الولايات المتحدة تجيز استخدام أول علاج باستخدام مقص كريسبر الجزيئي
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
وافقت السلطات الصحية الأميركية -أول أمس الجمعة- على أول علاج باستخدام مقص "كريسبر" (Crispr) الجزيئي، وهي تقنية للتحرير الجيني تمثل إنجازا كبيرا في الطب، يُتوقع في هذه الحالة أن تتيح تخفيف معاناة المصابين بمرض نادر في الدم.
في المجمل، جرت الموافقة على علاجين ضد هذا المرض الجيني الوراثي، فقر الدم المنجلي، الذي يصيب نحو 100 ألف شخص في الولايات المتحدة.
وقال المسؤول الرفيع المستوى في وكالة الأدوية الأميركية "إف دي إيه" بيتر ماركس خلال مؤتمر صحفي "تمثل هذه العلاجات تقدما كبيرا في مجال العلاج الجيني للمرضى الذين يعانون من فقر الدم المنجلي، وهو مرض دم نادر ومنهك".
وأضاف أن "إمكانات هذه المنتجات لتغيير حياة المرضى الذين يعانون من مرض فقر الدم المنجلي هائلة".
وأكدت الوكالة الأميركية أن هذا المرض يؤثر بشكل خاص على الأميركيين من أصل أفريقي.
وقد خوّل تطوير مقص "كريسبر" الجزيئي الفرنسية إيمانويل شاربنتييه والأميركية جينيفر دودنا الحصول على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2020.
وأحدثت هذه التقنية ثورة في معالجة الجينوم من خلال دقتها وسهولة استخدامها مقارنة بالأدوات السابقة.
ويعاني المرضى المصابون بمرض فقر الدم المنجلي من طفرة تؤثر في الهيموغلوبين، وهو بروتين موجود في خلايا الدم الحمراء ينقل الأكسجين إلى أنسجة الجسم. وبسبب هذه الطفرة، تصبح خلايا الدم الحمراء على شكل منجل، مما يحد من تدفق الدم وتوصيل الأكسجين.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى فقر دم مزمن ونوبات مؤلمة للغاية. وقد تكون التداعيات المتصلة خصوصا بحدوث أضرار في الأعضاء الحيوية، خطيرة، وحتى مميتة.
وبات كلا العلاجين، "كاسغيفي" Casgevy و"ليفجينيا" Lyfgenia، معتمدين من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه) للمرضى الذين تبلغ أعمارهم (12 عاما) وما فوق.
وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بهذه التراخيص باعتبارها "إنجازا كبيرا". وقال في بيان "إن هذا التقدم الطبي المهم يُعدّ واعدا جدا لتطوير علاجات أخرى".
عصر جديدوقد تمت الموافقة بالفعل على علاج "كاسغيفي" Casgevy، الذي طورته شركة "فيرتيكس فارماسوتيكلز" (Vertex Pharmaceuticals)، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من جانب السلطات الصحية البريطانية، لكن هذا الترخيص الجديد هو الأول من نوعه في الولايات المتحدة.
ويتم تعديل خلايا المريض باستخدام تقنية "كريسبر" (Crispr) ثم تُزرع مرة أخرى لدى الفرد.
خلال تجربة سريرية، لم يعان 29 من أصل 31 مريضا من أزمة انسداد في الأوعية الدموية لمدة 12 شهرا متتاليا على الأقل خلال فترة متابعة مدتها 24 شهرا.
وكانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعا هي آلام الفم والغثيان وآلام البطن والقيء.
أما العلاج الثاني، المسمى "ليفجينيا" Lyfgenia والذي طورته شركة "بلوبيرد بايو" (Bluebird Bio)، فهو يعمل بشكل مختلف، إذ يستخدم فيروسا غير ضار لإجراء التعديل الوراثي.
وقالت نيكول فردان، مديرة المنتجات العلاجية في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، إن مريضين توفيا بسرطان الدم خلال التجارب السريرية لهذا العلاج، لذلك تمت إضافة تحذير إلى العلاج المعتمد "لإعلام الجمهور" بالمخاطر.
وأوضحت فردان أنه تم الاتفاق مع المختبرين الصيدلانيين لإجراء دراسات المتابعة لمدة 15 عاما.
بالنسبة لكلا العلاجين، بمجرد جمع الخلايا الجذعية للمريض، يجب أن يخضع للعلاج الكيميائي الذي يهدف إلى إزالة الخلايا من الحبل الشوكي، بما يتيح بعد ذلك استبدالها بالخلايا المعدلة.
وقالت شركة "فيرتيكس فارماسوتيكلز" Vertex Pharmaceuticals في بيان إنه بعد الحقن، بجرعة واحدة، سيتعين متابعة المرضى لأسابيع عدة في المستشفى. وتقدّر الشركة أن نحو 16 ألف مريض سيكونون مؤهلين لذلك.
وبالفعل، وفق بيتر ماركس من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، فإن هذه العلاجات ستكون أكثر ملاءمة للمرضى الذين يعانون من نوبات متكررة وشديدة، أو "نحو 20%" من المصابين بهذا المرض في البلاد.
ولكن بحسب ماركس، فإن ترخيص هذين العلاجين "اللذين يُحتمل أن يحوّلا" مسار البحوث في هذا المجال، يوضح الديناميكية الحالية لهذا "العصر الجديد الواعد من الطب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فقر الدم المنجلی
إقرأ أيضاً:
بناء السفن.. جبهة جديدة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين
نشر موقع "أوراسيا ريفيو" تقريرا تناول فيه توسع التنافس بين الولايات المتحدة مع الصين ليشمل قطاع بناء السفن؛ فقد أصدرت إدارة ترامب في نيسان/ أبريل 2025 قرارًا تنفيذيًا لإحياء صناعة بناء السفن الأمريكية وتعزيز التفوق البحري في مواجهة التقدم الصيني السريع.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمه "عربي 21"، إن إدارة ترامب، رغم تركيزها الظاهري على التجارة وتعظيم المكاسب الاقتصادية، تُظهر تحركاتها الأخيرة أن التنافس البحري مع الصين بات جزءًا أساسيًا من أولوياتها.
وفي 9 نيسان/ أبريل 2025، أصدرت إدارة ترامب أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى إحياء صناعة بناء السفن في الولايات المتحدة واستعادة التفوق البحري، في ظل التقدّم المتسارع الذي تحققه الصين في هذا المجال، وهو ما يعكس شعورًا متزايدًا بالقلق داخل الإدارة الأمريكية بشأن تراجع قدراتها البحرية مقارنةً بمنافسها الصيني.
وأشار الموقع إلى أن قدامى المحاربين العسكريين قدموا مشروع قانون "أنقذوا أحواض السفن"، في آذار/ مارس 2025، بهدف تجديد صناعة بناء السفن الأمريكية وتلبية احتياجات الجيش، حيث إن هذه الخطوة، إلى جانب القرارات السابقة، تعكس إدراكًا متزايدًا لدى الولايات المتحدة بضرورة تعزيز تفوقها البحري، خصوصًا في ظل استحواذ الصين على نحو 53 بالمائة من صناعة السفن العالمية خلال العقدين الماضيين.
تفوق الصين في بناء السفن البحرية
وأفاد الموقع أن سوق بناء السفن شهد تغيرًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين؛ حيث ارتفعت حصة الصين من 5 بالمائة في سنة 2000 إلى 53 بالمائة في سنة 2024، في حين انخفضت الحصة المشتركة لكوريا الجنوبية واليابان من 74 بالمائة إلى 42 بالمائة. وتحتل الولايات المتحدة أقل من 1 بالمائة من السوق العالمي حاليًا.
وذكر الموقع أن تقدم الصين في بناء السفن التجارية والبحرية جاء بفضل التصنيع المحلي وتكاليف العمالة المنخفضة والدعم الحكومي، مع اعتماد سياسة الدمج العسكري المدني التي تجمع بين القطاعين التجاري والدفاعي، ما يمنحها مزايا إستراتيجية واقتصادية واضحة مقارنة بدول أخرى.
وأضاف الموقع أن الصين تمكنت من الاستفادة من قاعدتها لبناء السفن لأغراض مزدوجة، مما عزز قدراتها البحرية بسرعة. وتمتلك الصين أكبر قوة بحرية في العالم؛ حيث تشغل 234 سفينة حربية مقابل 219 للبحرية الأمريكية، ويبلغ إجمالي قوتها القتالية أكثر من 370 سفينة وغواصة، منها أكثر من 140 سفينة سطحية رئيسية.
ومن المتوقع أن يصل عدد سفن البحرية الصينية إلى 395 بحلول 2025، و435 بحلول 2030. ففي سنة 2005، كان لدى البحرية الأمريكية حوالي 300 سفينة، بينما كان لدى الصين 200. وعلى الرغم من حجم الأسطول الأمريكي سيظل ثابتًا حتى 2030، ستصل البحرية الصينية إلى 450 سفينة، أما في مجال بناء السفن التجارية، فقد شهدت الصين نموًا كبيرًا، مما منحها تفوقًا واضحًا على منافسيها، بما في ذلك الولايات المتحدة.
ومع ذلك، قد تتعثر صناعة بناء السفن الأمريكية بسبب نقص الاستثمار والسياسات الحمائية التي أدت إلى تخلفها عن المعايير العالمية. وتواجه البحرية الأمريكية مشاكل كبيرة مثل تجاوز التكاليف وعيوب التصميم وتأخر التسليمات.
ويعتمد القطاع الخاص بشكل كبير على تلبية عدد السفن المطلوبة، لكنه يواجه صعوبات في الالتزام بالميزانية والجداول الزمنية، مما يعيق تحقيق هدف زيادة حجم الأسطول.
وذكر الموقع أن التحديات التي تواجه صناعة بناء السفن الأمريكية تمثل عائقًا كبيرًا أمام تطوير البنية التحتية البحرية، مما يثير مخاوف واشنطن من قدرتها على حماية ممرات الاتصال البحري والسيطرة على نقاط الاختناق، وهو أمر حيوي للتحكم في التجارة الدولية أثناء الأزمات وحماية التجارة العالمية، وهو الدور الأساسي للبحرية الأمريكية.
تعزيز الوجود في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
قال الموقع إن صعود الصين كقوة بحرية وتعزيزها العسكري في المحيطين الهندي والهادئ يثير قلقًا لدى دول مثل الفلبين وكوريا الجنوبية واليابان. وأكد تقرير أمريكي حديث على تصاعد عدوانية الصين وضرورة استعادة الولايات المتحدة لردعها في المنطقة للحفاظ على توازن القوى ودعم حلفائها.
جبهة القطب الشمالي
وأوضح الموقع أن الممرات البحرية في القطب الشمالي أصبحت جبهة حاسمة في المنافسة البحرية بين أمريكا والصين؛ حيث تستفيد الصين، بالتعاون مع روسيا، من تغير المناخ لتسهيل الملاحة وتطوير طريق البحر الشمالي الممتد 3500 ميل، بهدف استغلال الفرص الاقتصادية المحتملة في المنطقة.
وتابع الموقع أن كاسحات الجليد تلعب دورًا أساسيًا في ضمان الوصول المستمر إلى القطب الشمالي على مدار السنة. وقد نشرت الصين ثلاث كاسحات جليد مؤخرًا، بينما تواجه الولايات المتحدة ضعفًا في أسطولها. وتعاونت أمريكا مع كندا وفنلندا لتعزيز القدرات القطبية، وأعلن ترامب في 2025 عن خطة لشراء 40 كاسح جليد كبير، مما يعكس تصاعد المنافسة في المنطقة وسعي أمريكا للحفاظ على مكانتها في المنطقة.
الطريق نحو المستقبل
ولفت الموقع إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة في إعادة تنشيط صناعة بناء السفن، تشمل تأمين تمويل مستمر وتعزيز تنافسية السفن الأمريكية عالميًا وإعادة بناء القدرات الصناعية البحرية، وتطوير القوى العاملة. كما تحتاج إلى تعاون بين الوكالات وتقييم واقعي لقدراتها مقارنة بالصين، ووضع خطة مستقبلية واضحة لمتابعة التقدم.
واختتم الموقع بأن أمر ترامب التنفيذي يؤكد الحاجة الملحة لتعزيز القدرات البحرية الأمريكية لحماية المصالح طويلة الأمد، مع التركيز على المحيطين الهندي والهادئ وأمريكا اللاتينية والقارة القطبية الشمالية، وأن إعادة بناء صناعة بناء السفن المتدهورة تمثل خطوة أساسية لبداية جديدة لواشنطن في حماية مصالحها التجارية والاستراتيجية.