علي جمعة يكشف عن العلاقة بين الظلم والظلام
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن هناك علاقة بين الظلم والظلام ؛ فالظلام معناه، يعمى فيه الإنسان ولا يدرك حقيقة ما حوله، والظلم إذا ما ركبه الإنسان أعماه فلا يدرك حقيقة الكون ولا مراد الله منه ،وقد أمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نكون في النور وسمى نفسه نورا ﴿الله نور السماوات والأرض ﴾ ثم بعد ذلك جعل الظلم من الظلمات ، وحرم الظلم على نفسه و﴿لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ﴾.
وأشارجمعة إلى أن سيدنا رسول الله ﷺ يقول : « الظلم ظلمات يوم القيامة » ينهى ﷺ عن الظلم ويحذر بأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب « اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب » ويحذر أن دعوة المظلوم تستجاب ولو من الكافر ، فما بالك لو كان المظلوم مسلما موحدا طائعا لربه! فما بالك لو كان وليا من أوليائه أو صفيا من أصفيائه!
عن ابن عمر - رضى الله عنهما - قال لما مر النبى - ﷺ - بالحجر - والحجر نزل به العذاب على قوم ظالمين أشركوا بالله سبحانه وتعالى، وكان النبي ﷺ يكره أن يمر في أرض نزل بها عذاب الله ويحذر - قال « لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم ، أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين » . ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادى. ثم قنع رأسه وأخفاها بالعباءة التي عليه، وكأنه يخاف ﷺ أن ينزل عليهم شئ من السماء، وهو المعصوم، وهو حبيب رب العالمين، وهو سيد الكائنات أجمعين، وهو الذي خلقه الله عنوانا لتوحيده وختاما لرسله يقنع رأسه خوفا من ربه ويجد في السير حتى يخرج من تلك الأرض التي نزل بها العذاب على قوم قد ظلموا أنفسهم ﴿وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾.
وتابع جمعة، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، الظلم شاع فماذا يمكن لهذا الظلم أن يصنع بك يوم القيامة؟
يقول رسول الله ﷺ لأصحابه محذرا ولمن بعده من أمته مبينا « هل تدرون من المفلس ؟». قالوا المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع. قال « إن المفلس من أمتى من يأتى يوم القيامة بصيام وصلاة وزكاة ، ويأتى قد شتم عرض هذا ، وقذف هذا وأكل مال هذا ، فيقعد فيقتص هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه من الخطايا ؛ أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار ». أعرفتم عاقبة الظلم في الآخرة! إفلاسا وطرحا في النار.
ماذا يفعل الظالم إذا أراد التوبة؟.. يجيب عضو هيئة كبار العلماء، مستشهدا بقول سيدنا رسول الله ﷺ : « من كانت عنده مظلمة من أخيه من عرضه أو ماله ؛ فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ حين لا يكون دينار ولا درهم ، وإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له أخذ من سيئات صاحبه فجعلت عليه».
ويتوج ذلك كله بحديث أوس بن شراحبيل قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : «من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام». تنبه أيها المسلم وكن خصيم نفسك فإن العاقل خصيم نفسه قبل الفوت وقبل الموت، وعليك أن ترجع سريعا إلى نصيحة سيدنا رسول الله ﷺ حتى لا تكون على خطر عظيم وأمر جليل يلخصه حديث أوس «فقد خرج من الإسلام». فإنا لله وإنا إليه راجعون.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة دعوة المظلوم رسول الله ﷺ علی جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: تهذيب النفس يبدأ من ظاهر السلوك حتى يرقّ القلب
قال الدكتور علي جمعة ، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن هُناكَ إِرشادٌ نَبويٌّ لطيفٌ في تربيةِ الإنسانِ لنفسِه، وهو تلبُّسُ الظاهرِ بالخُلُقِ الذي لم يَتَمكَّنْ منه الباطنُ؛ فمَن كان يَشكو مِن قِلَّةِ الإخلاصِ، فيَفعَلْ بظاهرِه ما فيه الإخلاصُ؛ فإنَّه ينعكسُ على الباطنِ، وإن لم يَتمكَّنْ من العفوِ عن أحدٍ بقلبه، فليَعْفُ بلسانه؛ فذلك يُهَيِّئُ القلبَ للعفوِ.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ، أن رسولُ اللهِ ﷺ يقول في مرتبةِ الإحسان: «أن تعبدَ اللهَ كأنَّك تراه»، ثم يُعقِّبها فيقول: «فإنْ لم تكنْ تراه فإنَّه يراك»، ويقول ﷺ: «إذا قرأتم القرآن فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا»؛ لأنك عندما تتباكى، وليس هناك بكاءٌ في عينيك، يؤثِّر هذا في نفسِك من الداخل ويُربِّيها حتى تصلَ إلى البكاءِ. ويقول ﷺ: «التبسُّمُ في وجهِ أخيك صدقةٌ».
فإذا لم تستطع أن تعفوَ بقلبك، وأن تصفحَ عن أخيك، فتبسَّمْ في وجهه؛ فبالتبسُّم سوف تحصلُ على العفوِ في قلبك.
والمُؤمِنُ أثناءَ ملاحظتِه لنفسِه وتربيتِه لها، إن لم يقدِرْ على فعلِ شيءٍ تركه وجاوزه إلى ما استطاع فعلَه، فعليه ألَّا يتركَ الخيرَ؛ فإنْ رفَض قلبُه أن يفعلَها، فعليه أن يُظهِرَ الخيرَ في جوارحه. فلو كنتَ بخيلًا بالعطاء، لا تشعرُ بالكرمِ في نفسِك وبحلاوةِ العطاء، أَعْطِ الفقيرَ، ثم أَعْطِ، ثم أَعْطِ؛ فإنَّ قلبك سيلين ويرق، لأنَّ الظاهرَ يؤثِّرُ في الباطن.
وعلى هذا الأصلِ يتبيَّنُ لنا أنَّ التمسُّكَ بالظاهرِ واجبٌ، ولكن ليس هو المرادَ؛ إنما المرادُ القلبُ؛ فإذا صلَّيتَ فقد سقط عنك التكليفُ في الصلاة، وسقطت عنك هذه الصلاةُ، لا نُطالِبُك بها مرةً ثانية، لكن ليس المقصِدُ الركوعَ والسجودَ، إنما المقصِدُ الخشوعُ والتذكُّرُ والتدبُّرُ في الصلاة.
فماذا يكون إذا صلَّيتَ بلا خشوعٍ؟ فقدتَ مرادَ اللهِ فيك. فهل نقولُ لك إذن: لا تُصلِّ؟ أم نقولُ لك: استمرَّ في الصلاةِ حتى الخشوعِ؟ بل استمرَّ في الصلاةِ إلى الخشوع؛ لأنك مُطالَبٌ بها، سواء خَشَعْتَ أم لم تَخْشَعْ.