جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-24@11:41:59 GMT

"كما وصلني"!

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

'كما وصلني'!

 

جابر حسين العماني

Jaber.alomani14@gmail.com

 

نعيش في زمن تكثر فيه الكثير من الأقاويل والأخبار والقصص المفبركة، ما بين إشاعة وكذب وخداع وافتراء، والكثير من تلك الأقاويل والأخبار والقصص تبنى على المبالغة والتضخيم والسبق الإعلامي الذي لا داعي له في كثير من الأحيان، وغالبا ما يكون النقل المتسرع بحاجة ماسة إلى الدقة وتحمل مسؤولية النقل، والاعتماد على المصادر الصحيحة، سواء كان ذلك عبر الإعلام المرئي والمسموع، أو وسائل النقل المختلفة كبرامج التواصل الاجتماعي، والتي من خلالها تتناقل الأخبار الأسرية والاجتماعية، دون الالتفات إلى تحري الدقة، مما يسبب انتشار ظاهرة الإشاعات وتفشي الأكاذيب، وغرس بذور الفرقة وتأجيج الخلافات بين أبناء المجتمع الواحد.

لقد حث القرآن الكريم بصراحة ووضوح على أهمية التثبت والدقة قبل نشر المعلومات المراد ترويجها وإيصالها إلى عقول الناس، وذلك ليتمكن المجتمع من الاستقرار والاطمئنان، وتحقيق المصلحة العامة للجميع، ومنع انتشار الفتنة والفرقة والتنازع بين أبناء المجتمع الواحد، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

وفي زماننا الحاضر تنتشر عبارة يكتبها البعض في أسفل الأخبار النصية أو في بدايتها أحيانا، وهي: "كما وصلني والله العالم"، والغريب أن البعض يعتمد هذه العبارة وهي غير دقيقة ولا توحي بصدق المنشور المراد نشره، مما يسبب ذلك انتشار المعلومات والأخبار المغلوطة التي لا أساس لها من الصحة، بل ولا موقع لها من الإعراب في الداخل الاجتماعي.

فمتى يصحو أولئك الذين يمارسون نشر الجهل والأكاذيب في مجتمعاتهم؟ بسبب منشوراتهم التي لا تنم عن وعي إدراكهم بخطورة انتشار الإشاعات والأكاذيب والفتن الضارة للمجتمع، وكم هو مؤسف إصرار البعض على عدم تحري المعلومة المنشورة من مصادرها والترويج لها تحت شعار "كما وصلني"، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا).

ومن المؤسف جداً وصول البعض إلى حالة من الاستعجال في نشر المعلومات، والعمل على سرعة تداولها، وعدم الالتفات إلى صدقها، ودقة مصدرها، وهو أمر يجعلنا اليوم أمام ظاهرة ينبغي الوقوف عندها بهدف علاجها والسعي الجاد من أجل إيقافها حتى لا تكون سببًا في تجهيل المجتمع، وإبعاده عن العلم النافع الذي ينبغي  تأسيسه وزرعه وترويجه في الداخل الأسري والاجتماعي.

اليوم هناك ما يسمى بالمعلومات الحقيقية والمعلومات الزائفة، أما الحقيقية فهي التي تكون مبنية على الأدلة العلمية والثابتة، وقيل في ذلك: نحن أبناء الدليل حيثما مال نميل، أما المعلومات والأخبار الزائفة فهي تلك التي لا تبنى على الأدلة العلمية الثابتة، لذا ينبغي على الناشر والمروج للمعلومات الالتفات جيداً إلى تحري المعلومات الحقيقة من مصادرها والتأكد من صحتها، واجتناب نشر المعلومات غير الحقيقية والتي لا تستند على المصادر العلمية ودقة النقل.

إن التثبت في ما يكتب وينشر هو أمر في غاية الأهمية، فالإنسان محاسب أمام الله تعالى في كل ما يقدمه من معلومات وأخبار وقصص عبر وسائل الإعلام المختلفة، والتي من أهمها وسائل التواصل الاجتماعي، والتي هي الأكثر انتشاراً بين الناس في زماننا الحاضر، خصوصا ونحن نعيش في زمن الفتنة وانتشار الكثير من المعلومات الوهمية والمفبركة وغير الدقيقة، فهناك من يتلقون الأخبار والأقاويل المنشورة بألسنتهم لا بآذانهم وعقولهم قال تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15].

ختاماً: على الناشر والمروج للأخبار والقصص وغيرها أن يعلم أن المواد التي يقوم بنشرها يجب أن تكون مدققة وخالية من إثارة الفتن والإشاعات، ذلك أن القانون يجرم كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في نشر كل ما يمس بالنظام العام، فيعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم الشبكة العنكبوتية في إنتاج أو نشر أو توزيع أو شراء أو حيازة كل ما من شأنه أن ينطوي على المساس بالقيم الدينية أو النظام العام [قانون جرائم تقنية المعلومات/ المادة 19]، فضلاً عن مصادرة الأجهزة التي استخدمت في نشر الشائعة أو ترويجها [وفق نص المادة 32 / أ] من ذات القانون.

كما إنه على الناشر والمروج عندما لا يقوم بالتثبت من دقته في النقل، أن يدرك جيدا أنه سيكوى بنار الأخبار الكاذبة، وسيكون ضحيتها، وحينها لن ينفع الندم. قال تعالى  (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:18].

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اكتشاف ثوري يوقف انتشار فيروس الهربس عبر تعطيل إنزيم حيوي في الجسم

أعلن باحثون من مدينة برشلونة الإسبانية عن اكتشاف آلية جديدة قد تفتح الطريق أمام علاج جذري لفيروس الهربس البسيط من النوع الأول (HSV-1)، أحد أكثر الفيروسات انتشارًا في العالم جاء ذلك ضمن دراسة نُشرت حديثًا في مجلة Nature Communications العلمية.

كيف يتحكم الفيروس في الجسم؟

أوضحت الدراسة أن فيروس HSV-1 لا يكتفي بمهاجمة الخلايا، بل يعيد برمجة الجينوم البشري لصالحه منذ اللحظات الأولى من الإصابة. وبيّن الباحثون أن الفيروس يستخدم إنزيمات الخلية البشرية لإعادة تشكيل البنية ثلاثية الأبعاد للحمض النووي داخل نواة الخلية، ما يساعده في السيطرة على الجينات وخلق بيئة مناسبة لتكاثره.

تقليص الكروماتين بنسبة 70%

خلال التجارب، لاحظ العلماء أن الفيروس يقوم بتقليص حجم الكروماتين (خليط الحمض النووي والبروتينات) بنسبة تصل إلى 70%، ما يعطل الجينات الطبيعية ويفتح المجال لجينات الفيروس للعمل بحرية تامة.

الهدف الجديد للعلاج: إنزيم topoisomerase I
واحدة من أبرز النتائج في الدراسة هي أن فيروس الهربس يعتمد على إنزيم يدعى "topoisomerase I" في عملية تكاثره. وعند تثبيط هذا الإنزيم في مزارع الخلايا، توقفت العدوى تمامًا، مما يمثل اختراقًا علميًا في مجال مكافحة الفيروس.

أهمية الاكتشاف:
فيروس HSV-1 يصيب نحو 4 مليارات شخص حول العالم.

لا يوجد حتى اليوم علاج جذري يقضي عليه.

تزداد مقاومة الفيروس للأدوية التقليدية، مما يضاعف الحاجة إلى استراتيجيات جديدة.

خطوة نحو علاج جذري

هذا الاكتشاف يضع إنزيم topoisomerase I في دائرة الضوء كهدف دوائي واعد لتطوير أدوية تمنع تكاثر الفيروس من الأساس، وليس فقط تخفيف الأعراض"، كما جاء في بيان الفريق البحثي.

مقالات مشابهة

  • التارقي: ليبيا مهددة بأن تصبح مصدر قلق زراعي إقليمي بسبب الجراد
  • وقاء: المملكة خالية حاليًا من أي أسراب جراد صحراوي
  • جمعية بيئية تفسر ظاهرة انتشار الأفاعي بالمدن المغربية
  • الصين تحذر من خطر "انتشار" الحرب جراء النزاع بين إيران وإسرائيل
  • مع تكرار انهيار العقارات.. مجلس الدولة يوضح أسباب انتشار البناء المخالف
  • البحوث الزراعية تكشف حقيقة انتشار سلالة نحل جديدة بمحافظات القناة
  • حقيقة انتشار سلالة نحل جديدة في محافظات القناة
  • تظاهرة في شبوة تحذر من انتشار “الشبو” ومطالبات بتدخل عاجل لوقف الكارثة
  • مسؤول إيراني: لدينا الحق بالانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية
  • اكتشاف ثوري يوقف انتشار فيروس الهربس عبر تعطيل إنزيم حيوي في الجسم