرب، بل هي جزء من لعبة أكبر توازن فيها القيادة السودانية بين مكاسب اللحظة، ومخاطر الاصطفاف الحاد.

بين القيمة الجيوسياسية وكلفة الاصطفاف

يحتل السودان موقعا استثنائيا. فهو بوابة البحر الأحمر، وممر التجارة العالمية، وخزان ضخم للمعادن والأراضي الزراعية. ولهذا تتصارع عليه القوى الكبرى اليوم، كما لم تفعل من قبل.

الصين ترى في السودان امتدادا لطريقها التجاري نحو أفريقيا. استثماراتها الضخمة في الموانئ والبنية التحتية والزراعة، تجعلها تبحث عن طريقة لتفادي انهيار كامل قد يبتلع مصالحها. وبكين، رغم هدوئها المألوف، تدرك أن الفوضى في السودان تعني خسارة سنوات من العمل الاقتصادي والإستراتيجي، ولذلك تتحرك بدقة: دعم محدود للجيش، وضغط خلفي لتثبيت الاستقرار دون الاصطدام بالغرب مباشرة.

أما روسيا فقد استعادت أدواتها غير النظامية عبر "أفريكا كوربس"، البديل الجديد لفاغنر، بهدف ترسيخ وجود إستراتيجي دائم على البحر الأحمر. بالنسبة لموسكو، السودان ليس مجرد شريك إستراتيجي، بل هو مفتاح لدخول القرن الأفريقي بعمق، وتحقيق توازن مع الضغوط الغربية في أوكرانيا، وأوروبا.

الغرب من جهته يراقب بقلق تمدد الشرق. لكنّ لديه شرطا واحدا لم يتغير: لا دعم اقتصاديا حقيقيا دون التقدم في ملف التطبيع، وهندسة المسرح السياسي الداخلي، واستبعاد تيار بعينه.

هكذا يجد السودان نفسه أمام معادلة مستحيلة:

الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة. الانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي.

ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا، والمناورة بين الشرق والغرب أشبه بخيط نجاة رفيع، لكن لا بد من السير عليه.

عدم الانحياز الذكي ورهان الداخل

ضمن هذه الحسابات الدولية المعقدة، يبرز مسار ثالث يفرض نفسه بقوة:

عدم الانحياز الفعال، وهو ليس حيادا سلبيا كما في الستينيات، بل إستراتيجية قائمة على مزيج من الانفتاح الانتقائي، والمداورة الدبلوماسية.

هذا المسار يعني:

تعاونا اقتصاديا عميقا مع الصين، دون الارتهان لها. شراكة أمنية مع روسيا، دون التحول إلى بوابة لها على البحر الأحمر. انفتاحا على الغرب، دون الوقوع في فخ الشروط الثقيلة التي قد تشعل الداخل. بناء دور إقليمي يعتمد على الجغرافيا لا على الأيديولوجيا.

بهذه المقاربة، يتحول السودان من ساحة صراع إلى لاعب يجيد توظيف الصراع لصالحه.

بيد أن كل هذا لن ينجح إذا لم يتم حسم المعركة الأهم: معركة الداخل. فالرهان الحقيقي ليس على واشنطن ولا بكين ولا  موسكو، بل على قدرة القيادة السودانية على:

توحيد الجبهة الداخلية، إعادة بناء المؤسسات، وقف النزيف الاقتصادي، وفرض إرادتها على القوى الإقليمية المتدخلة.

فمن دون جبهة داخلية متماسكة، تصبح المناورة الخارجية مجرد لعبة خطرة قد تسقط عند أول هزة. ومن دون قرار وطني صارم، لن تستطيع الخرطوم تحويل ثقلها الجيوسياسي إلى قوة حقيقية.

الخلاصة: المناورة ليست خيارا.. بل قدرا سياسيا

ما يقوم به البرهان اليوم ليس استسلاما للغرب ولا انحيازا للشرق، بل مناورة إجبارية تهدف إلى جمع السلاح من منطقة، والشرعية من أخرى، والمساعدات من ثالثة، دون دفع الأثمان كاملة لأي طرف.

إعلان

هي محاولة لاستثمار موقع السودان الفريد في معركة الهيمنة على البحر الأحمر، وتحويل الأزمة إلى ورقة تفاوض كبرى. غير أن هذه اللعبة الخطرة لن تجدي نفعا إذا لم يُستعَد الداخل أولا.

ففي النهاية، لا تحدد الدول الكبرى مصائر الأمم بقدر ما تحددها إرادة أبنائها.

وقدرة السودان على الخروج من النفق لا تتوقف على لعبة التوازن الدولية فحسب، بل على قوة البيت الداخلي، وتمكن القيادة من فرض رؤيتها على من يحاولون تشكيل مستقبل السودان من الخارج.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • علاقة متكاملة تمتد إلى مئات السنين.. اليمن حارس غزة عبر التاريخ
  • ضاحي خلفان يعبر عن أمنيته بتحرير شمال اليمن من قبضة الحوثيين
  • تطوير ميناء المخا.. رهان اقتصادي يعيد إحياء بوابة تجارة هامة في اليمن
  • أردوغان يعلق على دور مجلس السلام بشأن غزة والهجمات على السفن في البحر الأسود
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • صاروخ روسي يضرب سفينة تركية في أوديسا بالتزامن مع لقاء أردوغان وبوتين!
  • حزب الإصلاح يعطل جهود تحرير اليمن من الحوثيين
  • اتحاد بشبابها بالبحر الأحمر يجتاز دورة القيادة المحلية
  • مادورو يتهم الولايات المتحدة بـالقرصنة.. وترامب يعلن قرب بدء مكافحة تهريب المخدرات برًا
  • درة تسعرض أناقتها في ختام مهرجان البحر الأحمر.. شاهد