يتواصل الجدل في الجامعات الأمريكية حول «حرية التعبير» بعد اعتبار المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في وجه الحرب الإسرائيلية على غزة، «معاداة للسامية».
فقد أثار استدعاء عمداء جامعتي هارفارد وبنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى الكونغرس الأمريكي ومساءلتهم من قبل سياسيين في جلسة حملت اسم «محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية»، في وقت سابق الشهر الجاري.


واستدعت لجنة التعليم والقوى العاملة بالكونغرس في 5 ديسمبر الجاري كلا من رئيسة جامعة بنسلفانيا إليزابيث ماغيل، ورئيسة جامعة هارفارد كلوديا غاي، ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) سالي كورنبلوث إلى جلسة «محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية».
وفي هذا الإطار، التقت الأناضول عبر تقنية الفيديو عددا من الطلاب الجامعيين في معهد ماساتشوستس وهارفارد، واستفسرت عن آرائهم حول الاحتجاجات الداعمة لفلسطين في الحرم الجامعي، والتوترات بين الجماعات المتعارضة (تلك الداعمة لفلسطين وأخرى الداعمة لإسرائيل) والمناقشات حول حرية التعبير.
سوزانا تشين، طالبة الدراسات العليا في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في معهد ماساتشوستس، استعرضت للأناضول عددا من الأعمال التي قام بها مع زملاؤها في الحرم الجامعي منذ 7 أكتوبر، اليوم الذي بدأ فيه القتال بين فصائل فلسطينية مع قوات الجيش الإسرائيلي.
وذكرت تشين أنها عضو في مجلس إدارة مجموعة «ائتلاف فلسطين» في المعهد، التي تشكلت قبل نحو شهر بمشاركة أكثر من 12 منظمة طلابية.
وقالت إنها عملت إلى جانب زملائها على إقامة العديد من الأنشطة التي من شأنها شد الانتباه داخل الحرم الجامعي لما تعيشه غزة تحت وطأة الهجمات الإسرائيلية.
وأوضحت أن إدارة معهد ماساتشوستس أدلت بتصريحات مؤيدة بالكامل لإسرائيل بعد 7 أكتوبر، إلا أن الإدارة اضطرت، بحسب تشين، إلى تغيير بوصلتها بعد الإجراءات المستمرة لـ»ائتلاف فلسطين» ورضخت لمطالب غالبية الطلاب. وعن إقامة الجلسة في الكونغرس الأمريكي التي ركزت على معاداة السامية، قالت تشين إن «رئيسة المعهد سالي كورنبلوث، هي دون غيرها من استخدم مصطلح فلسطين في الجلسة».
وأضافت أن «استخدامها لذلك المصطلح لم يكن نابعا فقط من الإدراك الأخلاقي بأن الفلسطينيين بشر، وأن الإسلاموفوبيا تمثل مشكلة، وأن الإساءة للعرب حقيقة واقعة؛ بل سببه أيضا إظهارنا ذلك بخطاباتنا وأنشطتنا بقوة ائتلاف فلسطين في الجامعة».
وشددت تشين على أن «حرية التعبير» ليست مضمونة في جامعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وقالت: «لقد تم اكتسابها بقوة منظمتنا».
تشين أشارت أيضا إلى أن الحركات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في عدد من أرقى الجامعات الأمريكية أزعجت الأوساط الراغبة في ترسيخ الوضع الداعم لإسرائيل.
وأعربت عن اعتقادها بأن الهدف الأول للائتلاف والحركات الطلابية في الجامعات الأمريكية لا يجب أن يكون الاعتقاد بأن فلسطين ستتحرر بين عشية وضحاها، «وإنما تطوير القيادة والقوة والثقة التي تمكننا من البقاء في هذا الأمر على المدى الطويل».
ومعللة ذلك، قالت: «لأننا لن ننتصر إلى أن يكون لدينا منظمة راسخة، وإلى أن يخرج الملايين من الناس إلى الشوارع، وإلى أن نتحمل المخاطر ونخرج رؤوسنا من الرمال، وإلى أن نبني منظمة يمكنها خوض حرب ذات معنى ضد آلة الحرب الأمريكية».
بدورها، أكدت فرانشيسكا ريشيو أكرمان، طالبة الدكتوراه في جامعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بذل جهود خاصة في المؤسسات التعليمية الأمريكية لمواجهة منع حرية التعبير فيما يتعلق بدعم الفلسطينيين أو توجيه الانتقادات لإسرائيل منذ 7 أكتوبر. وذكرت ريشيو أكرمان أنها اعتنقت الإسلام قبل 9 أعوام، مضيفة أن هناك زيادة سريعة في المشاعر المعادية للمسلمين (الإسلاموفوبيا) والتعصب المناهض للفلسطينيين في حرم معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الشهرين الماضيين.
كما أكدت تعرض الطلاب المنتقدين لإسرائيل لضغوط الجماعات المؤيدة لإسرائيل.
وتابعت: «إن كان من ينتقد إسرائيل أسود اللون يتعرض لإساءات عنصرية، وإن كان يهوديا يتعرض لمضايقات تندرج ضمن معاداة السامية، وإن كان مسلما يتعرض لمضايقات ضمن اعتداءات الإسلاموفوبيا».
من جانبه قال أحمد أوتقو آق بييق، طالب دكتوراه في الاقتصاد السياسي بجامعة هارفارد، إن «هناك العديد من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي منذ 7 أكتوبر، بمشاركة من مختلف شرائح المجتمع، وإنه حضر بعضها».
وذكر «آق بييق» أن إدارة الجامعة سمحت باحتجاجات الطلاب على الرغم من معارضتها لها.
وأضاف: «على الرغم من أن إدارة الجامعة أبدت موقفا مؤيدا لإسرائيل إلا أن الطلاب يمكنهم الآن قول آرائهم الخاصة بشأن هذه القضية».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: الولايات المتحدة الأمريكية الجامعات الأمريكية قطاع غزة معاداة للسامية حرية التعبير معهد ماساتشوستس للتکنولوجیا للفلسطینیین فی معاداة السامیة الحرم الجامعی حریة التعبیر إلى أن

إقرأ أيضاً:

معركة الوعي والتعبير بين هارفارد وأخواتها

التعليم عنصر رئيس ومبتغى حيوي للمؤسسات الحكومية والخاصة، العالمية والمحلية، وحتى الأفراد حين يتصاعد الحديث حول تشكيل الوعي أو توجيهه في بلاد ما، أو حتى في العالم أجمع، لا سيما مع ما يعيش العالم اليوم من انفتاح وتسارع يجعل مهمة تشكيل الوعي مهمة مفتوحة تفاعلية بين الأنا والآخر.

ومع التركيز على التعليم كانت مؤسسات التعليم العالي هدفا للتأثير والتأثر بين ما لا يمكن تجاهله، وما لا ينبغي تداوله، لكن السؤال اليوم هو ذاته سؤال الدوائر المغلقة قديما عن مجتمعات معزولة، أو جماعات متفرقة، فهل يمكن عزل المؤسسة الأكاديمية -خاصة الجامعات- عما يحدث سياسيا أو اقتصاديا أو حتى مجتمعيا؟ ثم هل هذا العزل والإقصاء في مصلحة الجامعات ومنتسبيها؟ ليس هذا الطرح بالمبحث الجديد؛ فطالما تدخلت الجامعات بأساتذتها وطلابها لتغيير مجرى الأحداث الكبرى مجتمعيا بتشكيل جبهة لصنع الرأي، وتجييش الجهود وصولا لهدف أراده الساعون مرآة لمستوى وعي المنتسبين لهذه الجامعات.

وما هذا السجال بين الجامعات الغربية، وحكوماتها اليوم إلا انعكاس لضفتي التأثير والتأثر بين جامعات متحققة واثقة بمستوى الوعي، والقدرة على التأثير والتغيير معا، وحكومات همها تنفيذ أجنداتها السياسية والاقتصادية دون تشويش الجامعات ومنتسبيها على هذه الخطط، وكأنها تضع الجامعات في مربع التلقي والتلقين وحسب، بعيدا عن خطابات التعبير عن الرأي، أو قرارات المؤسسة التعليمية التي قد تتعارض والسياسات الحكومية. ولو كان نقاشا حول جامعات غير معروفة لكان الأمر هينا مسكوتا عنه، لكن كيف لجامعة لها ثقلها في التصنيف العالمي الركون للصمت، والاستسلام للدعة، بل واختيار التعامي عما يحدث من كوارث وحروب صنعتها حكومات يحركها النزاع على السلطة والتوسع والاحتكار؟!

منذ بدأت أحداث غزة الأخيرة وبعض الجامعات الغربية تنهض بدورها في احترام حرية الرأي والتعبير، فيما استسلم بعضها الآخر لضغوطات التهديد بوقف الدعم وتقليص الإنفاق، وبين هذه وتلك دفع الكثير من منتسبي الجامعات ضريبة رأيهم السلبي أو الإيجابي بين استهجان العامة والمقاطعة المجتمعية، أو تحمل العقوبات الإدارية من تقييد أنشطة وتهميش، وحتى الفصل وإنهاء الخدمات. لكن المؤسسة ذاتها تعرضت للأمرين بين نشاط بلغ الإصرار على الضغط على الجامعات وشركائها لقطع علاقاتها مع إسرائيل، وردود فعل حكومية بلغت قطع أو تقليص ميزانية هذه الجامعات؛ عقابا على موقفها المخالف للحكومة.

وخلال هذه الأيام تعود هذه المواجهة بين الطرفين؛ إذ توافد -على مدار 24 ساعة متواصلة -عشرات من الطلاب والأكاديميين والنشطاء إلى ساحة جامعة هارفارد الأمريكية في وقفة حداد قرأوا خلالها أسماء قرابة 12 ألف طفل فلسطيني قتلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، في مشهد مهيب يعكس فداحة المأساة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من 600 يوم من الحرب والحصار، بالتزامن مع إعلان منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» أن نحو 50 ألف طفل فلسطيني استشهدوا أو جُرحوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن القطاع أصبح «أخطر مكان في العالم على الأطفال».

أتت هذه الوقفة بعد إعلان السلطات الأمريكية إعادة النظر في التمويل الممنوح لجامعة هارفارد البالغ 9 مليارات دولارعلى خلفية اتهامات بـ«معاداة السامية» في الحرم الجامعي، وذلك بعد سحب ملايين الدولارات من جامعة كولومبيا التي شهدت احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتجريد هذه الجامعات من التمويل الفيدرالي لموقفها من حرب إسرائيل على غزة في 7 أكتوبر 2023. كما طلب من مسؤولي الهجرة ترحيل الطلاب الأجانب المتظاهرين لاسيما حاملي بطاقات الإقامة. وسينظر المسؤولون في عقود بقيمة 255.6 مليون دولار بين هارفارد والحكومة بالإضافة إلى 8.7 مليار دولار من التزامات المنح متعددة السنوات للمؤسسة المرموقة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». ويرى منتقدون أن حملة إدارة ترامب انتقامية، وسيكون لها تأثير مخيف على حرية التعبير، بينما يصر مؤيدوها على أنها ضرورية لإرساء النظام في الجامعات، وحماية الطلاب اليهود.

ثم تأتي مواجهة جديدة للتصعيد بعد صخب الحرب الاقتصادية بين حكومة ترامب والصين؛ فقد أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن الولايات المتحدة ستبدأ إلغاء تأشيرات بعض الطلاب الصينيين ضمن حملة أوسع تستهدف الطلاب الأجانب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن القرار لا يقتصر على هارفارد وحدها؛ إلا أنه يزيد من حالة القلق وعدم اليقين في الحرم الجامعي، كما يقول أستاذ العلوم الحكومية في هارفارد ستيف ليفيتسكي: «إن اتهامات الإدارة ما هي إلا مبررات سياسية، ما نشهده هو محاولة منهجية لإضعاف استقلال التعليم الأكاديمي.

تتجاوز هذه التداعيات حدود حرم الجامعة في هارفارد»؛ إذ يُسهم الطلاب الأجانب بما يُقدّر بــ 40 مليار دولار سنويا في الاقتصاد الأمريكي، وفي الجامعة يشكلون حوالي 25 بالمائة من إجمالي الطلاب، وتزيد النسبة في بعض البرامج الدراسية العليا. كما أشار إلى أن الأمر لا يتعلق بهارفارد فقط، بل بمستقبل التعليم والديمقراطية في أمريكا محذرا من أن السماح للحكومة بمعاقبة الجامعات لأسباب سياسية يعد سابقة خطيرة.

ختاما؛ جدير بالمتعلمين والمثقفين اختيار الحق خيارا أبديا، فلا يمكن لمراكز التعليم والتعلم إلا تصدر صناعة الوعي، ونشر القيم في احترام الأرض والإنسان، والسعي لسلام العالم، وتنمية المجتمعات، وأمان مواطنيها. وما هذه المعارك التصادمية، وهذه المواجهات المفصلية إلا اختبار ثباتها في تأسيس المعارف، ونشر العلوم، وقياس قدرتها ومنتسبيها على تمثل الوعي سبيلا لخدمة الإنسان وتنمية الأوطان. وفي هذه المعارك تبقى الكلمة الفصل للوعي الحقيقي، والقيم النبيلة ثوابت لا تتغير، ويبقى الساسة وسباقاتهم ومصالحهم متغيرات يبدلها الوقت، وتغيرها المراحل.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

مقالات مشابهة

  • بدء اختبار مادتى العلوم والكمبيوتر لطلاب الشهادة الإعدادية بالمنيا
  • الكلية الجامعية الوطنية للتكنولوجيا توقع مذكرة تفاهم وتعاون مع جمعية آفاق لدعم الطالب المحتاج والمتعثر
  • بدء اختبار الجبر والإحصاء لطلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة
  • انتهاء اختبار اللغة الإنجليزية لطلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة والجيزة
  • بدء اختبار اللغة الإنجليزية لطلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة
  • معركة الوعي والتعبير بين هارفارد وأخواتها
  • أبو سلمية: 5 مرضى بالسرطان يموتون يومياً نتيجة العدوان الإسرائيلي
  • بعد خطاب تضامني مع فلسطين.. معهد ماساتشوستس الأمريكي يحرم طالبة من حضور حفل تخرجها
  • إنتهاء اختبار مادة الدراسات الاجتماعيه لطلاب إعدادية بالقاهرة منذ قليل
  • بدء اختبار مادة الدراسات الاجتماعيه لطلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة