"ضاقت عليهم الأرض بما رحبت".. غزاوي يطلب الموت من محقق إسرائيلي
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
"وين ما نروح بتقصفوا علينا. يا زلمة طخونا وريحونا. إيش بدكم منا".. بهذه الكلمات العامية البسيطة كان يتحدث العجوز الفلسطيني أبو محمد الجمل مع ضابط مخابرات إسرائيلي يحقق معه بعد أن تم اعتقاله قبل أيام شمالي قطاع غزة.
الجمل (59 عاماً) كان باختصار يطلب من الضابط الإسرائيلي أن يطلق النار عليه بعد أن أنهكته الحرب وقسوة المعاناة والقصف المتواصل على كل مكان يؤوي إليه.
هذا الموقف رواه أبو محمد لمراسل الأناضول، الذي أطلق الجيش الإسرائيلي سراحه بعد اعتقاله لنحو أسبوع، فور وصوله إلى مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس (جنوب) لتلقي العلاج من إصابات وأمراض ألمت به خلال فترة الاحتجاز.
ويروي الفلسطيني أبو محمد حكايته من على سرير المرض بحروف أنهكتها آلام المرض، قائلاً "عندما كنت في بيت لاهيا (شمالي غزة) لم أجد مكاناً أنزح إليه. ذهبت إلى مستشفى كمال عدوان وجميع المدارس بالشمال ووجدتها ممتلئة بالنازحين".
ويضيف: "وجدت مدرسة الفاخورة في بلدة جباليا مقصوفة بالصواريخ والقذائف ولا يوجد أحد فيها".
"كان هناك غرفة بجوار بوابة المدرسة (غرفة حارس المدرسة) فارغة ولم تتعرض للقصف فجلست فيها وكنت أخرج كل عدة أيام لأحضر بعض الطعام والمياه"، يكمل أبو محمد.
وبعد توقف للحظات كأنه كان خلالها يسترجع تلك التفاصيل المؤلمة لساعات طويلة قضاها تحت القصف، تابع العجوز الفلسطيني: "الاشتباكات والقصف كان لا يتوقف خلف المدرسة وبالطرقات المحيطة فيها على مدارس الساعة".
وفي يوم كان العجوز الفلسطيني البسيط يحاول تناول ما تبقى لديه من طعام وهو بأحسن الأحوال خبز وقليل من الزعتر، ليتفاجئ بروبوت يقترب منه ويطالبه بإبراز هويته.
ويقول: "أرسولي لي ماكينة (روبوت يستخدمه الجيش الإسرائيلي باستكشاف المناطق التي يعتقد أنها خطرة على جنوده) لها نظارتان كلمتني وقالت إنها تريد بطاقة الهوية وفتح المعطف الذي كنت أرتديه".
ويضيف: "فتحت لهم المعطف وأخرجت بطاقة الهوية وبعد ذلك جاءت طائرة صغيرة وقامت بتفتيش الغرفة التي أقطن فيها".
وبعد إتمام عمليات تفتيش الغرفة طلب الروبوت من أبو محمد الخروج ليستقبله بالخارج عدد من الجنود الإسرائيليين الذين طالبوه بخلع ملابسه وقاموا بعد ذلك بتفتيشه، كما يقول للأناضول.
الجنود الإسرائيليين وضعوا الأصفاد البلاستيكية في يدي أبو محمد واقتادوه إلى جهة مجهولة.
ويكمل رواية ما حدث معه قائلاً: "حققت معي المخابرات. كان الضابط يتحدث معي بالعربي وأنا أرد عليه بالعبرية وقلت له: وين ما نروح (أينما نذهب) بتقصفوا علينا. يا زلمة (يا رجل) طخونا وخلصونا وريحونا (أطلقوا النار علينا ودعونا نتخلص من هذه المعاناة) بكفي تجننوا فينا (يكفي هذا الجنون) إيش إلي بدك إياه؟ (ماذا تريد؟)".
وتابع حديثه لضابط المخابرات قائلاً: "أنا لم أفعل شيء".
وسأله الضابط الإسرائيلي عن جيرانه وأقاربه الذين ينتمون لحركة "حماس" ليرد عليه العجوز الفلسطيني: "أنا لا أرى أحدا منذ فترة طويلة والجميع يعرف أني لا أقيم علاقات مع أحد. اسأل العملاء. حتى أقاربي لا يزورني إلا كل سنة مرة لأني أسكن في مكان بعيد".
وبعد إكمال التحقيق مع أبو محمد اقتاده الجنود الإسرائيليين إلى مركبة عسكرية، ويروي ما حدث معه حينها قائلا: "ضربوني وذلوني ورموني من الجيب".
ويتابع: "أغلقوا عيوني بقطعة قماش واقتادونا إلى بركس كبير (مبنى من الصفيح) وبعد ذلك نقلونا إلى بركس آخر ومنه إلى مكان آخر أيضاً وكانوا يضربوننا في كل مرة ويلقونا من الجيبات".
وكان الجيش الإسرائيلي يمنع المحتجزين الفلسطينيين من قضاء حاجتهم في كثير من الأحيان، لذلك لم يستطع أبو محمد أن يتحمل هذا الحال لأيام طويلة فاضطر لقضاء حاجته في مكان احتجازه، وفق ما قاله لمراسل الأناضول.
ويقول إنه بعد ذلك قرر عدم تناول الطعام حتى لا يحتاج لقضاء حاجته ليصاب بعد 4 أيام بالجفاف دون أن يكترث له أحد من الجنود الإسرائيليين الذين يحتجزونه مع عشرات آخرين.
وبعد أيام من اعتقاله أطلق الجيش الإسرائيلي سراح أبو محمد مع عدد آخر من الفلسطينيين عبر معبر "كرم أبو سالم" أقصى جنوبي قطاع غزة.
ويعاني أبو محمد حاليا من رضوض في مختلف أنحاء جسده بسبب تعرضه للضرب والسقوط بعد أن ألقاه الجنود من المركبات العسكرية عدة مرات، إضافة لإصابته بإعياء شديد جراء ظروف الاعتقال القاسية.
وينفذ الجيش الإسرائيلي حملات اعتقال واسعة في المناطق التي يتوغل فيها بقطاع غزة.
ويروي فلسطينيون تم اعتقالهم والإفراج عنهم شهادات "مروعة" حول تعرضهم للتعذيب والإذلال من الجنود الإسرائيليين.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى الخميس، 21 ألفا و320 شهيدا و55 ألفا و603 مصابين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الجنود الإسرائیلیین الجیش الإسرائیلی أبو محمد بعد ذلک
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يقر باستهداف منتظري المساعدات في غزة
أقرّ مسؤول رفيع في قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، اليوم الإثنين 30 يونيو 2025، باستخدام نيران مدفعية "غير محسوبة" ضد مدنيين في قطاع غزة ، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات من منتظري تلقي المساعدات قرب مراكز التوزيع التي تعمل وفقا للآلية الأميركية الإسرائيلي.
ويأتي هذا الاعتراف الجزئي في أعقاب ما أوردته صحيفة "هآرتس" في شهادات لجنود وضباط أكدوا أنهم تلقّوا أوامر بإطلاق النار على حشود غير مسلحة بهدف إبعادها، حتى دون وجود تهديد فعلي على قوات الجيش الإسرائيلي المتمركزة في محيط مراكز توزيع الطرود الغذائية.
وقال المسؤول العسكري، إن الجيش "يعمل حاليًا بوسائل مختلفة"، مشيرًا إلى أن إطلاق النار جرى "لأجل الحفاظ على النظام في نقاط توزيع الغذاء"، وأضاف أن بعض تلك العمليات أدّت إلى مقتل مدنيين بسبب نيران مدفعية وُصفت بأنها "غير محسوبة".
وأضاف أن إحدى الحوادث، التي ضنفها على أنها "الأخطر"، أسفرت عن إصابة ما بين 30 و40 شخصًا، بعضهم استشهدوا، علما بأن المصادر المحلية في قطاع غزة ومنظمات حقوقية وإغاثية دولية وأممية، تؤكد تحول مراكز المساعدات إلى "مصائد موت" لاستهداف المدنيين.
وكانت "هآرتس" قد نشرت شهادات مباشرة من جنود وضباط خدموا مؤخرًا في القطاع، وقالوا إنهم تلقّوا خلال الشهر الماضي أوامر بإطلاق النار على حشود مدنية غير مسلحة، بغرض إبعادهم عن شاحنات الغذاء، على الرغم من عدم وجود تهديد مباشر.
الناطق باسم الجيش الإسرائيلي لم ينفِ بشكل صريح، في رده الأولي للصحيفة، وجود مثل هذه التعليمات. لكن في بيان لاحق، زعم أن "الجيش لا يصدر تعليمات بإطلاق النار عمدًا على مدنيين بشكل عام، ولا على من يتواجدون في محيط نقاط توزيع المساعدات بشكل خاص".
وأضاف أن "أحداثًا أُبلغ فيها عن إصابات في صفوف المدنيين خضعت لتحقيقات معمّقة، ونُقلت إلى هيئة التحقيق التابعة لهيئة الأركان"، وأشار إلى "إصدار تعليمات ميدانية جديدة على ضوء ما تم استخلاصه من هذه الوقائع".
وفي تناقض مع تصريحات رئيس أركان الجيش، إيال زامير، الأسبوع الماضي، والتي قال فيها إن عملية "عربات جدعوت" العسكرية في غزة "شارفت على تحقيق أهدافها"، أكّد المسؤول العسكري اليوم أن مواصلة العملية ما زالت ضرورية.
وأشار إلى أن "التحركات الحالية في القطاع قد تؤدي إلى تغييرات إيجابية"، لكنه نبّه إلى ضرورة "تجنّب الغرق في سيناريو مشابه للبنان أو فيتنام"، في إشارة إلى خطر الانزلاق في مستنقع عسكري طويل الأمد.
وفي ما يتعلق بالوضع الإنساني، قدّم المسؤول رواية تُناقض مجمل التقارير الأممية والميدانية، بالقول إن "لا وجود لمجاعة حاليًا في القطاع"، وزعم أن "سكان غزة راضون عن طريقة توزيع المساعدات"، مضيفًا أن الجيش "يعمل على معالجة الإشكالات في هذا الملف".
في المقابل، أفاد جنود تحدّثوا إلى الصحيفة بأنهم تلقّوا أوامر بإطلاق النار على من يُشتبه في نهبهم لشاحنات المساعدات، رغم أنهم يُرصدون عادةً من مسافات بعيدة، "ولا يشكلون خطرًا فعليًا"، بحسب تعبير أحد الجنود.
وأشار الجيش إلى أن مهمته تنحصر في "ضمان دخول المساعدات إلى داخل القطاع"، وليس إيصالها إلى مراكز التوزيع في العمق. وتُدار نقاط التوزيع بشكل أساسي من قبل شركة أميركية (SRS)، لكن الجيش قال أن هناك أيضًا مساعدات تُوزع خارج هذا الإطار، بناءً على تعليمات صادرة عن المستوى السياسي.
وفي سياق "استخلاص الدروس"، قررت قيادة الجيش إغلاق مركز توزيع المساعدات في حي تل السلطان جنوبي القطاع بشكل مؤقت، وإنشاء نقطة جديدة قربه، بهدف "تقليص الاحتكاك مع السكان المدنيين وضمان أمن موظفي التوزيع"، بحسب وصف الجيش.
وستواصل 3 نقاط توزيع أخرى عملها بناء على الآلية الأميركية التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي: اثنتان في الجنوب، وواحدة في وسط القطاع، جنوب حاجز "نيتساريم". وأشار الجيش إلى أن المستوى السياسي هو من قرر وقف إدخال المساعدات عبر شمال القطاع.
وتزعم تقديرات الجيش الإسرائيلي أنه جرى إدخال ما يقرب من 50 مليون وجبة غذائية إلى غزة حتى الآن، ويزعم الجيش أن أسعار الطحين وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023. في الوقت نفسه، أقرّ الجيش بأن "الفوضى وانعدام النظام" في القطاع يُصعّبان السيطرة على حركة السكان، وأن القوات "غير قادرة على تنظيم الحشود كما هو مرغوب".
المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية انقسام داخل الكابينت بشأن مستقبل الحرب في غزة لجنة الكنيست البرلمانية تصادق على إقصاء النائب أيمن عودة الجيش الإسرائيلي يُنذر مجدّدا بإخلاء مناطق في مدينة غزة وجباليا الأكثر قراءة التعليم : ترتيبات خاصة لعقد امتحانات الثانوية العامة لطلبة غزة قريبا سعر صرف الدولار مقابل الشيكل اليوم الثلاثاء 24 يونيو طقس فلسطين: أجواء شديدة الحرارة اليوم محدث: إسرائيل تعلن رسميا موافقتها على وقف إطلاق النار مع إيران عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025