صناعة السيارات في ألمانيا تواجه خطر المنافسة الصينية
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
برلين – إلى عهد قريب، كانت الصين متخلفة في تصدير السيارات عن ألمانيا، لكنها باتت تتجاوزها الآن بشكل واضح، سواء في السيارات ذات محركات الاحتراق أو السيارات الكهربائية.
وفي الوقت الذي عجزت فيه ألمانيا عن الوصول إلى حجم الإنتاج الذي كان قبل جائحة كورونا، تنمو السوق الصينية بشكل صاروخي.
ونقلت مواقع آسيوية عن الجمعية الصينية لصناعة السيارات "سي إيه إيه إم" أن الصين صدّرت 4.
وكانت الصين تصدّر أقل من مليون سيارة قبل عام 2020، وكان حينها الفارق بينها وبين ألمانيا شاسعا، لكن الحال تغيّر بشكل جذري عام 2022 عندما صدرت بكين 2.5 مليون سيارة، واقتربت حينها من ألمانيا التي صدرت وقتذاك 2.6 مليون سيارة، وفق المصدر الألماني ذاته، قبل أن تتجاوزها لأول مرة عام 2023.
واستفادت الصين من تراجع صادرات السيارات من ألمانيا، إذ كانت برلين تصدّر أكثر من 4 ملايين سيارة عام 2017.
ويشكل قطاع السيارات وأجزائها أهم قطاع للتصدير في ألمانيا، وقد مثّل القطاع في عام 2022 نحو 15.4% من الصادرات، وفق المكتب الاتحادي للإحصاء، وأشهر الماركات الألمانية التي تصدر للخارج هي فولكسفاغن وأودي ومرسيديس وبي إم دبليو.
ويقرّ المتحدث باسم الرابطة الألمانية لصناعة السيارات هانز شومان بوجود منافسة جدية من الصين، وبكون الشركات الصينية "تريد الحصول على حصة قوية في الأسواق المحلية أو الدولية".
ويبرز شومان، في تصريحات للجزيرة نت، أن الفارق الأكبر بين الجانبين هو أن "صناعة السيارات الصينية تحظى بدعم قوي من الدولة، مما يشوّه الوضع".
الشريك الصينيوحتى فيما يخصّ التبادل التجاري بين البلدين في قطاع السيارات، تبيّن الأرقام أن ما تصدره الصين نحو ألمانيا من سيارات وقطع غيار يرتفع بشكل مطرد، مقابل تراجع هذه الصادرات من ألمانيا نحو الصين.
وبسبب الاختلافات في الآراء السياسية، وكذلك رغبة برلين في الاستفادة من أخطاء تجربتها مع روسيا عندما كانت تعاني تبعية في الطاقة، تعالت الأصوات داخل ألمانيا بضرورة الحدّ من العلاقة الاقتصادية مع الصين التي تعدّ أكبر شريك تجاري لبرلين، خصوصا أن العجز التجاري الألماني مع بكين بلغ عام 2022 مستوى قياسيا قدره 84 مليار يورو، وبات الخوف من تبعية اقتصادية يقلق الألمان.
لكن هانز شومان يقول للجزيرة نت إنه "في النصف الأول من عام 2023 صدّرت ألمانيا إلى الصين سيارات وقطع غيار أكثر بكثير (13.7 مليار يورو) مما استوردته (3.7 مليارات يورو). وبالتالي، تتمتع ألمانيا بميزان تجاري إيجابي قوي في قطاع السيارات".
ومع ذلك يشير المتحدث إلى أن "المنافسة تبقى أمرا إيجابيا وتحفز الابتكار، ولذلك ستعمل صناعة السيارات الألمانية على استثمار 250 مليار يورو في البحث والتطوير بحلول عام 2027، فضلا عن 130 مليار يورو أخرى في بناء وتطوير المصانع".
ولا تعدّ الصين فقط منافسا لألمانيا، بل هي كذلك سوق للسيارات الألمانية، وهي أكبر محتضن لمصانع السيارات الألمانية في الخارج بما يبلغ 350 نقطة بيع وتصنيع. وتبيّن أرقام الرابطة الألمانية لصناعة السيارات أن كل واحدة من 5 سيارات تباع في الصين تحمل ماركة ألمانية، وأن الشركات الألمانية باعت 4.4 ملايين سيارة في الصين خلال 2022، أي أكثر مما صدرته ألمانيا من مصانعها المحلية.
"يمثل سوق المبيعات في الصين أهمية كبيرة لمصنعي السيارات الألمان، ولأجل ذلك بنوا قدرات إنتاجية ضخمة في الصين"، وفقما يقول الباحث الرئيسي في المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية مارتن غورنيغ للجزيرة نت، لافتا إلى أن أرقام إنتاج السيارات الألمانية حاليا هي أقلّ من الأرقام ما قبل أزمة كورونا، وأن أسباب ذلك ليست واضحة.
السيارات الكهربائية.. المنقذ لألمانياوتستهدف الحكومة الألمانية الوصول إلى 15 مليون سيارة كهربائية على طرقاتها بحلول عام 2030، في إطار الإستراتيجية الأوروبية لحظر بيع سيارات محركات الاحتراق الداخلي، وهو هدف يشكك فيه مهنيون من القطاع لأسباب تخصّ الأسعار المرتفعة للسيارات الكهربائية مقارنة بالسيارات العادية، وعدم وجود خطط دعم مادي قوية من الحكومة.
ولا تتجاوز نسبة استخدام السيارات الكهربائية داخل ألمانيا 2.4% من مجموع السيارات حسب بيانات المكتب الاتحادي للمركبات عام 2022، بينما تبلغ في الصين 22%، وهو رقم ضخم نظرا لحجم السوق الصينية، حسب إحصائيات معهد الموارد العالمية، كما أنها نسبة ضخمة نظرا لأن الصين تتوفر على نحو 312 مليون مركبة مسجلة، مقابل 49 مليون مركبة في ألمانيا.
"التطور الضعيف في عدد تسجيلات السيارات الكهربائية في ألمانيا يعود بشكل كبير إلى المشاكل التي تواجهها شركات صناعة السيارات الألمانية في التحوّل من السيارات العادية إلى هذا النوع الجديد"، يقول مارتن غورنيغ، لافتًا إلى أنه "من المرجح أن تكون هناك عوامل أخرى منها ضعف التمويل والعجز في محطات الشحن الكهربائية".
ومع ذلك، حققت صناعة السيارات الكهربائية قفزة في ألمانيا، ففي النصف الأول من عام 2023 أُنتجت 673 ألف سيارة بزيادة 93% في ألمانيا، جلّها من السيارات التي تعمل بالبطاريات بالكامل (بي إي في)، حسب بيانات جمعية الرابطة الألمانية لصناعة السيارات، مؤكدة أن هذا الرقم كان الأكبر أوروبيا في هذه الفترة.
غير أن الصين تتفوق كثيرا على ألمانيا في هذا القطاع، فشركة "بي واي دي" الصينية باعت لوحدها 1.57 مليون سيارة كهربائية في عام 2023، وتفوقت حتى على شركة تيسلا، وباتت السيارات الكهربائية الصينية تقنع المستخدمين أكثر بأسعارها التنافسية.
وتحاول الشركات الألمانية اللحاق بالصين، ويؤكد هانز شومان أن المصعنين الألمان سيقدمون 160 طرازا إلكترونيا مختلفًا في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2024، لافتا إلى أن الابتكار سيكون عنوان السيارات الألمانية الكهربائية الجديدة.
ويضيف أن الشركات الألمانية ستعمل أيضا على تصنيع 15 مليون سيارة كهربائية بحلول 2030، كما ستعمل على تحقيق رغبات المستخدمين، ومن ذلك الزبائن في الصين الذين يستخدمون السيارات كفضاء للخلوة، في خطوة من الشركات الألمانية لمنافسة الصين في سوقها المحلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ملیون سیارة کهربائیة السیارات الکهربائیة السیارات الألمانیة الشرکات الألمانیة صناعة السیارات ملایین سیارة ملیار یورو فی ألمانیا فی الصین عام 2023 عام 2022 إلى أن
إقرأ أيضاً:
هبوط أسعار السيارات.. والشعبة تعلن انطلاقة إنتاج 160 ألف سيارة محليا في 2026
يشهد سوق السيارات المصري مرحلة تحول لافتة، مع تراجع ملحوظ في الأسعار نتيجة وفرة غير مسبوقة في المعروض مقارنة بانخفاض الطلب.
وفي ظل دخول مصانع جديدة إلى الخدمة وزيادة القدرة الإنتاجية للقطاع المحلي، تتجه الأنظار إلى مستقبل السوق خلال عامي 2025 و2026، وما إذا كان بإمكانه استيعاب هذا النمو، أو يتطلب الأمر تعزيز التصدير وتحفيز المبيعات.
في هذا السياق، قدّم اللواء عبد السلام عبد الجواد، عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، تحليلاً شاملاً للمشهد الحالي، كاشفًا عن توقعات الإنتاج وديناميكيات الأسعار ونصائح للمستهلكين.
انخفاض أسعار السيارات نتيجة طبيعية لزيادة المعروضأوضح اللواء عبد السلام عبد الجواد أن الأسعار في السوق المحلي بدأت في التراجع بوضوح، ليس بسبب إجراءات حكومية أو خفض للعملة، بل نتيجة مباشرة لزيادة المعروض من السيارات المنتَجة محليًا والمستوردة.
وأشار إلى أن هذا الوضع يختلف جذريًا عمّا كان يحدث خلال السنوات الماضية، حيث كان الطلب يتفوق على المعروض، مما تسبب في ارتفاع الأسعار وظهور قوائم انتظار طويلة.
13 مصنعًا عاملًا و3 مصانع جديدةخلال لقائه ببرنامج "كلمة أخيرة" مع الإعلامي أحمد سالم، أوضح عبد الجواد أن مصانع السيارات في مصر لا يمكنها العمل بطاقة تقل عن 10 آلاف سيارة سنويًا للمصنع الواحد، وهو ما يفسر القفزة المتوقعة في الإنتاج.
ومع وجود 13 مصنعًا قائمًا بالفعل إلى جانب 3 مصانع جديدة تستعد لبدء التشغيل، يصل إجمالي الطاقة الإنتاجية التقديرية بحلول عام 2026 إلى 160 ألف سيارة سنويًا.
حذّر عبد الجواد من احتمال عدم قدرة السوق المصري على استيعاب هذه الكميات الكبيرة من السيارات، خاصة في ظل ضعف القدرة الشرائية للمستهلك.
وأشار إلى أن الحل يكمن في:
رفع معدلات البيع المحلي من خلال خفض الفائدة على التمويل البنكي، الأمر الذي من شأنه تنشيط حركة الشراء.
هل الآن هو الوقت المناسب للشراء؟أكد عضو شعبة السيارات أن الوقت الحالي يُعد الأفضل لشراء سيارة بعد فترة طويلة من الركود، مشيرًا إلى أن حركة الأسعار مرتبطة بشكل أساسي بتقلبات سعر الصرف.
ونبّه إلى أن أي تغييرات محتملة في سعر العملة قد تنعكس على الأسعار، مما يجعل الشراء الآن أكثر أمانًا مقارنة بالانتظار.