نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، لوزير شؤون الشرق الأوسط ووزير أيرلندا الشمالية السابق، بيتر هين (لورد هين)، دعا فيه "إسرائيل ومن معها من الحلفاء، لمواجهة الحقائق وهي أن محادثات السلام هي الطريق الوحيد للأمام ويجب أن تشمل حماس". 

وأضاف بأنه "بعد عملية حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ورد بنيامين نتنياهو الانتقامي والمروّع ضد غزة، أصبح من اللازم التأكيد على عدد من الحقائق التي تأخر وقتها".



واسترسل أن "الأولى، لن تكون إسرائيل قادرة على تدمير حماس، كما وعد قادتها، وحتى لو دمرت غزة. فرغم الضرر الذي أحدثته إسرائيل على قدرة حماس العسكرية، وربما بشكل مهم، حيث تم تدمير الكثير من الأنفاق وهروب عدد من مقاتليها، فحماس، وفي عدد من المظاهر هي حركة وأيديولوجية، أدى تطرف نتنياهو إلى صعودها". 

وتابع: "قد أحبطت الحكومات الإسرائيلية اليمينية عددا من المفاوضات الجدية مع الحزب الفلسطيني الأكثر "اعتدالا"، وهو حزب فتح بقيادة الزعيم الراحل، ياسر عرفات، ومنذ مفاوضات كامب ديفيد في 2000، وقبل أكثر من 20 عاما. كما قامت وبشكل مستمر بقمع سكان غزة وفرضت حصارا دائما عليهم. فهل من المستغرب أن يتحول الكثير من الفلسطينيين اليائسين نحو بديل متطرف مثل حماس؟".

ويقول هين: إن "دروس النزاعات الحديثة هي أن فشل القوي بوقف الحرب والتفاوض على حل يؤدي لتفريخ التطرف. وكما يظهر تاريخ بريطانيا المشكل في أيرلندا الشمالية وبطريقة حية، فعندما تفشل السياسة يملأ العنف الفراغ". 

وتابعت: "رفضت الحكومات البريطانية، وعلى مدى عقود التفاوض وبشكل رسمي مع الجيش الأيرلندي الحر، نظرا للأعمال التي ارتكبها. ولكنهم عندما فعلوا في النهاية، أنتجت المفاوضات اتفاقية الجمعة السعيدة في 1998. ومع أن الاتفاقية كانت "برشامة" مرة لدعاة الوحدة كي وصعب عليهم ابتلاعها، لكنها كانت مدعومة من رئيس أمريكي، ورئيس وزراء بريطانيا ورئيس الإتحاد الأوروبي، حيث نسي الخلفاء لهم هذا الدرس الأساسي". 

أما عن الفكرة التي يروج لها قادة عالم الشمال، وهي أن التفاوض مع السلطة الوطنية الفلسطينية لن تنجح أيضا. إذ أن لدى عالم الشمال تاريخه من المحاولات الفاشلة للترويج لمرشحيهم "المفضلين" وفرضهم على الشعوب التي تطالب بحق تقرير المصير واختيار ممثليها. ويجب شمل حماس بطرق ما. وفي النهاية، فالحل يجب أن يكون سياسيا "فالفلسطينيون مهما كان لونهم السياسي لا يستطيعون هزيمة إسرائيل عسكريا، ولا تستطيع هذه هزيمة الفلسطينيين عسكريا". 

وكما كتب مسؤول طاقم رئيس الوزراء السابق توني بلير، جوناثان باول، في كتابه "الحديث مع الإرهابيين" وبطريقة مقنعة، فإن "نزاعات كهذه لا يمكن حلها بدون المفاوضات. ورغم المواقف العامة التي  برزت من الرئيس، جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، فإنهم يقومون بالتفاوض مع حماس بشأن الإفراج عن الأسرى، وإن تم هذا عبر قطر". 


وأضاف: "لكن قادة إسرائيل المتطرفين رفضوا المفاوضات مقابل التكريس لتحويل الأراضي الفلسطينية إلى تابعيات محتلة. وأصبحت الضفة الغربية مجموعة من الجزر الصغيرة التي تديرها اسميا حركة فتح (لكن إسرائيل تسيطر عليها عمليا) وتحتوي الآن على نصف مليون مستوطن". 

وأردف: "في القدس، هناك حوالي ربع مليون مستوطن. وفرك قادة الشمال أيديهم بيأس وقالوا إن هذه المستوطنات غير قانونية، ولكنهم لم يفعلوا شيئا، بل وتسامحوا مع مزيد من المستوطنين وحصار غزة والآن دمارها الكامل". 

وتساءل لورد هين: "ماذا حقق هذا لإسرائيل؟ ليس مزيدا من الأمن بل وأقل، كما أظهرت عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وقد فشل قادة إسرائيل المتطرفين الذريع في حماية مواطنيهم. بمواصلة فظائعهم الوحشية في غزة، فقد زادوا من المخاطر عليهم أكثر. وكان مستشار حكومة العمل الإسرائيلية السابق، دانيال ليفي، محقا عندما قال في مقابلة تلفزيونية إن "الإسرائيليين لن يحصلوا على الأمن طالما لم يحصل الفلسطينيون عليه". 

واسترسل: "المعادلة التي تستطيع من خلالها فرض نظام من العنف البنيوي على شعب آخر وتحرم الناس الآخرين من حقوقهم الأساسية وتعيش آمنا، فهذه المعادلة لن تنجح أبدا. لأنك عندما تضطهد شعب، فإنك تعرف في عقلك أنك تولد الرغبة للإنتقام. ولن تستطيع النوم آمنا في الليل؛ وبالطبع إن الأجندة الحقيقية للحكومة الإسرائيلية هي طرد الفلسطينيين من مناطقهم إلى الأردن ومصر".

وتابع: "كان رفض سفيرة إسرائيل في لندن لحل الدولة الدولتين هو مجرد تكرار لما يقوله نتنياهو وغيره في الحكومة. فلا حل دولتين واستمرار للهيمنة الإسرائيلية وتصعيد مستمر للعنف وعدم استقرار بالمنطقة. ويجب أن يظل الهدف، كما يقول هين، هو أمن إسرائيل وحق تقرير المصير للفلسطينيين، فلو لم يعد حل الدولتين قابلا للتحقق، فربما نجح شكل من أشكال الكونفدرالية، حل يتمتع فيه الفلسطينيون بحكم ذاتي ويتوفر الأمن لإسرائيل".

وأضاف: "بدلا من  تواطؤ الرؤساء في واشنطن ورؤساء الوزراء في لندن وأوروبا مع الفشل الرهيب، عليهم دعم قمة إقليمية تشترك فيها إسرائيل والسعودية ومصر وإيران، نعم إيران، إلى جانب الأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة، لأن الإستقرار لن يتحقق بالمنطقة إلا عندما يشارك الجميع".

 ويرى هين أنه "لم يحدث أن جرت دبلوماسية وتواصل جاد منذ رئاسة باراك أوباما. وكما كتب وزير خارجية أوباما، جون كيري، في مذكراته "في السياسة الخارجية، هناك تركيز قليل على مخاطر التقاعس، وهذا صحيح بالنسبة للسلام في الشرق الأوسط".


ويقول هين: "أكتب من كيب تاون حيث يحتقر  الجنوب أفريقيين اللطفاء ما يرونه ازدواجية معايير عميقة من قادة عالم الشمال، فهم يريدون الدعم للأوكرانيين وحقهم بتقرير المصير ولكنهم متواطئون في حرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير ومتورطين في الرعب بغزة. ويتسع الخرق مع عالم الجنوب وسوف يكلف واشنطن ولندن وبروكسل الثمن الباهظ في عالم مضطرب وبشكل متزايد".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الفلسطيني فلسطين غزة حركة حماس قطاع غزة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

قادة يهود أوروبا: دعم إسرائيل أصبح عبئا ومعاداة السامية تتآكل

في أجواء يخيّم عليها القلق والتحذير، اجتمع نحو 150 من القادة اليهود وقادة المجتمع الأكاديمي ومناصري إسرائيل في العاصمة الإسبانية مدريد، يوم الاثنين الماضي، ضمن مؤتمر سنوي استثنائي نظمه "الاتحاد الأوروبي للشؤون اليهودية" (إيه جيه إيه)، لمناقشة ما وصفوه بـ"العودة الخطيرة لمعاداة السامية في أوروبا"، على خلفية حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

تحت عنوان "البناء أو المغادرة"، افتتح المؤتمر بعرض مرئي وثق ما زعم أنه هجمات معاصرة ضد الإسرائيليين في الجامعات والشوارع الأوروبية. واعتبر القائمون على الحدث أن هذه الموجة لم تعد حوادث متفرقة، بل تحوّلت إلى "حالة طوارئ معاصرة"، وفق وصف الحاخام رابي مناحيم مارغولين، رئيس الاتحاد، الذي قال في كلمته الافتتاحية إن "عبارة المحرقة لن تتكرر أبدا لم تعد شعارا، بل باتت تعبيرا عن أزمة راهنة".

وأضاف الحاخام أن "دعم إسرائيل بات عبئا في بعض الأوساط، ومحاولات فصل معاداة الصهيونية عن معاداة السامية تُستخدم للتغطية على الكراهية" على حد زعمه.

"معاداة السامية" لم تعد أولوية

أحد أبرز محاور المؤتمر كان عرض نتائج استطلاع أجرته مؤسسة "إبسوس" العريقة في الاستطلاعات ذات المصداقية في 6 دول بغرب أوروبا، وخلص إلى أن 82% من المشاركين لا يعتقدون أن مكافحة معاداة السامية يجب أن تكون أولوية لحكوماتهم، كما أفاد 55% بوجود تحوّل سلبي في نظرة مجتمعاتهم للإسرائيليين منذ بدء الحرب في غزة، في حين حمّل نحو نصف المشاركين وسائل الإعلام مسؤولية التأثير السلبي على صورة الإسرائيليين.

إعلان

وعلّق مارغولين على النتائج بالقول: "حين لا يرى 80% من الأوروبيين في معاداة السامية مشكلة، فلا عجب أن القادة لا يتحركون". وأضاف أن الاتحاد سيعمل على "زعزعة هذا الصمت"، من خلال جهود قانونية وضغوط سياسية وإعلامية. ودعا الحاخام إلى توحيد صفوف المنظمات اليهودية "بعيدا عن السياسات والخلافات الداخلية".

الحاخام مارغولين اعتبر أن محاولات فصل معاداة الصهيونية عن معاداة السامية تُستخدم للتغطية على الكراهية، على حد زعمه (مواقع التواصل) الجامعات.. ساحة جديدة لعداء إسرائيل

خلال المؤتمر، تحدّث مشاركون عن شعور متزايد بالنبذ في الجامعات الأوروبية، حيث قالوا إن محاضرين وطلابا إسرائيليين يتعرضون للإقصاء وكتابات عدائية على الجدران (دون أن يذكروا أن هذه الشعارات في مجملها كانت ضد الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين)، إضافة إلى ما وصفوه بـ"ازدراء صامت" من قبل إدارات أكاديمية. وأشاروا إلى أن مفاهيم مثل "الاستعمار الاستيطاني" و"المقاطعة" تُستخدم لتبرير الإقصاء أو "تمييز اليهود"، بحسب وصفهم.

وقال شلومو داهان، رئيس الدائرة القانونية في الاتحاد، إن الحوادث المعادية للإسرائيليين "ارتفعت بمئات النسب المئوية" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، موضحا أن "الكثير من الإسرائيليين باتوا يتخفّون، لا يلبسون الكيبا (غطاء الرأس الديني) ولا يُظهرون نجمة داود".

وأكد أن الاتحاد يتلقى عشرات الاستفسارات يوميا من مجتمعات يهودية في أوروبا، ويعمل مع الشرطة والادعاء لمحاكمة المعتدين، مشيرا إلى منظمات بعينها مثل "مجموعة العمل الفلسطينية" التي وصفها بأنها "تنشط بعنف ضد مواقع إسرائيلية في مانشستر وبلجيكا".

كما أثار داهان قضايا قانونية أخرى تمس المجتمعات اليهودية، مثل الاتجار بتذكارات نازية عبر الإنترنت وفرض قيود على طقوس الذبح الديني (الكوشر)، متسائلا: "حين تُباع تذكارات نازية بملايين اليوروهات، هل هذه حرية تعبير أم إهانة للضحايا؟".

إعلان

انتقادات للمجتمع الدولي

في ختام المؤتمر، عبّر الحاخام مارغولين عن قلق بالغ من الوضع القائم في أوروبا، قائلا: "قبل 6 أشهر كنت في بولندا وقلت: لو لم أكن حاخاما، لغادرت أوروبا. وأنا ما زلت على هذا الرأي". وأضاف أن إسرائيل تبقى المكان الذي يحظى فيه اليهود بـ"تعليم واضح وثقافة يهودية وأمن مجتمعي" على حد قوله.

ورأى مارغولين أن النضال يجب أن يستمر عبر أدوات مختلفة، لا سيما القانونية منها، مشيرا إلى أن "بعض القضاة لا يعترفون حتى الآن بأن معاداة السامية جريمة، لذلك نطالب بقضاة يفهمون خطورة المشكلة". وختم بالدعوة إلى "توحيد كل المنظمات اليهودية في أوروبا وإسرائيل، بعيدا عن الخلافات الشخصية والسياسية".

وكان من بين المشاركين البارزين، الكاتب البريطاني اليميني دوغلاس موراي، الذي انتقد السياسة الغربية تجاه إسرائيل قائلا: "لا أحد يهتم بالإسرائيليين أكثر من إسرائيل نفسها. وكل ما دون النصر هو هزيمة".

كما حذّر الأكاديمي الإسرائيلي جيرالد شتاينبرغ من "النفوذ المتزايد لمنظمات حقوق الإنسان الدولية"، معتبرا أنها "لم تعد تدافع عن حقوق الإنسان" على حد زعمه، داعيا إلى "نزع الشرعية عنها وقطع تمويلها"، وفق رأيه.

واختُتم المؤتمر، بينما ظلت حالة القلق العميقة تجاه التغييرات في البيئة الأوروبية ضد إسرائيل تراود الحاضرين دون أن يلتفتوا إلى الأسباب الحقيقية وراء ذلك، وهي الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ عربية، وما يتبع ذلك من مجازر وإبادة جماعية ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين المطالبين بالحرية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية وما نتج عنها من استشهاد وإصابة أكثر من 170 ألف فلسطيني.

مقالات مشابهة

  • قادة أوربيون في بيان مشترك: لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية التي تحدث أمام أعيننا في غزة
  • قادة 7 دول أوروبية: لن نصمت أمام الكارثة التي تجري في غزة
  • إسرائيل تعلن تدمير بنى تحتية في المواني اليمنية وتجدد تحذيراتها من التواجد فيها
  • مفاوضات الدوحة : إسرائيل ترفض وقف حرب غزة ولا تقدم بالمحادثات
  • إسرائيل أمام مفترق طرق - يديعوت: لا تقدم حقيقي في المفاوضات إلا أنها مستمرة
  • NYT: اغتيال القيادات لا يكسر حركة حماس.. العقود الماضية تؤكد ذلك
  • آخرهم حسين ملحم... هكذا تستمرّ إسرائيل باستهداف قادة الحزب
  • قادة إسرائيل يهاجمون ماكرون ويتهمونه بالانحياز لحماس
  • الأورومتوسطي .. استهداف إسرائيل لمستشفيات غزة تدمير لأماكن “الملاذ الأخير” للسكان
  • قادة يهود أوروبا: دعم إسرائيل أصبح عبئا ومعاداة السامية تتآكل