كشفت دراسة تحليلية أجراه موقع «ذا انترسبت» الأمريكي، بشأن تغطية كبريات الصحف الأمريكية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، النقاب عن التحيز الصارخ لصالح إسرائيل ضد الفلسطنيين.

وقال الموقع الأمريكي، في سياق تقرير أورده على موقعه الإلكتروني، اليوم الأربعاء، إن الدراسة التي أجراها شملت التغطية الإعلامية الرئيسية لأبرز الصحف الأمريكية مثل صحيفة «نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز».

وقالت الدراسة إن وسائل الإعلام الأمريكية المطبوعة، التي تلعب دورا مؤثرا في تشكيل وجهات النظر الأمريكية حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لم تهتم كثيرا في تغطيتها بتسليط الضوء على الحصار والقصف الإسرائيلي بحق الأطفال والصحفيين في قطاع غزة.

وبحسب الدراسة، لم تخصص الصحف الأمريكية الكبرى نفس المساحة من التغطية التي تخصصها للتقارير بشأن الوفيات في صفوف الإسرائيليين، للوفيات في صفوف الفلسطينيين جراء الصراع، بل واستخدمت تلك الصحف لغة عاطفية لوصف عمليات قتل الإسرائيليين، بينما لم تستخدم تلك اللغة في تغطية عمليات قتل الفلسطينيين.

كما عكفت الصحف الأمريكية الكبرى على تقديم التغطية الصحفية للأعمال المعادية للسامية في الولايات المتحدة، في حين تجاهلت إلى حد كبير تغطية العنصرية المعادية للمسلمين في أعقاب هجوم 7 أكتوبر الماضي، وفقا للتقرير.

ووفقا للدراسة، اتهم النشطاء المؤيدون للفلسطينيين الصحف الأمريكية الكبرى بالتحيز الصارخ لإسرائيل، حيث شهدت صحيفة «نيويورك تايمز» احتجاجا في مقرها في مدينة مانهاتن الأمريكية بسبب تغطيتها لأحداث غزة وهو اتهام يدعمه تحليل «إنترسبت».

وتركز الدراسة التي أجراه الموقع الأمريكي، على الأسابيع الستة الأولى من الصراع، بدءا من الهجمات التي شنتها «حركة حماس» في 7 أكتوبر الماضي، والتي أسفرت عن مقتل 1139 إسرائيليا، وحتى 24 نوفمبر الماضي، بداية من "الهدنة الإنسانية" التي وافق عليها الطرفان لمدة أسبوع لتسهيل تبادل الرهائن.

وخلال هذه الفترة، قتل 14800 فلسطيني، من بينهم أكثر من 6 آلاف طفل، بسبب القصف الإسرائيلي على غزة، بينما تبلغ حصيلة القتلى الفلسطينيين في الوقت الراهن أكثر من 22 ألف شخص.

وقام موقع «ذا انترسبت» بجمع أكثر من 1000 مقال من صحيفة «نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز» حول حرب إسرائيل على غزة، وقام بحصر استخدامات بعض المصطلحات الرئيسية والسياق الذي استخدمت فيه.

وكشف الإحصائيات النقاب عن ماوصفته بـ«التحيز الصارخ» في طريقة تغطية الحرب مع التركيز على افساح المجال أمام الشخصيات المؤيدة لإسرائيل، مقابل تحجيم الأصوات الفلسطينية والمؤيدة للفلسطينيين مع استخدام عبارات ومصطلحات تجعل للروايات الإسرائيلية الأفضلية عن نظيرتها الفلسطينية.

ووفقا للتقرير، فأن التحيز المناهض للفلسطينيين في وسائل الإعلام الأمريكية المطبوعة، تم الكشف عنه في الدراسة التحليلية عبر أربعة دلائل رئيسية، أولا: التغطية غير المتكافئة لحصيلة القتلى بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، حيث أظهرت الداراسة، أنه بالبحث في صحف «نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز»، تظهر الكلمات «إسرائيلي، أو إسرائيل» أكثر من كلمة «فلسطيني أو أشكال مختلفة منها، حتى مع أن الوفيات الفلسطينية فاقت الوفيات الإسرائيلية بكثير.

ووفقا للدراسة، فإنه مقابل كل قتيلين فلسطينيين، يتم ذكر الفلسطينيين مرة واحدة. ومقابل كل وفاة إسرائيلية، يتم ذكر الإسرائيليين ثماني مرات أو بمعدل 16 مرة أكثر لكل وفاة من الفلسطينيين.

وثانيا، اقتصار الصحف الأمريكية على استخدام مصطلحات عاطفية لوصف قتل المدنيين مثل «المذبحة» و«المروعة» بشكل شبه حصري للإسرائيليين الذين قتلوا على يد الفلسطينيين، وليس العكس.

وأشار التقرير إلى أنه تم استخدام مصطلح «مذبحة» من قبل المحررين والمراسلين في تلك الصحف الأمريكية، لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 60 إلى 1، وتم استخدام كلمة «مذبحة» لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 125 إلى 2، بينما تم استخدام كلمة «مروعة» لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 36 إلى 4.

وثالثا، تجاهل التغطية الصحفية الأمريكية من تسليط الضوء على الضحايا من الأطفال والصحفيين الذي سقطوا جراء الهجمات الإسرائيلية وخاصة في عنواين التقارير الإخبارية، حيث توصلت الدراسة التحليلية إلى أن 3 تقارير فحسب من أصل أكثر من 1100 تقرير إخباري يتعلق بأطفال غزة جاء فيها كلمة «أطفال» في العنوان. وفي استثناء ملحوظ، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» قصة على صفحتها الأولى في أواخر نوفمبر الماضي، حول تصاعد وتيرة قتل النساء والأطفال الفلسطينيين بشكل غير مسبوق، على الرغم من أن العنوان الرئيسي لم يبرز أيا من الأطفال أو النساء.

وعلى الرغم من أن حرب إسرائيل على غزة ربما تكون الحرب الأكثر دموية في التاريخ الحديث بالنسبة للأطفال، إلا أنه لا يوجد ذكر يذكر لكلمة «أطفال» والمصطلحات ذات الصلة في عناوين المقالات التي استطلعها موقع «ذا انتسرسبت» الأمريكية.

كما أشارت الدراسة التحليلية إلى أن تلك الصحف الأمريكية تشير في تغطيتها إلى الضحايا من الشباب الإسرائيليين على أنهم أطفال، بينما في المقابل تشير إلى الضحايا من الأطفال الفلسطينيين على أنهم أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاما، دون ذكر كلمة «أطفال».

وفي الوقت نفسه، تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 6 الاف طفل فلسطيني على الأقل في غزة خلال الستة أسابيع الأولى من الحرب الإسرائيلية، ويتجاوز العدد اليوم 10 الاف طفل.

ورابعا، على صعيد تغطية الصحف الأمريكية للقتلى في صفوف الصحفيين في غزة، ركزت صحف «نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز» على المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون في حرب أوكرانيا، بشكل خاص، خلال الأسابيع الستة الأولى بعد الغزو الروسي، قارنة بـ 48 شخصًا قتلوا في الأسابيع الستة الأولى من القصف الإسرائيلي على غزة.

وعلى نحو مماثل، عندما يتعلق الأمر بكيفية ترجمة الصراع في غزة إلى كراهية في الولايات المتحدة، أولت الصحف الكبرى اهتماما أكبر للهجمات المعادية للسامية مقارنة بالهجمات ضد المسلمين.

وبشكل عام، سلطت الصحف الأمريكية الضوء في تغطيتها بشكل غير متكافيء على العنصرية تجاه الشعب اليهودي، مقابل العنصرية التي تستهدف المسلمين أو العرب أو أولئك الذين يُنظر إليهم على هذا النحو، وخلال فترة الدراسة التى أجراها الموقع الأمريكي، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز» مصطلح «معاداة السامية» أكثر من «كراهية الإسلام» 549 مقابل 79 مرة.

وعلى الرغم من وجود العديد من الأمثلة البارزة على معاداة السامية والعنصرية المعادية للمسلمين خلال فترة الاستطلاع، فإن 87 بالمئة من الإشارات إلى التمييز كانت حول معاداة السامية، مقابل 13 بالمئة فحسب حول كراهية الإسلام، بما في ذلك المصطلحات ذات الصلة.

وخلصت الدرسة بشكل عام في النهاية، إلى أن تغطية أبرز الصحفة الأمريكية للحرب التي تشنها إسرائيل في غزة «غير متكافئة»، حيث تتعمد تلك الصحف وصف عمليات القتل ضد الإسرائيليين باستخدام لغة عاطفية مثل «مذبحة، أو مروعة»، فضلا عن وصف عمليات قتل المدنيين الإسرائيليين التي ترتكبها "حماس" باستمرار باعتبارها جزءا من استراتيجية ممنهجة، في حين يتم تغطية عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين وكأنها سلسلة من الأخطاء التي ارتكبت لمرة واحدة، رغم تكرارها لآلاف المرات، مما يشير إلى نية إسرائيل إلحاق الضرر بالمدنيين والبنية التحتية المدنية في قطاع غزة.

وأخيرا تشدد تلك الدراسة التحليلية على أن التغطية المتحيزة في الصحف الكبرى والأخبار التلفزيونية السائدة في الولايات المتحدة على التصورات العامة للحرب وتوجه المشاهدين نحو رؤية مشوهة للصراع، وقد أدى هذا إلى افساح المجال أمام خبراء مؤيدين لإسرائيل، فضلا عن إلقاء اللوم على وجهات النظر المؤيدة للفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها «معلومات مضللة».

اقرأ أيضاًبسبب مخاوف أمنية.. «الصحة العالمية» تُعلن إلغاء تقديم المساعدات الطبية لغزة

«الدولية للصليب الأحمر»: مستشفيات شمال غزة لم تعد قادرة على تقديم أي خدمات جراحية

نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدين قرار «العليا الإسرائيلية» برفض دخول وسائل الإعلام الدولية لغزة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أخبار إسرائيل أخبار إسرائيل اليوم أخبار لبنان أخبار لبنان اليوم احداث فلسطين اخبار فلسطين اسرائيل اسرائيل ولبنان الاحتلال الاسرائيلي الحدود اللبنانية الحدود مع لبنان تل ابيب صراع اسرائيل ولبنان طوفان الاقصى عاصمة فلسطين غلاف غزة فلسطين فلسطين اليوم قصف اسرائيل قطاع غزة قوات الاحتلال لبنان لبنان واسرائيل مستشفيات غزة قتل الإسرائیلیین الصحف الأمریکیة نیویورک تایمز عملیات قتل تلک الصحف على غزة أکثر من فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

دراسة بحثية لـ «تريندز» تسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تشكيل مستقبل الإعلام

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «التعليم والمعرفة»: خطط لـ «تمكين المعلمين بمهارات الذكاء الاصطناعي» اختتام الدورة الثانية لبرنامج «DXB500» في دبي

أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة بحثية جديدة بعنوان «الذكاء الاصطناعي ومستقبل وسائل الإعلام بين التمكين والانحياز»، أعدتها أوريكا شافتكوفا، أستاذة مشاركة بجامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو، روسيا.
تسلّط الدراسة، التي أشرف عليها مكتب «تريندز» الافتراضي في موسكو، الضوء على الأدوار المتزايدة للذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام الحديث، مشيرة إلى الفرص الهائلة التي يوفرها من حيث تسريع النشر، والتحقق من المعلومات، وإنتاج محتوى مخصص للجمهور، إلى جانب التحديات والمخاطر المرتبطة به مثل التحيّز، وفقدان الجودة، والمسّ بالخصوصية. وتستعرض الدراسة الصادرة باللغة الإنجليزية عدداً من التجارب الواقعية من وسائل إعلام عربية وأوروبية وروسية، بالإضافة إلى تجارب الكاتبة الشخصية كمراسلة في قناة تلفزيونية دولية، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة لا غنى عنها في غرف الأخبار، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً كاملاً للصحفي البشري. وأكدت الدراسة أن الحياد في عصر الذكاء الاصطناعي لا يزال محل جدل واسع، بسبب غياب إطار دولي موحد ينظّم عمل هذه الأنظمة، مشيرة إلى الحاجة الملحّة لتعاون دولي لضمان الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في الإعلام، وتعزيز الشفافية وحماية الحقوق الرقمية للمستخدمين.
أداة قوية
كما تناولت الدراسة مستقبل المذيعين المعتمدين على الذكاء الاصطناعي، ودورهم المتزايد في تغطية الأحداث الروتينية والطارئة، مع التحفّظ على محدوديتهم في التعبير العاطفي والتفاعل الإنساني.
وخلصت الدراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة قوية لدعم الصحفي، وليس بديلاً عنه، حيث تبقى البصمة البشرية في التحرير والتقييم والتفاعل مع الجمهور جوهر العمل الإعلامي في العصر الرقمي.

مقالات مشابهة

  • هل عين الجمل يحسن الذاكرة؟.. دراسة تكشف مفاجأة
  • صدمة في دراسة طبية: حبوب منع الحمل قد تقتل بصمت بعض النساء!
  • الرجال أكثر عرضة للوفاة من النساء!.. دراسة تكشف الأسباب
  • دراسة : الرجال المتزوجون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة
  • خصوبتك في خطر.. «دراسة»: انخفاض عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال إلى النصف
  • دراسة: المصريون القدماء استخدموا “تقنية بركانية” لبناء الأهرامات
  • دراسة بحثية لـ «تريندز» تسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تشكيل مستقبل الإعلام
  • «استخدموا تقنية بركانية».. باحثون يكشفون كيف بنى المصريون القدماء الأهرامات
  • دراسة: دوالي الساقين قد تزيد خطر الإصابة بالخرف
  • دراسة: لا وصفة موحدة للسعادة.. وما يُسعدك قد لا يعني شيئًا لغيرك