ذات الضفائر العنَّابة (4)
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
مُزنة المسافر
ماذا لو أرادت ذات الضفائر العنابة
أن لا ترى أحدا.
وتجلس في عزلتها في كهف كبير.
ذي فاه صغير.
ولا يكون لها أي أصدقاء.
هل ستنادي على الأطفال لينضموا إليها في الحال؟
ويعبروا الجسر.
ويروا النهر من هناك.
وماذا لو فاضت قصصها الكثيرة؟
وقررت ذات الضفائر العنابة أن تلقي
بضعاً من قصصها في النهر؟.
ماذا سيحدث لها هل ستذبل القصص؟
وتذوب مثل حبات الملح.
حين تُلقى في قطعة لحم مقدد.
هل ستصبح قصصها أكثر لذة؟
وربما يصبح الكبار أكثر حدة.
في التعامل معها.
إنهم لا يفهمون أن الأطفال المبدعين.
تقطن قلوبهم الآن.
فصول من الخيال.
ويدركون بالطبع.
مواسم الجمال.
وهل ستشعر ذات الضفائر العنابة؟
بالدلال والرغد.
وتترك ذاك الزهد.
الذي كانت تعرفه.
حين تتظاهر أنها خالية من القصص.
لا يمكن لها أن تتواضع.
وتترك الكبار.
لا يميزون الشطار.
ولا يدركون الأخطار المحدقة.
بهم.
إن ظلوا تعساء وبؤساء.
يحاربون كل خيوط الفرح لدى الأطفال.
ليس لهم جدائل جميلة.
مثل ذات الضفائر العنابة.
ليس لهم وجوه بشوشة.
وسعيدة.
والنسر العظيم الذي يُحلق فوق بلادنا.
يعرف جيداً من منهم السعيد.
ومن منهم البعيد
عن وجدان الأطفال.
الوجدان المحب لذات الضفائر العنابة.
وأن وجدهم القديم لها.
وخوفهم الغريب منها.
قد تلاشى واضمحل.
وبات ذكرى قديمة.
غير مدركة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ماذا يريد فاتح أربكان؟
هاجم رئيس حزب الرفاه الجديد فاتح أربكان، رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، واتهمه، في كلمته التي ألقاها قبل أيام أمام أنصار حزبه في مدينة دوزجة، بالمشاركة في تدمير العراق وليبيا وسوريا ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير. وقال إن الصهيونية العالمية والولايات المتحدة احتلت العراق وقامت بتقسيمه إلى ثلاثة أقسام، كما وصفت القذافي بالدكتاتور وأسقطت نظامه، وأنها رمت بشار الأسد بتهم لا أساس لها من أجل إبعاده عن الرئاسة، وجعلت سوريا غير مستقرة، ووضعتها أمام عتبة التقسيم، وبدأت بعد ذلك تستهدف إيران، كما قال.
تصريحات فاتح أربكان التي دافع فيها عن بشار الأسد والنظام السوري البائد، أثارت ضجة كبيرة، في صفوف الإسلاميين الأتراك والعرب، وأعرب كثير منهم عن خيبة أملهم في نجل الزعيم الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان، وقالوا إن أباه لو كان على قيد الحياة وسمع تلك التصريحات لما قبِل بذلك. إلا أن هذا القول غير دقيق، لأن ما ذكره فاتح أربكان ليس بعيدا عن الأدبيات والشعارات السياسية التي كرَّس أبوه حياته لترسيخها.
تصريحات فاتح أربكان التي دافع فيها عن بشار الأسد والنظام السوري البائد، أثارت ضجة كبيرة، في صفوف الإسلاميين الأتراك والعرب، وأعرب كثير منهم عن خيبة أملهم في نجل الزعيم الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان
أربكان الأب، رحمه الله، بنى آرائه السياسية على معاداة الدول الغربية والصهيونية العالمية، والدعوة إلى الوحدة الإسلامية، بغض النظر عن توجهات أنظمة الدول، كما رأى أن الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة بسيطة يمكن تجاوزها. وكان يُحمِّل الولايات المتحدة مسؤولية إسقاط صدام حسين واحتلال العراق، ولكنه كان يتجاهل الدور المحوري الذي لعبته إيران والمليشيات الشيعية التابعة لطهران في الاحتلال وفي ما آل إليه الوضع في العراق. كما أن إيران بدأت تزرع حقل جماعة "مللي غوروش" في حياة أربكان الأب لتجني الآن الثمار في الساحة السياسية التركية، كدفاع حزب السعادة وحزب الرفاه الجديد عن مواقف طهران في كافة الملفات.
رجب طيب أردوغان ورفاقه تربوا في مدرسة أربكان الأب، ولكنهم حين أدركوا أن طريقة ممارسة السياسة في الأحزاب التي أسسها الراحل تصطدم دائما بجدار المحكمة الدستورية في زقاق مغلق، انشقوا عنه وأسسوا حزب العدالة والتنمية، ليتبنوا خطا سياسيا مبنيا على الواقعية والانفتاح على عموم المجتمع، بدلا من التعلق بالشعارات. وأدى هذا الانشقاق إلى نجاح غير مسبوق في الساحة السياسية التركية، فيما ظل غير المنشقين عن أربكان الأب يمارسون السياسة في حزب السعادة بذات الطريقة القديمة التي تراجعت شعبيتها لدى الشارع بشكل كبير.
فاتح أربكان يبني سياسته على الاستثمار في إرث أبيه واستغلال حب الناس له. ولذلك، يذكر أربكان الأب في خطاباته وتصريحاته عشرات المرات، كما فعل في تلك الكلمة التي قال فيها إن أباه كم كان مصيبا حين حذَّر من المؤامرة التي تعرضت لها الدول الإسلامية، في إشارة إلى تغيير الأنظمة في العراق وليبيا وسوريا. بل يذهب إلى أكثر من ذلك، ويحاول أن يقلِّد أباه في صوته وحركات يديه واختيار كلماته وأسلوب خطابه، كي يستذكر المستمعون الراحل ويتعاطفوا مع نجله.
هناك شريحة من الناخبين المتدينين يعارضون الحكومة في دعمها للمرأة وتبنيها سياسة التمييز الإيجابي لصالحها، كما يرفضون التطعيم الإجباري بشدة، ويرونه مؤامرة تستهدف الشعوب المسلمة. ويطالبون بأن تفعل تركيا أكثر مما تفعله حاليا لدعم الفلسطينيين وسكان قطاع غزة. وينتقد هؤلاء، في هذه الأيام، موافقة البرلمان التركي على قانون المناخ لتطبيق اتفاق باريس للمناخ، ويقولون إن القانون ليس لصالح تركيا، بل يخدم مصالح الدول الكبرى.
أربكان الابن يسعى إلى الحصول على أصوات تلك الشريحة، بالإضافة إلى أصوات محبي أبيه، إلا أن حزب السعادة ينافس حزب الرفاه الجديد في ذلك
أربكان الابن يسعى إلى الحصول على أصوات تلك الشريحة، بالإضافة إلى أصوات محبي أبيه، إلا أن حزب السعادة ينافس حزب الرفاه الجديد في ذلك، علما بأن الخلاف الأهم بين الحزبين أن أربكان الابن أراد أن يتولى رئاسة حزب السعادة ولكن كبار قادة الحزب من رفاق أربكان الأب لم يسمحوا له بذلك، ما دفع فاتح أربكان إلى تأسيس حزب جديد، ليعلن أنه هو الوريث الوحيد والحصري لإرث أبيه السياسي. وبفضل انضمامه إلى تحالف الجمهور الذي دعم أردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حصل حزب الرفاه الجديد على خمسة مقاعد في البرلمان التركي، إلا أن أحد نوابه استقال فيما بعد لينضم إلى حزب العدالة والتنمية. كما اعتمد في الانتخابات المحلية الأخيرة على ترشيح أشخاص كانوا يريدون خوض الانتخابات باسم حزب العدالة والتنمية إلا أن الأخير لم يرشحهم، ورفع شعبيته من 2,80 في المائة إلى 6,19 في المائة.
شعبية حزب الرفاه الجديد بدأت تتراجع بعد انشقاقه عن تحالف الجمهور المؤيد للحكومة، وانضمامه إلى صفوف المعارضة. تشير نتائج استطلاعات الرأي إلى أن شعبية حزب الرفاه الجديد حاليا حوالي 3 في المائة فقط. ويؤكد فاتح أربكان أنه سيترشح حتما للانتخابات الرئاسية، ولكن حزبه قد يخوض الانتخابات البرلمانية ضمن تحالف انتخابي مع أحزاب أخرى. ولأن باب عودة حزب الرفاه الجديد إلى تحالف الجمهور مغلق من الطرفين، فليس أمام فاتح أربكان إلا التحالف مع حزب الشعب الجمهوري أو الانضمام إلى تحالف أحزاب السعادة والمستقبل والديمقراطية والتقدم. ومن المؤكد أن هذا الخيار الثاني هو الذي يرغب فيه أنصار حزب الرفاه الجديد وهو الأفضل له، إلا أن فيتو حزب السعادة قد يحول دونه.
x.com/ismail_yasa