التصعيد حتمي جنوباً.. الردّ على مرحلتين؟
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
من الواضح أن كلام الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله لم يحمل في طياته بذور "الوقت والزمان المناسبين" بل ان التهديدات التي أطلقها توحي بالرد السريع (نسبيا) على استهداف الضاحية الجنوبية وإغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" صالح العاروري وعدد من كوادر الحركة، وهذا يعني أن المعركة الحاصلة في الجنوب مقبلة على تصعيد غير مسبوق في ظل إصرار الحزب على تثبيت قواعد الردع التي حمته وحمت قياداته منذ العام 2006.
لقد أوحى نصرالله في خطابه أن ما قامت به إسرائيل يقرأه الحزب وفق معادلتين، الأولى استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت للمرة الاولي بعملية عسكرية مباشرة، عبر غارة جوية، والثانية اغتيال القيادي الابرز في حماس صالح العاروري الذي كان نصرالله نفسه قد هدد بالرد في حال استهدافه. واذا كان استهداف الضاحية الجنوبية تطورا خطير اخلال الحرب تحديداً ويفتح الباب امام توسيع غير مسبوق لدائرة النار الاسرائيلية التي تستهدف الحزب فإن اغتيال العاروري يمكن ان يفتح مساراً أكثر خطورة.
لا يتقبّل "حزب الله" في الأصل استهداف الضاحية، لكن القيام بهذه الخطوة خلال الحرب يضاعف من خطورتها، وقد يؤدي السكوت عنها إلى تكرار اسرائيل للعملية والقيام بإغتيالات تطال قياديين في الحزب نفسه، وهذا الامر لا يمكن احتواء اضراره، ومن هنا بات الرد السريع هو الحلّ الامثل لمنع حصول اي حدث امني لا يمكن للحزب تحمله، خصوصا وأن اسرائيل توحي بأنها أكثر جرأة لان قابليتها بالذهاب نحو حرب واسعة مع لبنان اكبر من قابلية الحزب بتوسيع المعركة.
أما في حال عدم الردّ على إغتيال العاروري فإن الامر سيسلُب من الضاحية ومن "حزب الله" ميّزة قدرته على إحتضان قادة حركات المقاومة الفلسطينية، وهذا الامر يعني أن التهديدات التي تواجه بعض قادة المحور في سوريا ستواجههم في لبنان ولن يتمكن الحزب من العمل مثلاً على دعم النشاط العسكري في الضفة عبر "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وفي حال تطور الامور قد يستهدف قادة عراقيون او يمنيون وغيرهم من زوار "الضاحية"...
كل هذا المشهد يوحي بأن الردّ سيكون قريباً وتحديداً الذي يرتبط بموضوع استهداف الضاحية الجنوبية، في حين ان الردّ على عملية الاغتيال قد يخضع للاعتبارات التي خضعت لها عمليات الرد على اغتيال عماد مغنية وقاسم سليماني، مع الاشارة الى ان الرد على اغتيال العاروري سينفذه "حزب الله" وحركة "حماس" بشكل مشترك او بشكل منفرد، وهذا الامر تحدده طبيعة اللحظة السياسية والظروف الحاكمة في حال اتخذ قرار الرد.
سيحاول "حزب الله" الاستفادة من اشتعال جبهة الجنوب ليكون الردّ جزءاً من المعركة، مع التأكيد على ان يكون رداً رادعاً يمنع تل ابيب من تجاوز الخطوط الحمراء مجدداً، لذلك فإن الميدان جنوباً سيشهد تصعيداً غير مسبوق، اذ يتوقع الكثير من المراقبين ان يوسع الحزب بشكل كبير دائرة استهدافاته العسكرية لتصل الى العمق الاسرائيلي كرد واضح ومؤلم على قصف شقة في الضاحية الجنوبية....
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: استهداف الضاحیة الجنوبیة حزب الله فی حال
إقرأ أيضاً:
طرد موالين لحزب الله وتشديد الرقابة الأمنية.. لبنان يعيد السيطرة على مطار بيروت
البلاد – بيروت
في خطوة غير مسبوقة تعكس تحوّلًا في موازين القوة داخل لبنان، أكدت مصادر أمنية رفيعة أن السلطات اللبنانية قامت بفصل عشرات الموظفين المشتبه بانتمائهم لحزب الله من مطار رفيق الحريري الدولي، وسط جهود واضحة لاستعادة الدولة سيطرتها الكاملة على المرفق الحيوي الذي لطالما اعتُبر تحت نفوذ الحزب.
ويأتي هذا التحرك في أعقاب التراجع العسكري والسياسي لحزب الله، خاصة بعد الخسائر التي تكبّدها في المواجهات الأخيرة مع إسرائيل، إضافة إلى فقدانه خطوط إمداد استراتيجية بعد سقوط النظام السوري السابق في ديسمبر 2024.
وأكد مسؤول أمني بارز، وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن الدولة بدأت بالفعل بتركيب منظومات مراقبة حديثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في سابقة تعكس رغبة واضحة في فرض القانون والحد من التهريب عبر المطار. ولفتت التقارير إلى أن الطواقم الأرضية لم تعد تتلقى أي أوامر بإعفاء طائرات أو ركاب بعينهم من التفتيش، كما تم تعليق الرحلات القادمة من إيران منذ فبراير الماضي.
التحولات الجارية حظيت بارتياح ملحوظ من مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، عبّروا عن تفاؤلهم المشروط حيال قدرة الحكومة اللبنانية الجديدة، برئاسة نواف سلام، على فرض سلطة الدولة. وصرّح أحد المسؤولين الأميركيين المشاركين في لجنة مراقبة وقف إطلاق النار جنوب لبنان: “لم أكن أتخيل أننا سنصل إلى هذه المرحلة بهذه السرعة”.
وفي تطور لافت، أعلنت السلطات الأمنية عن إحباط محاولة تهريب أكثر من 22 كيلوغرامًا من الذهب كانت مخصصة لحزب الله عبر مطار بيروت، ما اعتُبر دليلاً إضافيًا على جدية الدولة في إنهاء حقبة الممرات غير الرسمية التي اعتمدها الحزب لسنوات. كما شدد رئيس الحكومة نواف سلام على أن مهربين تم توقيفهم يخضعون حاليًا للمحاكمة، قائلاً: “نحن نحقق تقدمًا حقيقيًا في مكافحة التهريب، وهذا يحدث للمرة الأولى في تاريخ لبنان الحديث”.
فقدان الحزب لخط تهريب الأسلحة عبر إيران وسوريا، بعد سقوط بشار الأسد، وتضييق الخناق عليه في البحر، يجعلان من عملية إعادة بناء قدراته العسكرية أمرًا أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. وهو ما يطرح تساؤلات حول مستقبل حضوره وتأثيره في الداخل اللبناني في ظل هذا الانكماش المالي والعسكري.