الولايات المتحدة ترحب بقرار اليابان "العسكري"
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
رحبت الولايات المتحدة، الجمعة، بقرار اليابان نقل أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" إليها، وهي من تصميم أميركي، وذلك من أجل "تجديد مخزون" الولايات المتحدة، الذي استنزفته المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وقال مستشار الأمن القومي، جيك ساليفان، إن الرئيس الأميركي جو بايدن "ممتن للغاية" لرئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، معتبراً أن هذا القرار "يساهم في أمن اليابان.
ومن أجل السماح بنقل أنظمة اعتراض الصواريخ ذات التصميم الأميركي، قامت اليابان، التي تضع ضوابط صارمة على صادراتها من الأسلحة بموجب دستورها السلمي، بتخفيف ضوابط تصدير الأسلحة للمرة الأولى منذ حوالى عقد.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن تلك ستكون أولى الصادرات اليابانية من الأسلحة الفتاكة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقالت الحكومة اليابانية في بيان إن "النقل المناسب للمعدات الدفاعية إلى الخارج سيساهم (...) في السلم والأمن الدوليين، كما سيعزّز التعاون مع الحلفاء والولايات المتحدة في المجالات الأمنية".
وتسمح اللوائح الجديدة لليابان بأن تكون "قادرة على تصدير الأسلحة التي تم إنتاجها محلياً بموجب ترخيص من دولة أجنبية" إلى الدولة المعنية، كما قال مسؤول في الأمن القومي داخل الحكومة لوكالة فرانس برس شرط عدم كشف هويته.
وتنتج اليابان نظام الدفاع الصاروخي باتريوت أرض-جو المتقدم "باك-3" (Patriot Advanced Capability-3) بترخيص من مجموعة الدفاع الأميركية لوكهيد مارتن التي طورته.
وتلجأ واشنطن التي تعدّ المورّد الرئيسي للمساعدات العسكرية لكييف، إلى حلفائها الذين يملكون معدّات مصمّمة أو مصنّعة في الولايات المتحدة، للاستجابة لمطالب الجيش الأوكراني.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد طلب من الكونغرس الأميركي التصويت سريعاً على حزمة مساعدات جديدة بقيمة 61 مليار دولار لمواصلة دعم أوكرانيا، مع الحفاظ على المخزونات العسكرية الأميركية.
غير أنّ المفاوضات مع المعارضة الجمهورية التي تسيطر على مجلس النواب، لن تنجح قبل نهاية العام، كما كان يأمل الرئيس.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات جو بايدن فوميو كيشيدا اليابان الجيش الأميركي الحكومة اليابانية الأسلحة لوكهيد مارتن واشنطن الجيش الأوكراني الكونغرس الأميركي أخبار أميركا أخبار اليابان باتريوت أوكرانيا أنظمة الدفاع الجوية جو بايدن فوميو كيشيدا اليابان الجيش الأميركي الحكومة اليابانية الأسلحة لوكهيد مارتن واشنطن الجيش الأوكراني الكونغرس الأميركي أزمة أوكرانيا الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
دروس الفشل العسكري الأمريكي
شهدت السياسة الأمريكية تحولاً لافتاً في تعاملها مع ملف الأزمة اليمنية. فبعد سنوات من الاعتماد بشكل كبير على التواصل والتعاون مع دول إقليمية في إدارة هذا الملف المعقد، تتجه واشنطن اليوم نحو التفاوض المباشر مع “أنصار الله”. هذا التحول، الذي يعكس اعترافاً ضمنياً بقوة الأمر الواقع التي فرضها “أنصار الله” على الأرض، يسلط الضوء على دروس قاسية من الفشل العسكري الأمريكي، ويحمل في طياته خسائر فادحة لما يسمى بـ “الشرعية”.
إن قرار الولايات المتحدة بالجلوس مباشرة مع “أنصار الله” لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة تراكم لتحديات وعوامل عديدة أفشلت المساعي السابقة، وعقدت الحملة العسكرية التي استهدفت الحركة. ومن اللافت للنظر أن هذا التفاوض المباشر يجري مع جماعة تصنفها الولايات المتحدة نفسها حالياً كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO). هذه الحقيقة تجعل من التحول في النهج الأمريكي أكثر دلالة، وتشير إلى مدى الإدراك الأمريكي بضرورة التعامل مع القوة المهيمنة على الأرض بغض النظر عن التصنيفات الرسمية.
فمنذ البداية، اصطدمت واشنطن بحقيقة دامغة تتمثل في سيطرة “أنصار الله” الفعلية على مناطق واسعة ومكتظة بالسكان في اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء وميناء الحديدة الاستراتيجي. هذه السيطرة جعلت من أي محاولة لتجاوز الحركة في البحث عن حلول أو تهدئة للأوضاع أمراً غير واقعي، بل وعقيماً.
علاوة على ذلك، أثبتت “أنصار الله” أنها قوة متجذرة بعمق في النسيج اليمني، تمتلك معرفة تفصيلية بالتضاريس المحلية، وولاءات قبلية واجتماعية يصعب اختراقها. طبيعة اليمن الوعرة نفسها شكلت تحدياً إضافياً، حيث يصعب تحديد وتدمير مواقع الحركة في الجبال والوديان المترامية الأطراف. وقد تفاقم هذا التحدي بسبب محدودية قدرة الولايات المتحدة على جمع معلومات استخباراتية دقيقة حول هذه المواقع، مما أعاق أي عمليات برية محتملة.
ولم تقتصر التحديات على الجغرافيا والانتشار، بل امتدت لتشمل القدرات العسكرية المتطورة التي يمتلكها “أنصار الله”. فقد كشفت الحركة عن ترسانة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ بعيدة المدى، وامتلاكها لصواريخ فرط صوتية، وطائرات مسيرة حديثة أظهرت قدرة على اختراق المنظومات الدفاعية الأمريكية والإسرائيلية. هذه القدرات مكنت “أنصار الله” من شن هجمات مؤثرة على أهداف بعيدة، ابتداءً من منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر ثم المواجهة المباشرة مع حاملات الطائرات الأمريكية وتحقيق إصابات مباشرة، وكذلك تحقيق ضربات مباشرة لكيان الاحتلال في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وآخرها استهداف مطار اللد المسمى إسرائيلياً “بن غوريون” وصولاً إلى اتخاذ قرار بفرض حصار جوي شامل على الكيان بالتزامن مع قرار العقوبات الذي اتخذته صنعاء ضد عدد من الشركات الأمريكية، مما أجبر الولايات المتحدة على إعادة تقييم استراتيجيتها.
إن قدرة “أنصار الله” على التكيف مع الضربات الأمريكية واستمرار عملياتها النوعية، بالإضافة إلى الخسائر المادية التي تكبدتها الولايات المتحدة، بما في ذلك إسقاط عدد كبير من الطائرات المسيرة باهظة الثمن وخسارة 3 طائرات مقاتلة من طراز F18، كلها مؤشرات على فشل الرهان على الحل العسكري.
لكن هذا التحول في السياسة الأمريكية يحمل في طياته ثمناً باهظاً لما يسمى بـ “الحكومة اليمنية الشرعية”، التي كانت تُعد الشريك الأساسي لواشنطن في إدارة الملف اليمني. فالتفاوض المباشر مع “أنصار الله”، وهي حركة مصنفة إرهابياً من قبل الولايات المتحدة ولم تحظَ بالاعتراف الدولي الذي تتمتع به الحكومة المدعومة من الرياض، يمثل تآكلاً لمكانة “الشرعية” وتقويضاً لادعاءاتها بتمثيل الشعب اليمني.
هذا التحول يرسل رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة باتت تتعامل مع القوة الفعلية على الأرض، بغض النظر عن الشرعية الدولية أو حتى تصنيفاتها الخاصة. إنه اعتراف ضمني بأن “الحكومة الشرعية” لم تعد قادرة على تحقيق أهداف واشنطن في اليمن، سواء كانت تلك الأهداف تتعلق بمكافحة الإرهاب أو استقرار المنطقة.
في الختام، يمكن القول إن قرار الولايات المتحدة بالتفاوض المباشر مع “أنصار الله” هو بمثابة شهادة على فشل الاستراتيجيات السابقة، وعلى قوة وصلابة “أنصار الله” كطرف لا يمكن تجاوزه في أي تسوية مستقبلية لليمن. وبينما قد يفتح هذا التحول آفاقاً جديدة نحو تهدئة الصراع، فإنه في الوقت نفسه يمثل خسارة كبيرة لما يسمى “الحكومة الشرعية” التي وجدت نفسها مهمشة في معادلة إقليمية ودولية جديدة تفرضها حقائق القوة على الأرض. إن دروس الفشل العسكري الأمريكي في اليمن ستظل ماثلة للأذهان، مؤكدة على أن الحلول السياسية الشاملة هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في هذا البلد المنكوب.