دبلوماسية إنسانية مبدعة.. إشادة بالوساطة القطرية عالميا في ختام منتدى الدوحة
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
سيطرت الإشادة بجهود قطر الدبلوماسية حول العالم ووساطتها الفعالة في العديد من الملفات الشائكة على أعمال اليوم الثاني والأخير لمنتدى الدوحة، الذي يعد أحد أهم المنصات العالمية للحوار.
واختتمت اليوم الاثنين فعاليات منتدى الدوحة بعد يومين من المناقشات هيمن عليها الوضع في قطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فضلا عن مناقشات شملت الأزمة السورية، وكذلك تطور الأوضاع في السودان، وقضايا أفغانستان والطاقة والذكاء الاصطناعي.
وخلال إحدى جلسات اليوم الختامي، أشادت رئيسة كوسوفو فيوسا عثماني بدور دولة قطر وجهودها المتواصلة في الوساطة لبناء السلام، مؤكدة أن جهودها في غزة مثال على الإصرار والعزيمة والنجاح عندما يتعلق الأمر بالموضوع الإنساني.
وقالت عثماني، خلال جلسة بعنوان وكالات الدولة والمؤسسات المتعددة الأطراف في زمن التعددية القطبية "إن دولة قطر قدمت نموذجا مهما في الجهود الناجحة لحماية الأبرياء على غرار دورها في غزة، حيث بذلت جهودا مقدرة في الوساطة الإنسانية التي ساهمت بوقف إطلاق النار في وقت سابق".
#منتدى_الدوحة.. رئيسة #كوسوفو تشيد بجهود دولة #قطر في الوساطة وبناء السلام#قنا https://t.co/vkZemG2J7Q pic.twitter.com/cClr7U5FQk
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) December 11, 2023
تجربة كوسوفووأضافت "هذا الدور المهم لدولة قطر والهدنة الإنسانية التي حققتها في غزة يدفعنا إلى القول إن علينا ألا نتخلى عن حماية الأبرياء وأن نتحلى بالإنسانية ولا نستسلم في سبيل إيجاد الحلول للتحديات التي تواجه الإنسان".
وأشارت إلى تجربة بلادها التي عانت من الحروب والأزمات خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، وقالت في هذا الخصوص "في نهاية المطاف انتصرت التعددية، فبعد أشهر من الحرب قررت الأسرة الدولية الحسم ووقف الفظائع، وتطلب ذلك قرارات أممية كثيرة وجهود دول متعددة".
وعلى هامش ختام المنتدى أكد وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي اضطلاع بلاده بدور حاسم في مجال الحوار وصنع السلام، مشيرا إلى مناصرتها للحوار والدبلوماسية من خلال الأدوار التي لعبتها كوسيط في كثير من النزاعات.
وقال الخليفي إن دولة قطر تؤمن إيمانا راسخا بأن العنف ليس حلا لأي مشكلة، وأن التدخلات العسكرية لم تكن أبدا خيارا مقبولا، مشيرا إلى أن قطر تعمل بإخلاص لتقديم المساعدات الإنسانية ودعم الوساطة، كما أن جهودها ملموسة لتخفيف المعاناة وتحقيق حلول دائمة.
واعتبر وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية أن نسخة هذا العام من المنتدى تميزت بثراء النقاش، والالتزام المشترك بتشكيل مجتمع أكثر مرونة وتعاونا حول مستقبل الشرق الأوسط والعالم، داعيا إلى قيادة مشتركة ومتعددة الأطراف لتوجيه المنطقة نحو الاستقرار والاستدامة.
#منتدى_الدوحة.. #الأمم_المتحدة تنوه بدور دولة #قطر الإنساني ومساعيها لتحقيق السلام والاستقرار#قنا https://t.co/DEADFOBmez pic.twitter.com/reC721ZafD
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) December 11, 2023
دور إنسانيوخلال جلسة أخرى ضمن فعاليات اليوم الختامي، ثمّن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، الدور الإنساني لدولة قطر ومساعيها الدؤوبة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
وقال إن دولة قطر تبذل جهودا مقدرة من أجل تحقيق السلام والاستقرار وتقديم المساعدات الإنسانية، مضيفا "نحن مدينون لكم ولدبلوماسيتكم الإنسانية المبدعة، وجهودكم السياسية النشطة، وكرمكم الذي تمتازون به، ونعلم جيدا أنكم طرف موثوق به".
وأشار في هذا الإطار إلى المساعي التي بذلتها دولة قطر خلال الأسابيع الماضية وأثمرت هدنة إنسانية في غزة وتبادلا للأسرى، مشددا على أهمية استمرار هذه الجهود في ظل العنف المتواصل في القطاع وتداعياته السياسية والإنسانية.
وقدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ لمحة عامة عن الخطة الإنسانية المنسقة للأمم المتحدة للعام 2024.
وتتضمن الخطة نداء لتوفير 46 مليار دولار أميركي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية خلال العام المقبل، بالرغم من ارتفاع المتأثرين سلبا بالصراعات وتغير المناخ والكوارث الطبيعية عن العام الماضي.
وقال غريفيث إن نحو 300 مليون شخص حول العالم بحاجة إلى مساعدات إنسانية، نتيجة الصراعات والأزمات وتغير المناخ التي تدفع الناس إلى النزوح واللجوء وتعرضهم للمجاعات.
وأشار إلى دول كثيرة بحاجة إلى مساعدات عاجلة منها فلسطين، والسودان، واليمن، وسوريا، وأوكرانيا، وغيرها، داعيا المانحين إلى بذل جهد أكبر لتغطية هذه الجهود الإنسانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منتدى الدوحة دولة قطر فی غزة
إقرأ أيضاً:
ثورة الحسين عليه السلام : شعلة الإصلاح وقوة التأثير المستمر في ضمير الإنسانية
في صفحات التاريخ الإسلامي، قلّما نجد حدثًا تجاوز إطاره الزمني والمكاني ليصبح رمزًا عالميًا للكرامة والمقاومة والإصلاح كما فعلت ثورة الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) في كربلاء عام 61 هـ. لم تكن كربلاء مجرد معركة بين جيشين، بل كانت لحظة فاصلة انقسم فيها التاريخ بين الحق والباطل، العدل والطغيان، الإيمان والنفاق، لقد اختار الحسين عليه السلام المواجهة رغم إدراكه المسبق لنتائجها، لأنه كان يحمل مشروعًا إصلاحيًا يهدف إلى إنقاذ الدين من التحريف والسلطة من الانحراف، كما جاء في قوله: “إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.”
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
هذا التقرير يسلّط الضوء على أهم أبعاد الثورة الحسينية، من منطلقها الإصلاحي، إلى استمراريتها التاريخية، مرورًا بتأثيرها العميق على المجتمعات البشرية في مختلف العصور، ويستعرض كيف تحوّلت هذه الثورة إلى إرث إنساني عالمي، يتجدد حضوره كلما تجدد الظلم، وهو ما يتجلى في العبارة الخالدة: “كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء”
تكمن أهمية هذا التقرير في أنه لا يقدّم قراءة تقليدية لكربلاء، بل يسعى إلى إبراز كيف يمكن للثورات القائمة على المبادئ والقيم أن تبقى حية وفعّالة مهما طال الزمن، وفي زمننا هذا، حيث تشتد أزمات العدالة، وتقوى أنظمة الاستبداد، وتُكمم الأفواه باسم المصالح، تبرز الثورة الحسينية كأحد أنقى النماذج التاريخية للمقاومة الأخلاقية الهادفة. فهي لا تزال تسأل كل إنسان: “أين موقعك بين الحسين ويزيد؟” ليبقى السؤال مفتوحًا في كل أرض، وفي كل يوم.
جذور الثورة: حين يتحول الصمت إلى خيانةلم يكن واقع الأمة الإسلامية في عهد يزيد بن معاوية سوى انعكاس لتشويه الدين، وطمس معالم الشورى والعدالة، وتحوّل الخلافة إلى ملك عضوض قائم على التوريث والطغيان، وفي ظل هذا الانحراف، قال الحسين (عليه السلام): “إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، ولا مُفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.” بهذا الإعلان، حدد الحسين هدف ثورته، وأوضح أنها ثورة قيم قبل أن تكون ثورة سيف.
البعد الإصلاحي للثورة الحسينيةكان الإمام الحسين عليه السلام يدرك أن النصر العسكري ليس هو الغاية، بل كان يسعى إلى بعث الوعي، وإيقاظ الضمير الإنساني، وتعريف الأمة بمسؤوليتها تجاه دينها وحقوقها ، فجعل من كربلاء مدرسة خالدة لتعليم معاني الحرية والكرامة، حين قال (عليه السلام ): “ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.”
الاستمرارية والتأثير في المجتمعاترغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنًا على ملحمة كربلاء، فإن تأثير الثورة الحسينية ما زال ممتدًا ومتجذرًا في وجدان الشعوب، ويتجلى ذلك في إحياء ذكرى عاشوراء حيث يتحول شهر محرم إلى موسم عالمي للوعي، والتثقيف، والتذكير بضرورة الوقوف في وجه الظلم ، كما استلهم قادة عظام كغاندي ونيلسون مانديلا من الحسين مفاهيم المقاومة السلمية والصبر والتضحية ، وصارت الثورة الحسينية رمزًا للدفاع عن المظلومين والمحرومين، ومنهجًا يُحتذى في مقاومة الفساد والطغيان.
“كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء”: المعنى العميق والدلالة المستمرةلم تكن عبارة “كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء” مجرد شعار يُتلى، بل أصبحت رؤية فكرية وثقافية تعبّر عن الطابع العالمي والدائم للثورة الحسينية. فالمقصود أن كربلاء ليست موقعًا جغرافيًا فحسب، ولا عاشوراء زمنًا منتهيًا في التاريخ، بل هما رمزان يتكرران كلما وُجد ظلم في مواجهة الحق، وطغيان في مواجهة العدالة ، فكل أرض كربلاء ، أي أن كل أرض يُستباح فيها الحق، ويُقتل فيها الأبرياء، ويُصادر فيها صوت الحرية، تتحوّل رمزيًا إلى كربلاء ، وكل يوم عاشوراء، وتعني أن المعركة بين الحق والباطل لا تنتهي بانتهاء يوم عاشوراء، بل هي مستمرة في كل زمان ومكان ، وليست العبارة مجرد تذكير رمزي، بل دعوة عملية للوعي والموقف، أن يتحمّل كل فرد مسؤوليته في مقاومة الظلم، وألا يكون شاهد زور أو ساكتًا عن الحق، لأن الصمت في حضرة الجريمة مشاركة فيها.
الثورة الحسينية اليوم: مسؤولية الحاضر واستشراف المستقبلفي عالم اليوم، ومع تصاعد الظلم والفساد والانحراف عن المبادئ الأخلاقية، تصبح رسالة كربلاء أكثر إلحاحًا، فكل مجتمع يرزح تحت وطأة الاستبداد أو التهميش يجد في سيرة الحسين إلهامًا ووقودًا للنهوض، ولا تزال ثورة كربلاء تمثل نموذجًا حيًا لكل ثائر حر، ولكل أمة تسعى للكرامة والعدالة.
الخاتمةالثورة الحسينية لم تكن حدثًا عابرًا في التاريخ الإسلامي، بل كانت نهضة روحية وفكرية خالدة، تستمد قوتها من صدق الهدف ونقاء المبادئ، والحسين (عليه السلام) لم يمت في كربلاء، بل أحيا أمة بأكملها، وجعل من دمه الشريف منارة تهدي الأحرار في كل العصور .. “كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء” .. شعار خُطّ بدماء الحسين، ليبقى صوته نداء لكل مظلوم، وصيحة في وجه كل طاغية، حتى آخر الزمان.