سفاح المعادى قتل 3 من أسرته وصديقه
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
فى صفحة «وراء الجريمة» الأسبوعية، منهج جديد لمتابعات الجرائم بشكل تحقيقى.. نعرض اعترافات وأقوال الجانى والمجنى عليه، وشهود العيان وأسر الضحايا، واستكمالا وبحثا من جريدة «الوفد» عن الحقيقة، نفتش ونبحث وراء الجرائم والوقائع الشائكة، بالتواصل مع طرفى كل قضية وحادثة أينما كانوا، للاستماع إلى وجهتى النظر، المتهم والضحية، نضع أقوال الطرفين أمام القارئ والحكم له فى النهاية.
جريمة هذا الأسبوع واقعة بشعة هزت القلوب وأثارت الرأى العام، شهدتها منطقة دار السلام تحديدا حى حدائق المعادى جنوب القاهرة بعد تلفح شاب «مهندس» بعباءة الشيطان وقتل والديه وشقيقه بالأعيرة النارية طمعا فى التركة وسفك دماء أسرته وصديق شقيقه ودفن جثامين الضحايا فى مقبرة اسمنتية اعدها بالمنزل، وحاول التنصل من جريمته وإشعال البخور حتى يتخلص من رائحة الدماء، وتمكنت الأجهزة الأمنية من كشف ملابسات هذه الجريمة المروعة وألقت القبض على المتهم الذى أقر بجريمته.
الجانى قتل والده وأشعل البخور ليتخلص من رائحة الدماء
القاتل: طمعت في التركة ودفنت الجثث في مقبرة أسمنتية بالمنزل
قبل فترة وجيزة من الآن غمرت الفرحة والسعادة قلوب الأسرة بعد نجاح ابنهم «أحمد»، والتحاقه بكلية الهندسة، وزع أفراد العائلة الشربات والحلوى على الأقارب والجيران، علقوا الزينة وضجت المزامير وطبول الفرحة ابتهاجا بتفوق ونجاح ابنهم وتخرجه فى كلية الهندسة، كاد الأب يطير من الفرحة والفخر.. فكيف لا يفرح وقد تحقق حلمه وأصبح نجله وسنده فى الحياة بشمهندس؟ً بذل الأب خلال هذه المسيرة جهدا كبيرا وتحمل مشقة، لكى يلبى كافة متطلبات نجله وينفق عليه فى الدراسة وتوفير كافة متطلباته، زالت كل هذه المعاناة بمجرد تحقيق الأمنية الأسمى فى حياة الأسرة تخرج «أحمد» فى كلية الهندسة.. وقتها مر أمام الأب شريط الذكريات والأمنيات.. يحمد ربه فى السراء والضراء أن حلمه قد تحقق وعوضه عن تعب حياته فى نجله الذى أصبح بشمهندس يتباهى ويتفاخر به فى اى مكان يعلو صوته «أنا أبوالبشمهندس أحمد»..
لم يكن الأب المسكين يعلم أو يتخيل أنه أنجب وربى سفاحا مجرما سيقتله وينهى حياته وأسرته ويرتكب فى حقهم ابشع جريمة فى التاريخ.. كان الأب المسكين يتمنى أن يأتى اليوم الذى يستند فيه على نجله وفلذة كبده، بعد أن بلغ أرذل العمر ليرد له جميل التربية والاحسان، ولكن تحولت هذه الأمنيات الوردية إلى سلسال دم، تحول أحمد الشاب فى العقد الثانى من عمره، إلى مجرم وسفاح حيث أقدم على قتل 4 منهم 3 من أفراد عائلته بينهم والده ووالدته ودفن جثثهم أسفل وأعلى العقار، طمعًا فى الحصول على جميع ممتلكات العائلة ومحاولة إجبار والده على تحرير شهادة مبايعة ببيع كل ممتلكات العائلة له.
تفاصيل هذه المذبحة المرعبة، شهدتها منطقة دار السلام جنوب القاهرة، المهندس السفاح، تملكه الحقد والطمع وصار ينظر إلى أملاك والديه على أنها ميراثه وحده، أعطى الحق لنفسه بأن ينتزعها ويكتبها باسمه وما زال والداه على قيد الحياة، لم تكن المهمة صعبة أمام أب يجهل بما تحويه الأوراق، وبحيلة صنعها الشاب الطائش بصّم من كان له الفضل فى تعليمه واستولى على أملاك العائلة.
بعد فترة من حيازة الابن العاق لأملاك الأسرة، عرف الأب بأنه قد ربى شيطانا فى بيته، عاتبه على فعلته الشنعاء، ارتفعت أصواتهما، وإذا بالمهندس قد أجهر سلاحا ناريا «بندقية آلية»، فى وجه والده، وأطلق الأعيرة النارية تجاه رب الأسرة ليرديه قتيلا... على بعد خطوات منه، أطلقت الأم صرخة من هول ما رأته، فزوجها يلفظ أنفاسه الأخيرة، والابن القاتل يقف بجواره ينتظر موته، هرول إليها وأسكته بطلقات نارية فى جسدها، ليفارقا الحياة معا.
خطة السفاح
أشعل السفاح أعواد بخور، ليمنع تسرب رائحة جثامين والديه، أحكم خطته، وفى جنح الظلام دفن جثة الوالد فى مقبرة أسمنتيه داخل جراج بالمنزل، ومثلها صنعها لأمه فى نفس المكان، بعد 5 أيام قتل شقيقه وصديق الأسرة فى منطقة دار السلام.
رائحة الجثامين، تغطى عليها البخور النفاذة، أين مكان الأسرة ذهبوا إلى أحد أقاربهم فى منطقة الصالحية بمركز الصف فى الجيزة، كانت هذه خطة سفاح دار السلام، مر اليوم الأول، وتسير الأمور كما رسمها المهندس.
ثغرة فى الخطة
غفل قاتل أسرته بمنطقة حدائق المعادى بدار السلام، بأن أحد ضحاياه من خارج الأسرة، وله أقارب لن يتوانوا فى البحث عنه، وعلى الشارع الرئيسى استنفد «تامر أحمد»، نجل الضحية الرابعة، جهده فى البحث عن والده المفقود.. بعد ساعات من البحث دون جدوى، اندفع «تامر» إلى قسم شرطة دار السلام، «إلحقونى أبويا اختفى» حرر رجال الأمن محضرا بأقوال الشاب، وكانت مواصفات الأب الغائب، يدعى «أحمد عبدالقوي»، رجل مسن يبلغ من العمر 69 عاما كان يعمل كفرد أمن.
انتشرت فرق البحث فى المنطقة بقيادة اللواء عمر إبراهيم مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، وكلف بتشكيل فريق بحث على أعلى مستوى، بدأ رجال الأمن فى تتبع خيوط الجريمة بالبحث عن «عم أحمد»، وعلى بعد أمتار تطل عليهم كاميرات المراقبة، تريد أن تفصح عن ما سجلته، لتعطيهم الخيط الأول فى القضية، أظهرت كاميرات المراقبة، آخر شخص تواجد معه الحاج أحمد، شاب يدعى هيثم 27 سنة، فرارجى، وشهرته هيثم فرخة، وأرشدت الكاميرات إلى أنهما دخل منزل أسرة الثانى ولم يخرجا منه.
على الفور انتقلت قوة أمنية إلى المنزل المقصود، لم يجدوا فيه سوى شاب يدعى أحمد، 23 سنة، سألوه عن أسرته، فأخبرهم أنهم سافروا لزيارة أحد أقاربهم، وعن هيثم والرجل المسن، أنكر مجيئهم وطغى التردد والارتباك على وجه السفاح الكذاب.
ألقوا القبض عليه، وجرى اقتياده إلى قسم الشرطة، وبمواجهته بكذبه بشأن سفر والديه، انهار وبدأ يعترف بجرائم صادمة وأنه قتل 4 أشخاص بينهم والداه وشقيقه الأكبر.
قال «عم محسن»، أحد أصدقاء هيثم الضحية الثالثة فى مذبحة دار السلام لـ«الوفد»، أفراد الأسرة مرتاحين ماديا، ومعاهم محل فراخ، بيشتغل فيه هيثم، ويساعده أحيانا والده الحاج «محمد.أ» 55 عاما، وأوضح محسن، هيثم كان شابا طيبا والجميع يحبه، يهتم بمظهره لديه شقيقه، البشمهندس أحمد، ووالدته «عزة» 48 سنة، ناس فى حالهم مش بتوع مشاكل.
أشار عبدالرحمن، محاسب فى بنك، ويقطن بالقرب من مسرح الجريمة، إلى أنه سمع يوم الجريمة صوت شجار، من منزل الحج محمد، ثم عم السكون، لا نعلم أن هذه الصرخة كانت استغاثة الضحية الأولى للسفاح، وبعد 5 أيام اختفى هيثم ومعه عم أحمد.
قتلت أغلى الناس
تكشفت القضية وانفرطت عُقد السفاح التى أبرمها على جرائمه، وأدلى باعترافات تفصيلية بما اقترفت يداه، إذ أقر بأنه استغل جهل والده واستحوذ على أملاكه وقام بتبصيمه على التنازل عن عقارين مملوكين له، وعندما علم والده نشبت خلافات ومشاجرة بينهما، وتابع السفاح فى اعترافاته، أنه أطلق النار على والده، ببندقية كانت بحوزته وعندما علمت والدته انهارت وصرخت ليسكتها بقتلها بذات السلاح.
وحاول التخلص من الجثتين بأن وضع جثة الأب فى الجراج وجثة الأم فى الطابق الثانى أسفل مرتبة السرير الخاصة بها.
وأوضح قاتل أسرته، أنه بعد مرور 5 أيام حضر شقيقه هيثم وشهرته هيثم فرخة، وشخص يدعى أحمد عبدالقوى كان أحد زبائن المحل الخاص بالمجنى عليهما، لمعاتبته حول واقعة سرقة العقارين وحينما سألاه حضر رفقة الرابع وأثناء النقاش مع المتهم للتنازل عن العقارات محل الخلاف أطلق أعيرة نارية من البندقية المضبوطة وقتلهما ثم نقلهما داخل شقة بالطابق الأول، وعقب ذلك وضع أسمنتا أعلى الجثامين لمنع انبعاث الرائحة.
قتل المهندس أفراد الأسرة وسُجن المتهم وما زالت أصداء الجريمة حديث الجميع بسب بشاعتها، وظل المتهم القاتل يبكى نادما على جريمته وقتله لوالديه وشقيقه ولكن لا ينفع الندم بعد فوات الأوان. قررت جهات الأمن حبس المتهم لينال جزاء ما اقترفته يداه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وجيزة بكلية الهندسة دار السلام
إقرأ أيضاً:
حين يُهمل القلب مسؤولية الروح
في زمن تتصارع فيه الأولويات وتتبدل فيه القيم، بات من المؤلم أن نرى آباءً وأمهاتٍ ينسحبون من أعظم أدوارهم في الحياة وهي رعاية أبنائهم. هؤلاء الذين جاؤوا إلى الدنيا ضعفاء لا حيلة لهم، فتحوا أعينهم ليجدوا سندهم الأول قد تخلّى عنهم، إما طواعية، أو بحجة الظروف، أو سعياً خلف حياة جديدة، أو نزوة وانجراف وراء شهوات ورغبات وأنانيه تجعلك تفقد أسمي معاني الإنسانيه وهي الضمير
الزواج.. مسؤولية لا نزوةالزواج ليس محطة للمتعة المؤقتة، بل رحلة طويلة تتطلب التضحيات من كلا الطرفين. قرار الإنجاب ليس لحظة عابرة بل ميثاق أخلاقي عظيم، يفرض على الأب والأم أن يكونا الحصن والملجأ والسند والحضن الدافيء الموجود بإستمرار. فالأسرة ليست مجرد منزل، بل شعور بالأمان، بالانتماء، بالحب والرعاية، فحين يرحل الأب تبدأ الحكاية المؤلمة، نجد كثير من الأطفال يستيقظون على واقع مفزع: الأب قرر الرحيل، ترك البيت، تزوج من أخرى، أنشأ عائلة جديدة، ونسي أن له أبناء يحتاجون منه أكثر من المال.. .يحتاجونه هو. وفي غيابه، لا يُولد فقط الفراغ بل جرح لا يندمل
تبريرات لا تمحو الجريمةيتذرّع بعض الآباء أو الأمهات بأنهم «حاولوا» أو أن «الطرف الآخر صعب»، لكن الحقيقة أن كل تبرير لا يغير من واقع الألم شيئاً، فهل يستوي من يرعى، بمن يتخلى؟ وهل يُعذر من يترك قلب طفله ينكسر تحت وقع الغياب؟
قال تعالى: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ»، وقال أيضًا: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، فأثر الإهمال ندوب لا ترى بالعين ولكن تستقر وتزرع في القلب، فما الذي يحدث للطفل حين يغيب أحد الوالدين دون مسؤولية؟ قلق دائم، فقدان الشعور بالأمان، تشتت عاطفي، اضطرابات سلوكية ونفسية قد تستمر حتى البلوغ، شعور بالنقص وفقدان الثقة بالنفس، وعندما يكبر الطفل، يكبر معه السؤال الذي لا يجد له إجابة: لماذا تُركت؟ لماذا لم أكن كافياً لتبقى بجواري؟
أبناء تحت رعاية.. وأبناء تحت رماد الغيابالفرق شاسع بين طفل نشأ في حضن أم وأب يمنحانه الحب، والدعم، والحماية، وبين آخر تعلم الحياة وهو يبحث عن ذاته في الفراغ، الأول واثق، آمن، قادر على تكوين أسرته بسلام، والثاني، تائه، يهرب من العلاقات، أو يعيد نفس دائرة الألم مع أولاده مستقبلا، لذا عودوا قبل أن يُغلق الباب لاشيء يعوضهم في الحياه عن وجع الترك.
التخلي عن الأبناء ليس فقط تقصيراً.. .بل جريمة أخلاقية ونفسية.إن كنتم قد اخترتم أن تأتوا بأطفال إلى هذا العالم، فاختاروا أيضاً أن تبقوا، أن تضحوا، أن تحتضنوا. فكل يوم يمر دون دعمكم لهم، هو شق في أرواحهم لا يُرمم بسهولة، فالزواج والإنجاب ليسا قرارين عابرين، بل أعظم مسؤولية يُحاسب الإنسان عليها في الدنيا والآخرة. فعودوا إلى دوركم قبل أن تُكتب أسماؤكم في قلوب أبنائكم كغائبين لا يُغفر لهم الغياب، وتأتي الصورة الأخرى للظلم والقهر.. التمييز بين الأبناء نار لا تطفأ حين ينشأ الأب بيتا جديدا ويبدأ في منح أولادة الجدد ما حرم منه أولاده الأوائل تظهر التفرقه كالسيف علي قلب الطفل المهمل يري عدلا يوزع علي غيرة فيشعر في لحظه انه غريب في الحياة، فتبدأ رحلة معاناتة الداخلية، فيشعر بالظلم والإحتقار للذات وقد يتحول إلى كراهية داخلية دفينة، حيث نجد الطفل الذي ذاق مرارة التفرقه يصبح مشوها غير قادر علي الحب ومنح العطاء بسهولة دائم الشك في نوايا الأخرين متألم من مرارة مقارنة نفسة دائما بغيرة، ولا ننسي قول الرسول الكريم «اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا عدل ولا استقرار دون أنصاف الأبناء جميعهم التمييز حين يزرع الانكسار في قلب الابن، فنجد التمييز بين الأبناء ليس مجرد سلوك خاطيء بل جريمة مكتملة الأركان تترك خلفها جرحا لا يرى يستمر معه طوال العمر، فإن الابن حين يشعر بأنه المنسي، المهمش، المحروم من نظرة فخر أو حضن أب تخلى عنه بكامل إرادته يصاب بخلل عاطفي خطير ويكبر مشوة مكسور يشعر بانطواء شديد أو تمرد صاخب، فكلمة من القلب، احذروا التفرقه وعدم العدل.
اقرأ أيضاًمؤسس «أمهات مصر»: أولياء الأمور والمدرسة مسؤلون عن حماية وتوعية الأبناء
التضامن تطلق مبادرة «أحلام الأجيال» لدمج أنشطة كبار السن والأبناء بمؤسسات الرعاية
خبيرة أسرية عن والدة الطفل ياسين: مثال يحتذى به في الحماية والدفاع عن حق الأبناء