جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-21@02:44:57 GMT

"كما وصلني"!

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

'كما وصلني'!

 

جابر حسين العماني

Jaber.alomani14@gmail.com

 

نعيش في زمن تكثر فيه الكثير من الأقاويل والأخبار والقصص المفبركة، ما بين إشاعة وكذب وخداع وافتراء، والكثير من تلك الأقاويل والأخبار والقصص تبنى على المبالغة والتضخيم والسبق الإعلامي الذي لا داعي له في كثير من الأحيان، وغالبا ما يكون النقل المتسرع بحاجة ماسة إلى الدقة وتحمل مسؤولية النقل، والاعتماد على المصادر الصحيحة، سواء كان ذلك عبر الإعلام المرئي والمسموع، أو وسائل النقل المختلفة كبرامج التواصل الاجتماعي، والتي من خلالها تتناقل الأخبار الأسرية والاجتماعية، دون الالتفات إلى تحري الدقة، مما يسبب انتشار ظاهرة الإشاعات وتفشي الأكاذيب، وغرس بذور الفرقة وتأجيج الخلافات بين أبناء المجتمع الواحد.

لقد حث القرآن الكريم بصراحة ووضوح على أهمية التثبت والدقة قبل نشر المعلومات المراد ترويجها وإيصالها إلى عقول الناس، وذلك ليتمكن المجتمع من الاستقرار والاطمئنان، وتحقيق المصلحة العامة للجميع، ومنع انتشار الفتنة والفرقة والتنازع بين أبناء المجتمع الواحد، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

وفي زماننا الحاضر تنتشر عبارة يكتبها البعض في أسفل الأخبار النصية أو في بدايتها أحيانا، وهي: "كما وصلني والله العالم"، والغريب أن البعض يعتمد هذه العبارة وهي غير دقيقة ولا توحي بصدق المنشور المراد نشره، مما يسبب ذلك انتشار المعلومات والأخبار المغلوطة التي لا أساس لها من الصحة، بل ولا موقع لها من الإعراب في الداخل الاجتماعي.

فمتى يصحو أولئك الذين يمارسون نشر الجهل والأكاذيب في مجتمعاتهم؟ بسبب منشوراتهم التي لا تنم عن وعي إدراكهم بخطورة انتشار الإشاعات والأكاذيب والفتن الضارة للمجتمع، وكم هو مؤسف إصرار البعض على عدم تحري المعلومة المنشورة من مصادرها والترويج لها تحت شعار "كما وصلني"، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا).

ومن المؤسف جداً وصول البعض إلى حالة من الاستعجال في نشر المعلومات، والعمل على سرعة تداولها، وعدم الالتفات إلى صدقها، ودقة مصدرها، وهو أمر يجعلنا اليوم أمام ظاهرة ينبغي الوقوف عندها بهدف علاجها والسعي الجاد من أجل إيقافها حتى لا تكون سببًا في تجهيل المجتمع، وإبعاده عن العلم النافع الذي ينبغي  تأسيسه وزرعه وترويجه في الداخل الأسري والاجتماعي.

اليوم هناك ما يسمى بالمعلومات الحقيقية والمعلومات الزائفة، أما الحقيقية فهي التي تكون مبنية على الأدلة العلمية والثابتة، وقيل في ذلك: نحن أبناء الدليل حيثما مال نميل، أما المعلومات والأخبار الزائفة فهي تلك التي لا تبنى على الأدلة العلمية الثابتة، لذا ينبغي على الناشر والمروج للمعلومات الالتفات جيداً إلى تحري المعلومات الحقيقة من مصادرها والتأكد من صحتها، واجتناب نشر المعلومات غير الحقيقية والتي لا تستند على المصادر العلمية ودقة النقل.

إن التثبت في ما يكتب وينشر هو أمر في غاية الأهمية، فالإنسان محاسب أمام الله تعالى في كل ما يقدمه من معلومات وأخبار وقصص عبر وسائل الإعلام المختلفة، والتي من أهمها وسائل التواصل الاجتماعي، والتي هي الأكثر انتشاراً بين الناس في زماننا الحاضر، خصوصا ونحن نعيش في زمن الفتنة وانتشار الكثير من المعلومات الوهمية والمفبركة وغير الدقيقة، فهناك من يتلقون الأخبار والأقاويل المنشورة بألسنتهم لا بآذانهم وعقولهم قال تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15].

ختاماً: على الناشر والمروج للأخبار والقصص وغيرها أن يعلم أن المواد التي يقوم بنشرها يجب أن تكون مدققة وخالية من إثارة الفتن والإشاعات، ذلك أن القانون يجرم كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في نشر كل ما يمس بالنظام العام، فيعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم الشبكة العنكبوتية في إنتاج أو نشر أو توزيع أو شراء أو حيازة كل ما من شأنه أن ينطوي على المساس بالقيم الدينية أو النظام العام [قانون جرائم تقنية المعلومات/ المادة 19]، فضلاً عن مصادرة الأجهزة التي استخدمت في نشر الشائعة أو ترويجها [وفق نص المادة 32 / أ] من ذات القانون.

كما إنه على الناشر والمروج عندما لا يقوم بالتثبت من دقته في النقل، أن يدرك جيدا أنه سيكوى بنار الأخبار الكاذبة، وسيكون ضحيتها، وحينها لن ينفع الندم. قال تعالى  (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:18].

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

انتشار مقلق للإصابات بمرض الكوليرا والضنك في اليمن

تشهد المحافظات اليمنية ارتفاعا مقلقا في الإصابة بمرض الكوليرا وحمى الضنك، وسط مؤشرات تدل على موجة وبائية جديدة تهدد حياة السكان في ظل تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية في البلاد.
وسجل منذ أشهر تزايد الإصابة بالمرض في عدد من المحافظات من بينها "تعز وإب ولحج والحديدة (جنوب ووسط وغرب البلاد)"، ومع غياب الإحصائيات نتيجة الانقسام الحالي في البلد بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين إلا أن التقديرات تفيد بأن العدد الفعلي للمصابين كبير جدا، في الوقت الذي يتعذر وصول المرضى إلى المستشفيات والمراكز الصحية في المدن.

تصاعد مقلق للإصابات
وقال نشوان الحسامي، مستشار مكتب الصحة في محافظة تعز، أكبر محافظة يمنية من حيث الكثافة السكانية، إن هناك تصاعدا مقلقا لحالات الإصابة بمرض الكوليرا في محافظة تعز، وسط مؤشرات تدل على موجة وبائية جديدة تهدد صحة السكان داخل المدينة والمديريات المحررة في المحافظة.

وأضاف الحسامي في حديث خاص لـ"عربي21" أن هناك ازديادا ملحوظا في عدد حالات الإسهال المائي الحاد في المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، فيما تشير التقارير إلى ارتفاع معدل الوفيات بين الأطفال وكبار السن نتيجة التأخر في الوصول إلى العلاج المناسب.

وحول الأسباب والعوامل المؤثرة في تفشي المرض، أشار إلى أن  تدهور البنية التحتية للمياه والصرف الصحي وانهيار منظومات المياه النقية والصرف الصحي نتيجة الحرب والإهمال، أدى إلى اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف، وهو من أخطر مسببات الكوليرا.

ومن الأسباب أيضا "تراكم القمامة وسوء إدارة النفايات" والذي ساهم في انتشار الذباب والبكتيريا الناقلة وسط ضعف حملات التوعية المجتمعية بالنظافة الشخصية والعامة.

فضلا عن ذلك "الازدحام السكاني ومخيمات النزوح  -  كثافة سكانية مرتفعة في مناطق عدة، حيث شهدت مدينة تعز موجات نزوح بسبب الحرب، مما أدى إلى اكتظاظ كبير في أماكن غير مدعومة بالمياه والصرف. فيما المخيمات تفتقر إلى البنية الأساسية الصحية، مما يسهل انتقال الأمراض المعدية بسرعة.

وقال المسؤول الحكومي إن "انعدام الخدمات الصحية والمياه الصالحة للشرب وضعف النظام الصحي والاستجابة الطارئة" عوامل مؤثرة في هذا التفشي للمرض، حيث تعاني المراكز الصحية والمستشفيات من نقص في الأدوية والمحاليل الوريدية ومن ضعف في الكوادر والتجهيزات.

حالات في تزايد يومي
من جانبه، قال محمد البعداني، مدير عيادة الحكيم في محافظة إب ( وسط)، إن هناك موجة وباء معوي حاد يصيب المجتمع وهذا الوباء المنتشر على شكل إسهالات مائية حادة مترافقة غالبا بغثيان ومغص قوي وأحيانا قيئ دون إسهال أو إسهال بدون قيئ يرافق ذلك حمى مع تكرار الذهاب إلى دورة المياه لعدة مرات قد تصل لأكثر من 10 مرات.

وأضاف البعداني في حديث لـ"عربي21" أن هذه الحالات بدأت مع دخول فصل الربيع في ٢١ من مارس/ أذار المنصرم ووصلت ذروتها هذه الفترة مع غياب شبه تام للدور التوعوي الخجول بالمرض واتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من الحالات الآخذة بالتزايد .

وأشار إلى أن الأسباب كثيرة منها الأمطار الملوثة وآبار المياه المكشوفة وعدم اتخاذ التدابير أو التوعية الوقائية والخضار والفواكة المروية بمياه الصرف الصحي وأسباب كثير غيرها.

وأكد الطبيب البعداني على أن الحالات في تزايد يوميا ..حيث تستقبل العيادة التابعة له 20 حالة يوميا، وهو رقم مرتفع بالنظر إلى حجم المنشأة الطبية.

وطالب البعداني "بتفعيل دور الصحة العامة والمجتمعية من حيث الرفع بالحالات الواردة وعمل تقيم وبائي للتعميم بالبروتوكول الأكثر مناسبة لمعالجة الحالات".

12 ألف إصابة
وفي مايو/ أيار الماضي، قالت منظمة الصحة العالمية، في تقرير صادر، إنه جرى الإبلاغ عن 12.942 إصابة جديدة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد في اليمن، وعشر وفيات خلال الفترة ما بين الأول من يناير/ كانون الثاني و27 إبريل/ نيسان الماضيين.

وأشار التقرير إلى أن عدد الحالات التي تمّ الإبلاغ عنها في اليمن خلال شهر إبريل وحده، وصل إلى 1352، وتضمن حالة وفاة واحدة، بزيادة 6% عن مارس/ آذار الذي شهد 1278 إصابة جديدة من دون تسجيل وفيات.

أكثر من ثلاثة آلاف إصابة
وفي العاصمة اليمنية المؤقتة لليمن، عدن، جنوبا، كشفت المنظمة ذاتها، عن تسجيل أكثر من 3900حالة إصابة بحمى الضنك"، و 14 حالة وفاة في إبريل/ نيسان من العام الجاري.

وقالت المنظمة في بيان لها مطلع الأسبوع الجاري، إن دشنت بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة حملة شاملة لمكافحة المرض في عدن ولحج لمواجهة تزايد الحالات.

وركزت الحملة وفق المنظمة الدولية على "الحد من مواقع تكاثر البعوض ورفع مستوى الوعي والحد من انتقال المرض". وقد شملت الأنشطة الرئيسية إدارة مصادر اليرقات والرض الضبابي المستهدف والتثقيف الصحي من خلال متطوعين من المجتمع المحلي ووسائل الإعلام.

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: انتشار 5 مدمرات أميركية قرب إسرائيل لحمايتها
  • مسئول سابق بـ الطاقة الذرية: تقارير الوكالة ليست مسيّسة
  • الداخلية تتحرك لوقف انتشار كنائس غير مرخصة في شقق بالبيضاء
  • زراعة جرش تفتح خطوط نار ترابية للوقاية من حرائق الغابات
  • انتشار الدعارة و تعاطي المخدرات في عراصي مراكش
  • انتشار مقلق للإصابات بمرض الكوليرا والضنك في اليمن
  • أطباء بلا حدود: انتشار مقلق للكوليرا في دارفور
  • حرب المعلومات المضللة بين إسرائيل وإيران.. ما أبرز الأخبار الكاذبة التي انتشرت؟
  • نحو ثلاثة آلاف جندي سوري إلى حدود العراق.. أول انتشار عسكري منذ سقوط الأسد
  • انتشار أمني بمحيط السفارة الالمانية في بغداد بعد دعوات للتظاهر أمامها