يرى خبراء أن تحالف "حارس الازدهار" الذي تقوده الولايات المتحدة "لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر من هجمات جماعة الحوثي اليمنية"، لا يحظى بدعم إقليمي لشن حرب محتملة في اليمن، مؤكدين أن الهدف الأساسي من التحالف هو "حماية إسرائيل".

 

ومع استمرار هجمات الحوثيين على السفن التابعة لإسرائيل منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت واشنطن في 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري تشكيل تحالف "حارس الازدهار"، وهو قوة عمل بحرية دولية تهدف إلى "حماية السفن التجارية التي تبحر عبر البحر الأحمر من هجمات الحوثيين في اليمن".

 

ويتألف التحالف من بريطانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا والبحرين وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا، إلى جانب الولايات المتحدة.

 

و"تضامنا مع الفلسطينيين" الذين يتعرضون لحرب إسرائيلية مدمرة في قطاع غزة، أعلنت جماعة الحوثي في 19 نوفمبر، الاستيلاء على سفينة الشحن "غالاكسي ليدر"، المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، في البحر الأحمر، واقتيادها إلى الساحل اليمني.

 

وتوعدت الجماعة في أكثر من مناسبة، باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية، "إلى حين وقف العدوان على غزة"، ودعت الدول إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن.

 

الدول العربية تتجنب الصراع مع الحوثي

 

وفي حديث للأناضول، قال جوست هلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية، إن "الدول العربية لا تريد الدخول في صراع مع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن".

 

وأضاف هلترمان: "لا أعتقد أن الدول العربية حريصة مثل الغربية على قتال الحوثيين".

 

وأشار إلى أن الدول الغربية لا تريد الانخراط في الأزمة مباشرة، قائلا إنها تريد "إنشاء قوة ردع" فقط.

 

وبيّن هلترمان أن "السعودية ليس لديها مصلحة في التحالف، ولا تريد الانجرار إلى الحرب أكثر"، موضحا أن "الرياض تريد الخروج من الحرب في اليمن".

 

ولفت إلى أن "السعودية منخرطة بشكل كبير في المفاوضات مع الحوثيين"، موضحاً أن "الانضمام إلى التحالف قد يعني على الأرجح وقف تلك المفاوضات".

 

وأشار إلى أن "الدول العربية بشكل عام تنظر بإيجابية إلى قيام الدول الغربية بهذا الدور، لأن لديها مصالح مشتركة في حرية الحركة التجارية".

 

حماية إسرائيل

 

من جهته، ذكر أستاذ علوم السياسية بجامعة أنقرة، أطاي أكدفيلي أوغلو، أن "القوة متعددة الجنسيات التي تم تشكيلها بقيادة الولايات المتحدة ضد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر مسؤولة عن وقف الصواريخ التي يمكن إطلاقها على إسرائيل من مسافة قصيرة".

 

وأضاف أن "القوة ستحاول أيضا تأمين أنشطة النقل في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين".

 

وبيّن أن القوة المذكورة "من الأرجح أنها ستنجح"، مضيفاً إن "الولايات المتحدة وحلفائها سيرسلون سفنًا مزودة بمعدات تقنية".

 

وأردف أكدفيلي أوغلو أن "الهدف المباشر للقوة المذكورة هو حماية إسرائيل".

 

وتابع: "الهدف على المدى الطويل، هو تأمين التجارة البحرية في المنطقة، تماما كما في حالة القراصنة الصوماليين، لأن النظام الغربي والنظام الرأسمالي العالمي يعتمد في الواقع على أمن الشحن البحري".

 

وفي إشارة إلى أن معظم التجارة في النظام الرأسمالي العالمي تتم عبر البحر، ذكر أكديفيلي أوغلو أن "غياب الأمن في نقاط العبور المهمة مثل البحر الأحمر أمر غير مقبول بالنسبة للنظام العالمي".

 

واستبعد الأكاديمي التركي "احتمال شن الولايات المتحدة هجوما على الحوثيين بشكل مباشر، وجر اليمن إلى الحرب"، مبيناً أن "التهديد الذي يشكله الحوثيون ليس خطيرا".

 

وأكد أكدفيلي أوغلو أن "خطوة الولايات المتحدة متعددة الجنسيات جاءت لأغراض رمزية وسياسية"، موضحا أن "الولايات المتحدة لن تشارك في هجمات مباشرة ضد الحوثيين".

 

وذكر أن "البيت الأبيض لن يجد تدخلاً مباشراً في اليمن مناسباً للسياسة الداخلية، إلا إذا زاد الحوثيون من هجماتهم بشكل كبير"، مشيراً إلى أنه لا يتوقع مثل هذه الخطوة من الحوثيين.

 

تدخل محدود

 

من جانبه، أشار الخبير بشؤون دراسات الخليج بمركز أبحاث الشرق الأوسط (أورسام)، مصطفى يتيم، إلى أهمية اليمن بالنسبة لإيران.

 

وأوضح أن "إيران اكتسبت الآن جبهة مختلفة في اليمن من أجل الضغط على الجهات الغربية وإسرائيل وردعها"، إضافة إلى سوريا ولبنان.

 

وأشار يتيم إلى أن "جبهة اليمن في وضع حرج بسبب موقعه"، موضحا أن "الحلف الأمريكي متعدد الجنسيات أنشئ بهدف حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر وردع خطر الحوثيين في اليمن".

 

وذكر يتيم أن "أغلبية المشاركين في التحالف من دول غربية، إضافة إلى البحرين التي لها نهج مختلف في التعامل مع احتلال غزة".

 

وأردف: "يمكن القول إن قدرة التحالف على التدخل في الصراع اليمني ومنع الحوثيين محدودة للغاية".

 

وتابع: "من ناحية أخرى، يرتبط هذا التحالف بالرسالة الموجهة إلى إيران والجهات غير الحكومية التي تدعمها، ومفادها أنه قد تكون هناك عواقب وخيمة إذا تعمق الصراع أو اتسع، وزادت المخاطر التي يشكلها اليمن على إسرائيل والنقل البحري في البحر الأحمر".

 

وأشار يتيم إلى أنه "من المستبعد أن تتجه الولايات المتحدة إلى جبهة غامضة".

 

وأضاف: "واشنطن لم تشارك في صراعات اليمن من قبل، ولن تتجه إلى جبهة مختلفة وغامضة، حيث من المستبعد جدا أن يحظى ذلك بدعم الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر اسرائيل امريكا تحالف دولي الولایات المتحدة فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین الدول العربیة من هجمات فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة

ترى الباحثة الخبيرة في الشؤون الصينية يو جيه، أن أعظم ما صدّرته الولايات المتحدة إلى الصين هو نموذج لبناء القوة العالمية، مؤكدة أن سلوك بكين الحالي الذي يراه الأميركيون تهديدا هو انعكاس لخيارات واشنطن الإستراتيجية.

وقالت، في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية، إن خطة الصين الخمسية القادمة (2026–2030) للرئيس شي جين بينغ توضح كيف استوعبت الصين الدروس الأميركية وأعادت صياغتها لتلائم طموحاتها على الساحة الدولية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأمين العام للناتو: الحرب قد تضرب كل بيت في أوروباlist 2 of 2إلباييس: ترامب لم يرحم قادة أوروبا ووصفهم بالضعفاءend of list

واستعرضت الكاتبة، وهي باحثة أولى متخصصة في شؤون الصين بمعهد تشاتام هاوس البريطاني، 3 دروس تعلمتها الصين من منافستها التقليدية، تظهر كيف تتلمذت بكين على يد واشنطن في فن سياسات "القوى العظمى".

الدرس الأول: بناء المرونة الاقتصادية

أحد أهم الدروس التي استخلصتها الصين من التجربة الأميركية هو مفهوم المرونة الاقتصادية. وتعود جذور هذا التفكير الصيني إلى ستينيات القرن الماضي، حين قطع الاتحاد السوفياتي إمدادات التكنولوجيا الحيوية، المدنية والعسكرية، عن بكين، مما رسّخ في ذهنية قادة الصين أن الاعتماد الخارجي يساوي هشاشة الاقتصاد.

وفي منتصف العقد الماضي، ومع تدهور العلاقات مع واشنطن، أدركت بكين حجم اعتمادها على سلاسل توريد التكنولوجيا المتقدمة من دول قليلة. ومن هنا -تتابع الكاتبة- جاءت مبادرات تشجع الإنتاج الوطني لتعزيز الاكتفاء الذاتي في القطاعات الحساسة.

وترى الكاتبة أن هذا المسار يعكس صدى السياسات الصناعية الأميركية نفسها، التي أدركت من جهتها أن سلاسل التوريد المتشابكة في عصر العولمة تصبح نقطة ضعف وقت الأزمات.

الصين تستغل هيمنتها على المعادن الأرضية النادرة لفرض نفوذها سياسيا وفق المقال (رويترز)الدرس الثاني: تسليح الاقتصاد

أكدت الكاتبة أن واشنطن لطالما استخدمت ضوابط التصدير سلاحا لدعم تفوقها العسكري والاقتصادي، بدءا من إستراتيجيات الحرب الباردة ووصولا إلى فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيودا على أشباه الموصلات.

إعلان

وتعلمت الصين من ذلك أن السيطرة على نقاط ضعف الخصم نفوذ سياسي، يسمح للقوة العظمى بالتأثير على مجرى الأمور بما يتفق مع رؤيتها، إذ بدأت باستخدام قدرتها التجارية الهائلة وهيمنتها على المعادن النادرة لحماية أولوياتها الإستراتيجية.

تدرك بكين أن لعب دور "شرطي العالم" سيعرضها لنفس الأخطاء التي أضعفت الولايات المتحدة

وفرضت بكين قيودا على صادرات الغاليوم والجرمانيوم والغرافيت، وأصدرت قوانينها الخاصة للسيطرة على الصادرات وأنشأت قوائم "الكيانات غير الموثوقة".

ولا تعزز هذه الإجراءات مكانة الصين الدولية فحسب، برأي الكاتبة، بل تقدّم رسالة لبقية دول العالم التي تعتمد على بكين، مفادها أن الاقتراب من واشنطن قد يكون له عواقب اقتصادية وسياسية وخيمة.

تدريبات عسكرية للجيش التايواني محاكاة لصد هجمات محتملة من الصين (غيتي)الدرس الثالث: تجنّب التدخلات العسكرية

ترى الكاتبة أن الصين استوعبت خطأ الولايات المتحدة الأكبر: التورط العسكري الزائد في نزاعات بعيدة ومعقدة. فمن فيتنام إلى العراق وأفغانستان، أظهرت تجربة واشنطن أن القوة العظمى تفقد نفوذها عندما تُستنزف في حروب طويلة.

لهذا السبب -يتابع المقال- تتبع بكين سياسة خارجية براغماتية تميل إلى الحذر والانضباط، هدفها حماية قوة الصين لا استهلاكها. ففي الشرق الأوسط، تحافظ الصين على علاقات بدول متنافسة، مثل إيران والسعودية، وتتجنب التورط في أزمات لا تستطيع السيطرة عليها.

وعلى الرغم من تصعيدها في تايوان وبحر جنوب الصين، تدرك بكين أن لعب دور "شرطي العالم" سيعرضها لنفس الأخطاء التي أضعفت الولايات المتحدة، وفقا للكاتبة.

وخلص المقال إلى أنه إذا أرادت الولايات المتحدة فهم دور الصين وأهدافها في النظام الدولي الحالي، فعليها أولا أن تعترف بأن الصين ليست خصما للنظام الأميركي، بل نتيجة له.

مقالات مشابهة

  • تطوير ميناء المخا.. رهان اقتصادي يعيد إحياء بوابة تجارة هامة في اليمن
  • نيوزويك: 3 مؤشرات على حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلا
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • التوجّه الأميركي بين الإخوان وإيران: قراءة في معادلة الضبط الإقليمي
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • واشنطن تندد باحتجاز الحوثيين لموظفي السفارة الأمريكية في اليمن
  • واشنطن تندد باحتجاز الحوثيين موظفين محليين بسفارتها في اليمن
  • واشنطن تندد باحتجاز الحوثيين لموظفي سفارتها في اليمن