بوابة الوفد:
2025-05-12@19:15:30 GMT

مصر بين غزة وباب المندب

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

أحلام إيران التوسعية فى السيطرة على منطقة الخليج والشرق الأوسط لا تتوقف، والتحكم فى البحر الأحمر حلم إيرانى هدفه دول الخليج وأمريكا ومصر.. فالهدف الأول الخليج وصراع لا ينتهى منذ فترات طويلة، ومواجهة دامت سنوات على أرض اليمن، أما الثاني فيعتبر ورقة ضغط قوية على واشنطن التى تستغل كل الفرص للضغط على إيران وفرض العقوبات الاقتصادية والدولية عليها، والثالث مصر وهو ما سنتحدث بشأنه لاحقًا عبر هذه السطور.

بدأت إيران بالتخطيط لحلمها الجديد من خلال الحوثيين عبر محاولات فرض السيطرة على باب المندب وضرب السفن التى تحمل الأعلام الإسرائيلية متحججة بأنها تقاتل من أجل غزة، والهدف هو زعزعت استقرار عمليات الملاحة عبر هذا الشريان الدولى المهم.

الجرأة التى بدا عليها الحوثيون مرجعها فى المقام الأول أن لديهم قناعة أن أمريكا لا ترغب فى توسيع دائرة النزاع فى المنطقة عبر الخروج بعيدًا عن غزة، ولأن توسيع بؤر الصراع قد تهدد استقرار العالم أجمع.

ثانيًا: أن طبيعة الأراضى اليمنية تشبه تضاريس أفغانستان إلى حد كبير، وأمريكا لها تجربة سيئة هناك ستجعلها تفكر كثيرًا قبل الإقدام على هذه الخطوة.

ثالثًا: أن دول الخليج خاصة السعودية والإمارات لديهما تجربة مريرة فى اليمن تجعلهما يفكران ألف مرة قبل الإقدام على مواجهة جديدة مع الحوثيين.

ويبقى الأهم وهو أن تلك المناوشات ذات تأثير بالغ على مصر وخاصة على قناة السويس التى وصلت إيراداتها فى العام 2022-2023 إلى ما يقرب من 9 مليارات دولار بزيادة قدرها 25% عن العام الأسبق، والتى بلغت 7 مليارات دولار، وسجل إجمالى إيرادات مصر من قناة السويس خلال آخر 10 سنوات ارتفاعا قدره 63%.

الأرقام السابقة تعنى أننا نتحدث عن واحد من أهم موارد مصر، وما يحدث فى باب المندب يؤثر تأثيرًا مباشرًا على قناة السويس التى ستدفع ثمن قرصنة الحوثيين فى مياه البحر الأحمر.

الأمر امتد إلى شركات الشحن التى بدأت تتجنب المرور عبر الممر الملتهب، والأخطر أن شركات التأمين رفعت القيمة التأمينية على الناقلات فى البحر الأحمر لارتفاع نسبة المخاطر، والذى ينعكس بالطبع على ثمن الشحنة وزيادة التكلفة، مما دفع العديد من الشركات إلى اللجوء لطريق رأس الرجاء الصالح الأطول مسافة والأكثر تكلفة ما يؤدى إلى خسائر لقناة السويس، وكلما زادت الضربات ارتفعت الخسائر.

ومن جانبها كشفت مؤسسة «إس إس أمريكا»، أن السفن أصبحت تأخذ إجراءات أمنية كبيرة مما يؤدى إلى زيادة فى تكلفة الشحن.. وفى المقابل هذه المشكلات التى تحدث عند باب المندب تسببت فى ازدحام بقناة السويس بسبب تباطؤ السفن فى التحرك نظرًا للمخاوف الأمنية، وأنها تنتظر الوقت المناسب للتحرك مما يؤثر على حركة المرور فى القناة.

باختصار.. يبدو أن الحديث عن مضيق باب المندب سوف يكون حديث الأيام المقبلة، خاصة بعد استهداف الحوثيين لسفينتين متجهتين إلى الكيان الصهيونى بصاروخين بحريين، حيث تحركت عدة قوى دولية من أجل حماية السفن التى تمر فى المضيق وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا مما ينذر بحدوث تبعات دولية خطيرة خلال الفترة المقبلة.

تبقى كلمة.. الأرقام والإحصائيات تكشف أهمية الشريان الدولى المهم «باب المندب»، حيث أوضحت إدارة معلومات الطاقة أن 12% من إجمالى النفط المنقول بحرًا فى النصف الأول من العام الجارى، بالإضافة إلى 8% من تجارة الغاز الطبيعى المسال مرت من باب المندب وخط أنابيب سوميد وقناة السويس، كما أن 40% من التجارة العالمية تمر من هذا المضيق.

ويعد باب المندب امتدادا لقناة السويس وهنا تكمن أهميته إقليميًا ودوليًا، حيث يمر عبره نحو 6.2 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، وحوالى 25 ألف سفينة سنويًا بمعدل 57 سفينة يوميًا.

تسعى واشنطن إلى تشكيل قوة دولية كبيرة لحماية حركة التجارة المارة فى المضيق، من أجل التصدى للهجمات التى يشنها الحوثيون على السفن وتهدد بتصاعد التوترات فى المنطقة.

ويبقى الله مع مصر التى تقف شامخة وصامدة على أطراف حدود ملتهبة تنذر بالانفجار بين عشية وضحاها.. حفظ الله مصر وجيشها وشعبها فى رباط إلى يوم الدين.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: باختصار السيطرة باب المندب

إقرأ أيضاً:

الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا

ما أهم درس فى المواجهة العسكرية الأخيرة بين الهند وباكستان، والتى انتهت بقبول الطرفين وقف إطلاق النار بعد حرب خاطفة ومحدودة ومنضبطة الى حد ما، استمرت نحو خمسة أيام؟!

‎الدروس والعبر والعظات كثيرة، لكن سوف أركز اليوم على درس واحد وهو أنه حينما تكون قويا فإن الجميع يخافك ويقدرك بل ويحترمك حتى لو كنت عدوه، والعكس صحيح تماما.

‎لأنه حينما تكون ضعيفا فسوف يتجرأ عليك الجميع ويحولونك إلى «ملطشة».

‎لمن لم يتابع تفاصيل الصراع فإن هجوما وقع فى بلدة باهالغام، فى الجزء الذى تسيطر عليه الهند فى كشمير قتل فيه ٢٦ شخصا معظمهم من السائحين الهندوس.

‎الهند اتهمت جماعة «ريزستنس فرونت» أو جبهة المقاومة المدعومة من باكستان بالمسئولية، وهو ما نفته الأخيرة تماما وطالبت بتحقيق دولى، لكن الهند شنت عملية عسكرية فى ٧ مايو الجارى استهدفت خلالها مواقع باكستانية قالت إنها تخص ما وصفته بـ«الجماعات الإرهابية» خصوصا «جيش محمد» و«لشكر طيبة» إضافة إلى مواقع تخص الجيش الباكستانى.

‎لكن باكستان ردت على الهجوم الهندى بعملية «البنيان المرصوص» وقالت إنها تمكنت من إسقاط مقاتلات هندية من طراز رافال فرنسية الصنع وروسية من طراز ميج وسوخوى ومسيرات وادعى كل طرف أنه دمر مواقع للطرف الثانى، وأن معظم الضحايا لديه من المدنيين.

‎لكن ربما الأخطر هو أن المواجهة أدت إلى تعليق معاهدات واتفاقيات طويلة المدى، خصوصا معاهدة مياه نهر السند التى تنظم توزيع المياه القادمة من المنابع الهندية إلى المصبات الباكستانية وكذلك اتفاقية سملا الموقعة بين البلدين فى ٢ يوليو ١٩٧٢بعد حرب صعبة بين البلدين وقتها، وتنص على احترام سيادة كل طرف وحل النزاعات بالطرق السلمية ورسم خط لوقف إطلاق النار فى كشمير، وعودة الأسرى والتطبيع بين الطرفين.

‎المهم بعد ٥ أيام من القتال بكل أنواع الأسلحة، وخصوصا المقاتلات والمسيرات والصواريخ وسقوط أكثر من ٦٠ قتيلا ونزوح مئات الآلاف فى كشمير وقرب حدود البلدين، تم وقف إطلاق النار فى وساطة قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن بلاده هى التى سعت إليها، فى حين أن ٣٠ دولة سعت للوساطة أيضا كما قال مسئول وزير خارجية باكستان إسحاق دار.

‎المهم أن القتال توقف وهو خبر طيب ومفرح للبلدين وللمنطقة وللعالم بأكمله.

السؤال هل كانت الهند ستقبل بوقف إطلاق النار إلا بعد أن شعرت أن باكستان قوية ويمكنها أن ترد الهجوم بهجوم مماثل وربما بصورة أكبر؟!

‎المؤكد أن الإجابة هى لا قاطعة.

‎والسبب أن لدينا نموذجا فى منطقتنا اسمه إسرائيل، فهى تواصل البلطجة فى المنطقة منذ عام ١٩٤٨، ولم يردعها أحد إلا باستثناءات قليلة كما حدث فى الانتصار المصرى العظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣، لكن ومنذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إسرائيل تعربد فى المنطقة كما تشاء بدعم أمريكى كامل وفاضح!

‎هى ترتكب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة وتتهيأ لضم الضفة الغربية، وتحتل مناطق مهمة فى لبنان، واحتلت مناطق جديدة فى سوريا بعد أن دمرت معظم قدراتها العسكرية، كما تقصف فى اليمن وإيران، وتقول إن يدها تطال كل مكان فى المنطقة، وتتحدى المجتمع الدولى والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية.

‎أتصور أن الهند ربما حاولت استغلال عملية «باهالغام» مثلما استغلت إسرائيل عملية «طوفان الأقصى». لكن الفارق أن الرد الباكستانى كان مقنعا للهند لكى تقبل بوقف إطلاق النار، فحينما بدأت الهند هجومها وجدت ردا مماثلا من باكستان وربما أقوى، الصاروخ بالصاروخ والمسيرة بالمسيرة والمقاتلة بالمقاتلة.

‎والأهم أن السلاح النووى الذى تمتلكه باكستان رسميا منذ ٢٨ مايو ١٩٩٨ هو الذى يجعل الهند تفكر مليون مرة قبل أن تشن هجوما شاملا على باكستان، وهى التى امتلكت القنبلة النووية نظريا عام ١٩٧٤ ثم أجرت فى مايو ١٩٩٨ خمس تجارب نووية إضافية بعد أيام من الإعلان الباكستانى.

‎السلاح النووى قاتل ومدمر وخطر على البشرية، لكن فى عالم الغابة الذى نعيشه الآن، هو الذى يجعل صديقك يتودد إليك وخصمك يخشاك.

‎القوة الخشنة - وليست الناعمة - هى التى تمنع الآخرين من التجرؤ عليك واستضعافك، فهل يعى العرب هذا الدرس البديهى، ويفكرون فى استغلال ما لديهم من أوراق وهى كثيرة ولكنها معطلة؟!



مقالات مشابهة

  • أسامة ربيع: تراجع ملحوظ لأعداد السفن بقناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
  • %15 تخفيض.. «أسامة ربيع» يكشف عن قرار هام بشأن قناة السويس
  • أسامة ربيع: ندرس إقرار 15% تخفيضا لرسوم عبور بعض الشركات بقناة السويس
  • أسامة ربيع: قناة السويس جاهزة لاستقبال جميع السفن فور وقف الحرب في غزة
  • شركة GNV الإيطالية تواصل تحديث أسطولها بطلب أربع سفن جديدة
  • الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا
  • كان.. يا ما كان
  • فرض رسوم على السفن المرتبطة بالصين لدى رسوها بالولايات المتحدة
  • امريكا: تشريعات بحرية جديدة
  • عمرو أديب: تعب وعرق الشعب المصرى بدأ يظهر فى قناة السويس وبورسعيد