شمال سوريا- تسارع انهيار الليرة السورية بقدر كبير لتتجاوز للمرة الأولى عتبة 10 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد في العاصمة دمشق ومدينة حلب، وسط انفلات هائل في أسعار السلع والبضائع، ومخاوف الأهالي من الاحتكار وتداعياته.

ويأتي الانخفاض المتسارع بعد استقرار نسبي شهدته الليرة السورية خلال الأسابيع الماضية، قبل أن يكسر سعر الصرف حاجز 9 آلاف ليرة للمرة الأولى يوم 11 مايو/أيار الماضي، ومنذ ذلك الوقت سجلت الليرة صعودا وهبوطا في قيمتها.

ووفق تسلسل زمني، فإن الليرة السورية فقدت 3 آلاف من قيمتها أمام الدولار خلال 7 أشهر، على عكس التوقعات وآمال السوريين بانفراج الوضع الاقتصادي في البلاد تزامنا مع الانفتاح السياسي على دمشق.

ورغم محاولات مصرف سوريا المركزي المستمرة لضبط سعر الصرف، وتدخلاته في السوق عبر تعديلات يومية على نشرة أسعار الحوالات والصرافة، فإن هذه التدخلات لا تبدو ناجعة، وبدا عاجزا عن مجاراة سعر السوق السوداء، وفق مراقبين.

ملاحقة السوق السوداء

ويقوم المصرف المركزي بتحديد سعر الصرف في نشراته بأسعار تقارب سعر السوق السوداء، بهدف استقطاب الحوالات المالية القادمة من السوريين في الخارج بالعملة الصعبة وجعلها تصب في خزينته.

ويحاول البنك المركزي اللحاق بركب السوق السوداء، وفق المستشار الاقتصادي أسامة القاضي، حتى يغري التجار "لكن هناك دائما فرقا بين سعر البنك وسوق السوداء يتراوح ما بين 500 وألف ليرة، لذلك لم يستطع إقناع التجار بذلك".

ويقول القاضي -في حديث للجزيرة نت- "لا يوجد إيمان لدى التجار بأن البنك المركزي والبنوك الحكومية تسهل أمرهم، إذ يتعرض عديد من رجال الأعمال للابتزاز، عند سحب أموالهم حتى بالعملة السورية، فيضطرون في معظم الأوقات لدفع الرشاوى للحصول على المبلغ الذي يريدونه".

ويضيف القاضي أن المرسوم 3 لعام 2020 -الذي يمنع تداول العملات الأجنبية تحت طائلة السجن- أحد أهم الأسباب لعدم توفر هذه العملات في الداخل السوري.

ورأى المستشار الاقتصادي أنه من الصعب توقع حد أقصى لهبوط الليرة السورية التي انخفضت من 550 ليرة يوم دخلت روسيا إلى سوريا في سبتمبر/أيلول 2015 إلى أكثر من 10 آلاف مقابل الدولار في الوقت الحالي.

احتكار وغلاء السلع

وعلى وقع انهيار قيمة الليرة، شهدت أسواق البضائع والسلع ارتفاعا كبيرا في الأسعار، لا سيما المواد الغذائية الأساسية من البيض والحليب والسمن والزيوت، في وقت فقد فيه المواطنون في مناطق سيطرة النظام مزيدا من قدرتهم الشرائية بسبب أجورهم المتدنية.

واشتكى مواطنون من الارتفاع والتفاوت الكبير في أسعار البضائع بين تاجر وآخر، وغلاء المواد الغذائية بشكل يومي، في وقت يرد فيه التجار بأنهم مجبرون على مواكبة سعر الصرف تجنبا للخسارة وشراء البضائع بقيمة أعلى من سعر البيع.

وقال أحمد الحلبي (اسم مستعار) -موظف حكومي بشركة الكهرباء في حلب- إن سعر طبق البيض ولتر الزيت النباتي زاد بنحو 3 آلاف ليرة خلال أقل من أسبوع، "وفي كل يوم هناك سعر جديد وارتفاع".

وأضاف الحلبي -في حديث للجزيرة نت- أن راتبه الشهري بات يعادل نحو 12 دولارا، مؤكدا أنه يعيش على الحوالات المالية التي يرسلها إليه شقيقه من السويد.

لكن المحلل الاقتصادي يونس الكريم حذر من أن التدهور المستمر في قيمة الليرة مقابل الدولار يعمق الاحتكار، لأن كثيرا من التجار يجدون عدم جدوى من الاستيراد، مما يدفعهم لشراء السلع من التجار الذين يديرون عمليات التهريب عبر الحدود.

وقال الكريم -في حديث للجزيرة نت- إن المصرف المركزي لم يعد يمتلك أدوات تدخل تؤثر في السوق، نتيجة نفاد الاحتياطات من العملات الأجنبية، ويرى أن التدهور الحالي هو انعكاس القرارات السياسية التي يتخذها النظام من خلال إصراره على المضي في خصخصة ما تبقى من القطاعات السيادية للدولة السورية.

وعن الحلول المقترحة لتدارك تدهور الليرة، يشير الكريم إلى أن أهمها السماح بتداول الدولار إلى جانب العملة السورية، وهو الأمر الذي يساعد في تأمين العملات الأجنبية بالسوق السورية، وإلغاء لوائح الاستيراد لكسر حلقة الاحتكار، وتأمين السلع واستقرارها مما ينعكس إيجابا على الاقتصاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: اللیرة السوریة السوق السوداء سعر الصرف

إقرأ أيضاً:

المركزي يفرض غرامة بقيمة 200 مليون درهم على شركة صرافة

فرض مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي غرامة مالية بقيمة 200 مليون درهم على إحدى شركات الصرافة، بموجب المادة 137 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 14 لسنة 2018 في شأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية وتعديلاته. ووفق بيان صحفي صادر عن المركزي، تأتي العقوبة المالية بناءً على نتائج عمليات التفتيش التي أجراها المصرف المركزي على الشركة، والتي كشفت وجود إخفاقات جسيمة في إطار العمل لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، والتشريعات ذات الصلة.كما فرض المصرف المركزي عقوبة مالية على مدير أحد فروع الشركة، قيمتها 500 ألف درهم، ومنعه من تولي وظيفة متخصصة في أيَّة منشآة مالية مرخصة في الدولة.ويعمل المصرف المركزي، من خلال مهامه الرقابية والتنظيمية، على ضمان التزام كافة شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها بالتشريعات السارية في الدولة، والأنظمة والمعايير المعتمدة من قبله، بهدف الحفاظ على شفافية ونزاهة المعاملات المالية في إطار الجهود لحماية النظام المالي للدولة. 

أخبار ذات صلة 5.8 مليار درهم ارتفاع في قروض البنوك للأفراد خلال فبراير 4.63 تريليون درهم أصول القطاع المصرفي بنمو 1.6% المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • ضبط عملات أجنبية بقيمة 4 ملايين جنيه فى السوق السوداء
  • ضبط 2214 أسطوانة غاز قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة
  • خاص | من السوق السوداء.. كيف يحصل الكوافيرات على الفيلر والبوتكس؟
  • ضبط دقيق مدعم و16 طن قمح وسولار قبل ترويجها في السوق السوداء بالمنيا
  • ضبط عملات أجنبية بقيمة 7 ملايين جنيه فى السوق السوداء
  • استقرار أداء الليرة السورية أمام الدولار إثر رفع العقوبات
  • المركزي: نشرة مزورة يتم تداولها على أنها صادرة عن المصرف
  • الليرة السورية ترتفع مقابل الدولار تأثرا برفع الاتحاد الأوروبي العقوبات
  • ليبيا.. إعلان هام من المصرف المركزي بشأن بيع النقد الأجنبي
  • المركزي يفرض غرامة بقيمة 200 مليون درهم على شركة صرافة