لجريدة عمان:
2025-05-28@10:48:57 GMT

مأساة فلسطين سرديا وتاريخيا

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

سنفتتح مقالنا في العام الجديد بالكتابة عن الإنسان الفلسطيني المقهور في بلده، الذي يدفع دما لنيل حريته في سبيل العيش بكرامة كبقية سكان المعمورة المشمولين بالحماية والرعاية، فمنذ أيام اطّلعت على بعض الروايات الفلسطينية التي تتناول القهر الممارس بحق الفلسطينيين منذ الاستعمار البريطاني لفلسطين وحتى الإبادة الجارية حاليا على رؤوس الأشهاد في غزة، ومن أهم تلك الروايات رواية «تفصيل ثانوي» لعدنية شبلي الصادرة عن دار الآداب ببيروت عام 2017م، بعد ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية والألمانية وإلغاء حفل تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي (50 عاما) في معرض فرانكفورت للكتاب 2023م، وقبل أشهر صدرت رواية «قناع بلون السماء» للكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي (41 عاما) الذي يكتب رواياته من داخل السجن الإسرائيلي، ويتم تهريبها إلى الخارج بطرق صعبة جدا.

اللافت للنظر أن رواية «قناع بلون السماء» قد دخلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 2024، وتحكي عن نور الفلسطيني المقيم في رام الله، الذي يجد بطاقة زرقاء في جيب معطف، تخوله للانتقال بين المناطق الفلسطينية المحتلة، ثم يلتحق ببعثة للتنقيب عن الآثار في النقب، ومن هنا تبدأ الرواية على لسان نور -الذي تحوَّل اسمه إلى أور- في وصف المكان الفلسطيني وتفاصيله. وبالعودة إلى البطاقة الزرقاء الإسرائيلية فقد ذكرتها الراوية (الباحثة الفلسطينية) في رواية «تفصيل ثانوي»: «حينها عرضت تلك الزميلة عليّ استعارة بطاقة هويّتها الزرقاء»، والهدف من الحصول على البطاقة الزرقاء اجتياز المعابر ونقاط تفتيش الجيش، وتسهيل البحث في أرشيف الجيش الصهيوني عن حادثة الاغتصاب في صحراء النقب التي وقعت في أغسطس 1949م، هكذا سرد الأدب إبادة الشعب الفلسطيني من النكبة إلى اللحظة الراهنة في غزة وبقية المناطق.

إن كان على الأدب أن يحتكم إلى الخيال في وصف العذاب الفلسطيني، فإن الكتابة البحثية والوثائق المعتمدة على أرقام وتفاصيل تثبت ما حدث، وهذا ما نجده في كتاب «التطهير العرقي في فلسطين» للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابه (70عاما) الذي سحبته دار النشر الفرنسية (فايارد) بعد شهر على ملحمة 7 أكتوبر، وهذا دليل آخر على النفاق الأوروبي فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير. يقول مؤلف الكتاب في كلمة الشكر والعرفان قبل مقدمة الكتاب: «هذا الكتاب ليس مكرسا رسميا لأحد، وقد كُتب أولا وقبل كل شيء من أجل الفلسطينيين، ضحايا التطهير العرقي في سنة 1948. وكثيرون منهم أصدقاء ورفاق، وكثيرون غيرهم أجهل أسماءهم، لكن منذ يوم عرفت عن النكبة رافقتني معاناتهم وفقدانهم وآمالهم. وعندما يعودون فقط سأشعر بأن هذا الفصل من النكبة بلغ أخيرا النهاية التي نرجوها، والتي من شأنها أن تتيح لنا جميعا العيش في سلام وانسجام في فلسطين». في مقدمة الكتاب يستشهد المؤلف بمقولة لدافيد بن غوريون (1886-1973) رئيس الوزراء الإسرائيلي مخاطبا اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية في يونيو 1938م يقول فيها: «أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئا غير أخلاقي». يقول المؤرخ الجريء أيضا: «لقد أصبح من المستحيل تقريبا، بعد الهولوكوست، إخفاء جرائم شنيعة ضد الإنسانية. والآن، في عالمنا المعاصر، الذي يشهد ثورة في مجال الاتصالات، وخصوصا مع تكاثر وسائط الإعلام الإلكترونية وانتشارها، لم يعد في الإمكان إنكار كوارث من صنع البشر، أو إخفاؤها عن أعين الرأي العام. مع ذلك، فإن هناك جريمة كهذه جرى محوها كليا تقريبا من الذاكرة العامة العالمية، وهي جريمة طرد الفلسطينيين من وطنهم في سنة 1948». في الفصل التاسع من الكتاب الذي يحتوي أيضا على اثني عشر فصلا، يسجل الكاتب حوادث الاغتصاب التي تعرضت لها النساء الفلسطينيات، ومنها الجريمة التي وقعت في 12 أغسطس 1949م في مرابطة كيبوتس نيريم القريب من بيت حانون على الطرف الشمالي من قطاع غزة، حيث اعتدى اثنان وعشرون جنديا على فتاة قبل قتلها، وهو ما نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في 29 أكتوبر 2003م. وقد اعتمدت الروائية عدنية شبلي هذه الحادثة في سرد روايتها «تفصيل ثانوي».

في خاتمة الكتاب يقول بابه: «لا الفلسطينيون سينجون من اليهود ولا اليهود سينجون من الفلسطينيين، ولا أي طرف سينجو من نفسه، إذا لم يتم تعريف الأيديولوجيا التي لا تزال تحرك السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بصورة صحيحة. المشكلة مع إسرائيل لم تكن قط يهوديتها -اليهودية لها أوجه كثيرة، وكثير منها يوفر قاعدة متينة للسلام والتعايش- إنما المشكلة هي مع شخصيتها الصهيونية الإثنية. فالصهيونية لا تتوفر فيها هوامش التعددية نفسها الموجودة في اليهودية وعلى الأخص فيما يتعلق بالفلسطينيين».

نراهن على التضامن العالمي لأجل فلسطين وتعرف أحرار العالم على الظلم الذي وقع على الإنسان الفلسطيني، لعل وعسى يتم إقرار قانون دولي جديد يعيد الحقوق إلى أصحابها ويرفع عنهم الظلم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: السنة ليست مجرد رواية بل علم متكامل بالأسانيد

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية الأسبق، أن المنهج النقدي في توثيق السنة النبوية لم يتوقف عند الإمام مالك بن أنس، بل استمر وتطور من بعده بشكل كبير.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية الأسبق، خلال تصريحات له، اليوم الثلاثاء، أن الإمام مالك، مؤلف الموطأ، كان علَماً في هذا المجال، وقد تتلمذ على يده علماء كبار، أبرزهم الإمام الشافعي ومحمد بن الحسن، كما عاصر أئمة آخرين مثل سفيان الثوري وسفيان بن عيينة.

وأضاف الدكتور علي جمعة أن عملية جمع الأحاديث وتوثيقها توسعت وانتشرت مع تعدد الأسانيد والرواة، مشيرًا إلى أن الحديث الواحد قد يُروى عن عشرات الصحابة، وكل صحابي يرويه عنه عشرات من التابعين، ما أدى إلى ثروة إسنادية ضخمة شكّلت أساس علم الحديث.

وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن القرن الثاني الهجري شهد ذروة هذه الجهود، حيث ظهرت فيها مسانيد لكبار العلماء، بل وحتى للخليفة عمر بن عبد العزيز، مما يعكس اهتمام الأمة بالسنة كمصدر أصيل للتشريع. 

علي جمعة يكشف عن السنن المستحبة أثناء أداء فريضة الحجحكم الجمع بين نية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان.. الإفتاء تجيبعلي جمعة: الموطأ للإمام مالك يعد أعظم ما أُلف في الإسلامعلي جمعة يرد على منكري السنة: واحد مستلقي على قفاه ويتكلم دون علم

وتابع مفتي الجمهورية الأسبق أن الإمام الشافعي، الذي وُلد في منتصف القرن الثاني الهجري، أسس لعلم أصول الفقه وارتبط بقوة بتوثيق السنة، حيث وضع كتابه "الأم"، وهو بمثابة توثيق فقهي مدعّم بالأحاديث.

ولفت مفتي الجمهورية الأسبق إلى أن تلميذ الشافعي، الإمام المزني، اختصر الفقه في "مختصر المزني" دون ذكر الأحاديث، فجاء الإمام البيهقي لاحقًا ليؤلف "السنن الكبرى"، الذي جمع فيه أدلة كل كلمة في مختصر المزني، حتى صار مرجعًا هائلًا في الجمع بين الفقه والحديث.

علي جمعة: القرن الثالث الهجري كان نقطة تحول في علم الجرح والتعديل

وأكد أن القرن الثالث الهجري كان نقطة تحول في علم الجرح والتعديل والقبول والرد، حيث جلس العلماء لتحديد من هم الثقات من الصحابة والتابعين، وأسسوا لقواعد نقد الرواية بشكل منهجي.

واختتم مفتي الجمهورية الأسبق: "السنة النبوية لم تُروَ مجردة، بل نُقلت مع فقهها، وأُسِّست لها ضوابط علمية دقيقة منذ القرن الأول، ثم تطورت مع الإمام مالك، وترسخت مع الشافعي وتلاميذه، وظل علماء الأمة يعضدونها بالعلم والنقد حتى صارت كما نراها الآن: علمًا له أصول وقواعد، ومنهجًا له تاريخ وجذور."

طباعة شارك الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق السنة علي جمعة توثيق السنة السنة النبوية توثيق السنة النبوية

مقالات مشابهة

  • مناقشة رواية وطاويط النجع باتحاد الكُتاب.. غدًا
  • علي جمعة: السنة ليست مجرد رواية بل علم متكامل بالأسانيد
  • ترامب يقول إن روسيا "تلعب بالنار"
  • صور| قبائل أبو صالح بالبيضاء يؤكدون وقوفهم الثابت في نصرة الشعب الفلسطيني حتى تحرير كامل أرض فلسطين
  • خبراء لغة الجسد يفنّدون رواية ماكرون عن الصفعة التي تلقاها من زوجته
  • بثينة الرئيسي: مين يقول روج في 2025 .. فيديو
  • دونالد ترامب يقول إنه سيؤجل فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي حتى يوليو
  • هيئة الكتاب تصدر السبنسة لسعد الدين وهبة
  • «الخارجية الفلسطينية» ترحب بإعلان مالطا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين
  • جيل ألفا وما بعده في معرض الكتاب