الأحزاب المصرية والتنمية السياسية
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
لا يختلف اثنان على أن نتائج الانتخابات الرئاسية (2024) ألقت بحجر ثقيل فى المياه الراكدة بالأحزاب المصرية، فحركتها وقذفت بما فى أعماقها من شوائب وخلافات وصراعات إلى السطح، أدت إلى حالة من التقييم الداخلى والمحاسبة الذاتية لبعض الأحزاب التى ترغب بصدق وفاعلية المشاركة فى الحياة السياسية وتطويرها، وصناعة مشهد سياسى لم تألفه مصر منذ سقوط حكم الإخوان.
ولا يختلف اثنان أيضاً على رغبة الإرادة السياسية للدولة المصرية فى تشكيل واقع سياسى جديد يواكب تطلعات وآمال المواطنين فى تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التى تسهم بشكل أو بآخر فى تحقيق تنمية سياسية لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن وجود ثلاثة مرشحين حزبيين تنافسوا فى سباق رئاسى، حصلوا فيه على كل فرص الظهور والتحرك والتحدث وعرض البرامج فى مختلف القنوات والوسائل الإعلامية، يعنى أننا مقبلون على مرحلة تنمية سياسية أو إصلاح سياسى أعتبره ضرورة الآن لتقدم مصر واستقرارها.
ولا أذهب بعيداً إن قلت إن هذا الإصلاح المرتقب ليس كثيراً على شعب سجل أعلى مشاركة فى الانتخابات، فذلك أقل شىء يمكن أن نكافئ به المواطن المصرى على ما قدمه للدولة والوطن من وعى سياسى، كان العمود الفقرى لنجاح أول استحقاق رئاسى يشهد منافسة حزبية واقعية بين ثلاثة مرشحين من أحزاب مصرية كبيرة مختلفة التوجهات والأيديولوجيات متحدة الهدف، وهو الانتماء للوطن.
إن الأحزاب المصرية التى تستحق الدخول فى (موسوعة جينيس) بعددها الذى يزيد على 105 أحزاب، يجب أن تستغل الحراك السياسى الذى أنتجته جلسات الحوار الوطنى وتستثمر تلك الحالة الجديدة التى أفرزتها الانتخابات الرئاسية فى مراجعة أدواتها ولوائحها وأنظمتها الداخلية، وأن تندمج فيما بينها لإعادة تشكيل أربعة أو خمسة أحزاب كبرى، لها قواعد و«مفارخ سياسية» قوية فى مختلف المحافظات، تسهم فى تهيئة البيئة المناسبة لاتخاذ القرار السليم عبر غرفتى البرلمان (مجلس النواب ومجلس الشيوخ )، ومن ثم تحقيق حلم المواطن فى أن يجد فى النهاية قانوناً أو قراراً يخدمه ويلبى طموحاته ويحقق أمانيه؛ فى أن يعيش حراً كريماً فى وطن يستحق مناخاً سياسياً مختلفاً وحياة حزبية أفضل لا تقل عما نشاهده فى الدول المتقدمة.
كما يجب على الأحزاب أن توجه حالة الحماس السياسى للشباب والذى أفرزه السباق الرئاسى لإحداث تنمية سياسية تتصدرها قيادات شابة، تعمل على تنشيط الحياة الحزبية وتشارك بجدية فى ترسيخ قيم الديمقراطية والحرية المسئولة ببرامج وأنشطة تعين القيادة والحكومة على أداء دورها المنشود.
إنها فرصة ثمينة وعظيمة أمام الأحزاب المصرية الآن لكى تثبت للعالم أنها ليست كرتونية أو ورقية، وإنها ليست مجرد لافتات على مكاتب تذروها الرياح أو مجرد غرف صامتة فوق سطح منزل قديم أو تحت سلم مبنى حديث لا نسمع صوت أعضائها أو نشاهد خلقتهم ووجوههم إلا فى المناسبات ومواسم «الاستنفاع السياسى».
إن مصر، كنانة الله فى أرضه، ذات التاريخ السياسى العظيم تنتظر تنمية سياسية تليق بها وبما كانت عليه من حياة حزبية قبل ثورة 1952، يكون للمعارضة فيها صوت قوى يبنى ولا يهدم، يساند الدولة فى الحق، يصحح للحكومة عيوبها، يقدم لها الحلول المناسبة لعلاج المشكلات والعقبات.
إن استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى لنظرائه المنافسين من الأحزاب بعد فوزه الساحق، وإعلانه رغبته الصادقة فى التعاون معهم يعد بشرى خير وضوءاً جديداً فى نفق الحياة الحزبية المصرية، ودافعاً قوياً لأن تعيد هذه الأحزاب بناءها من الداخل فيما بينها لتفوز بتمكين ديمقراطى يعيد تحسين صورتها المشوهة والمنقوصة فى المشهد السياسى المصرى، وعلى الدولة أن تساعدها على ذلك ولو بدعم بعضها مالياً كى تقوم بدورها كمعارض له أرضية جماهيرية يحمى الوطن ويساهم فى مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نتائج الانتخابات الرئاسية 2024 المياه الراكدة الأحزاب المصریة
إقرأ أيضاً:
مستقبل وطن: توجه الدولة نحو أمن الطاقة يعزز الاستقرار والتنمية
أشاد هاني عبد السميع، أمين مساعد حزب «مستقبل وطن» بمحافظة البحر الأحمر، بالتوجيهات الحاسمة التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي لمحاسبة المتسببين في أزمة البنزين التي شهدتها بعض المحافظات خلال الأيام الماضية، مؤكدًا أن هذه التوجيهات تعكس حرص القيادة السياسية على حماية حقوق المواطنين وضمان استقرار الخدمات الأساسية وعدم التهاون مع أي تقصير في الأداء الحكومي.
وأوضح ”عبد السميع“، في بيان اليوم الخميس، أن توجيهات الرئيس السيسي تمثل رسالة واضحة لكل المسؤولين بأن الدولة لن تسمح بأي تهاون في ملف يخص حياة الناس واحتياجاتهم اليومية، وخاصة فيما يتعلق بالطاقة والوقود، باعتبارها شرايين أساسية تدعم استمرار عجلة الإنتاج والتنمية، لافتًا إلى أن قرار المحاسبة العاجلة للمتسببين في الأزمة يعكس الشفافية والانضباط في منظومة الحكم، ويؤكد أن مصلحة المواطن تأتي دائمًا في المقام الأول.
وثمّن أمين مساعد حزب «مستقبل وطن» بمحافظة البحر الأحمر توجيه الرئيس باتخاذ إجراءات استباقية لضمان استقرار التغذية الكهربائية خلال فصل الصيف، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس رؤية استباقية وحرصًا على تجنب أي أزمات مستقبلية، خصوصًا في ظل تزايد استهلاك الكهرباء في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، مؤكدًا أن هذا التوجه يدل على إدارة واعية ومدروسة للأزمات والطوارئ، تقوم على التخطيط المسبق والاستعداد الكامل لمواجهة أي تحديات.
وفي السياق ذاته، أبدى ”عبد السميع“ تأييده الكامل لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تعزيز الإنتاج المحلي من البترول والغاز الطبيعي، باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الطاقي وتقليل الاعتماد على الواردات، مؤكدًا أن مصر تمتلك بنية تحتية قوية في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى كوادر بشرية مؤهلة قادرة على قيادة هذا التوجه الوطني نحو الاكتفاء الذاتي من الوقود وتلبية احتياجات السوق المحلية.
واختتم هاني عبد السميع بالتأكيد على أن حزب «مستقبل وطن» يساند بكل قوة جهود الدولة في الحفاظ على استقرار قطاع الطاقة، ويُشيد بالدور الرئاسي الذي يتسم بالحسم والمتابعة الدقيقة، مؤكدًا أن المواطن المصري سيظل دائمًا في قلب أولويات الرئيس والدولة، وأن مثل هذه القرارات من شأنها تعزيز ثقة الشارع في القيادة ومؤسسات الدولة.