قالت صحيفة ليبيراسيون، إن الميناء البحري الرئيس لإسرائيل على البحر الأبيض المتوسط تتجنبه الآن معظم شركات الشحن؛ بسبب الحرب على غزة وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وتتخوف إدارتها وعملاؤها من ارتفاع الأسعار وإطالة مدة التسليم.

وأوضحت الصحيفة –في تقرير لمراسلها في أسدود فرانك بوعزيز- أن رسالة تقول "خطأ 404″، تذكر المتصفحين بأنه من المستحيل الاطلاع عبر الإنترنت على مواعيد رسو السفن في ميناء أسدود، وذلك بطلب عاجل من أجهزة مكافحة الإرهاب لمنع تعقب السفن المغادرة، أو القادمة إلى الميناء.

وقد جاء هذا القرار –كما تقول الصحيفة- بعد أن تعرضت سفينة حاويات تابعة لشركة الشحن الدانماركية ميرسك في طريقها إلى إسرائيل لهجوم من المتمردين الحوثيين، لتعلن الشركة على إثر ذلك أنها لن تستخدم البحر الأحمر ومضيق باب المندب بعد الآن، وهو ما فعله منافسوها الرئيسون الذين يسيطرون فيما بينهم على حوالي 45% من سوق نقل البضائع البحرية العالمية، وتلتهم في ذلك شركات شحن أخرى.

تقلص النشاط

مشكلة ميناء أسدود الأهم في إسرائيل، الذي يعمل منذ نحو 60 عاما، أنه يبعد عن قطاع غزة بأقل من 30 كيلومترا، ومن ثمّ تُسمع فيه صفارات الإنذار بانتظام كإشارة إلى انطلاق الصواريخ من الأراضي الفلسطينية، لتتقلص حركة المرور فيه على الأرصفة بشكل ملحوظ منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد أن كانت تعالج فيه ما بين 800 ألف و900 ألف حاوية سنويا، أو 21 مليون طن من البضائع في 2022.

ومن مكتبه الواقع في محور رافعات التفريغ، يقدّر المدير العام للميناء، إيلي بار يوسف بتراجع النشاط فيه بـ30% ويوضح قائلا "نستقبل اليوم 12 إلى 18 قاربا يوميا بدل 30 في الأوقات العادية"، خاصة أن 100 من بين 1280 موظفا يعملون حاليا في الجيش، وأن الرحلات البحرية توقفت تماما بعد بداية واعدة.

وعلى بُعد بضع مئات من الأمتار، يرسم مستورد يعمل مع الميناء منذ عقود عدة صورة قاتمة قائلا "الانخفاض في حركة المرور يصل حسب رأيي إلى 50%"، مشيرا إلى أن "تعبئة أكثر من 300 ألف جندي احتياط تؤدي إلى انخفاض خطير في الاستهلاك، ومن ثم في شراء المنتجات المصنعة، مضيفا "مستودعاتي ممتلئة بالبضائع".

ولا يبدو أوري شوحات أكثر تفاؤلا من هذا المورّد، فشركة "أوفرسيز" التي يديرها قد انخفض نشاطها بنسبة 10% بسبب التضخم قبل الحرب، ولكن ذلك لا يعني شيئا بالمقارنة مع الشحن الجوي، حيث انخفض النشاط بنسبة 90% بسبب وقف خدمة مطار تل أبيب من قبل شركات الشحن الرئيسة.

منظر عام لميناء أسدود (رويترز) زيادة أسعار

غير أن الهجمات الأخيرة التي نفّذها الحوثيون تُقلق أوري شوحات كثيرا ويقول "إنه تغيير عميق بالنسبة لنا وأيضا بالنسبة لبقية العالم. ستبحر القوارب الآن حول أفريقيا، وستكون هناك حاجة إلى نقل إضافي لمدة تتراوح بين أسبوعين و3 أسابيع مع زيادة متناسبة في الأسعار".

واطلعت ليبراسيون على وثيقة أرسلتها شركة "كراون شيبينغ" إلى عملائها الإسرائيليين تقول "نظرا للوضع غير المستقر والمخاطر في الفترة الحالية، قررنا تغيير مسارنا عبر رأس الرجاء الصالح. السفينة التي كان من المتوقع أن تصل إلى أسدود في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، لن تصل حتى 13 يناير/كانون الثاني المقبل".

ولا شك أن شركات التأمين ستراجع -كذلك- أسعارها صعودا في ضوء التوترات في جميع أنحاء المنطقة –كما تقول الصحيفة- ولذا "سترتفع الأسعار بشكل كبير لدرجة أن المستوردين لن يعودوا راغبين في جلب البضائع من آسيا، بل سيشترونها بسعر أعلى في أوروبا"، كما يقول أوري شوحات متمنيا أن تتحرر غزة في المستقبل من تأثير حماس "يمكن أن تكون سنغافورة الشرق الأوسط بشواطئها وفنادقها وكازينوهاتها. انظر إلى دبي.. ليس لديهم جيش، إنهم يستثمرون فقط في الاقتصاد".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

غزة: الجوع يدفع سيدة فلسطينية للبحث عن الطعام بين النفايات

تخاطب المصور بنبرة هادئة، لا ترتجف ولا تبكي، تشعرك بأنها لا تريد ممن يراها الشفقة، لكنها تشرح مأساتها بوضوح: زوج مصاب بالحرب، وعائلة مكونة من سبعة أفراد، وأطفال يشتهون الزبدة والجبن والخبز، وكلها غير متوفرة. اعلان

تلاحقها عدسة الكاميرا وهي تبحث في كومة من القمامة عما تسدّ به رمقها. لم تعتد هذه السيدة الفلسطينية على أكل المخلفات؛ ويبدو ذلك واضحًا في حديثها للمصور، وفي تحاشيها لنظراته، وفي تعدادها للدوافع التي زجت بها بين براثن الجوع تلك. وكأنها، قبل أن تبرر له لماذا هي في ذاك المكان، كانت قد بررت لنفسها طويلًا واعتذرت منها غير مرة.

"تعزّ على الإنسان نفسه"، تقول الغزاوية إسلام أبو طعيمة، وهي تفرز النفايات، تمسك بيدها رغيف خبز، تشير إلى أنه مبلل قليلًا بمياه متسخة، لكنها ستأخذه.

تخاطب المصور بنبرة هادئة، لا ترتجف ولا تبكي، تشعرك بأنها لا تريد ممن يراها الشفقة، لكنها تشرح مأساتها بوضوح: زوج أصيب في الحرب الإسرائيلية على غزة، وعائلة مكونة من سبعة أفراد، وأطفال يشتهون الزبدة والجبن والخبز، وكلها غير متوفرة.

تقول المرأة ذات الـ40 عامًا إنها "متعلمة"، تذكر ذلك كجملة عرضية، تصبح تفصيلًا غير هام على هامش الحرب التي لا تفرّق بين مدني وعسكري: "حاربوا كيفما شئتم، لكن اتركوا المدنيين ليأكلوا"، تقول السيدة بنبرة حادة.

Relatedنزاهة على المحك.. مدير مؤسسة "غزة الإنسانية" يستقيل من منصبه ويؤكد: لن أتخلى عن مبادئيلابيد يلمح إلى أن إسرائيل تمول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر شركات وهمية في سويسرا وأمريكا غزة: عائلة عرفت طريق النزوح للمرة العاشرة والبقية تأتي في ظل استمرار القصف

ثم توضح، عن خبرة، كيف يتحول الجوع إلى أقوى سلاح يمكن أن يُحارب به الإنسان، بطن خاوية وجسد منهك لا تستطيع أن تقوى به على شيء، هي أفتك الأسلحة و أقسى المعارك" التي تسقط دفاعاتك النفسية رويدًا رويدا.

وفي تلك المعركة، فإن أبو طعيمة، التي تصطحب معها إلى كومة النفايات طفلةً لا يتجاوز عمرها عشر سنوات، لم تجد مفرًا من البحث في ذاك المكان، الذي لا يناسبها، لكنه "أكثر حفظًا للكرامة من السؤال واستعطاف الناس"، كما تعبّر، خاصة وأنها تؤكد أنها لا يصلها شيء من المساعدات الإنسانية التي يقال إنها بدأت تدخل وتوزع في غزة.

وفيما تحمل المرأة ما جمعته من مخلفات الطعام على كتفها، وتسير بعيدًا عن عدسة الكاميرا، ولربما عن ذهن الناس، يبدو مشهد أبو طعيمة امتدادًا لسؤال طرحه الكاتب الفلسطيني السوري الراحل حسن سامي يوسف في رواية "عتبة الألم" التي سبرت غور أهوال الحرب ولم يجد له جوابًا: "إلى أين وصلنا يا الله؟ وما الذي زرعناه لنحصد كل هذا الخراب؟"

لكن يوسف، أتبعه بتفصيل لا يمكن أن يكون عرضيًا، لا ليس مثل لجملتها المريرة السابقة: "لن تحصد القمح إن كنت قد زرعت شعيرًا... ولن تحصد الشعير إن كنت قد زرعت شوكة.. هذا أمر يعرفه حتى الأطفال الصغار.. إذاً، علينا أن نغيّر شيئًا ما في صيغة السؤال... ما دام الجَني لهذه الكوارث كلها، فما طبيعة الشرور التي زرعنا؟".

منذ 2 مارس/ آذار الماضي، فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على القطاع، مما أدى إلى قطع جميع الإمدادات من طعام ودواء وغيرها عن غزة.

وقالت تل أبيب أن حصارها، الذي أودى بحياة عدد من الرضّع، وفاقم خطر تفشي المجاعة، بحسب تقارير أممية، كان جزءًا من تكتيك يهدف إلى الضغط على حركة حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن.

ورغم موافقة الدولة العبرية على خطة لإدخال المساعدات إلى غزة، أثارت الشركات المسؤولة عن توزيعها الجدل، وسط تشكيكات بنزاهتها واستقلالها، حتى أن زعيم المعارضة السياسية، يائير لابيد، ألمح إلى أن الشركات قد تكون وهمية، وأن إسرائيل هي التي تقف خلفها.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • كفتة العدس - حين يصبح الصمود وجبة
  • غزة: الجوع يدفع سيدة فلسطينية للبحث عن الطعام بين النفايات
  • الإمارات ومصر تعملان على كسر الحصار المفروض من اليمن على المطارات والموانئ الإسرائيلية خدمة للصهاينة
  • مجلة أمريكية: شركات الشحن لن تعود للبحر الأحمر قبل انتهاء العدوان على غزة… والهيمنة الأمريكية تتآكل أمام صمود اليمن
  • لتعزيز ربط المملكة بـ9 موانئ.. إضافة خدمة شحن "ARPG" إلى ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام 
  • إضافة خدمة شحن “ARPG” إلى ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام لتعزيز ربط المملكة بـ9 موانئ إقليمية ودولية
  • إضافة خدمة شحن جديدة إلى ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام لتعزيز ربط المملكة بـ9 موانئ إقليمية ودولية
  • سياسيون إسرائيليون: مقتل أبناء الطبيبة آلاء النجار قد يشكل نقطة تحول في الحرب
  • تقول لي شنو وتقول لي منو ! (1)
  • وثائق وشهادات صادمة.. جنود إسرائيليون يعترفون باستخدام فلسطينيين كدروع بشرية